وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
نحن نحذر الناس من هذا الجاهل الذي يشرح آيات القرآن بعقله دون الرجوع لأهل
التفسير واللغة وما قيل في الآية من أقوال معتبر وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ
والأحكام وغير ذلك، مما يحتاجه المفسر لكلام الله عز وجل. ثم هذا الرجل لا يقر بالسنة النبوية ويعتمد على
القرآن الكريم فقط ، ولا يعلم هذا الشقي بأن من ينكر السنة النبوية فقد أنكر
القرآن الكريم .
قال تعالى: {لقد مَنَّ
الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم
الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }آل عمران:164 ، وقد ذهب
أهل العلم والتحقيق إلى أن المراد بالحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الإمام
الشافعي : " فذكر الله الكتاب وهو القرآن ، وذكر الحكمة ، فسمعت مَن
أرضى مِن أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"
انتهى
وقال تعالى:{وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب}الحشر:7.
والآيات في هذا الباب كثيرة ولله الحمد
والمنى.
وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : " يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي ، فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ
اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلا وَإِنَّ مَا
حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ
اللَّهُ " رواه ابن ماجه
ثانياَ:
أما بخصوص هذه المسألة ، فهناك خلاف بين أهل العلم هل العبرة هو غياب
الشمس في كبد السماء أو دخول الظلمة قال تعالى:(وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)البقرة:187. قال الإمام الرازي في تفسيره عند هذه الآية :
اختلفوا في أن الليل ما هو؟ فمن الناس من قال :
آخر النهار على أوله ، فاعتبروا في حصول الليل زوال آثار الشمس ، كما حصل اعتبار
زوال الليل عند ظهور آثار الشمس ثم هؤلاء منهم من اكتفي بزوال الحمرة ، ومنهم من
اعتبر ظهور الظلام التام وظهور الكواكب ، إلا أن الحديث الذي رواه عمر يبطل ذلك
وعليه عمل الفقهاء.
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم {إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من
هاهنا ، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم} رواه البخاري وأبو داود والنسائي
وأحمد والترمذي والدارمي ورواه مسلم بلفظ
{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أقبل الليل
وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم} .
قلت: والحديث حجة بأن الاعتبار لفطور الصائم غروب الشمس، وليس الليل كما
يدعي هذا الجاهل وغيره مما يتكلمون في هذه المسألة ويفتحون باب الفتنة والشك على المسلمين.
ولكي يزداد المسلم الصائم تثبتا مما بيناه نضيف هذه
النقول:
حدثنا محمد بن مهران الرازي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي
حدثني أبو النجاشي قال سمعت رافع بن خديج يقول : " كنا
نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله"
أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم : باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس
وفي البخاري عن رافع بن خديج يقول : "كنا
نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه و سلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله"
. قال ابن رجب الحنبلي في كتابه فتح الباري وقد روى شعبة، عن أبي بشر، عن حسان بن
بلال، عن رجال من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون مع النبي
صلى الله عليه وسلم، ثم يرجعون إلى أهليهم
إلى أقصى المدينة يرمون، يبصرون مواقع سهامهم" أخرجه النسائي. وعن
هشيم، عن أبي بشر، عن علي بن بلال الليثي، عن ناس من الأنصار، قالوا: "كنا نصلي مع
رسول الله المغرب، ثم ننصرف فنترامى حتى نأتي ديارنا، فما يخفى علينا مواقع سهامنا"
. أخرجه أحمد وأخرجه من رواية أبي عوانة، عن أبي بشر - بنحوه. وهو أشبه من رواية
شعبة - : قاله البخاري في تاريخه. وروى الزهري، عن رجل من أبناء النقباء، عن أبيه،
قال: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب، ثم ننصرف فننظر إلى
مواقع النبل، وبينهم نحو من ميل - يعني: قباء.
ثالثاً:
من السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور، فلماذا ننتظر الظلمة وقد غابت
الشمس وأذن للمغرب .
عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:{ لا
يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي
وابن ماجة والدارمي والشافعي .
وعن أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر ، إن اليهود
والنصارى يؤخرون } رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان بسند
حسن . وصحح الحاكم والذهبي إسناد.
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: { لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها
النجوم } رواه ابن حبان وأحمد وابن خزيمة والدارمي والحاكم بسند صحيح .
وعن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { إنا معاشر
الأنبياء أمرنا أن نعجل فطرنا وأن نؤخر سحورنا ، وأن نضع أيماننا على شمائلنا في
الصلاة } رواه الطبراني في المعجم الأوسط وابن حبان وأبو داود الطيالسي . وعن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: { إن جزءا من
سبعين جزءا من النبوة تأخير السحور وتبكير الفطر ، وإشارة الرجل بإصبعه في الصلاة
} رواه عبد الرزاق في مصنفه .
عن عمرو بن ميمون الأزدي، قال: { كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا ،
وأبطأهم سحورا } رواه البيهقي
ورواه الطبراني في كتاب المعجم الكبير ، ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في
مصنفيهما. وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ يقول الله عز وجل : إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا } رواه أحمد وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي . ورواه الترمذي
وقال حسن غريب
رابعاً:
ورداً على ما أورده هذا الجاهل من آيات، فالذي لا يعلمه بأن الليل قسم
إلى ثلاثة أجزاء: الثلث الأول ويبدأ من عند صلاة المغرب
، ثم الثلث الثاني ، ثم الثلث الأخير لحديث النزول المعروف ولفعل النبي صلى الله عليه
وسلم وطريقة تقسيم الليل أن تحسب عدد الساعات من بداية غروب
الشمس إلى طلوع الفجر وتقسمها إلى ثلاثة أثلاث.
فالفطور عند غياب قرص الشمس ووافق أذان المغرب صحيح لا ريب فيه، أما إن لم تغيب
الشمس وأذن المغرب فلا يصح الفطور لأن العبرة بغياب قرص الشمس كما في الحديث.
هذا. والله أعلى وأعلم