هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ،
نوع القصيدة : فصحى الشاعر : أبو العتاهية
هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ،
وأنْتَ لِكأْسِ المَوْتِ لاَ بُدَّ جارِعُ
ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ!رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ويا جامِعَ الدُّنيا لِغَيرِ بَلاَغِهِ سَتَتْرُكُهَا فانظُرْ لِمَنْ أنْتَ جَامِعُ
وَكم قد رَأينا الجامِعينَ قدَ اصْبَحَتْلهم، بينَ أطباقِ التّرابِ مَضاجعُ
لَوْ أنَّ ذَوِي الأبْصَارِ يَرَعُوْنَ كُلَّمَايَرَونَ، لمَا جَفّتْ لعَينٍ مَدامِعُ
فما يَعرِفُ العَطشانَ مَنْ طالَ رِيُّهُ،ومَا يَعْرِفُ الشَّبْعانُ مَنْ هُوَ جائِعُ
وَصارَتْ بُطونُ المُرْملاتِ خَميصَة ً،وأيتَامُهُمْ منهمْ طريدٌ وجائعُ
وإنَّ بُطُونَ المكثراتِ كأنَّما تنقنقُ فِي أجوافِهِنَّ الضَّفَادِعُ
وتصْرِيفُ هذَا الخَلْقِ للهِ وَحْدَهُوَكُلٌّ إلَيْهِ، لا مَحَالَة َ، راجِعُ
وللهِ فِي الدُّنيَا أعَاجيبُ جَمَّة ٌتَدُلّ على تَدْبيرِهِ، وبَدَائِعُ
وللهِ في أسرارُ الأمُورِ وإنْ جَرَتْبها ظاهِراً، بَينَ العِبادِ، المَنافِعُ
وللهِ أحْكَامُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ ألاَ فهوَ معْطٍ مَا يَشَاءُ ومَانِعُ
إذا ضَنّ مَنْ تَرْجو عَلَيكَ بنَفْعِهِ،فذَرْهُ، فإنّ الرّزْقَ، في الأرْضِ، واسعُ
وَمَنْ كانَتِ الدّنْيا هَواهُ وهَمَّهُ،سبَتْهُ المُنَى واستعبدَتْهُ المَطَامِعُ
وَمَنْ عَقَلَ استَحيا، وَأكرَمَ نَفسَه،ومَنْ قَنِعَ استغْنَى فَهَلْ أنْتَ قَانِعُ
لِكلِّ امرِىء ٍ رأْيَانِ رَأْيٌ يَكُفّهُ عنِ الشّيءِ، أحياناً، وَرَأيٌ يُنازِعُ