بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أم بعـــــــــــــد الأولى في إعداد الخطبة الجيدة: "النحلة تمتص مليونًا من الزهور من أجل أن تعطينا مائة جرام من العسل" حكمة بليغة لا بد للداعية أن يجعلها نصب عينيه في إعداده للخطبة عندما يقوم بجمع المعلومات اللازمة لخطبتك المؤثرة بإذن الله فبعد أن وضعت تصورًا مبدئيًا لخطبتك، آن الأوان لتنظر في الكتب وتبحث عمَّا يدعم أفكارك، ويقويها ويصنع موضوعًا مقنعًا. وكما ذكرت أن هيكلة الموضوع تساعدك كثيرًا في هذه المرحلة؛ إذ تجعلك تركز في البحث عمَّا يدعم عناصرك وأفكارك، ولا تتشتت وتتوه وسط الكتب. على أننا يجب علينا أن نُقر أنه أثناء جمعك للمعلومات، قد تجد عنصرًا أو فكرة كنت قد نسيتها فتضيفها لهيكل الموضوع؛ ليكون أشمل وأكثر إقناعًا. ومرحلة جمع المعلومات مرحلة واضحة الخطوات سهلة المعالم؛ حيث تقوم بالبحث في الكتب والأبحاث والشرائط وغير ذلك، ثم تنتقي منها ما يناسب درسك الذي ستتحدث عنه. صناعة الملف: والسمة الأساسية في مرحلة البحث هي: المطالعة والانتقاء والترتيب. بمعنى أنك تطالع الكتب، والمقالات، والأشرطة، والقصص، والأمثلة، والأشعار، وكل ما علاقة بموضوعك؛ ثم تنتقي منه ما تراه مناسبًا لحديثك هذا وتجمعه في ملف خاص بك، وهذا هو ما يسمى بملف الخطبة، ثم ترتب ما انتقيته بعد ذلك. وجهاز الحاسوب يساعد كثيرًا في هذه المرحلة؛ حيث يكون من السهل أن تنتقي من عليه ما تشاء، ثم تقوم بعمل ملف خاص بما انتقيته، وتحفظه على ذاكرة الكومبيوتر، ويكون من السهل تريب هذا الملف بعد ذلك. أما إذا كنت تعد مادتك من الكتب الورقية؛ فعليك بكتابة أي شيء انتقيته في ورقة صغيرة منفردة؛ حتى يتكون لديك مجموعة من الورق تصنع به ملف الموضوع. وفي حالة ضيق وقتك وعدم قدرتك على نسخ ما في الكتب في ورق منفصل؛ اصنع لنفسك فهرسًا خاصًا؛ بمعنى أن تكتب اسم الكتاب الذي تود نقل قطعة أو جزءًا منه، ثم اكتب رقم الصفحة التي فيها هذه القطعة والفكرة الأساسية لهذه القطعة. وبهذه الطريقة يتكون لديك فهرس كامل بجميع ما تريد نقله من الكتب، وأثناء إعدادك للدرس قم بمراجعة الفهرس، وانتق منه ما يناسبك من معلومات، ثم رتبها بعد ذلك. وأما الخطوات المنطقية لعملية جمع معلومات صحيحة فهي: 1- البحث في الكتب والمقالات والأشرطة المتعلقة بالموضوع: انظر في مكتبتك الخاصة، واذهب إلى مكتبات الكتب لتبحث في الكتب التي تتحدث عن الموضوع الذي سوف تتكلم عنه، وابحث أيضًا في الإنترنت عن مقالات ومواضيع متعلقة بالموضوع. وإنما ابتدأنا بهذه الخطوة؛ لأنك في الغالب ستجد في الكتب التي تتحدث عن الموضوع مباشرة الكثير من المعلومات الزاخرة التي ستساعدك في تحضير موضوعك، وستجد فيها الكثير من الأدلة والمدعمات لموضوعك؛ وبذلك تكون قد وفَّرت الكثير من الوقت. ولكن احذر أن تعتمد دائمًا في خطبتك على كتاب واحد فقط وتأخذ منه كل أفكارك (لأن ذلك سيجعل خطبتك هزيلة وناقصة, وربما لن يعرف الجمهور ما الذي ينقصها ولكنه لن ينجذب إليها بالتأكيد). وبالطبع تحتاج لعمل هذه الخطوة أسبوعًا على الأقل قبل يوم الخطبة، ليكون لديك الوقت الكافي لمطالعة الكتب التي اشتريتها وانتقاء ما يصلح لخطبتك. أما ما يفعله كثير من الخطباء اليوم، من بدء البحث عن الكتب ليلة الخطبة فغير فعَّال على الإطلاق؛ نظرًا لضيق الوقت المتبقي له، ولوجود احتمال عدم الوصول للكتب من أول مرة تبحث عنها؛ مما قد يسبب لك مشاكل كبيرة في التحضير. وقد تتساءل وتقول لي: كيف أتمكن من قراءة كمية كبيرة من الكتب في زمن قصير، لأتمكن من إعداد الخطبة؟ فأقول لك: لا تحتاج لقراءة الكتاب بأكمله، بل ما عليك هو: 1- قراءة الفهرس حتى تتعرف على عناصر الكتاب. 2- قراءة مقدمة الكتاب وخاتمته لتزداد معرفة به. 3- تصفَّح فصول الكتاب، والعناوين الجانبية في كل فصل، ومعرفة الفكرة العامة لكل عنوان جانبي. 4- القراءة بالتفصيل للعناوين المهمة التي ستحتاج إليها في الإعداد للخطبة. 5- انتقاء ما يصلح للخطبة في ورقة خاصة لتلحق بملف الإعداد للخطبة. 2- البحث في القرآن الكريم: يقول عمران بن حطان: "خطبت عند زياد خطبة، فظننت أني لم أقصر فيها، فسمعت شيخًا يقول: هذا الفتى أخطب العرب؛ لو كان في خطبته شيء من القرآن). وعن جابر بن سمرة t قال: كانت للنبي r خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس [رواه مسلم] يقول النووي: (وفيه دليل للشافعي في أنه يشترط في الخطبة الوعظ والقرآن، يقول الشافعي: لا تصح الخطبتان إلا بحمد الله تعالى، والصلاة على رسول الله فيهما، والوعظ، وهذه الثلاثة واجبات في الخطبتين، وتجب قراءة آية من القرآن في إحداهما على الأصح) شرح مسلم, النووي. فالقرآن الكريم هو معين القلوب الذي لا ينضب، وغذاء الأرواح الذي لا يُستغنى عنه أبدًا، ودواء النفوس الشافي من كل مرض، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عن القرآن أبدًا في أي خطبة أو موعظة توجهها للناس. ابحث عن الآيات التي تتحدث عن موضوعك، وانتق هذه الآيات لتذكرها في حديثك، فمثلًا: إذا كنت تتكلم عن التقوى، فابحث واجمع هذه الآيات التي تتحدث عن التقوى، وقد يساعدك على ذلك استخدام جهاز الحاسوب أو كتاب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وانتق أنسب هذه الآيات المتعلقة بموضوعك وضمها للملف. 3- السنة الصحيحة: وبالطبع، لا تذكر إلا الأحاديث الصحيحة، ويتمُّ ذلك بالرجوع إلى مصادر الحديث الشريف، ومن أهمِّها: (صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن الترمذي، سنن أبي داود، سنن النَّسائي، سنن ابن ماجه). (وأمَّا ما يقع فيه بعض الخطباء من الاقتصار في استشهادهم بالحديث على ما حفظوه من سماعهم؛ فهو أمر غير محمود، وعليه مآخذ كثيرة. من أخطرها أنَّ الخطيب ربَّما يسوق الحديث سَوْقًا غير صحيح؛ وذلك بأن يسقط منه كلمةً يؤثِّر فقدها في المعنى العام للحديث، أو يظنّ أنَّه حديث مرفوع، فيكون موقوفًا على صحابيِّ أو تابعيٍّ أو يقول: (رواه البخاريُّ)، وهو مما رواه (النِّسائيُّ)، أو يقول: (حديث صحيح) وهو (حديث ضعيف)، ونحو ذلك من المآخذ التي يجب على الخطيب تجنُّبها والحذرُ من الوقوع فيها). وننصحك بألا تستشهد في كلامك بأي حديث سوى الصحيح، وعلى الرغم من إجازة بعض أهل العلم رواية الأحاديث الضعيفة في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال من باب حث الناس على الخير، إلا أنه الأفضل عدم التعرض للأحاديث الضعيفة بتاتًا. 1. اتفاق علماء الحديث على تسمية الحديث الضعيف بالمردود. 