لو تم البحث عن أكثر عبارة دارجة على ألسنة أغلبية الزوجات لخالجني الشك أن تكون 'الله يخلف علينا' ..!! لأنهن اعتدن على التفوه بها كلما سمعن أو رأين شيئاً من إحسان أي زوج لزوجته بأي شكل وبأي درجة كانت وذلك أن عقد المقارنات بين الأزواج تتفشى بكثرة بين النساء وإن كان ذلك يأخذ صوراً شتى إلا أن نتيجتها واحدة : مقارنة , فغيرة , فمشكلة ..
دعونا نخوض في أعماق الموضوع ونرى ما فيه :
واقع لا مفر منه
تؤكد 'لولوة عبد الله ' – متزوجة منذ واحد وثلاثين عاماً أن الأمر منتشر بكثرة رغم خطورته لكونه سبباً في بعض الأحيان في هدم أسر تنعم بالهدوء وتستشهد بحادثة حضرتها حين جمعها المجلس ذات مرة مع امرأتين لهما زوجان شقيقان وكانت تتميزان بالغيرة والمقارنة فذكرت إحداهما موقفاً تبين من خلاله عظم دلال زوجها لها فحملت الأخرى في نفسها ولما عادت إلى منزلها دخلت على زوجها وهي مشحونة تشعر بالغيرة تقطع أوصالها فأخذت تسخر منه وتعد عليه نقاط تقصيره وأكثرت عليه .. حتى تسبب ذلك في حدوث مشكلة كبيرة بينه وبين أخيه .
وتشاطرها الرأي 'أم طارق ' أن تكون هناك امرأة لا تقارن زوجها بغيره , فمن وجهة نظرها أن الأمر متفش وإليه يرجع سبب فساد العلاقات الزوجية في كثير من الأحيان والتي تعاني منها جميع النساء وخصوصاً في السنوات الأولى للزواج وتذكر أمثلة للمقارنات الشائعة بين الزوجين :أخي زوجي يذهب بأبنائه إلى الملاهي وزوجي لا يعرف حق أبنائه , جارنا يصرف على بيته ويستقدم الخادمة وأما أنا فكل شيء من راتبي , زوج صديقتي يسافر لينزه أبناءه وأما نحن فيا حسرة مدينتنا واسعة علينا ..
وتسترسل أم طارق في الحديث : جلست مرة مع إحدى الزوجات طيلة الوقت وهي تندب حظها مع زوجها الذي هو بعكس أخيه الطيب – حسب وصفها – يدلل زوجته ويشتري لها ويعطيها وبعد فترة جلست مع زوجة الممدوح فإذا هي تثني على أخي زوجا وتعدد سجاياه في تعامله مع زوجته وأبنائه فقلت في نفسي 'يا ليت تعرف كل واحدة نظرة الأخرى لزوجها الذي لا ترى فيه إلا كل تقصير ..' !!
وتبين 'أم محمد' أنها متضايقة للغاية من هذه الظاهرة التي يزداد انتشارها بين النساء وتضيف : المشكلة أن الغيرة امتدت حبائلها إلى غير ذوي المعارف وهو أمر ملاحظ , فقد حدثتني صديقتي وهي منفعلة وبسؤالها عن السبب أخبرتني أنها ذهبت إلى السوق بصحبة زوجها وكانت العلاقة بينهما متوترة نوعاً ما وهناك رأت امرأة يختار لها زوجها الملابس ويشير عليها بالأنسب ويبحث عما يناسبها من الإكسسوارات . فنظرت لها بإعجاب ولنفسها بعين الرحمة وعندما عادت إلى البيت اندلعت نيران الخلافات !!
وأعرف امراة أخرى زاد مرضها مرضاً وهي ترقد في المستشفى نظير ما رأته من اهتمام زوج المريضة المجاورة لها بها ..!!
