ألقت قوات الأمن الفلسطينية في عملية قامت بها في وقت مبكر صباح الخميس القبض على أفراد الحراسة التي استأجرها العضو السابق باللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد دحلان، الذي أحيل ملفه إلى القضاء بتهم فساد، واعتقلت كافة أعضاء طاقم الحراسة في محيطه منزل الواقع في حي الطيرة برام الله وصادرت أسلحتهم.
وذكرت مراسل وكالة "معًا" الفلسطينية، أن قوات الأمن مكونة من رجال الشرطة، والأمن الوقائي، والأمن الوطني، حاصرت المنزل واعتقلت رجال الحراسة الخاصة البالغ عددهم 12 شخصا، وصادرت سيارات دحلان المكونة من 12 سيارة خاصة له شخصيا.
وجرت العملية بعد أن قام الأمن الفلسطيني بعملية تمويه، عبر قيام سيارات جمع النفايات التابعة للبلدية الطرق المؤدية إلى فيلا دحلان، ومن ثم قامت الدراجات النارية التي كان يستقلها أفراد الأمن الفلسطيني باقتحام المكان ومباغتة الحرّاس الذين سرعان ما استسلموا للأمن وسلّموا أسلحتهم، وقد فر بعضهم هاربًا لكن عناصر الأمن اعتقلتهم فسلموا أسلحتهم واستسلموا.
وصادرت قوات الأمن من عناصر الحراسة 16 قطعة سلاح وأجهزة اتصال وحاسوب، واقتادت أفراد طاقم الحراسة الذي كان يرتدي زيًا مدنيًا واقتادهم للاستجواب، بعد أن أبلغتهم أن الأمن الفلسطيني هو المكلّف بحراسة رام الله وليس جهات أمنية باللباس المدني لا تعرف هوياتهم.
ونسبت الوكالة إلى قيادي بارز بـ "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح" قوله: "كفى غرورًا، وكفى عنجهية، وعلى دحلان أن يعرف أن عصر الفلتان الأمني قد ولّى وإلى غير رجعة وإنه لا مجال أبدا إلى عودة أيام العصابات والمسلحين المدنيين في الشوارع وأن يفهم أنه لم يعد يختلف عن أي نائب برلماني آخر من الذين يعيشون في الوطن وأن الحراسة التي يستحقها هي مرافق واحد وحارس واحد فقط، ولا داعي لهذه الطاؤوسية وأن يسير في شوارع رام الله بحماية 20 مسلحا".
وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من إعلان مصادر في حركة "فتح" أن العضو السابق في اللجنة المركزية للحركة محمد دحلان سيحال "خلال أيام" إلى النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد بعدما رفضت المحكمة الحركية الأربعاء الطعن الذي تقدم به ضد قرار فصله من الحركة.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن عضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح" قالت إنه طلب عدم الكشف عن اسمه إن "مركزية فتح قررت تحويل الملف المالي والجنائي لمحمد دحلان إلى هيئة مكافحة الفساد والقضاء الفلسطيني من خلال النيابة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة".
ونسبت إلى عضو آخر- لم تسمه- إن "المحكمة الحركية لحركة فتح قررت تأكيد قرار اللجنة المركزية للحركة بفصل دحلان من الحركة ومن عضوية المركزية".
وأوضح جمال محيسن ممثل اللجنة المركزية أمام المحكمة الحركية أن قرار المحكمة الذي صدر الأربعاء تضمن "رد الطعن المقدم من محمد دحلان لعدم استناده للنظام الداخلي". وأضاف إن القرار تضمن أيضا "التأكيد على قانونية القرار المتخذ في اللجنة المركزية بفصل محمد دحلان"
وأشار إلى أن "القرار اعطى فرصة أخيرة لمحمد دحلان بأن يتقدم بالتماس لرئيس الحركة بجاهزيته للامتثال أمام لجنة التحقيق التي تشكلها اللجنة المركزية خلال أسبوعين من تاريخ القرار، وإلا يصبح القرار نافذا قطعيا، ويعود الأمر للجنة المركزية لاتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص".
وكانت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلنت في منتصف يونيو أن لجنتها المركزية قررت فصل محمد دحلان وإنهاء أي علاقة رسمية له بالحركة وتحويله للقضاء.
وكانت اللجنة المركزية لفتح قررت في ديسمبر تجميد عضوية دحلان بعد اتهامه بـ "التحريض" على الرئيس محمود عباس والعمل ضده داخل مؤسسات الحركة حتى "انتهاء لجنة تحقيق من أعمالها".
وذكرت وسائل إعلام حينذاك أن الخلافات بين دحلان وعباس تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة بعد اتهام مساعدي عباس لدحلان بأنه حرض قيادات في فتح على أنهم أحق من عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالحكم. كما اتهموا دحلان بالسعي لتعزيز نفوذه في الأجهزة الأمنية والوزارات في الضفة تمهيدا "لمحاولة انقلابية".
وكان دحلان (49 عاما) انتخب عضوا في مركزية فتح في مؤتمرها العام السادس الذي عقد في أغسطس عام 2009 في بيت لحم وكان يشغل منصب مفوض الإعلام والثقافة فيها. وقد شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس عباس قبل سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة في 2007 وقدم استقالته مباشرة بعد ذلك.
وشغل دحلان كذلك منصب وزير الأمن الداخلي في الحكومة الفلسطينية الأولى التي شكلها محمود عباس في 2003 ومنصب مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية من 1994 إلى 2003.
وهو عضو منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 عن دائرة خان يونس مسقط رأسه في قطاع غزة وتولى رئاسة لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي.
ودحلان المولود في 1961 هو أكثر القيادات الفلسطينية ارتباطًا بـ "إسرائيل"، وكان يعمل معها في التنسيق الأمني حينما كان يشغل منصب مدير الأمن الوقائي بقطاع غزة، حيث كان يحظى بنفوذ كبير داخل القطاع قبل أن تسيطر عليه حركة "حماس" في يونيو 2007.
وقد انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى في تونس حيث نال ثقة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وبعد توقيع اتفاقات اوسلو في 1993 وقيام السلطة الفلسطينية، عاد إلى غزة وتسلم الأمن الوقائي الذي كانت إحدى مهماته منع الناشطين الفلسطينيين من القيام بعمليات ضد الاحتلال.