بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
انتبه الموت قادم ..... فماذا انت صانع ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     فضل الترضى عن الصحابة .. والرد على من قال بعدم الترضى ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل شفاعة النبي يوم القيامة للمسلمين وغير المسلمين؟ والرد على المردفين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رد الشبهات على من قال بفناء النار أو إلغائها ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || هل انتهت المشكلة القبطية؟
::: عرض المقالة : هل انتهت المشكلة القبطية؟ :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> أقلام القراء >> مقـــالات منـوعـــة

اسم المقالة: هل انتهت المشكلة القبطية؟
كاتب المقالة: شريف عبد العزيز
تاريخ الاضافة: 01/04/2012
الزوار: 1166

وأخيرًا وبعد رحلة طويلة مع المرض والمعاناة رحل البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقصية عن عمر ناهز التسعين سنة، وبعد أن تبوء عرش الكنيسة الأرثوذكسية لأكثر من أربعين سنة، وبمنتهى الصراحة حياة الرجل تعتبر نموذجًا فريدًا يحتاج للدراسة والبحث والاعتبار، فقد قضى الرجل حياته كلها في خدمة أهدافه ومشروعه ومعتقده، عاش ومات من أجل ما يؤمن به ويسعى إليه، فنال من الشهرة والمكانة ما لم يحظ به زعيم ديني قط في الكنيسة القبطية، فنظير جيد أو شنودة كان رجلاً طموحًا صاحب مشروع كبير، يؤمن بأفكار جماعة الأمة القبطية المتطرفة والتي ظهرت في أواخر أربعينيات القرن المنصرم، وكانت تنادي بوطن خاص بالأقباط في مصر وجعل اللغة القبطية لغة رسمية، وشنودة يعتبر أول من أدخل أفكار الأمة القبطية حيز التنفيذ، فهو الذي نقل الكنيسة الأرثوذكسية من طور الكمون والانزواء لطور الظهور والبروز، وخرج بالنصارى من القلايات والصوامع والأديرة لمعترك الحياة العامة والسياسية، فأسمع صوتهم وأزكى نفوسهم وملأ قلوبهم، وأدخل مصطلح الكنيسة السياسية في المشهد السياسي المصري، ووصل بمجد الكنيسة المصرية لدرجة الدولة الفاتيكانية فجعلها دولة داخل الدولة، بحيث لم يكن للسلطات المصرية أي سلطان مالي أو إداري أو رقابي على هذه الكنيسة والكنائس التابعة لها، ونقلها لطور العالمية فكان أول من أسس هيكل المهجر ليستوعب الأقباط المهاجرين ويحفظهم من التحول عن مذهبهم الأرثوذكسي إلى مذاهب البلاد التي هاجروا إليها، ولكن في مقابل هذه كله وعلى طريق تحقيقه، كان شنودة أول من أزكى نيران الفتنة الطائفية في العصر الحديث وعلي يديه ظهر ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث ما عرف بالمشكلة القبطية في مصر، فهل ستنتهي المشكلة الطائفية برحيله أم ستستمر وتتصاعد؟

بالنظر إلي أربعينية شنودة في كرسي البابوية وما جرى خلالها من أحداث ووقائع، نستطيع أن نقول: أنه من غير المرجح أن تنتهي المشكلة القبطية في مصر، ولا أن يغلق ملفها في الوقت القريب، فملف الأقباط من أثقل وأعمق وأعقد الملفات المصرية، فهو ملف مثقل ومتخم بالكثير من المشاهد المأساوية والدرامية، وتغذيه ذاكرة تاريخية مزدحمة بالمواقف السلبية لدى الطرفين، ولو أردنا أن نضرب عليها بعض الأمثلة لملأنا صفحة المقال برؤوس أقلام وعناوين مجردة لعشرات الأحداث، ولكن معظم تلك المشاهد والأمثلة كانت في فترات ضعف النظام الحاكم في مصر، والتخلي عن التطبيق الحقيقي للشريعة الإسلامية، التي كانت تضمن العدل والأمن والسلامة لجميع أبناء الوطن بغض النظر عن الدين والعرق، وكلما ابتعد النظام الحاكم عن تطبيق الشريعة والتمسك بأحكامها لا مبادئها فحسب، ازدادت مشكلاته وتعمقت معاناته.