وتشارك 'أم عبدالرحمن' بالحديث فتقول إن المقارنات بين الأزواج منتشرة بكثرة بين الزوجات وتسترجع حادثة حصلت من قريب حيث حدثتها زميلتها بالهاتف وهي مكتئبة حزينة فسألتها عن السبب فقالت : ذهبت لاجتماع عائلي مع أخواتي وبنات خالتي وكلهن قد اصطحبن الخادمات لرعاية أطفالهن وجلسن يتبادلن الرسائل الجوالية المضحكة وهن مبسوطات وسعيدات وأما أنا فأصابني الاكتئاب لأنني لا أملك جوالاً وليس لدي خادمة .. وهذا بسبب زوجي الذي لم يوفر لي شيئاً من هذا .. وما أن عادت إلى منزلها حتى أقامت حرباً شعواء على زوجها تطالب بخادمة وجوال وتقول له أريد أن أعيش وأنبسط كما النساء المبسوطات .. لماذا أنا أقل منهن؟ وأخذت تسب زوجها وتندم على الزواج منه
نار الغيرة :
'أم عبد الله ' متزوجة منذ خمس سنوات وتصف لنا وضعها فتقول : حينا يعجبني أمر ما في زوج إحدى قريباتي أو زميلاتي أشعر على الفور بحزن وضيق ثم يأخذني الخيال لأن يصبح زوجي مثله فيتحول الحزن إلى فرح وبعد الحادثة أتمنى لو أخلو بنفسي بضع أيام كما يحلو لي ولأجل هذا أبقى شاردة الذهن فلا أهش ولا أبش مع زوجي وصغاري وتسيطر على الكآبة لحد الرغبة في البكاء مما يزيد ألمي .. ولا أخفيكم أنني أشعر بالشفقة على زوجي لأنه المسكين يذهب بي لأسر خاطري بلقاء الصديقات فيكون جزاؤه أن أعود للبيت وأنا متألبة عليه ..
وتعترف 'أم سامر' أنها تعاني من هذه المشكلة منذ زواجها الذي مضى عليه خمسة عشر عاماً وتقول في هذا الصدد : حينما أرى أي شيء يعجبني يقوم بعمله الزوج لزوجته أقارنه على الفور بوضعي ثم أنشغل بوضع خطط لاقناع زوجي بالقيام بعمل مماثل له وللأسف فإن لهذه القضية أثراً سلبياً على حياتي الزوجية , فالخصومات تتوالد والمجادلات تشتد والجفاء يزداد والغضب يعم البيت بضعة أيام ..
وتصف 'أم محمد'- متزوجة منذ عشر سنوات- حالها بقولها : أشعر بتوتر في أعصابي وضيق في صدري وأنظر لزوجي باحتقار وعموماً فأحوالي تضطرب بسبب غيرتي من أزواج زميلاتي وأخواتي ..
معركة
الغيرة أمر جبيل وهي إما أن تطغى على صاحبتها فتؤثر سلباً على مجرى حياتها أو أن تتغلب عليها فتطرد
آثارها المدمرة ,
دعونا نقف مع تجارب من هذا النوع :
تلتقط 'أمل عبد الله' – متزوجة مند عشر سنوات – الحديث فتقول : أنا أحمد ا لله على كل حال ممن تغار من أزواج الأخريات فأحياناً أجد في زوج آخر صورة لا أجدها فأشعر بضيق شديد وتنتابني الأفكار والهواجس ولو للحظات وأتمنى ذلك في زوجي ولكن سرعان ما ينتهي ذلك الأثر وذلك بجهاد النفس بتذكر محاسنه ووضع القناعة في نفسي أن الأسلم أن أغرس الأمر الذي ينقصه فيه وأما إن كان ذلك مستحيلاً أو لم أجد منه استجابة أجاهد نفسي حتى لا يؤثر ذلك على نفسيتي أو على علاقتي به ومن ثم أقطع كل الآمال في حصوله حتى لا أؤمل عليه وأتحطم بذلك .
