بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
انتبه الموت قادم ..... فماذا انت صانع ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     فضل الترضى عن الصحابة .. والرد على من قال بعدم الترضى ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل شفاعة النبي يوم القيامة للمسلمين وغير المسلمين؟ والرد على المردفين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رد الشبهات على من قال بفناء النار أو إلغائها ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || ماذا لو كنتَ "عَبْدَ المَلِك"..؟!
::: عرض المقالة : ماذا لو كنتَ "عَبْدَ المَلِك"..؟! :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> أقلام القراء >> مقـــالات منـوعـــة

اسم المقالة: ماذا لو كنتَ "عَبْدَ المَلِك"..؟!
كاتب المقالة: المستشار
تاريخ الاضافة: 06/11/2015
الزوار: 448

من يمنع الخليفة الجديد من نومه ..؟!

انتهى التابعي الجليل عمر بن عبد العزيز من دفن سلفه سليمان بن عبد الملك، ثم صعد المنبر فخطب في الناس خطبة بليغة، حضّ خلالها على التقوى، وزهّدهم في الدنيا، ورغّبهم في الآخرة، ثم نزل عن المنبر واتجه إلى بيته، وأوى إلى حجرته، فقد كان ينبغي أن يصيب ساعة من الراحة، بعد ذلك العناء الشديد الذي كان فيه منذ وفاة الخليفة .. لكن عمر بن العزيز ما كاد يسلم جنبه إلى مضجعه، حتى أقبل عليه ابنه عبد الملك- وكان يومئذ يتجه نحو السابعة عشرة من عمره- وقال:

(ماذا تريد أن تصنع يا أمير المؤمنين؟! فقال: أي بنيّ ، أريد أن أغفو قليلاً، فلم تبق في جسدي طاقة، فقال عبد الملك: أتغفو قبل أن تردّ المظالم إلى أهلها يا أمير المؤمنين؟! فقال: أي بنيّ، إني قد سهرت البارحة في عمّك سليمان، وإني إذا حان الظهر صليت في الناس، ورددت المظالم إلى أهلها إن شاء الله، فقال عبد الملك: ومن لك يا أمير المؤمنين بأن تعيش إلى الظهر؟! )... فألهبت هذه الكلمات عزيمة عمر، وطيّرت النوم من عينيه، وبعثت القوة والعزم في جسده المُتْعَب، وقال: ادن مني يا بنيّ، فدنا منه، فضمّه إليه وقبَّل ما بين عينيه، وقال:الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني، ثم قام، وأمر أن يُنَادَى في الناس: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها..

من هو عبد الملك..؟؟

أعزائي الشباب... من هو هذا الشاب العجيب الذي جمع الله له حكمة الشيوخ في عمر الشباب؟ من هو ذلك الفتى الفذّ الذي جعله الله تعالى عوناً لأبيه على الحق ؟! من هو "عبد الملك"..؟!!

تعالوا لنلم بقصة هذا الفتى من أولها.. نستلهم فيها النموذج والقدوة الحسنة...

لقد كان لعمر بن عبد العزيز خمسة عشر ولداً فيهم ثلاث بنات، وكانوا جميعاً على حظ موفور من التقى، ومقام كبير من الصلاح، وولد له عبد الملك سنة 82هـ ومات سنة 101هـ، وهو في التاسعة عشرة من عمره، في زهرة شبابه مات صافيًا لم يعرف آثام الحياة..

لقد كان "عبد الملك" واسطة عقد إخوته، وكوكبهم المتألق، لقد كان أديباً ماهراً، له سنُّ الفتيان وعقل الكهول، ثم إنه نشأ في طاعة الله عز وجلّ منذ نعومة أظفاره، فكان أقرب الناس سمتاً إلى آل الخطّاب عامةً، وأشبههم بعبد الله بن عمر خاصةً في تقواه لله، وتخوفه من معاصيه، وتقربه إليه بالطاعة.

ولقد آثر الفتى العمريّ المرابطة على الثغور، والإقامة في إحدى المدن القريبة منها على البقاء في بلاد الشام، فمضى إليها، وخلّف وراءه، "دمشق" ذات الرياض النضرة، والظلال الظليلة، والأنهار العذبة..ولذلك لا نتعجب إذا قرأنا ما كتبه العالم الجليل "ابن رجب الحنبلي" - رحمه الله – عنه، وهو يرجو أن يكون قدوة لمن يأتي بعده من الشباب المسلم:

(..فعسى الله أن يجعل في سماع أخباره لأحد من جنسه أسوة، ولعل أحدًا كريمًا من أبناء الدنيا تأخذه بذلك حمية على نفسه ونخوة؛ ففي ذكر أمثال أخبار هذا السيد الجليل مع سنه توبيخ لمن جاوز سنه وهو بطال، ولمن كان بعيدًا عن أسباب الدنيا هو إليها ميال).

