بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
انتبه الموت قادم ..... فماذا انت صانع ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     فضل الترضى عن الصحابة .. والرد على من قال بعدم الترضى ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل شفاعة النبي يوم القيامة للمسلمين وغير المسلمين؟ والرد على المردفين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رد الشبهات على من قال بفناء النار أو إلغائها ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || خارطة الطريق الأوكرانية
::: عرض المقالة : خارطة الطريق الأوكرانية :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> أقلام القراء >> مقـــالات منـوعـــة

اسم المقالة: خارطة الطريق الأوكرانية
كاتب المقالة: المفكرة
تاريخ الاضافة: 28/02/2014
الزوار: 642

من خلال قراءة التاريخ الإنساني منذ بداية مراحل التدوين وكتابة التواريخ بأنواعه المختلفة من تاريخ البلدان إلى تاريخ الأمم إلى تاريخ الممالك والإمارات والخلافة والإمبراطوريات، يتضح لنا أنه قد وقعت قرابة الألف ثورة في تاريخ البشرية منذ بداية مرحلة التدوين والاستذكار. الألف ثورة تلك لم ينجح منها على وجه الحقيقة سوى أقل من خمسين ثورة فقط، هي التي استطاعت أن تحقق أهدافها التي قامت من أجلها ، غير ذلك كان مصيره الفشل ولكن على فترات متفاوتة ، فمعظم الثورات قد أحبطت منذ البداية ووأدت في مهدها ، وبعضها استمر لشهور ، وبعضها لأعوام ، ثم ما لبث أن عادت الأمور لما كانت عليه قبل الثورة . وهذا هو السياق والسمت العام لمعظم الثورات الفاشلة حتى جاءت الثورة الأوكرانية الجديدة لتمثل حدثا استثنائيا في تاريخ الثورات الشعبية جديرا بالدراسة والتأمل واستخراج الدروس والعبر ، لتتعلم الثورات كيف تواجه فشلها وتنهض من كبوتها .

في مطلع عام 2005 تمكن مئات الآلاف من المتظاهرين سلميا فيما عرفت بالثورة البرتقالية من تغيير نظام الحكم في أوكرانيا في مشهد عُدّ الأكثر تأثيرا منذ سقوط حائط برلين.

ثار المواطن الأوكراني في وجه طبقة فاسدة من رجال الأعمال، أفسدت ممارساتهم غير الانتهازية الحياة العامة في أوكرانيا . احتكار وتربح غير مشروع من نقل وبيع الغاز المستورد من روسيا، قرصنة أموال البلاد في شكل قروض من البنوك الوطنية ثم التهرب من السداد، فضلا عن هيمنة فئة قليلة من الأثرياء على قطاع المناجم ومصانع الصلب. والأكثر قسوة وإفسادا ، كان ذلك التمثيل السياسي الهزلي في الأحزاب والبرلمان، حتى إن الأحزاب المقربة من السلطة كانت تبيع المقعد البرلماني بنحو ثلاثة ملايين دولار لمن يرغب من رجال الأعمال، هكذا تحول البرلمان الأوكراني إلى "ناد للمليونيرات" وليس مجلسا ممثلا عن الشعب .

وفي ساحة ميدان الاستقلال في يناير 2005 وفي حضور نحو مليون مواطن أوكراني من مناصري الثورة البرتقالية، قدم زعيم الثورة فيكتور يوشينكو "الوعد المستحيل" والذي يشبه لحد كبير وعد المصري مرسي بإصلاح أعقد خمس ملفات مصرية في مائة يوم فقط !!. حين قطع يوشينكو على نفسه عهدا بتحقيق عشرة أهداف، أهمها توفير خمسة ملايين فرصة عمل، وزيادة الرواتب والمعاشات، وخفض الضرائب، وشن حرب على الفساد، ومضاعفة الناتج الزراعي، والحد من الفجوة بين الأثرياء والفقراء، وإيقاف الانكماش الديمغرافي في الأمة الأوكرانية.

الأيام التالية أثبتت أن الواقع الأوكراني كان أكبر من أحلام ووعود الميادين ، ومرت أعوام خمسة والأوضاع الداخلية آخذة في التفاقم ، والتذمر الشعبي آخذ في الازدياد ، وارتكب رئيس البلاد وقائد الثورة " يوشينكو " وشركاء الثورة عدة أخطاء فادحة أدت لفشل الثورة وعودة النظام القديم الموالي للروس من أبرزها :

عجز الحكومة البرتقالية عن مواجهة الفساد. فقد وجد يوشينكو نفسه أمام تراث من النهب حوّل أوكرانيا إلى ضيعات خاصة لشريحة رجال الأعمال المحترفين المنتهزين للمناصب السياسية.

