إن الذي سخر الرياح والملائكة لنصرة المسلمين في بدر والأحزاب وخرق نواميس الطبيعة التي خلقها من أجل رافعي راية الجهاد بالقادسية واليرموك ومؤتة ونهاوند هو وحده القادر على أن يخرقها الآن للفئة المؤمنة إذا رفعت راية الجهاد .
في سنة 50هـ ظهرت فكرة إنشاء مدينة القيروان كمعسكر دائم للمسلمين داخل بلاد إفريقية 'تونس' وكان الباعث على إنشائها ما قاله كبير المجاهدين وقتها عقبة بن نافع الفهري 'إن إفريقية إذا دخلها إمام أجابوه للإسلام فإذا تركها رجع من كان أجاب منهم لدين الله إلى الكفر فأرى لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا مدينة تكون عزاً للإسلام إلى آخر الدهر' واختار عقبة مكاناً استراتيجياً من الناحية العسكرية ولقد اختاروها على الطريقة العربية لتكون بعيدة عن البحر لتأمين تهديد الأساطيل وقريبة من الصحراء لتصعب محاصرتهم , وكان الموقع المختار كثير الأشجار وكان مأوي للسباع والحيات والوحوش المفترسة , فأمر عقبة بقطع الأشجار وتمهيد المكان فقال له أصحابه 'إنك أمرتنا بالبناء في شعار ويغاض لا ترام ونحن نخاف من السباع والحيات وغير ذلك من دواب الأرض' وكان في عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم وصف الناس وأخذ يدعو الله عز وجل ويبتهل في الدعاء والصحابة والناس تؤمن على دعاءه ثم نادى بأعلى صوته 'أيتها الحيات والسباع نحن أصحاب رسول الله فارحلوا عنا فإنا نازلون ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه ' فإذا بالسباع تخرج من الشعار تحمل أشبالها والذئب يحمل جروه والحيات تحمل أولادها فنادى عقبة في الناس 'كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا' فلما تم خروجهم نزل عقبة المكان وبني مدينة القيروان .