تصرح'أم بلال' – متزوجة منذ عامين- أنها عانت بالفعل من هذه المشكلة ولكنها استطاعت أن تتخلص منها بتوطين نفسها على الرضا لعلمها أن العبد لن ينال إلا ما كتب الله له وإدراكها أن الله ما جعل زوجها بتلك الصفات إلا لحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها كما أنها هذبت نفسها بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيها 'ارضي بماكتب الله تكن أغني الناس ' وباللجوء إلى الدعاء .
من جانبها تقول 'أم عبد الرحمن' – متزوجة من سبع سنين- أنها حينما يتسرب لنفسها شئ من الغيرة تعالج نفسها بالنظر لمن هو الأقل منها لتشعر بالسعادة والتأمل في مزايا زوجها لتشعر بالرضا وقبل ذلك بأن الله جل جلاله هومقسم الأرزاق ومصرف الأمور لحكمة بالغة عنده .
للبيوت أسرار
شخصياً أتذكر أن إحدى الزميلات اتصلت على ظهر أحد الأيام وهي تبكي بحرقة وبعد أن هدأت من روعها استمعت إلى شكواها فإذا بخلاف قد وقع بينها وبين زوجها مما جعلها تتضايق بل وتنفجر فكانت تنعته بأوصاف سيئة وتسهب بذكر مواقف رديئة له معها وتستشهد بكلمات مزعجة قالها لها على مدى عيشتها معه وبعد محادثة استمرت لمدة ساعة ونصف تقريباً هدأت تماماً وعادت إلى رشدها وأبدت عزمها على تقديم الاعتذار له لتظفر بالأجر وفي مساء ذلك اليوم اجتمعنا وأخريات في وليمة لدى إحدي الزميلات وكان مظهرها وطريقة كلامها يوحي بسعادتها مع زوجها بدليل أنها ذكرت عدداً من المواقف الخفيفة الجميلة التي تبين مدى الحب والانسجام الذي يربطهما وفي ختام الجلسة انفردت بالحديث مع إحدى الحاضرات وفي ثنايا الكلام عبرت عن إعجابها الشديد بصفات زوج تلك وأشادت بصفاء حياتهما وهي تتحسر على حالها
ووالله لولا الأمانة لأخبرتها بما كان حتى تعرف أن 'للبيوت أسرار' فلم يكن هناك فارق زمني بين الوضعين : الغضب والرضا سوى بضع ساعات ولا غرابة فالبيوت تتقلب أحوالها في ثوان معدودة ..!!
لكن المشكلة أن بعضهن تغتر بالمظاهر وتتأثر بالشكليات وها هي 'أم عبد الرحمن' تذكر لنا موقفاً يناسب المقام إذ تقول : سمعت إحداهن تقول : 'يا حظ فلانة' زوجها ثري جداً أسكنها في قصر كبير وجلب لها الخادمات ومنحها المال !! وفي حديث لي مع صاحبة القصر أسرت لي بأنها متضايقة للغاية من وضعها فهي لا ترى زوجها إلا آكلاً أو نائماً لأنه مشغول في تجارته وإدارة أمواله لذا فإنها تغبط الأخريات على حياتهن السعيدة البسيطة مع أزواج يشاركوهن الحديث والرحلات والجلسات العائلية ..!
طوق النجاة
هناك ثلة طيبة من الزوجات يتسمن بالتقوى والحكمة والدراية مما أهلهن بإذن الله لأن يسلمن من آفات الغيرة منذ دلفن إلى الحياة الزوجية ستقضي بعض الوقت مع هذه النماذج الحية :
تقول 'أم عبد الرحمن' المقارنة من قبل الزوجات في مجال الأزواج أمر مشين يدعو إلى إذكاء المشكلات في المنزل ومن ثم هدم الأسرة وزعزعة كبائها وأنا بحمد الله قنوعة بما أتاني ربي شاكرة له ولا أنظر لأي ميزة في زوج امرأة أخرى وإنما أمعن النظر باستمرار في محاسن زوجي مما يجعل شيطان الغيرة ينأى عني وذلك برضاي وسعة نظري .