2. أن الضعيف لا يفيد إلا الظن المرجوح، والظن لا يغني من الحق شيئًا. 3. أن تجويز الاحتجاج بالحديث الضعيف؛ يترتب عليه ترك الأحاديث الصحيحة والزهد فيها. 4. قد تكون الأحاديث الضعيفة سببًا في نشوء البدع من خلال تشريع ما لم يشرعه الله، أو يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم). ومما يسهل عليك البحث في الأحاديث هو استخدام برامج الحديث على الكومبيوتر، حيث تقوم بكتابة جزء من الحديث الذي تبحث عنه، وتأتي لك النتائج بالحديث ودرجة صحته أو ضعفه، وقد اشتهر في هذا العصر الشيخ الألباني رحمه الله بتصحيح الأحاديث, وله موسوعة إلكترونية متوفرة على العديد من المواقع الإلكترونية. 4- البحث في التفاسير والشروح: ومما يقوي موقفك كخطيب ويضفي جودة على حديثك هو تفسير وشرح ما أتيت به من آيات وأحاديث. وكتب التفسير مشهورة؛ كتفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي، وأيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري، وفي ظلال القرآن لسيد قطب ... إلى غير ذلك. أما كتب شروح الأحاديث؛ فالأسهل أن تجدها وتبحث خلالها على أسطوانات أو على الإنترنت، وهناك كتب مشهورة في شرح الحديث النبوي؛ كفتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر، وشرح صحيح مسلم للنووي، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي للمباركفوري ... إلى غير ذلك، كما نوصي الإخوة بشرح الشيخ ابن عثيمين لرياض الصالحين، فهو مملوء بالفوائد. إن شرحك لآيات الكتاب أو أحاديث السنة هو الذي يضفي روحًا على خطبتك، ويجعل الناس تتفهم معنى الآيات المتلوة والأحاديث. يقول الدكتور محمود عمارة: (كنت أستمع إلى بعض الأخوة من فوق المنبر فأحس برجال لا ينقصهم الإخلاص، ولا يفوتهم الإحاطة بكل شاردة وواردة تتصل بموضوع الخطبة. إلا أنني في نفس الوقت أتحسس ملامح الناس، فلا أرى أثرًا يُذكر على قسمات وجوههم وفي نظرات عيونهم لهذه الخطبة. وأروح أبحث عن سر هذه الظاهرة! ويهديني بحثي إلى أن الخطيب يسرد الأحاديث النبوية سردًا، ولا يغوص بالتالي في الأعماق الحافلة بكنوز المعاني والصور). ولا ينتهي التحضير عند هذه النقاط فقط بل لازال أمامك باقة من المعلومات الهامة التي ينبغي عليك البحث عنها, كالأشعار والأمثلة والقصص ومواقف السلف, فتابع معنا أخي الداعية الخطيب طريقنا نحو خطبة فعالة مؤثرة. والله أعلم وللحديث بقية
اسم المقالة:
فــــن الخطابـــــة ( 2 )
تاريخ الاضافة:
28/11/2010 
الزوار: 1866
الصفحة الرئيسية 
السيرة الذاتية للشيخ 
قســـم الفــتاوى 
قتـــاوى الشيخ 
قســـم المقــالات 
مكتبة الكتب 
ركـــن القـصــص 
الدروس الكتابية 
الـــقــران الــكـريم 
المـكتبة الـمــرئية 
الخـطب والـدروس 
ركــن الانـاشــــيد 
ادعــيــة واذكـــــار 
البرامج الاسلامية 
تــواقيـع اسلامية 
خلفيات اسلامية 
ركــن الــفلاشـات 
شـاشــات تــوقف 
الـجـوال الـدعــوي 
دلـــيــل مــواقــع 
مـركــز التحـمــيـل 
الاحــصـــائــيـــات 
ســجــل الــــــزوار 
اخـبـر صــديــقــك 
اتـــصـــل بــــــنـــا