لم يكن أمام يوشينكو سوى خيارين: أن ينتهج سبل البطش والشدة والقسوة والإجراءات الاستثنائية ، فيضرب بقبضة من حديد ويمارس الاعتقال والنفي والتصفية السياسية، ويكون بذلك قد ضحى بأهداف الثورة التي قامت في الأساس ضد الظلم والقهر ، ويفقد الرسالة التي جاء بها وهي الديمقراطية والحرية والتغيير السلمي. أو أن يمضي في الخيار الثاني ويعمل على تحسين الأوضاع بالتدريج، ويتبع أسلوب التطهير الذاتي للمؤسسات ، غير أن الزمن سرقه وضاعت خمس سنوات وبلاده في قبضة المنتفعين فعليا وتحت رئاسته صوريا. والقراءات الاقتصادية أثبتت فشل هذا الخيار الثاني فتقرير الشفافية الدولية لعام 2009 وضع أوكرانيا في المرتبة 146 (من بين 180 دولة) حين أعطاها 2.2 درجة (من إجمالي عشر درجات للشفافية الكاملة) وهي نفس الدرجة التي حصلت عليها في العام 2004 قبل قيام الثورة البرتقالية . أي لا جديد في الفساد الأوكراني ، فالجميع محافظون على مواقعهم كما هي .

من الأسباب أيضا انهيار ثقة الشعب الأوكراني في حكومته الثورية بسبب إخفاقاتها الاقتصادية والتنازع المرير الذي وقع بين شركاء الثورة . ففي الوقت الذي أرجع فيه شركاء الرئيس الأوكراني فشل الثورة إلى ضعف شخصية الرئيس، اتهم يوشينكو من جانبه شريكته رئيسة وزراء بلاده يوليا تيموشينكو بأنها سبب الفشل الاقتصادي في السنوات الخمس الأخيرة، وذلك بعد أن اتهمها سلفا بخيانة مبادئ الثورة حين تحولت فجأة إلى التصالح مع روسيا. ومن كثرة الانتقادات المتبادلة بين شركاء الثورة وغلبة أجواء التخوين على المشهد ، لم يعد الناس بمقدورهم تمييز الثوار الخائنين عن المجاهدين الشرفاء، فالألوان صارت في أوكرانيا اليوم رمادية لا برتقالية .

ومن الأسباب أيضا تخلي الدول الداعمة للثورة البرتقالية عن مواصلة دعمها للثورة ، فقد انصرف الرعاة الرسميون عن احتضان "الثورة". فالاتحاد الأوروبي لم يمارس سوى دور ناعم، وحلف الناتو وجد خسائر ضم أوكرانيا إليه في الوقت الحاضر أعلى من الأرباح المتوقعة في ظل التوتر مع روسيا. ولعل أكبر صدمة تلقتها الثورة البرتقالية ذلك التقاعس المدهش في موقف الولايات المتحدة التي اكتفت بمشاهدة حرب صيف 2008 حين قام الجيش الروسي بسحق الجيش الجورجي في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وإجهاض ثورة الورود الجورجية التي تعتبر أم ثورات المنطقة .

الثورة الأوكرانية حاولت تصحيح أخطائها في الانتخابات الرئاسية في 2010 ، ففي في حملتها الرئاسية في شهر يناير 2010 كانت يوليا تيموشينكو قد وعدت بتبني نهج القبضة الحديدية، وأعربت أنها "تشعر بإعجاب بالغ بالنموذج الصيني الذي يقطعون فيه رقاب وأيادي الفاسدين والناهبين للدولة " ، هذه الاستفاقة المتأخرة لم تمنع من عودة النظام القديم الموالي للروس ممثلا في يانكوفيتش ابن روسيا البار ، ليعود التاريخ بأوكرانيا إلى مرحلة ما قبل سنة 2005 ، فتمتلئ المعتقلات بالمعارضين السياسيين وعلى رأسهم تيموشينكو رئيسة الوزراء ، ويتم إلغاء دستور الثورة ، ويكتب دستور جديد ببصمات روسية واضحة ، ويعمل النظام الجديد على تفجير الصراعات المجتمعية والاثنية في بلد محتقن بالكثير من الخلافات التاريخية ، فحالة عدم التجانس طاغية في الحالة الأوكرانية، فالبلاد منقسمة بين جهتين: الشرق الناطق باللغة الروسية، والغرب الذي حافظ على اللغة الأوكرانية ، كذلك عدم تجانس ديني سواء في داخل المجموعة الأرثوذكسية أو بينها وبين المجموعات الأخرى، فداخل المجموعة الأرثوذكسية نجد صراعا بين الكنائس التي حافظت على علاقاتها البطريرقية مع موسكو، في حين خرجت كنيسة كييف من دائرتها لتؤسس ما يشبه الكنيسة الوطنية. ثم نجد من جهة ثانية العديد من الكاثوليك في الجهة الغربية الذين بدأ يتوسع نفوذهم. وبدا المشهد الأوكراني شديد الاستقطاب .

