بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     حكم تخصيص النصف من شعبان بصيام او قيام ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     يا أهل غزة لا تحزنوا إن الله معكم ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     حكم خروج المراة من بيتها لتشيع الجنازة؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثواب صبر الوالدين إذا مات لهما ولد ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || فقه التمكــــين والواقــــع الآليــــم ( 1 )
::: عرض المقالة : فقه التمكــــين والواقــــع الآليــــم ( 1 ) :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> العلوم الإسلامية

اسم المقالة: فقه التمكــــين والواقــــع الآليــــم ( 1 )
كاتب المقالة: الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ الاضافة: 21/11/2010
الزوار: 3200



المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم
وبعــــــــــــــــــــد
(موضوع فقه التمكين في القرآن يحتاج لبحث تحليلي عميق لخطورته ولأهميته في حياتنا المعاصرة حيث إن الأمة تمر بفترة عصيبة من تاريخها, فهي في أشد الحاجة لفهم فقه التمكين حتى ترسم أهدافها وتسعى لتحقيق آمالها وفق سنن الله الجارية في الشعوب والأمم والمجتمعات والدول، ولقد لاحظت في دراستي للقرآن الكريم أن أصول فقه التمكين واضحة المعالم في كتاب الله الكريم, فما على الباحث إلا أن يجمعها ويرتبها ويحللها ويبين أثرها على حياة الأمة عندما حرصت على تطبيقه في كل شئون حياتها، وماذا أصابها عندما ابتعدت عن كتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم، إن وصول الأمة الإسلامية في هذا الزمان إلى التمكين ليس بالأمر السهل، ولكنه كذلك ليس بالأمر المستحيل، إذ على الرغم من التضييق الشديد والحرب الضروس التي تشن على الإسلام والمسلمين، فإن كثيرًا من المسلمين يرون أن التمكين لدين الله قاب قوسين أو أدنى من ذلك، ومهما رأى الأعداء أن التمكين للإسلام بعيد يشبه المستحيل فإن المسلم واثق بوعد الله أن الأرض يرثها عباده الصالحون، وهذا ليس من باب الأحلام والتمنيات، ولكن من باب الثقة في الله تعالى، واليقين بوعده، إن كثيرًا من علماء الأمة وطلاب العلم فيها أجادوا في التصنيف في فنون متعددة ومتنوعة من علوم الدين، كما أنهم أفادوا الأمة في شرح الداء الذي أصيبت به الأمة, وفي بيان المؤامرات التي تحاك ضدها من قبل اليهود والنصارى وأعداء الإسلام، وبينوا شراسة الحملة التي شنها أعداء الإسلام بضراوة، وبكل الصور والأساليب على الأمة الإسلامية لتثبيط المسلمين، وخنق الأمل في صدورهم، وبث روح الهزيمة النفسية بين جوانحهم حتى لا ترتفع رؤوسهم، ولا تقوى عزائمهم، فيظلون في ذلك الضعف والهوان الذي صاروا إليه، فيصل بهم الأمر إلى الذوبان، والضياع، والتمزق بين سطوة الأمم التي تداعت عليها كما تتداعي الأكلة إلى قصعتها، لقد تحدث بعض الخطباء والوعاظ عن مشاكل الأمة، وفساد أحوالها، بصورة تنشر اليأس وتوصد أبواب الأمل في وجه أبناء الأمة الغيورين، وشاعت روح الهزيمة بين صفوفهم، وأصبحنا كثيرًا ما نسمع من يقول: ماذا نفعل؟ ضاع الإسلام والمسلمون!..ويقفون على ذكريات الماضين ويتغنون بأمجادهم، فأدركت أن الأمر كبير, والقضية خطيرة ورأيت أن الأمة في أمسَّ الحاجة إلى ما يرد إليها ثقتها بربها، ومنهجها، في حاجة إلى من يوقظ الإيمان في قلبها، ويرشدها للأخذ بأسباب التمكين وشروطه، ويبين لها طبيعة الطريق، وكيفية السير فيه، ويوضح لها المعالم لتعرف كيف تعمل؟ وإلى أين تسير؟
ولهذا جاء هذا المبحث المتواضع الذي أقوم فيه بعرض أحد العوامل اللازمة للتمكين لدين الله في الأرض وهي العلم والمعرفة ،ولا أزعم أن قدمت جديد في هذا المبحث وإنما قمت فقط بتسليط الضوء علي أحد المعالم التي أحسبها هامة في فقه التمكين لدين الله ،وعملي في هذا المبحث لا يعدو عن قيامي بتجميع نقولات وأبحاث مختلفة مترامية هنا أو هناك ،أقوم بتجميعها وتهذيبها وإلقاء الضوء عليها لتخرج في صورة تبين المعني وتجلو المقصود،وإن تكررت في هذا المبحث بعض المعاني والكلمات فبغرض تثبيت المعني وتقرريه ،فالعبارات إذا تكررت تقررت كما يقولون ،وطبيعة المبحث نفسها تفرض الإسهاب أحيانا ً والتكرير ،وما هي إلا محاولة أقوم بها فإن كانت موّفقة فهذا فضل من الله وحده،وإن كان فيها من خلل فمن نفسي والشيطان والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

