مفكرة الاسلام: كثفت التيارات والأحزاب الإسلامية في مصر استعداداتها للمشاركة في المظاهرة المليونية المقررة الجمعة ١٨ نوفمبر، احتجاجًا على وثيقة المبادئ الدستورية، التي أعدها الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء، والتي ينظر إليها المعارضون باعتبارها محاولة للالتفاف على الإرادة الشعبية ومصادرة دور البرلمان القادم.
يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة مشاورات مع المجلس العسكري – الذي يدير شئون البلاد، وبعض القوى السياسية، للتوصل إلى رؤية مشتركة حول الوثيقة المزمع إصدارها خلال أيام، خصوصًا ما يتعلق بالبنود التي أثارت جدلاً خلال الفترة الأخيرة، واعترضت عليها التيارات الإسلامية.
ودعا حازم أبو إسماعيل، المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة، جميع المواطنين للمشاركة فى مظاهرة مليونية في 18 نوفمبر، وقال على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أمس، إنه سيستخدم جميع وسائل الاتصالات، لحث الجميع على المشاركة.
في حين اتهم ممدوح إسماعيل، نائب رئيس حزب "الأصالة" السلفي، أشخاصًا – دون تسمية – بالوقوف وراء إصدار الوثيقة، وقال إن هؤلاء يخططون للحصول على مناصب معينة، ويهدفون لتنفيذ مشروع أمريكي يهدف لتقسيم البلاد إلى جزءين، وخلق أزمة وإثارة بلبلة.
وقال إن خطورة الوثيقة تستدعي ثورة جديدة، مطالبا الإطاحة بالسلمي وكل من ينتفع منها، موضحاً أنه تراجع عن رفع دعوى ضده، لأن القضية مكانها ميدان التحرير- رمز الثورة المصرية- وليس ساحات المحاكم، بحسب صحيفة "المصري اليوم" الثلاثاء.
وقال خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، إنه جار التنسيق مع جماعة "الإخوان المسلمين" للمشاركة في المظاهرات، بهدف إلغاء الوثيقة والمطالبة بتسليم السلطة من المجلس العسكري فى موعد أقصاه ٥ أبريل ٢٠١٢.
وأعرب الدكتور محمد حبيب، وكيل مؤسسي حزب "النهضة" عن رفض حزبه المشاركة في اجتماع السلمي القادم، وقال إن الحزب لن يحضر الاجتماع الثانى لمناقشة الوثيقة، ويدرس المشاركة في المليونية.
بدوره، أكد الدكتور يسرى حماد، المتحدث الإعلامي باسم حزب "النور" السلفي، أنه كلما اتخذ السلمي خطوات تصعيدية تجاه تطبيق الوثيقة، لجأ الحزب إلى التصعيد ضدها، موضحًا أن ٩٩٪ من الشعب يرفضون تطبيقها.
فى المقابل، وصف حسين عبدالرازق، القيادى بحزب "التجمع"، موقف الإسلاميين من الوثيقة بـ "الانتهازي"، وقال إن حساباتهم خاطئة، لأنهم لن يحققوا الأغلبية التى يتصورون أنهم سيحصلون عليها فى مجلس الشعب.
واتهم فريد زهران، القيادى بحزب "مصر الديمقراطي"، القوى الإسلامية بأنها تريد الانفراد بالسلطة، لذلك ترفض الانسجام مع القوى المتوافقة وطنياً.
في الأثناء، نقلت الصحيفة عن مسئول بارز برئاسة الوزراء، أن الحكومة بدأت مشاورات مع المجلس العسكري، وبعض القوى السياسية، للتوصل إلى رؤية مشتركة حول وثيقة المبادئ الدستورية المزمع إصدارها خلال أيام، خصوصًا ما يتعلق بالبنود التى أثارت جدلاً خلال الفترة الأخيرة، واعترضت عليها التيارات الإسلامية.
وأضاف المسئول الذي قالت الصحيفة إنه طلب عدم نشر اسمه، إن الوثيقة يجب أن تصدر بعد توافق عام حولها، وطالب الأحزاب والأطراف السياسية بمراعاة مصلحة البلاد، لعبور المرحلة الانتقالية بسلام، دون النظر إلى المصالح الخاصة والمكاسب الشخصية.
وقال: "الإخوان والسلفيون يتحفظون على بعض بنود الوثيقة، لتحقيق مكاسب سياسية رغم موافقة الأحزاب والقوى الليبرالية عليها. ومسار العملية السياسية منذ بداية الثورة حتى الآن يثبت أن التيار الإسلامى بجميع أطيافه يعمل بمعزل عن التيار الليبرالي، ولا يؤمن بالتنسيق السياسى، حتى عندما دخل الإخوان فى تحالف مع بعض الأحزاب حاول جاهدًا، ولايزال، فرض رؤيته وسياسته على هذه الأحزاب، في محاولة لكسب مساحات واسعة من السلطة دون النظر إلى أطراف أخرى".
واعتبر المسئول أن معظم الأحزاب الجديدة والقوى السياسية التى نشأت بعد الثورة "ابتلعت الطُعم"، وخدمت أهداف "الإخوان" والسلفيين، دون أن تدرى، موضحًا أن معارضة هذه القوى الليبرالية بعض الخطوات التى يقطعها المجلس العسكرى والحكومة نحو انتقال السلطة، تصب فى النهاية فى صالح التيارات الإسلامية، وتعطل المرحلة الانتقالية، مدللاً على ذلك بمعركة القائمة والفردى في انتخابات مجلس الشعب، وأزمة المبادئ الدستورية.
وبحسب المصدر، فإن تنظيم "الإخوان"، وحزب "الحرية والعدالة"، الناطق باسم الجماعة، لا يتحركان إلا بالتنسيق الكامل مع التيارات السلفية لتحقيق أهداف مشتركة.
وأشار إلى أن اجتماعًا عقد بين رموز التيارين قبل طرح وثيقة المبادئ الدستورية لاتخاذ موقف رافض، دون نقاش، فضلاً عن اجتماعات أخرى عُقدت بين الطرفين أثناء معركة القائمة والفردي في انتخابات مجلس الشعب.
وذكر أن الإخوان والسلفيين استقطبوا قوى سياسية أخرى لخوض المواجهة لزيادة نسبة مقاعد القائمة فى البرلمان، لأنهم الطرف الوحيد الرابح على حساب الأحزاب الجديدة التى لم تدرك هذا الأمر فى حينه.
وشدد على ضرورة التنسيق بين الأحزاب والقوى الليبرالية فى الانتخابات، التى ستبدأ ٢٨ نوفمبر، لتحقيق التمثيل الحقيقى للشعب، قائلاً إن "الإخوان والسلفيين سوف يخوضون الانتخابات بتنسيق كامل، وهو ما يهدد بتشكيل غير واقعى للبرلمان، خصوصًا إذا افتقدت الأحزاب الليبرالية والشباب التنسيق خلال الانتخابات".
يذكر أن هناك مخاوف في أوساط العلمانيين والتيار الليبراليين من هيمنة الإسلاميين على السلطة في مصر على الرغم من تطميناتهم المتكررة بعدم رغبتهم بالسعي للسيطرة على كامل مقاعد البرلمان.