وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجواب :
الصحيح والله أعلم أن الصائم إذا قبل أو باشر زوجته فأنزل المني فإن صومه يفسد وعليه قضاء هذا اليوم ، ولا تلزمه الكفارة ، وذلك لأنه لا دليل على وجوب الكفارة بغير الجماع وإنما ورد الدليل بوجوب الكفارة على من جامع زوجته في نهار رمضان .
أما إذا أبطل صيامه بأكل أو شرب ، ذاكرا متعمدا يبطل صيامه وعليه القضاء والإثم ولا كفارة عليه ، وبهذا قال جمهور العلماء رحمهم الله تعالى .
قال الإمام النووي( إذا أفسد صومه بغير الجماع كالأكل والشرب والاستمناء والمباشرات المفاضيات إلى الإنزال فلا كفارة ن لأن النص ورد في الجماع ، وهذه الأشياء ليست في معناه ، هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجماهير) المجموع . انتهى.
وبهذا قال الأحناف ، قال أبو بكر الكاساني الحنقي ( ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل أو باشرها أو قبلها أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه ) بدائع الصنائع. انتهي .
وقال الحجاوي الحنبلي : ( ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان ) متن الزاد . انتهى
وقال ابن قاسم الحنبلي : ( فلا كفارة بمباشرة أو قبلة ونحوها ، ولا مع الإنزال وفاقا ولو كرر النظر ، ولا بالجماع في قضائه ، أونذر أو كفارة لأن الكفارة لهتك حرمة شهر رمضان ) حاشية الروض معلقا على متن الزار . وقال ( ولأن الأصل براءة الذمة ، فلا يثبت شغلها إلا بدليل من نص ، أو إجماع أو قياس ، ولم يوجد واحد منها ، وإنما ورد النص وثبت الإجماع في الجماع في نهار رمضان) انتهى .
قلـــــــت :
والدليل على ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه ( 1936 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( بينما نحن جلوس عند النبي إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، هلكت . قال : "ما لك؟" قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم . فقال رسول الله : هل تجد رقبة تعتقها ؟ " قال : لا . قال : "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ : قال : لا . فمكن النبي فبينا نحن على ذلك أتي النبي بعرق فيها تمر ـ والعرق : المكتل ـ قال " أين السائل ؟ " فقال : أنا . قال : " خذ هذا فتصدق به " فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله ؟ فو الله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك النبي حتى بدت أنيابه ، ثم قال : " أطعمه أهلك ".
والشاهد من الرواية " أصبت أهلي في رمضان " أي : جامعت زوجتي في صيام رمضان ، فرتب النبي هذه الكفارة على الجماع فقط دون غيره من إنزال بضم أو مباشرة أو قبلة أو أكل أو شرب أو تكرار نظر أو تفكير .
وأما إذا نظر إلى امرأة وكرر النظر أو فكر فأنزل أو أمذى ،فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه ولا كفارة عليه أيضا ، لما سبق من البيان والتفصيل ولعدم وجود الدليل على بطلان صومه وإلزامه بالكفارة ، لأنه لم يعمل شيئا ولم يباشر الإنزال بيده ، إلا أنه في حالة نظره وتكراره النظر إلى النساء الأجنبيات عليه يأثم بذلك وهذا يخدش في صيامه ويقلل من ثوابه وأخاف عليه ألا يكون له من صومه إلا الجوع والعطش ، وأما صومه فصحيح ، بمعنى أن الفرض يسقط عنه . حكمه حكم المستحلم .
ودليل ذلك مارواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ). فالناظر والمتفكر لم يتكلم ولم يعمل شيئا فصح صومه ولو أنزل المني أو المذي .
قال أبو بكر الكاساني الحنفي : ( ولو نظر إلى امرأة وتفكر فأنزل لم يفطره . وقال مالك : إن تتابع نظره فطره ، لأن التتابع في النظر كالمباشرة . ولنا أنه لم يوجد الجماع لا صورة ولا معنى لعدم الاستمتاع بالنساء فاشبه الاحتلام بخلاف المباشرة ) انتهى .
وقال موسى الحجاوي الحنبلي : وهو يعدد ما لا يفسد الصيام في متن الزاد قال : ( أوفكر فأنزل ) .
قال شيخي ابن عثيمين رحمه الله : شارحا هذه العبارة أي : فكر في الجماع فأنزل سواء كان ذا زوجه ففكر في جماع زوجته ، أو لم يكن ذا زوجه ففكر في الجماع عموما فأنزل فإنه لا يفسد صومه بذلك . انتهى
هذا والله أعلم وصلي وسلم على النبي محمد
وعلى آل بيته وصحبه وسلم