فقة التمكين عند ذو القرنين:
لآيات القرآنية وأسباب النزول ومن هو ذوالقرنين والمعنى الاجمالي للآيات:: .
قال تعالى : (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وءاتينه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من ءامن وعمل صالحا فله جزاءا الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا فما اسطعوا أن يظهروه وما استطعوا له نقبا) – سورة الكهف : الآيات 83-98

أسبـاب النزول
ورد في سبب نزول هذه الآيات
أن النضر بن الحارث - أحد دهاة قريش وأشرارها – كان يناصب النبي صلى الله عليه وسلم العداء ، وكان يتلقى في أسفاره إلى الحيرة أحاديث الفرس وأقاصيصهم ، فكان يحارب بها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى الاسلام ، فكان كلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا يذكّر الناس فيه بالله ، ويذكر فيه قصص المعرضين عن دين الله ودعوته وكيف أصابهم العذاب والنكال والعقاب ، يأتي خلفه النضر بعد ذهابه ويقول : أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه ، فتعالوا أحدثكم بأحسن من حديثه عن ملوك فارس.
ثم إن قريشا بعثته مع عقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهم : سلوهم عن محمد وصفته ، وأخبروهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم من العلم ماليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن أحوال محمد صلى الله عليه وسلم فقال أحباراليهود :
سلوه عن ثلاث
عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ؟ فإن حديثهم عجب ، وعن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هو ؟ فإن أخبركم فهو نبي وإلا فهو متقوّل، فلما قدم النضر وصاحبه مكة قالا : قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد ، وأخبروا بما قاله اليهود، فجاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه : فقال أخبركم ما سألتم غدا ، ولم يستثني ، فانصرفوا عنه ، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة . فشق ذلك عليه ، ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند ربه بسورة الكهف وفيها معاتبة الله إياه على حزنه عليهم ، وفيها خبر أولئك الفتية ، وخبر الرجل الطواف .

