وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته
أولاً:
تكلمنا كثيراً بأن هذا الرجل الضال المخرف
يوسف زيدان لا يُعول على كلامه ، في شئ لأنه مخرف مفتون صاحب فكر باطني حرف آيات
القرآن وطعن في السنة وزيف التاريخ الإسلامي ، ولا أعلم لما يُصر الإعلام على
ظهوره في الفضائيات والتحدث في مسائل عظام ، هل من باب إشغال الرأي العام بأمور مثل
ذلك وغض الطرف عن المشكلات اليومية وما يعانيه الناس من ضنك وقهر وفقر وغلاء
وضياع. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
: قَالَ رَسُولُ الله : ( قَبْلَ
السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ
فِيهِنَّ الصَّادِقُ ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا
الخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ : يَا رَسُولَ
اللهِ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ) رواه الحاكم في المستدرك، وقال: هَذَا حَدِيثٌ
صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ، ووافقه الذهبيّ. وفي رواية : « السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ » . وفي رواية : " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟
قَالَ: "الفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي
أَمْرِ العَامَّةِ" وفي رواية: "الرجل التَّافِه يَنْطِق في أمْر العامَّة".
ثانياً:
إنَ هناك اختلاف بين مشروب
النبيذ المتداول الآن والنبيذ المذكور في كتب السادة الأحناف.
فالنبيذ
العصري: هو من صنع العنب
(وممكن من فواكهه أخرى) بعد التخمير مع إضافة
مادة الكحول إليه ، وهو أنواع منه: (الأبيض والأحمر و الوردي والغازي) و(التخمير والكحل) سبباً في السكر وهذا محرم بالإجماع بلا
خلاف قولاً واحداً، أما النبيذ المذكور عند الاحناف فهو بخلاف هذا والتفصيل فيه
كالأتي:
معنى النبيذ لغة: ما ينبذ من عصير ونحوه
والنبذ الطرح، ومنه قوله تعالى (فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا) آل عمران:
187.
وقوله تعالى (أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم)
البقرة: 100.
والنَّبْذُ: طَرْحُكَ الشيءَ أمامَكَ أو
وراءَكَ أو عامٌّ والنَّبيذُ : المُلْقَى وما
نُبِذَ من عصيرٍ ونحوِه . وقد نَبَذَه وأنْبَذَه وانْتَبَذَهُ ونَبَّذَه
واصطلاحاً: ما يلقى فيه تمر أو زبيب، أو
نحوهما ليحلو به الماء وتذهب ملوحته.
قال ابن تيمية: وكانوا يشربون النبيذ الحلو، وهو أن ينبذ أي
يطرح، والنبذ الطرح في الماء تمر أو زبيب ليحلوا به الماء، لاسيما كثير من مياه
الحجاز، فإن فيها ملوحة.
ثالثا:
بعد التوضيح والفرق بين
النبيذ العصري والنبيذ اصطلاحا والمعروف قديماً، والمتكلم عليه في كتب الفقه ، نوضح ما هو حكم الانتباذ عند الفقهاء؟
اتفق العلماء رحمهم الله على جواز الانتباذ.
قال
ابن رشد: فإنهم أجمعوا على جواز الانتباذ في الأسقية، واختلفوا فيما
عداها. والدليل على إباحة النبيذ:
1ـ عن ثمامة قال: (لقيت عائشة،
فسألتها عن النبيذ، فدعت جارية حبشية، فقالت: سل هذه؛ فإنها كانت تنبذ لرسول الله فقالت الحبشية: كنت أنبذ له في سقاء من الليل،
وأوكيه وأعلقه، فإذا أصبح شرب منه) صحيح مسلم بشرح النووي،
كتاب: الأشربة، باب: إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا، .
2ـ وعن ابن عباس قال: (كان رسول الله ينقع له الزبيب، فيشربه اليوم،
والغد، وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى أو يهراق) المصدر السابق.
3ـ وعن ابن عباس قال: (كان رسول الله ينتبذ له
في سقاء، قال شعبة: من ليلة الإثنين، فيشربه يوم الإثنين والثلاثاء إلى العصر، فإن
فضل منه شيء سقاه الخادم أو صبه) المصدر السابق.
4ـ وعَنْ أَنَسٍ قَالَ:(لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِقَدَحِي هَذَا الشَّرَابَ
كُلَّهُ: الْعَسَلَ وَالنَّبِيذَ ، وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ) المصدر السابق.