ولكن الذي لم يفهمه الطغاة أبدا أنهم مهما بلغت درجة طغيانهم واستبدادهم وبطشهم بشعوبهم ، وتكميمهم للأفواه ، واعتقالهم للمعارضين ، وقتلهم للأبرياء ، وانتهاكهم للحرمات ، ومهما بلغت وحشية أجهزتهم الأمنية ، فإن الطغيان والاستبداد لا يقيم دولة ، ولا يحفظ نظاما ، ولا يؤسس استقرارا ، فللشعوب كلمة الفصل مهما غيبتها وسائل الإعلام ، وهو ما جرى بالضبط في أوكرانيا ، ثار الشعب من جديد ضد نفس النظام الذي ثار عليه من قبل عشر سنوات ، نعم الشعب هو الذي أعاد هذا النظام الاستبدادي ، ولكن أعاده اضطراريا تحت ظل قصف إعلامي مأجور من روسيا ، وتردي اقتصادي شديد ، وأداء سيء من قادة الثورة ، فعادت الثورة إلى ملاكها الأصليين ومفجروها الحقيقيين ، بعد أن أن استفادوا من أخطاء الماضي ، فلم تغرهم الوعود الكاذبة ، ولا الحلول المائعة ، فلم يتركوا الميادين بعد تصريح يانكو فيتش بأنه لم يكن ينتوي الترشح مرة أخرى ، ورفضوا فكرة الانتخابات المبكرة ، وقرروا عدم ترك الميادين ولسان حالهم " لن نكرر أخطاء المصريين الذين خدعهم العسكر فتركوا الميادين ".

الثورة الأوكرانية منذ بداياتها ومرورا بانتصارها ثم فشلها ثم إستعادة الوعي كانت بمثابة النموذج المثالي لحركة الشعوب وتقلباتها الثورية ،حيث تحول النموذج البرتقالي إلى رسالة أيديولوجية عابرة للحدود، وصلت أصداؤها لكل مكان . مجيبة على تساؤلات اليائسين والمحبطين في كيفية مواجهة فشل الثورات وموتها ؟

الثورة الأوكرانية وضعت لنفسها ولكل الثورات التي مرت بنفس مساراتها ، خارطة طريق تستعيد بها روح الثورة في مواجهة قوى الظلام والفساد التي حاولت إجهاضها ، خارطة طريق تخرج بها من تيه الصراعات والانقسامات ، وتتجاوز حالة الاستقطاب التي أفقدت الثورة لحمتها وحدة صفها ، خارطة طريق تخرج بها من كبوتها وتفيق من غفلتها ، وتعود إلى رشدها ووعيها ، لتبرهن لكل المتآمرين على ثورات الشعوب وأحلامهم بأن الشعوب قادرة على إصلاح أخطائهم واستعادة زمام المبادرة من الطغاة وشركائهم .

طباعة


روابط ذات صلة

  الساعة الخامسة والسابعة صباحاً  
  استووا  
  ][][][ ما يبكيك؟ ][][][  
  لا تنشغل بغير الطريق  
  عيد الحب .... لمن ؟  
  أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...  
  (( دماء على استار الكعبة ))  
  ثورة قرامطة البحرين ـ الإصدار الأخير  
  ويوم الاستفتاء انكشف الغطاء؟! حقائق ودلالات وأسرار  
  انفجار القدس.. وأسوأ كوابيس تل أبيب!  
  مصر... وسيناريو صراع الهوية بين الإسلام والعلمانية  
  "إسرائيل" تقود الثورة المضادة بورقة الأقليات  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  أكاد أصبح شيعياً  
  مادام جسدك لم ولن ينافقك . . فلماذا الوهم؟!  
  ليلة القبض على آل مبارك وبراءة الجيش المصري  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  التفسير السياسي للهجوم علي السلفية  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك  
  كاميليا شحاتة .. امرأة هزت عرش البابا  
  "إسرائيل" مذعورة.. أخيراً تحركت دبابات بشار  
  النظام السوري.. عوامل الانهيار ورهانات البقاء  
  الجيوش العربية في عصر الثورات الشعبية  
  الله أكبر ! كيف لا أغار على أمَي عائشة و الله عز وجل يغار لها ؟؟!  
  التفسير السياسي للفتنة الطائفية في مصر  
  ثلاثين يوم ثورة وثلاثين سنة مبارك  
  الرؤية الاستراتيجيَّة.. ضرورة لحصد ثمار الثورات العربيَّة  
  شيطنة بن لادن  
  المخطط الصهيوني الجديد للوقيعة بين مصر ودول الخليج العربي  
  أمريكا والانقياد الأعمى خلف إسرائيل  
  أَخرِج القطن مِن أُذنيك!  
  وجوب التفقه في الدين  
  نصر الله المصري ونصر الله السوري  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 1013365

تفاصيل المتواجدين