وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
لقد أولى الإسلام المرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشأتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
وجاء الإسلام قد أعطى المرأة حقوقها بعد أن عانت في الجاهلية (ما قبل الإسلام) من ضياعها والتي من أهمها الحق في الحياة. حق الميراث والتملك والبيع والشراء والزواج والنفقة عليها وحقوقًا أخرى.
كما نهى النبي ﷺ عن الإساءة للنساء وأمر بمعاملتهن بالحسنى والرحمة فقال في حجة الوداع " استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي".
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي و أبي هريرة -رضي الله عنهما- عن رسول الله ﷺ قال: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَعِيفَين: اليتيموالمَرْأَة " رواه النسائي وابن ماجه وأحمد.
أي: عاملوهما برفق وشفقة، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه، ولا تقصِّروا في حقهما الواجب والمندوب.
والنبي ﷺ قبل وفاته بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضًا بشدة وألقى آخر خطبة عليهم فكان من جملة ما قاله وأوصى به: " أيها الناس، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة». بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة، وظل يرددها إلى أن قال: «أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا".
ثانياً:
الأصل أن المرأة شقيقة الرجل مساوية له في الحقوق إلا ما خصه الشرع، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ )البقرة: 228
وهذه الدرجة هي قوامة الرجل على المرأة، وهي تعني رعاية المصالح الدينية والدنيوية للمرأة، وتقتضي الرحمة والإحسان إليها، وتقتضي القوامة وللزوج حق تأديب زوجته عند الحاجة، وهذا التأديب مضبوط بضوابط شرعية تكفل الحفاظ على كرامة المرأة ومكانتها، كما أنه يحفظ استقرار الأسرة ويحرص على ما يمنع انهدامها عند حصول الشقاق والنشوز، فليس في إباحة ضرب الزوجة عند نشوزها امتهان لكرامتها أو احتقار لجنسها، وإنما هو علاج لخلل يهدد استقرار الأسرة بعد استنفاذ وسائل الإصلاح الأخرى، فالضرب المأذون به للزوج يكون بعد استعمال الوعظ والهجر وعدم إفادتهما، ولا يجوز أن يكون على الوجه أو الرأس، ولا يكون إلا عند ظن إفادته في إصلاح الزوجة.
قال النووي: "والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة واجتناب المنكر، ثم إذا لم يفد الوعظ هجرها أي تجنبها في المضجع فلا ينام معها في فرش لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة، ثم إذا لم يفد الهجر ضربها أي جاز له ضربها ضربا غير مبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه والقصاص، ولا ينتقل لحالة حتى يظن أن التي قبلها لا تفيد" .
وقال الحجاوي: " إذا ظهر منها أمارات النشوز.. وعظها، فإن رجعت إلى الطاعة والأدب حرم الهجر والضرب، وإن أصرت وأظهرت النشوز بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش أو خرجت من بيته بغير إذنه ونحو ذلك هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام لا فوقها، فإن أصرت ولم ترتدع فله أن يضربها فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش، وتركها من الكلام ضربا غير مبرح أي غير شديد، ويجتنب الوجه والبطن والمواضع المخوفة. والمستحسنة: عشرة أسواط فأقل، وقيل بدرة أو مخراق منديل ملفوف لا بسوط ولا بخشب " . ومع ذلك فترك الضرب عند إباحته أفضل.
وعليه
لا يصح أن يخرج علينا أحد من أهل العلم ويقر الظلم والتنمر ضدد المرأة . ويشيع بأن هذا من الشرع ، وهو يخالف نصوص الشرع والضوابط المعروفة عند أهل العلم وما ورد في شروط التأديب للزوجة.
هذا . والله تعالى أعلى وأعلم