طالبت جبهة علماء الأزهر بمحاصرة سفارات بورما حول العالم احتجاجًا على المذابح التي يتعرض لها المسلمون هناك.
وأكدت جبهة علماء الأزهر أن "بورما لا بواكي لها"، مشيرة إلى ما يحدث للمسلمين في بورما من قتل وتعذيب وحرق، وعدم وجود أية محاولة لمنع ذلك على المستوى الدولي أو الإسلامي, وفقًا لبوابة الوفد.
وقالت جبهة علماء الأزهر: "بورما تلك الدولة المسلمة الضعيفة المستضعفة بسبب دينها التي تعاني منذ عقود من غطرسة وإجرام وتجبُّر وقهر الحكم الشيوعي الأثيم الذي استحلَّ فيها كل جريمة، وعمل فيها بوحشية كل منكر على أفظع وأنكى مما فعل اليهود في فلسطين والمجرم الأسد في سوريا، والاستعمار الأوربي في كل بقعة نزل بها وابتليت به".
وأشارت الجبهة إلى أن هذه الدولة البائسة تجمعت عليها اليوم فلول الشيوعية وجماعات الإلحاد تؤازر بجمعها وقضها وقضيضها الحكومة الباغية الفاجرة التي استأسدت على المستضعفين من النساء والبنين والبنات، بعدما شردوا شبابها وذبحوا شيوخها فعمدوا إليها اليوم بسلاح التحريق للمستضعفين من النساء والولدان، إضافة إلى ما ترتكبه من جرائم التشريد والقتل والتعذيب على هيئة لم تعرف لأشد الوحوش الكاسرة ضراوة وبشاعة في افتراسها ونهشها.
وأوضحت الجبهة في بيانها أنه "بالرغم من هذا لم تحظ تلك الدولة البائسة المنتهكة بجميع حرماتها وأعراضها من حكومتها، لم تحظ بنكير مناسب ولا صريخ مواس إلا من النزر اليسير الذي لا تدفع به نازلة ولا يتحقق به رجاء".
وتساءل البيان: "إن كان هناك من عذر تعتذر به شعوبنا عن شغلهم عنها بما نزل بهم وينزل يعتذروا ساساتنا وكبراؤنا وزعماؤنا ووجهاؤنا؟"، مشددة على أن رباط الإنسانية من أسمى الروابط، وهؤلاء المستضعفون الذين يحرقون بالنار في بورما لأنهم مسلمون هم أناسي وبشر، والإنسانية شعور عميق، ورباط رفيع: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فأين حق تلك الإنسانية منا نحو هؤلاء البائسين؟".
وقالت الجبهة: "إن رباط الدين هو أقدس رباط، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، فماذا بقي من حق هذا الرباط وقد اجتمعت تلك الخسائس على هؤلاء المستضعفين في بورما من النساء والولدان؟.
وإن سبيل الله تعالى أشرف سبيل، لا يستحقه إلا أشرف الخلائق، وثمنه دفع الأذى عن المستضعفين بكل سبيل ممكن حتى ولو كان القتال وفي ذلك يقول جل جلاله: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) [النساء: 75].
وطالبت الجبهة السياسيين والزعماء بصرخة في وجه حكومة بورما "صرخة تتوعدون بها هذه الحكومة بالمقاطعة، صرخة تدفعون بها عنكم أمام الله وأمام التاريخ عار الصمت عن تلك الجرائم التي تتوالى بغير نكير".
وطالبت العلماء والأئمة ببيان موقفهم من هذه الجريمة النكراء وقال البيان: "ويا أئمتنا ويا علماءنا ويا قادتنا ويا رؤساءنا، قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، بيان تُبيِّنون به مواقفكم من تلك الجرائم وهذه المجازر التي تعمل بوحشية فاقت وحشية المجرم بشار في قومه حيث صار التحريق للأطفال [لدى] حكومة بورما سلاحًا معتمدًا لأنهم أبناء مسلمون ونساء مسلمات".
وطالبت شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية بـ" بيان " لله بحق تلك الجرائم وما يجب على المسلمين نحوها تشفى به صدورنا من بعض ما تجد.