وتنوه 'نورة العلى' متزوجة من عشرين عاماً بفضل قاعدة أرستها ومن خلالها لم تفتح المجال لمشاعر الغيرة أن تبزغ في حياتها وهي عدم المقارنة بين زوجها وغيره لأنها ترفض أن يقارن زوجها بينها وبين زوجات أصدقائه وأقاربه , كما تبين أنها تنظر لزوجها على أنه بشر ولابد من وجود القصور فيه كما هو موجود فيها , فتقارن صبر زوجها على ما يوجد لديها من قصور مما يجعل كفتي الميزان متساوية .
وختاماً تؤكد على أنها كلما حصل قصور أو ما شابه ذلك من أحدهما أرجعته إلى ذنب صدر من أحدهما فيكون ذلك دافعاً للتوبة والإنابة .
ضعف شامل
في البحث عن أسباب هذا الطبع المشين تم التوصل إلى عدد منها وهي :
1- ضعف الإيمان بالله عز وجل .
2- عدم القناعة والتطلع إلى المزيد .
3- حب الدنيا والتعلق بها وكأنها دار بقاء لا فناء .
4- كثرة الاجتماعات النسائية .
5- عدم اهتمام بعض الزوجات بحقوق الزوج الشرعية وعدم تقديرهن للحياة الزوجية .
6- الجهل بخطورة الأمر وما ينتج عنه من مشكلات وخصومات وقد وصفت إحداهن حالها بقولها : هذا الطبع يضايقني لأنه يدل على عدم القناعة بالحال والطمع في أمور الدنيا والانشغال بسفاسف الأمور وكثرة الكلام الذي لا داعي له لأنه لا ينجم إلا من هذا أو من مجالسه من هذا طبعهم .
من صبرت على الغيرة لها أجر كبير
وبعد أن قضينا تلك الجولة مع أخبار النساء ننتقل إلى أ. نورة بن عبد الرحمن بن عبد العزيز القاسم عضو في لجنة تطوير المناهج لتعلق على كلامهن حيث تقول : إن الأسرة الصالحة السعيدة هي التي تعتمد على زوجين يتقيان الله في بعضهما ويتعاونان في إدارة دفة مركبهما بعيداً عن الأخطار التي قد تحطمه , ومن بينها موضوعنا اليوم ... والدارس للسنة النبوية يجد أوضح نموذجاً لها هو حديث أم زرع المشهور .
هؤلاء النسوة اجتمعن في مجلس يمثل معظم المجالس النسائية التي يكثر فيها اللغو ومادة الحديث هي الرجال والأزواج فمنهن من تذكر محسانه ومنهم من تذكر مناقبه وبعضهن يجمعن ذلك كله , وعلى الرغم من أنهن تعاهدن على الصدق وألزمن أنفسهن به وعلمن عليه ومع هذا وجد منهن المبالغة في الوصف مدحاً أو ذماً فكيف ذلك ألم يتعاهدن على قول الصدق ؟
اسم المقالة:
أسر تهدمت بسبب المقارنة بين الأزواج !
تاريخ الاضافة:
23/02/2011 
الزوار: 2395
الصفحة الرئيسية 
السيرة الذاتية للشيخ 
قســـم الفــتاوى 
قتـــاوى الشيخ 
قســـم المقــالات 
مكتبة الكتب 
ركـــن القـصــص 
الدروس الكتابية 
الـــقــران الــكـريم 
المـكتبة الـمــرئية 
الخـطب والـدروس 
ركــن الانـاشــــيد 
ادعــيــة واذكـــــار 
البرامج الاسلامية 
تــواقيـع اسلامية 
خلفيات اسلامية 
ركــن الــفلاشـات 
شـاشــات تــوقف 
الـجـوال الـدعــوي 
دلـــيــل مــواقــع 
مـركــز التحـمــيـل 
الاحــصـــائــيـــات 
ســجــل الــــــزوار 
اخـبـر صــديــقــك 
اتـــصـــل بــــــنـــا