كشف مصدر مُقرَّب من الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، اليوم الأربعاء تفاصيل التطورات التي سبقت سقوط حكمه وفراره من البلاد، معتبرًا أن الجيش "غدر" بـ"بن علي"، وخيره بين الرحيل أو "الإطاحة به وقتله".
وقدم المصدر، الذي لم يكشف عن هويته في حديث لصحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية ، تفاصيل الساعات التي قضاها بن علي وهو يتابع تفاصيل المواجهات بين الشرطة والمحتجين، ثم قراره إنزال الجيش إلى الشارع، مضيفاً أن هذه الخطوة كانت العنصر الحاسم في مسار الأحداث.
وقال المصدر إن "بن علي" غادر البلاد بعدما غدر به الجيش؛ ففي يوم الجمعة حوصر القصر الرئاسي من قِبل وحدات وقادة للجيش للإطاحة به مطالبين بتنحيه عن الرئاسة؛ فخُيّر بن علي بين أمرَيْن، أحلاهما مُرّ: إمّا الرحيل والمغادرة، وإلاّ الإطاحة به وقتله؛ فاختار أن يرحل عن تونس للمصلحة الخاصة والعامة بشكل موقت.
وأضاف أن بن علي "غادر تونس في الخامسة مساء الجمعة بحماية خاصة من ضباط الأمن الرئاسي، وبمتابعة ليبية، وحراسة فرنسية سهّلت له ركوب الطائرة".
وقال المصدر إن الرئيس المخلوع استقل طائرة خاصة تابعة للطيران التونسي، ولم يكن بمقدوره استخدام الطائرة الرئاسية لضيق الوقت، ومفاجأة الرحلة.
ونفى المصدر أن يكون بن علي حدّد الوجهة التي سيغادر إليها قبل مغادرته تونس. وقال إنه لم يحددها "إلا بعد ركوبه، ولا صحة لعزمه الذهاب إلى فرنسا، ولم يكن ينوي ذلك، ولكن عرض عليه القذافي استضافته بليبيا، ولكنه فضّل أن يكون بعيداً عن المغرب العربي".
وأضاف أن الرئيس المخلوع "أجرى اتصالاً بمسؤول سعودي، فأبدى القبول والترحيب به"، مشيراً إلى أن "تحليق طائرته في أجواء مالطا كان لرغبة طاقم الطائرة في تزويد طائرته بالوقود الكافي لمواصلة الرحلة، ولا نية للرئيس بالإقامة في مالطا".
وكشف المصدر أن الرئيس المخلوع طلب من دول خليجية استضافته إلا أنها رفضت استقباله وقال"نعم، لم تستجب إلا المملكة السعودية، و(الدول) الأخرى اعتذرت".
وقال إن بن علي وعائلته قاموا ليل الجمعة "بأداء العمرة والطواف بالكعبة المشرفة، وإنه يعتزم زيارة المسجد النبوي قريباً"، مؤكدا أن "الرئيس سيخرج قريباً للإعلام، وهو يتابع ما يُنشر ويُذاع" على حد قوله.
وأشار المصدر إلى أن زين العابدين بن علي "سيتفرغ لحياته الأسرية والعائلية بعيداً عن تونس، ولا رجعة له إلى تونس، وهو يتابع مجريات التغيرات في بلاده".
وذكر المصدر أن بن علي هو الذي أوعز للرئيس الليبي معمر للقذافي بمخاطبة التونسيين لتهدئة الوضع الذي آلت إليه الأمور.
وكانت حادثة إقدام الشاب التونس البوعزيزي في 17 ديسمبر الماضي، على إحراق نفسه بسبب منعه من العمل كبائع خضار متجول لعدم امتلاكه رخصة من البلدية المحلية، سبب اندلاع موجة من الاحتجاجات الدموية استمرت أربع أسابيع للمطالبة بمحاربة البطالة والفساد، ثم تطورت إلى المطالبة بتنحي بن علي عن السلطة، وهو ما حدث يوم الجمعة، في 14 يناير عندما فر الرئيس مع عائلته من البلاد، و استقبلته السعودية.
وتولى رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع مقاليد الرئاسة بعد تأديته السبت اليمين الدستورية كرئيس مؤقت لتونس بموجب المادة 57 من الدستور خلفا للرئيس الفار، وكلف المبزع رئيس الوزراء محمد الغنوشي بتشكيل حكومة "وحدة وطنية".