التربية العظيمة التي أثمرت هذا الشاب النجيب:

كان عمر بن عبد العزيز- رحمه الله - وعلى الرغم من كل ما عرفه من صلاح ابنه عبد الملك وتقواه..شديد الخوف عليه من نزغات الشيطان، كثير الإشفاق عليه من نزوات الشباب، حريصاً على أن يعلم من أمره كل ما يجوز له أن يعلمه، وكان لا يغفل عن ذلك أبداً، أو يهمله، فعن ميمون بن مهران وزير عمر بن عبد العزيز وقاضيه ومستشاره، قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فوجدته يكتب رسالة إلى ابنه عبد الملك يعظه فيها وينصحه، ويبصّره ويحذره، وينذره ويبشره، وكان مما جاء فيها قوله:

" أما بعد.. فإن أحق من وعى عني وفهم قولي لأنت، وإن الله- وله الحمد - قد أحسن إلينا في صغير الأمر وكبيره، فاذكر يا بنيّ فضل الله عليك وعلى والديك، وإياك والكبر والعظمة، فإنها من عمل الشيطان، وهو للمؤمنين عدو مبين، واعلم أني لم أبعث إليك بكتابي هذا لأمر بلغني عنك، فما عرفت من أمرك إلا خيراً، غير أنه بلغني عنك شيء من إعجابك بنفسك، ولو أنَّ هذا الإعجاب خرج بك إلى ما أكره، لرأيت مني ما تكره"

قال ميمون: ثم التفت إلىّ عمر وقال: يا ميمون، إن ابني عمر قد زُّين في عيني، وإني أتهم نفسي في ذلك، وأخاف أن يكون حبي له قد غلب على علمي به، وأدركني ما يدرك الآباء من العمى عن عيوب أولادهم...فسِرْ إليه، واسبر غوره، وانظر هل ترى فيه ما يشبه الكبر والفخر؟؛ فإنه غلام حدث، ولا آمن عليه الشيطان..!

قال ميمون: فشددت الرحال إلى عبد الملك حتى قدمت عليه، فاستأذنت ودخلت، فإذا غلام في مقتبل العمر، ريّان الشباب، بهيّ الطلعة، جمّ التواضع، قد جلس على حشية بيضاء فوق بساط من شعر، فرحّب بي، ثم قال:لقد سمعت أبي يذكرك بما أنت أهله من الخير، وإني لأرجو أن ينفع الله بك، فقلت له: كيف تجد نفسك؟ فقال: بخير من الله- عزّ وجلّ- ونعمة، غير أني أخشى أن يكون قد غرّني حسن ظنّ والدي بي، وأنا لم أبلغ من الفضل كل ما يظن، وإني لأخاف أن يكون حبه لي قد غلبه على معرفته بي ؛ فأكون آفة عليه.

قال ميمون: فعجبت من اتفاقهما، ثم قلت له: أعلمني من أين معيشتك؟

فقال: من غلة أرض اشتريتها ممن ورثها عن أبيه، ودفعت ثمنها من مال لا شبهة فيه،فاستغنيت بذلك عن فيء المسلمين.

قلت: فما طعامك؟

قال: ليلة لحم..وليلة عدس وزيت..وليلة خلّ وزيت..وفى هذا بلاغ.

فقلت له: أفما تعجبك نفسك؟

فقال: كان فيّ شيّء من ذلك، فلما وعظني أبي بصّرني بحقيقة نفسي، وصغّرها عندي، وحطّ من قدرها في عيني، فنفعني الله-عزّ وجلّ- بذلك فجزاه الله خيراً.

قال ميمون: فقعدت ساعة أحدثه، وأستمتع بمنطقه، فلم أر فتى كان أجمل وجهاً، ولا أكمل عقلاً، ولا أحسن أدباً منه على حداثة سنِّه، وقلة تجربته،..فلما كان آخر النهار؛ أتاه غلام فقال: أصلحك الله قد فرغنا..فسكت، فقلت: ما الذي فرغوا منه؟ قال: الحمام، قلت: وكيف؟ قال: أخلوه من الناس، فقلت: لقد كنت وقعت من نفسي موقعاً عظيماً حتى سمعت هذا..فذعر واسترجع، وقال: وما في ذلك يا عم يرحمك الله؟!

قلت: الحمّام لك؟!

قال: لا

قلت: فما دعاك إلى أن تخرج منه الناس؟! كأنك تريد بذلك أن ترفع نفسك فوقهم، وأن تجعل لها قدراً يعلو على أقدارهم،ثم إنك تؤذي صاحب الحمام في غلّة يومه، وتُرْجِعُ من أتى حمامه خائباً..!؟

قال عبد الملك: أما صاحب الحمام فأنا أرضيه وأعطيه غلة يومه.

قلت: هذه نفقة سَرَف خالطها كِبْر، وما يمنعك أن تدخل الحمّام مع الناس وأنت كأحدهم؟!

قال عبد الملك: يمنعني من ذلك أن طائفة من رعاع الناس يدخلون الحمام بغير أزر، فأكره رؤية عوراتهم، وأكره أن أجبرهم على وضع الأُزُر، فيأخذوا ذلك على أنه اقتدار منّي عليهم بالسلطان الذي أسأل الله أن يخلصنا منه كفافا لا علينا ولا لنا، فعظني رحمك الله عظة أنتفع بها، واجعل لي مخرجا من هذا الأمر!