تعليق وبحث
سلط القرآن الكريم الأضواء على جوانب هامة من أعماله وجهاده العظيم الذي استهدف به التمكين لمثل عليا ومبادئ رفيعة ، وقيم سامية ، وأخلاق فاضلة منبثقة من الإيمان بالله واليوم الآخر، بعيدة كل البعد عن كبرياء الوطنية ، والأمجاد القومية ، والنزعات العرقية ، وتقديس التراب والزعماء ، ولم تكن فتوحاته وأعماله المجيدة تستهدف سيادة عسكرية او مغانم اقتصادية ، أو تطلعات توسيعية او نزوات عنصرية التي يبعث عليها حب التسلط والرغبة في العلو.
إنما خاض حروبا وقاد جيوشا استهدفت كرامة الإنسان وتخليصه من الشرك والأوهام والانحرافات العقدية ، وإزالة الظلم عن البشر وإقامة العدل ، ودعوة الناس إلي العقيدة الصحيحة ، والمنهج السليم ، والتصور الرباني. إن منهجية القرآن الكريم اهتمت بإبراز القيم الصحيحة في سيرة ذي القرنين وأعماله وأقواله مثل :
الحكم والسلطان والتمكين في الأرض ينبغي أن يسخّر لتنفيذ شرع الله في الأرض واقامة العدل بين العباد ، وتيسير الأمر على المؤمنين المحسنين ، وتضييق الخناق على الظالمين المعتدين ومنع الفساد والظلم وحماية الضعفاء من بطش المفسدين.
1- الرجال الأشداء ذوو الخبرات الفنية العالية في النواحي العسكرية والعمرانية والاقتصادية الذين كانوا طوع بنان ذي القرنين ، وكذلك خضوع الأقاليم له وفتح الخزائن أمامه وتقديم خراج الشعوب له طواعية ، كل ذلك لم يدخل في نفسه الغرور والبطر والطيش والغواية بل بقى مثلاً للرجل المؤمن العفيف المترفع عن زينة الحياة الدنيا.
2- الاهتمام بإتخاذ الأسباب لبلوغ الأهداف والغايات التي سعى إليها حيث آتاه الله من كل شي سببا فاتبع سببا.
3- كما اهتم القرآن الكريم بإبراز القيم الزائفة من قصة ذي القرنين
مثـــــل
1-الكفر والظلم والاعتداء الذي قضى عليه في مغرب الشمس.
2-التخلف المتمثل من القوم عند مطلع الشمس.
3- الإفساد والدمار المتمثل في تصرفات يأجوج ومأجوج.
إن القرآن الكريم في كل قصصه يركّز على الدروس والعبر والحكم والقوانين ولا يهتم بكثير من القضايا التي لا تنفع الإنسان، ولذلك نجد في قصة ذي القرنين كثير من المبهمات التي لا تفيد القارئ ، مثل : من هو ذوى القرنين ، وما هي شخصيته، وما هي حياته ، وما هو الزمن الذي عاش فيه ، والدولة التي حكمها ، والحروب التي خاضها ، والبلاد التي فتحها ، ورحلته الأولى باتجاه الغرب ، وتحديد المنطقة التي وصل إليها ، وتحديد المكان ذي العين الحمئة ، وكيف وجد الشمس تغرب فيها ، وأصل يأجوج ومأجوج، وتاريخهم ، ومناطق سكنهم وإقامتهم بالضبط ، إلى غير ذلك من التساؤلات.
لقد وقف المؤرخون والمفسرون جميعا أمام قصة ذي القرنين ، وكثير منهم حاولوا بيان ما فيها من مبهمات ، وتحديد تفصيلاتهما التاريخية والواقعية . وأوردوا في ذلك أقوالا كثيرة ، غالبها مأخوذ من الإسرائليات وأخبار أهل الكتاب ، وفيها من الخرافات والأساطير والأقاويل والأباطيل الشئ الكثير.

