وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الغسل له أركان وسنن وشروط
1ـ
أما أركان الغسل
:
النية : إذ هي المميزة للعبادة عن العادة ، وليست
إلا عملاً قلبياً محضاً ، وأما ما درج عليه كثير من الناس واعتادوه من التلفظ بها
هو محدث غير مشروع.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته
إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة
ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه.
(والنية) محلها القلب ، ولا محل لها في اللسان في جميع الأعمال.
2ـ غسل جميع الأعضاء:
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا
تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا) النساء: 43
وقال تعالى: ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ) المائدة: 6
وقال تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء
فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ)البقرة: 222.
وحقيقة الطهر تكون بالاغتسال،
والاغتسال يقصد به جميع الأعضاء وأن
يعم الماء كل الشعر والبشرة ، فلو بقي عضو أو بقيت شعره لم يمسها الماء لم يرتفع
الحدث . فيجب على من يغتسل لرفع الحدث أن يلاحظ معاطف بدنه وأصول شعره وبين أصابع
رجله ويده فيتعدها بإيصال الماء ، حذراً من عدم وصوله إليها فيبقى على جنابة ،
ولذلك أوجب المالكية الدلك في الوضوء والغسل لتحقيق استيقان وصول الماء إلى سائر
البدن والشعر.
أما سنن الغسل :
يسن للمغتسل مراعاة فعل النبي صلى الله عليه وسلم في
غسله فيبدأ
1ـ يغسل يديه ثلاثاً.
2ـ ثم يغسل فرجه.
3ـ فيم يتوضأ وضوءاً كاملاً كالوضوء للصلاة، وله تأخيرغسل رجليه إلى أن
يتم غسله، إذا كان يغتسل في طست ونحو
4 ـ ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً مع تخليل الشعر، ليصل الماء إلى
أصوله
5 ـ ثم يفيض الماء على سائر
البدن بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر مع تعاهد الإبطين وداخل الأذنين والسرة
وأصابع الرجلين، ودلك ما يمكن دلكه مع البدن وأصل ذلك كله ما جاء في الحديث .
وعن عائشه رضى الله عنها(إن النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اغتسل من الجنابه بيدا فيغتسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغتسل فرجه ثم يتوضا
وضوءه للصلاه ثم ياخذ الماء ويدخل اصابعه في اصول الشعر وحفن على راسه ثلاث حثيات ثم
افاض الماء على سائر جسده) رواه البخاري ومسلم
وعَنْ السيّدة مَيْمُونَةَ بِنْتِ
الْحَارِثِ؛ زّوجِة النّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنّها
قَالَتْ: (وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءَ الِجَنَابَةٍ؛ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ
بِالْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ،
ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ
عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى
فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا فَجَعَلَ
يَنْفُضُ بِيَدِهِ).
ورد في الصحيحين البخاريّ ، ومسلم .
وغسل المرأة كغسل الرجل ، إلا أن
المرأة لا يجب عليها أن تنقض ضفيرتها ، إن وصل الماء إلى أصل الشعر.
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ : قُلْتُ:(يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي ، فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : (لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى
رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ) وفي رواية : (فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ ؟ فَقَالَ : لا) رواه مسلم.
وعن عائشة، أن أسماء سألتِ النبي صلى الله عليه
وسلم عن غسل المحيض؟ فقال (تأخذ إحداكن ماءَها وسِدْرتَها، فتطهر، فتحسن الطهور، ثم تصب على
رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ
فِرْصةً ممسَّكةً فتطهر بها)، فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: (سبحان الله، تطهرين بها)، فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك -: تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: (تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها
فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء)، فقالت عائشة: (نِعْمَ النِّساءُ نساءُ الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في
الدين) رواه الجماعة إلا الترمذي
أما الترتيب في غسل الجنابة ليس بشرط صحة بل هو مستحب
هذا.والله تعالى أعلى وأعلم