وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولا:
الخلاف على يوم عرفة خلاف جديد ومن البدع المحدثة بدليل بأنه ليس له
محل في كتب الفقهاء قديماً، ولكن الخلاف الذي ورد بين الفقهاء هو اختلاف المطالع.
ثانيا:
أما بالنسبة لمن زعم باختلاف المطالع، المعروف بأن أي بلد شاركه بلد
أخر في جزء من النهار أو الليل، فمطلعهم واحد. أما بخلاف ذلك يمكن أن تختلف
المطالع.
ولو حتى هناك فعلاً اختلاف في المطالع لا يجوز الاختلاف في يوم عرفة إجماعاً.
ثالثا:
أما بالنسبة لمخالفة المسلمين ليوم عرفة ما سمعنا بهذا في الأولين
وهي من البدع المنكرة المحدثة ومن أفعال أخوان الشياطين ولا يجوز فعلها لأن فيها
شق لعصا المسلمين، ومخالفة للإجماع ولا يجوز مخالفة هذا الإجماع‘
وفاعلها مبتدع وضال مضل يتوجب عليه التوبة إلى الله عز وجل.
قال تعالى: {يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلأهِلَّةِ قُلْ هِىَ
مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجّ }
البقرة: 189
وقال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء:115.
وقال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ) آل عمران: 110
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ
يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ
مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ) مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو
السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ قَالَ: (وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا
تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ: قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا
كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ)الترمذي، أبو داود، ابن ماجه، أحمد، الدارمي
وعَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا
كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ
مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا) مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي
رابعاً:
قال أكثر أهل العلم: أن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج
بعرفة، وأن الناس تبع لهم في تحديد هذا اليوم. ودليل ذلك.
. وعن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (عرفة يوم يعرف الإمام) ، أخرجه البيهقي
وعن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والاضحى يوم تضّحون" رواه الترمذي وأبو داود وعبد الرزاق
والشافعي
وعن عطاء مرسل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أضحاكم يوم تضحون) وأراه قال: (وعرفة يوم تعرفون)، أخرجه البيهقي والشافعي وصححه الألباني
وكذلك مما
يدل على أن المقصود بيوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الناس بعرفة أنه أضيف الصوم
إلى اليوم بعينه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة)، أخرجه مسلم.
وجه الدلالة:
أنه أضاف الصيام إلى يوم عرفة، وليس إلى اليوم التاسع، ولم ينقل
عنه صلى الله عليه وسلم أنه أضاف الصيام إلى اليوم التاسع، فدل على أن هذه الإضافة
معتبرة.
وبناءٍ علي ما تقدم من أدله:
فلا يجوز مخالفة المسلمين
في يوم عرفة بل يلزم متابعتهم. ومطلعهم واحد بلا خلاف.
كما أنه لا يجوز صيام يوم النحر وهو يوم (الحج الأكبر) وباقي أيام التشريق.
فعن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب) وفي رواية: (وذكر لله) رواه مسلم
وعن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن
الحدثان أيام التشريق فنادى: (أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب) رواه مسلم.
قال ابن عبد البر: "وأما صيام أيام التشريق فلا خلاف بين
فقهاء الأمصار فيما علمت أنه لا يجوز لأحد صومها تطوعاً" انتهى
هذا. والله أعلى وأعلم