عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من واشنطن باتفاق تطبيع مع الإمارات والبحرين لعله يُنقذه في مواجهة غضب الرأي العام الإسرائيلي من سياسات حكومته في التعامل مع انتشار وباء كورونا في البلاد.
وعاد نتنياهو قبل يوم فقط من إغلاق تام تفرضه السلطات في إسرائيل بالتزامن مع ذكرى مطلع السنة العبرية في شهر تكثر فيه الأعياد اليهودية.
وأثناء هبوط طائرته في مطار بن غوريون تلقى نتنياهو مكالمة هاتفية من وزير الصحة الإسرائيلي، يولي إدل شتاين، يحذره فيها من تفاقم الأوضاع الصحية جراء كورونا.
وما زاد الطين بلة تلك المشاهد، القادمة من داخل البيت الأبيض، التي أظهرت عدم ارتداء نتنياهو الكمامة الواقية وعدم احترامه مسافات التباعد الاجتماعي، وهي مشاهد أثارت جدلا في الداخل الإسرائيلي ودفعت وزارة الصحة لاتخاذ قرارات عشوائية بخصوص للتخبط إدخال بعض أفراد البعثة الإسرائيلية حجرا صحيا يمتد من خمسة أيام إلى أسبوعين.
ويحاول نتنياهو الآن أن يجد مخرجا من الأزمة الصحية والاقتصادية التي دفعت بعضهم لمهاجمته بسبب زيارته لواشنطن في هذا التوقيت بالذات، إذ يرى مراقبون أن رئيس الوزراء فضل الذهاب فيما سمّوه حملة انتخابية بدلا من معالجة غضب الرأي العام الذي لم يعد يحتمل إغلاقا جديدا يحمل تبعات اقتصادية أخرى.
إغلاق بتسهيلات تختلف عن الإغلاق الأول
صدّقت الحكومة الإسرائيلية على فرض هذا الإغلاق مدة ثلاثة أسابيع على الأقل في خطة قريبة من تلك التي واجهت بها الموجة الأولى من كورونا في مارس/آذار الماضي.
ورغم أن الخطة تحمل اسم الإغلاق التام إلا أنها تضع تسهيلات من بينها السماح ببعض التجمعات البسيطة والصلاة في الأماكن المغلقة والذهاب للعمل وهو ما لم تتضمنه خطة الإغلاق الأولى.
وأدت مثل هذه التسهيلات لاندلاع خلافات بين مسؤول ملف مكافحة فيروس كورونا البروفيسور، روني غامزو، من جهة وبين نتنياهو ووزير الصحة من جهة أخرى.
واجتمع الثلاثة مساء الخميس لبحث تشديد إجراءات الإغلاق خصوصا وأن التوصيات الصحية تدفع نحو إغلاق شامل لكي يحقق النتائج المرجوة، كما أن الحكومة ستبحث بعد عيد رأس السنة العبرية اقتراحات قد تعيد فيها سناريو الإغلاق المتشدد كما حصل في الموجة الأولى.
وعلى الرغم من إمكانية حدوث ذلك إلا أن موجة كورونا الأولى ليست كالثانية من حيث عدد الإصابات والوفيات.
ففي الموجة الأولى كانت إسرائيل تسجل ما يقترب من ١٠٠٠ إصابة كحد أقصى ومئات قليلة من الوفيات والحالات الحرجة كل أسبوع.
أما الآن فباتت تشهد ما يقارب ٥٠٠٠ إصابة وعشرات الوفيات يوميا وآخرين يدخلون بأعداد متضاعفة غرف العناية المكثفة، كما أن المؤسسات والشركات والمقاولات ما تزال تعاني من التبعات الاقتصادية للموجة الأولى.
ولذلك فإن أي إغلاق جديد قد يفجر موجة غضب في الشارع الذي بات يتظاهر كل أسبوع مطالبا نتنياهو بالاستقالة.
أما لجنة كورونا في الكنيست التي تملك صلاحيات مراجعة القرارات الحكومة فقد طالبت بزيادة المسافة المسموحة للتنقل خارج المنزل من 500 إلى 1000 متر.
وقد عارضت هذه اللجنة كثيرا من القرارات الحكومية وعدلتها بسبب ما تقول إنه تقصير من وزارة الصحة في عرض البيانات التي يُعتمد عليها أثناء اتخاذ القرارات.
وتضع هذه اللجنة نصب عينها محاولة الموازنة بين الصحة والاقتصاد لعلها تنجح في إبقاء الحال مستقرا من الناحيتين الصحية والاقتصادية.
ولاقت خطة الإغلاق انتقادا سياسيا وشعبيا، إذ هاجم بعض النواب من الكنيست من المعارضة واليمين المتشدد نتنياهو وطالبوه بتغيير ما وصفوه بسياسته الفاشلة.
وحسب المسؤولين فإن نتنياهو هو المسؤول عن جر إسرائيل لإغلاق ثان قد لا تُحمد عقباه بسبب عدم جديته في التعامل مع ناقوس الخطر الذي دُق في إسرائيل منذ أسابيع ليست بقصيرة.
ولا تقتصر مشاكل نتنياهو عند هذا الحد، فالأحزاب المتدينة التي تشكل جزءا لا يتجزأ من ائتلافه الحكومي أصبحت غاضبة من تعامل الحكومة مع الأحياء المتدينة.
ولذلك استقال وزير الإسكان، يعقوب ليستمان، من منصبه بعد أن قررت الحكومة قبل أسبوع فرض إغلاق ليلي على مدن عربية ويهودية أرثوذكسية.
ويتهم بعضهم الحكومة بعدم المهنية والموضوعية في التعامل مع هذه المناطق السكنية التي ترتفع فيها أعداد الإصابات بحسب وزارة الصحة.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات لا تزال الوزارة تحاول تدارك الأخطاء التي استشفتها من تعامل حكومة الطوارئ السابقة مع الوباء، إذ حضرت خطة تدريجية ومدروسة للخروج من الإغلاق بعد أن سمحت حكومة الطوارئ في الموجة الأولى بفتح الاقتصاد كليا وفي أيام قليلة أعقبت نهاية الإغلاق.