لم تتوقع الحاجة زينب القادمة من دولة الجزائر الشقيقة أن يكون ''يوم عرسها الحقيقي'' كما يحلو لها تسميته هو يوم الوقوف بعرفة أمس.
ولم تتردد زينب في أن تبوح لـ ''الاقتصادية'' بسر طالما احتفظت به أكثر من نصف قرن من الزمن: ''هذه أعظم فرحة، بل هي الفرحة الحقيقية''، وكانت المفاجأة أن أطلقت على يوم وقوفها بعرفة وأداء هذه الشعيرة بـ ''العرس الأول لها''.
ومضت تقول: ''دفعتُ في سبيل تحقيق هذه الفرحة مهري الذي احتفظت به عشرات السنين وقمت بتنميته وادخاره حتى أتمكن من أداء الحج''، معتبرة أنه ''آن للعروس أن تفرح في يوم عرسها .. يوم أن ترفع أكف الضراعة إلى المولى - عز وجل - على صعيد عرفات أطلبُ منه الغفران والعتق من النيران''، متسائلة ''أليس هذا هو العرس الحقيقي؟''.
وتناست زينب تلك التجاعيد التي غيرت ملامح وجهها متذكرة لحظات شبابها وتحديدا يوم عقد قرانها، الذي شهد ميلاد ''نية الحج والحلم بالوقوف بعرفة والتنقل بين المشاعر المقدسة والبكاء في الحرم المكي طلبا لرضا المولى - عز وجل - وغفرانه''، بحسب الحاجة التي تجاوزت الثمانين من عمرها.
وتشخص عينا زينب في لحظة تأمل وشرود متطلعة إلى جبل الرحمة في عرفات، ولسان حالها ينبئ بفرحة تعتريها غرابة أو عدم تصديق من أنها تقبع إلى جواره، واصفة ذلك بالفرحة التي لا تعادلها أي فرحة، وطمأنينة تسكن روحها، لتستغل تلك اللحظات بذكر الله، حيث لم يهدأ لسانها من التهليل والتكبير والتسبيح.
وتعاود الثمانينية الجزائرية سرحانها وتحديقها في جبل الرحمة وتحدق بعينيها في أرجاء المكان غير مصدقة لتعود وتبتسم وكأنها تبشر بما يسر وكأنها ملكت الدنيا وما فيها لتعود وتؤكد بقولها: ''هذا يوم عيدي وفرحتي الحقيقية''.
وتنسكب منها دموع الفرح والخشوع تسقي جداول وجهها التي رسمها الزمن وكبر السن .. دموع تحول دون استطاعتها الرؤية رغم نظارتها الطبية، لتمسح بكفيها تلك الدموع التي حالت دون إشباع نظرها والاستمتاع بحلاوة الزمان والمكان، ولتتمتع العروس بيوم الحج الأكبر.