من أسباب التمكين

1 ـ العلم قبل القول والعمل
اصطفى الله ـ تبارك وتعالى ـ رسله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، وتولاهم بحسن النشأة، وتعهدهم بتمام الرعاية، ونبأهم بما يحـتـــاج إليه العباد من العلم؛ فكان للعلم في دين الله شأن ينبئك عنه أول القرآن نزولاً على نـبـيـنا-صلى الله عليه وسلم- حين خاطبه ـ تبارك وتعالى ـ بقوله: ((اقْراً بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ)) وبـهـــذه الآيــــــات وضع الله ـ تعالى ـ معالم الرسالة الإسلامية الخالدة في عمومها المطلق وشمولها الأعم مـبـيناً أنها رسالة العلم والمعرفة والعقل، وهي أعظم نعم الله ـ تعالى ـ على الإنسان) وبهــذه الآيات البينات، وما تضمنته من الإشادة بالقراءة والكتابة والعلم، أبان الله ـ عز وجل ـ لنبيه-صلى الله عليه وسلم- ولأمة الإسلام أن المعرفة بوسائلها: من قراءة وكتابة وتعلّم هي الأسلوب الأمثل لتبليغ الرسالة.
وبـهـــذه الآيــات أعطيت الأمة مفاتيح الإصلاح والتقدم والرقي؛ لتعلم أنه لا إصلاح ولا مدنـيــــة ولا حـضــارة بغير علم ومعرفة؛ فالجهل ـ وهو نقيض العلم ـ لا يأتي إلا بالشر والفساد والتخلف، كـمـا أن الهداية إلى معرفة الحق واعتناقه والحرص على إقامة معالمه والدعوة إليه لا يكون إلا مـــع العلم، ولا يكتب للعلم النمو والانتشار إلا إذا سجله القلم ونشره وأعلن عنه ومن اللافت للنظر أن استفتاح الوحي بـهـــذه الآيات البينات فيه دلالة واضحة على أن العلم في دائرة سنن الله في الحياة يعد من أهــــداف الأمــــة الإسلامية في تبليغها رسالة الإسلام؛ (لأن العلم هو العنوان الأعظم على خلود هذه الرسالة، وهو العنصر الحيوي في تكوين حقيقتها الهادية الراشدة، وهو الآية الكبرى على صدقها وصدق رسولها)، وبقي شـعــاره التمثل لهذا الأمر مع طلب الزيادة منه: ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً))وذكر بعـض الـمـفـسـريـن أنه -صلى الله عليه وسلم- ما أمر بطلب الزيادة من شيء سوى العلم، وكان يقول: (اللــهــم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً) وكان يستعيذ من العلم الذي لا ينـفــــع، فأعلن مـنهـجـه أبلجَ يضاهي وضوحه ضياء الشمس: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّـبَـعَـنِـي...)). مـن هـنـــــا كـانــت سنة الدعاة ـ المقتدين بالرسل في الوظيفة ـ تري طريقتهم في التكوين والنشأة.. فصارت الـركـيــزة الأولى في تكوين الداعية: العلم، فهو الذي يهتدي به العمل، ويُحفظ به الدين.
قــــوام الـديـــن: علم يهدي، وسيف ينصر ((وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)) ،وكما حرس الله بـيـضـــة الإسلام بالمجاهدين في سبيله، فقد حفظ شريعة الإيمان بالعلماء والمتعلمين. والجهاد لا يتم على وجهه الحق إلا بالعلم المؤهل المؤصل المفصل بالقرآن الكريم والسنة النبوية. فالعلم ضــــــرورة فوق ضرورة المأكل والمشرب والملبس والدواء؛ إذ به قوام الدين والدنيا، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ولا غرو فإن الدعوة إلى الله إذا كــانـت (أشـــــرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، ولا بد فـي كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى حد يصل إليه السعي) ،ولـقـد كان من أعظم أسباب ضعف المسلمين في هذا العصر: الجهل، وقلة العلماء العاملين، وسوء الخـطــط في مراحل الدراسة المختلفة في البلاد الإسلامية، وضعف الهمم والعزائم في الجد والبحث والتحصيل، والتخصصات الجزئية التي أضعفت العلوم الشرعية، والانهزام النفسي أمام بعض العلوم المادية، والنظر إلى التخصصات الشرعية نظرة دونية.
هذه الأسباب وغـيـرهـا جزء من واقع الأمة ـ في الجانب العلمي ولا شك أن بُعْد الهوّة بين الأمة وماضيها أذهل دعاتها الغيورين عن كثير من مصالحهم، وأفقد بعضهم شيئاً مــــن الـتـــوازن ســواء في تربيتهم لأنفسهم، أو في برامجهم التربوية المطروحة التي يسعون لتحقيقها؛ فلربما كانت الحركة الدؤوب على حساب بعض العلم، فإذا وضع هذا في الحسبان عرفنا ما يجب علي الفئة التي تضلع لإحياء الأمة والعمل للتمكين للدين تجاه العلم، وأنه لا بد من منح الهدف العلمي أولوية تليق به، بل يجــب أن تصاغ الأهداف الأخرى على ضوئه؛ لأن التعليم والتربية صنوان لا ينفكان: ((هُوَ الَذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ))
إن العاملين للتمكين لدين الله في الأرض اليوم يجب أن تصاغ خطـطـهـم ومناهجهم في كل الجوانب الدعوية والتربوية والفكرية صياغة كاملة شاملة على أساس عـلـمي متين؛ لأن التغيير الذين يرمون إليه عبء ثقيل وأمانة عظمى لا تتأتى إلا ببناء العقول وإصــــلاح الفكر؛ وهو أمر غاية في الخطورة والصعوبة، لا يحصل بالأحلام والأمنيات، ولا بالعـواطــف والانفعالات، ولا بالارتجال والاحتمالات.
إن قـاعـدة هذا التغيير والبناء والإصلاح متينة، ترسم أهدافاً عنوانها: الشرعية والوضوح والمرونة والملاءمة، وتنهج طريقاً واضحة علائمه، بيّنة منائره.. إنه منهج تعظيم النصوص الشرعـيــة من الكتاب والسنة الصحيحة، وفهمها بفهم سلف الأمة ـ الذين اختارهم الله لإقامة دينه وحمل رسالته ـ، ثم التسليم والانقياد لها خِلْواً من المعارضات المرفوضة التي تتكئ إلى القياسات العقلية الفاسدة، والأذواق الرديئة، والمنامات الفارغة.. التي ما ناب الأمة منها إلا التفرق والشقاق والتيه والتأخر.
بهذا الـمـنـهــج السلفي يجب أن تدرس وتفهم أصول الدين ومهماته من مسائل الاعتقاد والسلوك، ثم فروعه وأحكام الحلال والحرام، وبه تُدرك سبيل المجرمين، ويُفهم الواقع، وتُصنع الحياة.
ويوم أن نهـجــــت الأمــة ذلك النهج سطع نجمها، وعلا ذكرها، وامتد سلطانها، وبقي ذكرها، ونالت المجد والسؤدد... يومها وأدت نوابت السوء في مهدها، وكان السيف ينصر يوم أن كان العلم يهدي
وللحديث بقية


