أعلن برلمان القرم أمس استقلال شبه الجزيرة عن أوكرانيا وطلب ضمها إلى روسيا، مؤكدا تأميم جميع أملاك الدولة الأوكرانية فيها.
وهذا القرار يعني أيضا حل وحدات الجيش الأوكراني المتمركزة في القرم بحسب رئيس البرلمان. وغداة الفوز الساحق لأنصار الانضمام إلى روسيا في الاستفتاء الذي جرى في القرم، صوت النواب الـ85 بالإجماع على إعلان جاء فيه أ، «جمهورية القرم تدعو الأمم المتحدة وجميع دول العالم إلى الاعتراف بها كدولة مستقلة». وأضاف الإعلان «كما أنها تطلب من اتحاد روسيا قبولها كأحد أعضائه». وتوضح الوثيقة أيضا أن القوانين الأوكرانية لم تعد تطبق على القرم، وأن سلطات كييف لم تعد تمارس في شبه الجزيرة أي سلطة». وأضاف الإعلان «لم تعد هناك أنشطة لمؤسسات أوكرانية على أراضي القرم، وسلطاتها وأموالها ستنقل إلى هيئات دولة جمهورية القرم. وكل المؤسسات والشركات والمنظمات الأوكرانية أو التي فيها أسهم لأوكرانيا ستنقل إلى القرم».
من جهة أخرى، أوضح الزعيم الانفصالي سيرغي أكسيونوف أن شبه الجزيرة ستنتقل في 30 مارس (آذار) الحالي إلى توقيت موسكو. وكان اعتبر سابقا أن انتقال كل مؤسسات القرم نحو روسيا سيستغرق شهرا على الأقل. كما أكد أيضا أنه سيبدأ التداول بالروبل خلال الأسبوع، وأن العملة المحلية ستبقى سارية حتى فترة ستة أشهر على الأقل. وغادر وفد من برلمان القرم أمس إلى موسكو حيث يصوت الدوما، مجلس النواب الروسي، الجمعة على ضم القرم إلى اتحاد روسيا.
ويلقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم خطابا أمام البرلمان الروسي حول القرم التي طلبت الانضمام إلى روسيا كما أعلن نائب رئيس الدوما أمس. وتأميم جميع أملاك الدولة الأوكرانية في القرم يمكن أن يشمل أيضا القواعد العسكرية التي يطوقها منذ نهاية فبراير (شباط) مدنيون موالون للروس وجنود أرسلتهم موسكو. وأعلن رئيس برلمان القرم فلاديمير كونستانتينوف أمس أنه سيتم حل كل الوحدات العسكرية الأوكرانية المتمركزة في القرم. وقال أمام الصحافيين في ختام جلسة البرلمان التي أعلن فيها استقلال القرم وطلب انضمامها إلى روسيا «سيتم حل الوحدات». وأضاف أن «العسكريين الذين يريدون العيش هنا سيتمكنون من ذلك. سننظر في مسألة هؤلاء الذين يريدون أداء اليمين».
وقد أعلنت سلطات سيمفروبول عدة مرات أن الجنود الذين يريدون إبقاء ولائهم لكييف سيرغمون على مغادرة شبه الجزيرة. والمتحدرون من القرم الذين يقبلون بأداء اليمين للسلطات الجديدة يمكن أن يبقوا ثم يدمجون في الجيش الروسي. وقال أكسيونوف الذي أعلن ذلك عبر تغريدة على «تويتر» أن 500 جندي أوكراني غادروا قواعدهم في مدينة سيباستوبول. وفي كييف، صادق البرلمان الأوكراني أمس على تعبئة جزئية للقوات العسكرية لمواجهة «تدخل روسيا في الشؤون الداخلية الأوكرانية». بعد ساعات قليلة من الاستفتاء الذي جرى في شبه جزيرة القرم جاء اجتماع مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي ليجدد الموقف الأوروبي الرافض للاعتراف بشرعية الاستفتاء أو نتائجه، وهو ما أوضح جليا من تصريحات الوزراء عند الوصول إلى مقر الاجتماعات ببروكسل. وقالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي «عقب ما يسمى بالاستفتاء في شبه جزيرة القرم حقيقة الوضع مقلق للغاية ومثير للاهتمام، لأنه يخالف القانون الدولي والدستور الأوكراني، وأنا أكرر دعوتي لروسيا للبدء في حوار مع الأوكرانيين ومع المجتمع الدولي ووقف التصعيد لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن علاقة جيدة بين أوكرانيا وروسيا كما هو الحال مع الاتحاد الأوروبي وباقي أطراف العالم».
