أعلن نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الجزائري عن مواصلة “الجهود المبذولة منذ سنوات بروح متفانية للارتقاء بمستوى الحرس الجمهوري والبلوغ به إلى مصاف النخبة الكفأة، ويسمو إلى مراتب الصفوة التي تعمل على مستوى رئاسة الجمهورية أسمى مؤسسات الدولة”.
تصريح الفريق أول أحمد قايد صالح، جاء بمناسبة تنصيبه اليوم الأحد، الفريق بن علي بن علي قائدا جديدا لقوات الحرس الجمهوري، الذي خلف في المنصب اللواء أحمد ملياني مولاي المقال قبل يومين بشكل مفاجئ وفي ظروف يلفها الغموض.
وكان واضحاً أن مفردات قائد أركان الجيش الجزائري في خطابه، اختيرت بعناية ملفتة للانتباه والقصد منها هو توجيه رسائل خاصة لعموم الطبقة السياسية، التي لم تستفق بعد مما صار يصطلح عليه بــ”القرارات الثورية” للرئيس بوتفليقة، إذ لم يسبق له اتخاذ قرارات جريئة في قيادة أبرز أجهزة الجيش.
وبدا أن الفريق أحمد قايد صالح، وهو الرجل الأول في المؤسسة العسكرية، حريص على “تثمين ودعم” قرارات بوتفليقة، خصوصا حين خاطب كبار الضباط وأمرهم بــ”الاعتراف” بالقائد الجديد لقوات الحرس الجمهوري “الحاضر أمامكم” و ألزمهم بــ”طاعته في كل ما يأمركم به لصالح الخدمة، تنفيذا للقواعد العسكرية ومسايرة للقوانين وشرف للقوات المسلحة الجزائرية”.
والمعروف، أن “الطاعة للقائد واجب مقدس في النظام العسكري الجزائري”، وأكثر من ذلك أن “أوامر القائد تنفذ ولا تناقش” والجيش الجزائري معروف أيضا بـ”الانضباط و الالتزام بأداء المهام المنوطة وتنفيذها بشكل تسلسلي”.
قائد أركان الجيش الجزائري، وهو يشغل أيضا وظيفة حكومية هي نيابة وزير الدفاع الوطني، لم يكن مجبرا على إسداء أوامره بــ”الاعتراف بقائد جديد و طاعته و تنفيذ قراراته”، لو لم يلحظ – حسب مراقبين- محاولات “رفض” تعيين القائد الجديد لقوات الحرس الجمهوري ربما من طرف “ضباط” في الصف الأول لهذا الجهاز الموكلة إليه مهام “الحماية الرئاسية و تأمين المنشآت و الإقامات التابعة لرئاسة الجمهورية “.
وكثر اللغط، حول قرار مباغت أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل يومين بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني ، يتعلق بإبعاد قائد الحرس الجمهوري اللواء أحمد مولاي ملياني، وكذلك تنحية اللواء أحمد مجدوب قائد الأمن الرئاسي من المنصب لأسباب “تتعلق بالتقصير في أداء الوظيفة”، حسبما نقلته وسائل إعلام خاصة مقرّبة من السلطة.
وبعد تنحية اللواء مجدوب مسؤول الحماية الشخصية للرئيس، تحركت عائلته بشكل غير مسبوق للرد على ما وصفته بــ”التأويلات والقراءات المغرضة”، التي أعطيت لقرار إنهاء مهام اللواء أحمد مجدوب قائد الأمن الرئاسي.
ويؤشر تدخل عائلة القائد السابق للحرس الجمهوري للأمن الرئاسي، لتوضيح “قرار إنهاء المهام”،على وجود “خلاف” داخل السلطة، إذ أن التسريبات التي بثتها قنوات تلفزيونية و مواقع إلكترونية محسوبة على أطراف في سرايا الحكم، ليست سوى “خروج” الخلاف المتكتم عليه على المستوى الرسمي “إلى العلن”.
وفي موضوع الحال، تضمن خطاب الفريق أول قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، “ثناءً” على القائد الجديد لهذا الجهاز الحساس و”إشادة” بحسن سيرته ومجهوداته، لمّا كان قائدا للناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة كبرى النواحي العسكرية المشكلة لهيكل الجيش الجزائري، التي تشرف على الجهة الشرقية للبلاد وحتى حدودها مع تونس.
وتظهر جزئية أخرى، ملفتة للانتباه في الخطاب المذكور، مفادها إظهار الولاء لرئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، ما معناه أن بوتفليقة يحظى بالدعم والتزكية من كبار جنرالات الجيش، رغم ما تثيره بعد الأوساط السياسية من وجود خلاف بين الرئيس و أطراف أخرى في المؤسسة العسكرية.
وما يهم قوات الجيش الجزائري، حسب خطاب الفريق أول أحمد قايد صالح هو “الفطنة و الانضباط و العمل النوعي والروح القتالية في الدفاع عن البلاد من الأخطار التي تواجهها، وهذا بالارتكاز على توجيهات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني”.
وفي سياق ذي صلة، شدد الفريق قايد صالح، أن حادثة اغتيال جنود بمنطقة عين الدفلى إثر هجوم إرهابي على ثكنتهم ثاني أيام العيد، لن تزيد الجيش الوطني الشعبي إلا إصرارا وعزيمة لا تلين على اقتلاع جذور هؤلاء الخونة وتطهير وطننا من هؤلاء الأشرار حتى تبقى الجزائر عزيزة وآمنة ومهابة الجانب”.