طباعة


روابط ذات صلة

  وهــل جعـل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يـاعلمــاء ؟؟؟  
  السلفية أم العلمانية و الصوفية أقرب للإسلام ؟ ( 1 )  
  السلفية أم العلمانية والصوفية أقرب للإسلام ؟ ( 2 )  
  حقيقة الهيكل المزعوم في عقيدة اليهود !!  
   ما هي الأمانـــــة العلميــــــة في المقول والمنقول ؟  
  ما أحوجنا إلى قمر صناعي إسلامي !!  
  (( زجر السفهاء عن تتبع رخص العلماء ))  
  (( مهلا يا أمة الغضب عليكم لعنة الله ))  
   سوء الظـــــن وعلاجـــــــة ( 1 )  
  سوء الظـــــن وعلاجـــــــة ( 2 )  
  (( ثبــوت دعــاء الركـوب أيهـا الحقـــود ))  
  عـرفة وما أدراك ما يـوم عـرفة !؟  
  (( خطبــة عيــد الأضحى المبارك ))  
  (( علامات الحج المبرور والذنب المغفور ))  
  القواعــد الذهبية في الخلاف ( 1 )  
  القواعــد الذهبية في الخلاف ( 2 )  
  الإعتبــار بمصـــارع الأمم ( 1 )  
  الإعتبــار بمصـــارع الأمم ( 2 )  
  الدعوه الصالحة بالكلمة الطيبة  
  الداعيــة الصغير وهـم الدعــوة الكبير  
  الإنحــــراف الفكــري وأسبابــــه  
  فقة التمكـين والـواقع الآليــــم ( 2 )  
  الكعبــة واحــدة قبلــة للمسلمــين رغــم أنـف الكافـــرين  
  (( عندما تكون الأمة بلا قضية ولا هدف ))  
  (( حوار بين حاكـم وعالـم ))  
   ( أبيــار علي ودار فــــو ر )  
  سنة مهجورة بين العامة و العلماء ( 1 )  
  (( قاضي يرد شهادة سلطان لا يصلي الجماعة ))  
  (( إكذوبة تجديد الخطاب الديني ))  
  (( دماء المسلمين المستباحة ))  
  (( سويسرا وحذر المــآذن ))  
  مسلمي الصين " يبكــــــــــــــــــــــون"  
  (( حتى وقفة عرفات خالف تعرف ))  
  فن الخطابــــــة ( 1 )  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 882748

تفاصيل المتواجدين