من جانبه، وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن «لن يمر الأمر بسلام على روسيا بسبب ما فعلته خاصة في ما يتعلق باستقرار عملتهم، وكما لاحظتم أيضا عزلتها في مجلس الأمن، ولم يساندها أحد، ووجهت إليها انتقادات من شركاء لها مثل كازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا، يمكن القول بأن روسيا ستعاني أكثر بسبب ما حدث، وأظهرت المناقشات توافقا أوروبيا على التوصية بفرض عقوبات على شخصيات اعتبروها متورطة في تصعيد الأمور إلى ما آلت إليه الآن».
في غضون ذلك، طالبت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو بفرض عقوبات على المسؤولين في شبه جزيرة القرم وموسكو في ما يتعلق بإجراء استفتاء في شبه جزيرة القرم أمس الأحد على انضمامه لروسيا، وهو ما أظهرت نتائجه رغبة سكان القرم في الانضمام لروسيا. وقالت تيموشينكو مشيرة لذلك في بيان لحزبها، حزب الوطن، أمس في كييف «لا بد من محاسبة جميع من شاركوا في العدوان العسكري على دولتنا بشكل شخصي». ورأت تيموشينكو التي تقيم حاليا في برلين لتلقي العلاج أن استفتاء أمس «مغامرة غير قانونية» وأن «القرم كانت وستظل دائما أوكرانية بصرف النظر عن محاولات الاحتلال الروسي».
ووافق 275 نائبا على هذه التعبئة التي طلبها الرئيس الانتقالي ألكسندر تورتشينوف نظرا «لتفاقم الوضع السياسي في البلاد وتدخل روسيا في الشؤون الداخلية الأوكرانية». ولم يشارك 33 نائبا في التصويت فيما لم يصوت أي نائب ضد القرار.
وعلى صعيد اخر، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس فرض عقوبات على 11 شخصا، ردا على التوغل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم، مؤكدا على عدم قانونية الاستفتاء بانضمام القرم إلى روسيا وعدم اعتراف واشنطن والمجتمع الدولي بهذا الاستفتاء.
وشملت قائمة العقوبات سبعة مسؤولين عسكريين روس على رأسهم اثنان من كبار المستشارين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى أربعة من القادة الأوكرانيين الانفصاليين على رأسهم الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. وتشمل العقوبات تجميد الأصول داخل الولايات المتحدة وحظر السفر. وتعكس الخطوة الأميركية بفرض تلك العقوبات أعمق توتر للعلاقات الأميركية الروسية منذ الحرب الباردة.
وقال أوباما خلال مؤتمر صحافي باليت الأبيض أمس: «قرار روسيا إرسال قوات عسكرية إلى شبه جزيرة القرم واجه إدانة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وكان الاستفتاء لانفصال القرم انتهاك واضح للدستور الأوكراني والقانون الدولي».
وأضاف: «نحن نفرض عقوبات على أشخاص هددوا سلامة الأراضي الأوكرانية وعقوبات على المسؤولين العسكريين الروس والجهات العاملة في صناعة الأسلحة في روسيا وعلى الأفراد الذي يقدمون دعما لكبار المسؤولين في الحكومة الروسية ومستعدون لفرض مزيد من العقوبات».