فقلت: انتظر حتى يخرج الناس من الحمام ليلاً ويعودوا إلى بيوتهم ثم ادخله.

قال عبد الملك: لا جرم، لا أدخله نهاراً أبداً بعد اليوم، ولولا شدة برد هذه البلاد ما دخلته أبداً..وأطرق قليلاً كأنما يفكر في أمر، ثم رفع رأسه إلى ّ وقال: أقسمت عليك لتطوينَّ هذا الخبر عن أبي، فإني أكره أن يظل ساخطاً عليّ، وإني لأخشى أن يحول الأجل دون الرضا منه.

قال ميمون: فأردت عند ذلك أن أسبر عقله؛ فقلت له: إن سألني أمير المؤمنين:هل رأيت منك شيئاً فهل ترضى لي أن أكذب عليه؟!

فقال:لا..معاذ الله..ولكن قل له:رأيت منه شيئاً فوعظته وكبرته في عينه، فسارع إلى الرجوع عنه، فإن أبي لا يسألك عن كشف ما لم تظهره له، لأن الله عزّ وجلّ قد أعاذه من البحث عمّا استتر.

قال ميمون: فلم أر والداً قط ولا ولداً مثلهما يرحمهما الله.

الشاب الصالح لا يأتي نتيجة المصادفة..!

أعزائي الشباب..بعد أن استعرضنا معاً جانباً من سيرة هذا الشاب الصالح كنموذج للقدوة الحسنة في الاستقامة والبر؛ يتبين لنا أن صلاح الشباب لا يأتي وليد المصادفة أو الحظ ولكن يأتي نتيجة عدة عوامل:

- هداية الله تعالى أولاً، قال تعالى:" مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" – الأنعام:39 -  

- القدوة الحسنة الكبيرة، الثابتة على المبدأ والراسخة في الصلاح، والتي لا يغيرها إقبال الدنيا أو إدبارها، ومن يطالع سيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز يعرف ذلك وأكثر من جوانب شخصيته العظيمة.

- تربية الأبناء على تعظيم الله جلّ وعلا ومراقبته في السرّ والعلانية.

- الحذر على الأبناء من آفات النفس المهلكة مثل الكبر والإعجاب بالنفس، والتنبيه على ذلك أولاً بأول.

-  وحسن متابعة الوالد لولده حتى لو تباعدت الأماكن وصار كل واحد منهما في بلد أو مدينة واستخدام كل وسائل التواصل الممكنة، كإرسال الرسائل المكتوبة، وإرسال الوسيط الأمين إذا تطلب الأمر.

- أن تقوم علاقة الوالد بولده على الرحمة وحب صلاح الولد، وأن يربطه به برباط متين من الحب والاحترام؛ لأنه الموجّه الأول له حتى لا تتخطفه عوامل الفساد يمنة ويسرة.

رضي الله عن عبد الملك وعن أبيه وسلام عليهما يوم لحقا بالرفيق الأعلى وسلام عليهما يوم يبعثان مع الأخيار

طباعة


روابط ذات صلة

  الساعة الخامسة والسابعة صباحاً  
  استووا  
  ][][][ ما يبكيك؟ ][][][  
  لا تنشغل بغير الطريق  
  عيد الحب .... لمن ؟  
  أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...  
  (( دماء على استار الكعبة ))  
  ثورة قرامطة البحرين ـ الإصدار الأخير  
  ويوم الاستفتاء انكشف الغطاء؟! حقائق ودلالات وأسرار  
  انفجار القدس.. وأسوأ كوابيس تل أبيب!  
  مصر... وسيناريو صراع الهوية بين الإسلام والعلمانية  
  "إسرائيل" تقود الثورة المضادة بورقة الأقليات  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  أكاد أصبح شيعياً  
  مادام جسدك لم ولن ينافقك . . فلماذا الوهم؟!  
  ليلة القبض على آل مبارك وبراءة الجيش المصري  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  التفسير السياسي للهجوم علي السلفية  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك  
  كاميليا شحاتة .. امرأة هزت عرش البابا  
  "إسرائيل" مذعورة.. أخيراً تحركت دبابات بشار  
  النظام السوري.. عوامل الانهيار ورهانات البقاء  
  الجيوش العربية في عصر الثورات الشعبية  
  الله أكبر ! كيف لا أغار على أمَي عائشة و الله عز وجل يغار لها ؟؟!  
  التفسير السياسي للفتنة الطائفية في مصر  
  ثلاثين يوم ثورة وثلاثين سنة مبارك  
  الرؤية الاستراتيجيَّة.. ضرورة لحصد ثمار الثورات العربيَّة  
  شيطنة بن لادن  
  المخطط الصهيوني الجديد للوقيعة بين مصر ودول الخليج العربي  
  أمريكا والانقياد الأعمى خلف إسرائيل  
  أَخرِج القطن مِن أُذنيك!  
  وجوب التفقه في الدين  
  نصر الله المصري ونصر الله السوري  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 1006199

تفاصيل المتواجدين