فقد ظل دور الكنيسة المصرية محصورًا لحد كبير في الاهتمام بالشأن الكنسي التعبدي، حتى سنة 1971 وهي السنة التي اعتلي فيها البابا شنودة الثالث كرسي الزعامة في الكنيسة المصرية، وكان لديه خبرة واسعة بالعمل السري الحركي التنظيمي، فنقل هذه الخبرة التنظيمية الحركية الصدامية الانعزالية الاستقلالية للكنيسة، وقد استطاع تطوير دور الكنيسة إلي أشبه ما يكون بتنظيم جماعي له قيادة وتسلسل هرمي، وأصبح الكهنة والقساوسة هم رؤوس هذا التنظيم الذي تغلغل في أماكن وتجمعات النصارى في كل حي وقرية ومدينة مصرية حيث يعيش النصارى، فالأقباط وتنظيمهم الكنسي حريص على الوجود في جميع المدن وما من تجمع للنصارى في مكان حتى ولو كان فردين إلا وحرصت الكنيسة على وجودها مع هذين الفردين وفي المدن الجديدة تحرص الكنيسة على الوجود وبناء الكنائس، وبالتدريج سيطر هذا التنظيم على الساحة السياسية القبطية التي كانت تعج في السابق بالشيوعيين والناصريين والوفديين وغيرها من التوجهات السياسية وأصبح ولاء غالبية الأقباط المطلق للكنيسة، وأطلقت مصطلحات جديدة تكرس معني الانعزالية الشعورية والوجدانية للأقباط تحت ظل زعامة شنودة، مثل مصطلح شعب الكنيسة، ومصطلح الأصليون، تمايزًا عن المسلمين الذين أطلق عليهم اسم الغزاة والضيوف.

وقد استفاد شنودة والأقباط من تفجر هذه المشكلة استفادة كبرى، وابتُزَّ النظام البائد بهذا الملف ابتزازًا واسعًا، وصارت المشكلة سببًا لتدخلات خارجية سافرة في الشأن المصري، وفي كل مرة كان يواجه المخلوع الضغوط الخارجية بمزيد من الانبطاح والخنوع، ويسارع بتقديم التنازلات والقرابين لنيل رضا حاكم المقر البابوي بالعباسية، مما كان يغري شنودة بمزيد من الضغوط والطلبات، وقد دفع الوطن المصري ضريبة هذه الطموحات وتلك الانبطاحات باهظًا، وتلظى بنيران فتنة طائفية تفجرت لعشرات المرات في حقبة شنودة والمخلوع، بالجملة فشنودة قد أرسى دعائم مدرسة منهجًا مكتمل الأركان والمعالم، وكان حريصًا على تربية أتباعه وكهنته على اعتناق نفس أفكاره والسير قدمًا في تنفيذ مشروعاته وتحقيق طموحاته، واستبعاد كل الكهنة المعارضين له بسلاح الشلح حتى بلغ عدد من شلحهم شنودة وطردهم من الكنيسة مائتي راهب على رأسهم معلمه وأستاذه الأنبا متى المسكين، أما المرشحون الأوفر حظًّا في خلافته وهم الأنبا بيشوي أسقف دمياط وسكرتير المجمع المقدس وهو المرشح الأقوى، والأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا بيسنتي سكرتيره الخاص، والأنبا باخميوس أسقف البحيرة ومطروح والشمال هم من أكثر القساوسة إيمانًا بأفكار شنودة وأشدهم تحمسًا لها، وبالتالي فالمشهد الكنسي لن يتغير كثيرًا عن سابقه.

غير أن ثمة مخاوف تعتري الأقباط من رحيل البابا في هذا الوقت تحديدًا والبلاد على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة خلال الأسابيع القادمة، وقد عبر عن هذه المخاوف القمص عبد المسيح بسيط - مدير معهد دراسات الكتاب المقدس بشبرا الخيمة – بقوله: "من الطبيعي أن نشعر جميعًا بالقلق البالغ في حالة وفاة البابا فهو بمثابة صمام الأمان، وفكرة خلو المنصب الآن يشكل خوفًا كبيرًا خاصة وإننا على مشارف انتخابات منصب رئيس الجمهورية، ولم يخطر ببالنا التفكير إذا ما خلا منصب البابا الآن وبالتالي الدخول في متاهة الانتخابات للمنصب ومن ثم صراعات داخل الكنيسة وخارجها، خاصة وأن هناك اعتراضات على لائحة اختيار البابا، وخصوصًا أنه من الممكن أن يخلو المنصب ربما شهر أو قد يصل الأمر لأكثر من 3 سنوات".

هذه المخاوف بدأت تتجسد مع الساعات الأخيرة في حياة شنودة، وذلك بورود أخبار شبه مؤكدة عن قيام الأنبا موسى بتشكيل لجنة سرية من أنصاره في المجمع المقدس وبعض الرموز "المسيحية" العلمانية لتعديل لائحة اختيار البابا مما أغضب أنصار الأنبا بيشوي المرشح الأقوى لخلافة شنودة، وقد عبر الكاتب مدحت بشاي عن هذه المخاوف أيضًا وكشف عن وجود معارضة واسعة بين صفوف الشباب المتحمس للعب دور أكبر في اختيار البابا ورفض فكرة استئثار عدد قليل من رجال الدين بهذا الحق المصيري على حد وصفه.

