أقرّ مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، ليل الجمعة-السبت، قانوناً جديداً لـ"مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال"، بأغلبية 174 نائباً مع احتفاظ 10 بأصواتهم، ومن دون معارضة أي نائب. وتعتبر هذه المصادقة تجاوزاً لعقبة سياسية كبيرة، استمرت زهاء العامين، بعد جدالات حقوقية وأيديولوجية وسياسية عطلت القانون إبان طرحه على المجلس التأسيسي السابق، وأجلته مرّات عديدة، إلى أن جاءت عملية سوسة الإرهابية لتدفع جميع النخب السياسية (حكومة ومعارضة) إلى استعجال المصادقة عليه، قبل ذكرى عيد الجمهورية في تونس يوم 25 يوليو/تموز، وذكرى اغتيال النائب محمد البراهمي الذي قتل على يد مجموعة مسلحة في اليوم نفسه. ولم تكن الأيام الثلاثة الماضية، التي شهدت مداولات المجلس باليسيرة، وعرفت أجواء مشحونة للغاية بين مختلف النواب والأحزاب والمنظمات المهنية والحقوقية حول عدد من الفصول المثيرة للجدل والقابلة للتأويل، والتي أثارت مخاوف من التضييق على الحريات، على غرار الفصل المتعلق بالسرّ المهني الذي يستثني المحامين من إفشائه. غير أن نقابة الصحافيين احتجت على عدم إلحاقها بالاستثناء مستغربة إجبار الصحافيين على كشف مصادر أخبارهم، التي تعتبر مقدسة في كل الأعراف الدولية، وتضامن معهم عدد من نواب المعارضة والائتلاف الحاكم أيضاً، وجرى البحث عن صيغة توافقية تمت بموجبها إضافة الصحافيين إلى المحامين. كذلك؛ شهدت المناقشات جدلاً كبيراً حول الباب الثاني في منع غسيل الأموال، وهل ينبغي أن يطرح في صلب هذا القانون، أم يبقى في مجال نظر القوانين العامة ولا يطرح بالجرائم الإرهابية. واعتبر عدد من نواب المعارضة أن الحزب الحاكم يريد أن يحمي بعض الجهات بإدخال تعديلات على الفصل المقترح، ولكن عمل لجنة التوافقات التي تجمع كل الكتل النيابية كان ناجحاً في إيجاد صيغ توافقية جنبت تعطيل القانون، وهو ما أدى إلى عدم وجود أصوات معارضة أثناء التصويت على القانون برمته، ما عكس حالة عامة من الوفاق القانوني والسياسي على غرار ما شهدته جلسة المصادقة على الدستور. "شهدت مداولات المجلس أجواء مشحونة بين مختلف النواب والأحزاب حول عدد من الفصول المثيرة للجدل" وينص قانون "مكافحة الإرهاب" الجديد، بحسب ما نقلته وكالة "الأناضول"، على عقوبات تصل إلى الإعدام، وتنص المادة 26 في القانون على أنه "يعد مرتكبًا لجريمة إرهابية ويعاقب بالإعدام كل من يتعمد قتل شخص يتمتع بحماية دولية". فيما تنص المادة 27 على "الإعدام لكل من قبض على شخص أو أوقفه أو سجنه أو حجزه دون إذن قانوني وهدد بقتله أو إيذائه أو استمرار احتجازه من أجل إكراه طرف ثالث" إذا نتج عن ذلك الموت. وتنص المادة 28 على عقوبة "الإعدام إذا تسبب الاعتداء بفعل الفاحشة في موت المجني عليه، كما يعاقب بالإعدام كل من يتعمد في سياق جريمة إرهابية مواقعة أنثى دون رضاها". ويلغي القانون الجديد القانون عدد 75 لعام 2003 والمؤرخ في 10 ديسمبر/كانون الأول 2003، والمتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، الذي أصدره نظام الرئيس الأسبق بن علي، وأودع بمقتضاه آلاف الشبان وخصومه السياسيين في السجون بتهمة الانتماء إلى "مجموعات إرهابية". ويبقى بعد تجاوز هذه المواد أن يشرع مجلس نواب الشعب، فوراً في النظر بقانون المحكمة الدستورية بعد قانون المجلس الأعلى للقضاء، الذي أعادت الهيئة الدستورية الوقتية بعض فصوله إلى مجلس نواب الشعب لإعادة صياغتها بسبب تعارضها مع الدستور، في صراع مفتوح بين القضاة والمحامين حول هذا القانون -