وطالب البيان شباب الأمة أن يستعينوا بالله ويصبروا على مظاهر الضعف المقيت من الأنظمة التي تريد أن تكون عربية بغير عروبة، وإسلامية بغير إسلام، وإنسانية بغير هدى ولا كتاب منير، مشددة عليهم بالدعاء أن يهديهم الله تعالى أو يزيلهم ثم يقوموا بمحاصرة سفارات حكومة بورما في كل الدول، حصارًا يلقي به الله تعالى الرعب في أفئدتها وأفئدة من ظاهروها على المستضعفين من شعبها إلى أن يكفوا بغيهم أو تغلق في ديارنا سفارات البغي والإجرام.
وكانت منظمات دولية قد أدانت المذابح التي يتعرض لها المسلمون في بورما على أيدي جماعات بوذية، ما أسفر عن مقتل المئات وتهجير الآلاف.
وذكرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن نفَّذت اعتقالات جماعية بحق المسلمين ودمرت آلاف المنازل. وحاول النازحون الهرب عبر نهر ناف إلى بنجلاديش المجاورة. وتوفي البعض أثناء العبور.
وأشارت إلى أنه في قرى ولاية أراكان قرب الحدود مع بنجلاديش بدأت في يونيو الماضي مذبحة ضد السكان المسلمين الذين يُعرفون بـ"الروهنجا"، حيث تعود أعمال العنف الحالية إلى حادثة اغتصاب وقتل امرأة بورمية في مايو الماضي حيث اعتقلت الشرطة ثلاثة من الروهنجا.
وتبع ذلك هجمات من جماعات بوذية على الروهنجا والمسلمين الآخرين أسفرت عن مقتل العشرات.
وكانت الحكومة قد أعلنت بداية شهر يونيو 2012 أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنجية المسلمة في أراكان، فغضب البوذيون كثيرًا بسبب هذا الإعلان لأنهم يدركون أنه سيؤثر في حجم انتشار الإسلام في المنطقة، فخططوا لإحداث الفوضى وهاجموا حافلة تقل عشرة علماء المسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة تم ربط العلماء العشرة من أيديهم وأرجلهم وانهال عليهم البوذيون ضربًا بالعصي حتى استشهدوا، وبرروا فعلتهم بأنهم انتقموا لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، فقررت الحكومة القبض على 4 مسلمين بحجة الاشتباه في تورطهم في قضية الفتاة، وتركت الـ450 قاتلاً بدون عقاب.
وفي 3 يونيو 2012 أحاط الجيش بالمساجد تحسبًا لخروج تظاهرات بعد الصلاة ومنعوا المسلمين من الخروج دفعة واحدة، أثناء خروج المسلمين من الصلاة ألقى البوذيون الحجارة عليهم واندلعت اشتباكات قوية، ففرض الجيش حظر التجول على المسلمين، فيما ترك البوذيون يعيثون في الأرض فسادًا، يتجول البوذيون في الأحياء المسلمة بالسيوف والعصي والسكاكين ويحرقون المنازل، ويقتلون من فيها أمام أعين قوات الأمن، إلى أن بدأ العديد من مسلمي أراكان في الهروب ليلاً عبر الخليج البنجالي إلى الدول المجاورة، ولكن مات الكثير منهم في عرض البحر.
وفي 17 يونيو 2012 شن البوذيون حملة إبادة نجم عنها مقتل 200 مسلم، وإصابة 500 آخرين بالإضافة إلى حرق 20 منزلاً، وكل هذا لأنهم مسلمون.
ويشكل المسلمون في ميانمار نحو 20% من سكان البلاد في بعض الإحصائيات، وفي مصادر أخرى كبيانات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) فإن تعدادهم لا يتجاوز 4% فقط.
ويتركز وجود المسلمين الذين يُعرفون باسم الروهينجيا في شمال إقليم راخين (أراكان سابقًا) وهم من الأقليات العرقية التي لا تعترف بها السلطة، وتعتبرهم مواطنين مهاجرين غير شرعيين، بينما تصفهم الأمم المتحدة بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضًا للاضطهاد في العالم.