شنودة قد مضى وانتهى أجله المقدور ورغم أنه كان طالع السعد للأقباط في مصر والعالم إلا أن سعدهم لن يذهب برحيله، فأفكاره باقية ومنهجه ومشروعه الطموح حقيقة لا يمكن إنكارها، والمشهد الكنسي غالبًا لن يتغير طالما أن المسيطرين عليه فعليًّا هم تلاميذ شنودة الأوفياء، ولكن هذا المشهد وإن كان في نظر الكثيرين غير قابل للتغيير إلا أن النظام المصري الجديد بوسعه أن يحدث الفارق إذا تخلى عن سياسات المخلوع ولم يسر على طريق انبطاحه وخضوعه أمام سلطان الكنيسة.

فعلى الدولة المصرية الجديدة عدة استحقاقات في مرحلة ما بعد شنودة، فعليها استثمار الفرصة السانحة لإعادة الكنيسة القبطية لحظيرة الدولة المصرية وإخضاعها لهيبة الحكم وسلطة القانون وعدم إعطاء الفرصة أمام من يريد إبقاء وضعية الكنيسة المعيبة قانونيًّا ودستوريًّا كما هو الحال الآن، كما عليها أن تعطي الأقباط من الحقوق والطلبات بالعدل والقسط، بما يجعلهم يشعروهم أنهم مواطنون على قدم المساواة مع غيرهم من أهل البلاد، ولاؤهم لوطنهم وبلادهم، بما يضمن خضوعهم للمسألة عن الواجبات؛ لأن منظومة المسئوليات والواجبات قد اختلت كثيرًا في عهد المخلوع وسببت كثيرًا من الفتن والاضطرابات والاحتقانات، على الدولة المصرية استحقاق كبير تجاه دمج مؤسسات الكنيسة المصرية وروافدها الكثيرة وأهمها الأوقاف "المسيحية" في المؤسسات المصرية ومعاملتها ككيان من كيانات الدولة وهيئة من هيئتها، كما عليها أن تعيد للكنيسة دورها الديني الذي يتماهى طبيعتها ونشأتها ودورها الروحي مما سيثري الحياة المصرية ويقوي السلام والأمن الاجتماعي، وأهم استحقاق يتوجب على السلطات المصرية الآن هو أخذ كل التدابير اللازمة من أجل عدم ظهور شنودة آخر في كرسي البابوية في مصر، بكل ما كان له من نفوذ وسلطان وقوة وتفخيم، غير ذلك فلن تنتهي المشكلة، وربما يكون ما هو قادم أخطر بكثير مما مضى.

طباعة


روابط ذات صلة

  الساعة الخامسة والسابعة صباحاً  
  استووا  
  ][][][ ما يبكيك؟ ][][][  
  لا تنشغل بغير الطريق  
  عيد الحب .... لمن ؟  
  أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...  
  (( دماء على استار الكعبة ))  
  ثورة قرامطة البحرين ـ الإصدار الأخير  
  ويوم الاستفتاء انكشف الغطاء؟! حقائق ودلالات وأسرار  
  انفجار القدس.. وأسوأ كوابيس تل أبيب!  
  مصر... وسيناريو صراع الهوية بين الإسلام والعلمانية  
  "إسرائيل" تقود الثورة المضادة بورقة الأقليات  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  أكاد أصبح شيعياً  
  مادام جسدك لم ولن ينافقك . . فلماذا الوهم؟!  
  ليلة القبض على آل مبارك وبراءة الجيش المصري  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  التفسير السياسي للهجوم علي السلفية  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك  
  كاميليا شحاتة .. امرأة هزت عرش البابا  
  "إسرائيل" مذعورة.. أخيراً تحركت دبابات بشار  
  النظام السوري.. عوامل الانهيار ورهانات البقاء  
  الجيوش العربية في عصر الثورات الشعبية  
  الله أكبر ! كيف لا أغار على أمَي عائشة و الله عز وجل يغار لها ؟؟!  
  التفسير السياسي للفتنة الطائفية في مصر  
  ثلاثين يوم ثورة وثلاثين سنة مبارك  
  الرؤية الاستراتيجيَّة.. ضرورة لحصد ثمار الثورات العربيَّة  
  شيطنة بن لادن  
  المخطط الصهيوني الجديد للوقيعة بين مصر ودول الخليج العربي  
  أمريكا والانقياد الأعمى خلف إسرائيل  
  أَخرِج القطن مِن أُذنيك!  
  وجوب التفقه في الدين  
  نصر الله المصري ونصر الله السوري  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 995813

تفاصيل المتواجدين