قال النووي شرح مسلم: فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث
دَلَالَة عَلَى جَوَاز الِانْتِبَاذ، وَجَوَاز شُرْب النَّبِيذ مَا دَامَ حُلْوًا
لَمْ يَتَغَيَّر وَلَمْ يَغْلِ ، وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة، وَأَمَّا
سَقْيه الْخَادِم بَعْد الثَّلَاث وَصَبّه، فَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَن بَعْد
الثَّلَاث تَغَيُّره ، وَكَانَ النَّبِيّ يَتَنَزَّه عَنْهُ بَعْد
الثَّلَاث. وَقَوْله:( سَقَاهُ الْخَادِم أَوْ
صَبَّهُ) مَعْنَاهُ تَارَة: يَسْقِيه الْخَادِم ، وَتَارَة يَصُبّهُ ،
وَذَلِكَ الِاخْتِلَاف لِاخْتِلَافِ حَال النَّبِيذ ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَظْهَر
فِيهِ تَغَيُّر وَنَحْوه مِنْ مَبَادِئ الْإِسْكَار سَقَاهُ الْخَادِم وَلَا
يُرِيقهُ ؛ لِأَنَّهُ مَال تَحْرُم إِضَاعَته ، وَيَتْرُك شُرْبه تَنَزُّهًا،
وَإِنْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ فِيهِ شَيْء مِنْ مَبَادِئ الْإِسْكَار وَالتَّغَيُّر أَرَاقَهُ
؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَسْكَرَ صَارَ حَرَامًا وَنَجِسًا فَيُرَاق وَلَا يَسْقِيه
الْخَادِم ؛ لِأَنَّ الْمُسْكِر لَا يَجُوز سَقْيه الْخَادِم كَمَا لَا يَجُوز
شُرْبه، وَأَمَّا شُرْبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الثَّلَاث
فَكَانَ حَيْثُ لَا تَغَيُّر، وَلَا مَبَادِئ تَغَيُّر وَلَا شَكّ أَصْلًا. كذلك لما كان خلط النبيذ مدعاة فساده وتخمره؛ نهى
النبي عن انتباذ الخليطين من الأشربة. فقد روى جابر بن
عبد الله : (أن رسول الله نهى أن ينبذ التمر والذبيب جميعاً) المصدر السابق. وكل ذلك احتياطا وتشديدا فيما قد يظن فيه شبهة إسكار.
رابعاً:
أما قولهم بأن أحاديث
إباحة شرب النبيذ الذي كان ينتبذ للنبي مخالف لنهي القرآن عن تحريم الخمر في قوله
تعالى: (إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة: 90. هذا الأمر مردود؛ لأنه نشأ عن خلط مغلوط بين مفهومي: (الخمر والنبيذ)، فظنوا أنهما نفس الشيء، والحق غير
ذلك.
فالخمر: اسم جامع لكل ما أدى إلى الإسكار، سواء كان مصدرها من الفواكه مثل: (العنب والتمر والزبيب)، أو من الحبوب مثل: (الحنطة والشعير والذرة والعسل). سواء عولجت بالنار
"طبخت"، أو لم تعالج، وقد أطلق
العامة اسم النبيذ على الخمر في العصر الحديث. ولهذا نجد أن العلة من تحريم الخمر هي الإسكار،
دون اعتبار للمصدر الذي استمدت منه، أو المسمى المطلق عليها، وعلة تحريم الإسكار
ذهاب العقل، مما قد يوقع العداوة بين الناس، قال تعالى: )إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في
الخمر والميسر( المائدة: ٩١.
خامساً:
أما زعمهم كما قال
هذا العاتي الخبيث " يوسف زيدان " وغيره، بأن النبيذ الموجود الآن هو
نفس النبيذ المقصود به في كتب السادة الأحناف وأن يجوز شربه، ولا يوجد نص صريح في
القرآن الكريم بتحريم النبيذ. فزعمهم هذا باطل فهناك نصوص واردة تحرم الإسكار من
النبيذ الحالي أو القديم أو أي مشروب مهما كان اسمه ومكوناته طالما يسبب السكر كثيرة
فقليله حرم. ذهب أهل علم الأصول بأن تحريم النبيذ قياساً على تحريم الخمر. والقياس: عبارة عن إلحاق صورة (مجهولة الحكم)
بصورة (معلومة الحكم)، لأجل أمر جامع بينهما
يقتضي ذلك الحكم. والأمر الجامع بينهما هو (العلة)،
وهي وصف في الأصل، بُني عليه حكمه، ويُعرف به وجوده في الفرع. وقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{.
فالصورة المعلومة هي شرب الخمر، وحكمها التحريم، والعلة الإسكار، وبقياس النبيذ على الخمر فى الحرمة بجامع
وجود الإسكار فى كل منهما. وهذا المثال يظهر منه أركان القياس الشرعى وهى: الأصل،
والفرع، وحكم الأصل، والعلة الجامعة بين الفرع والأصل.فالخمر أصل يقاس عليه ورد
تحريمه بنص الآية السابقة ،والنبيذ
فرع يقاس على الخمر، وحكم الأصل هو الحرمة الثابتة بالنص. وهذه الصورة من الصورة
المشهورة في القياس عند أهل العلم، مع العلم بوجود حديث يمكن أن يغننا عن هذا القياس
لتحريم أي نوع من المسكر. فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ
وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي
الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي
الْآخِرَةِ)صحيح مسلم.
وعن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله (كلُّ مسكر خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام) مسند
أحمد.
وعن عائشة عن النبي أنها سمعته يقول: (كل مسكر حرام،
وما أسكر الفرق فملء الكف منه حرام) مسند أحمد
وعن ابن عمر قال:
خطب عمر على منبر رسول الله ، فقال: (إنَّه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر
والحنطة والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل) أخرجه البخاري ومسلم.
هذا. والله أعلى وأعلم