بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ
::: عرض المقالة : مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> الزهد والرقائق

اسم المقالة: مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ
كاتب المقالة:
تاريخ الاضافة: 01/11/2010
الزوار: 2360


أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأصلي وأسلم علي سيد الخلق الإمام الأعظم والنبي المبجل الخاتم المرسل الذي هو رحمة للعالمين  أما بعـــــــــد:
الْذَّنْبُ الْمُعْتَادُ وَكَيْفَ نُعَالِجُهُ !؟ :
قال رسول الله : "مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ ، أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ لا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفْتَنًا تَوَّابًا نَسِيًّا إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ" إسناده صحيح رجاله ثقات ،السلسلة الصحيحة 2276
من الأخطاء الّتي تسرّبت إلينا من رهبانيّة النّصارى ورياضات البوذيّين وغيرهم، طلب الوصول إلى حالة السّلامة الكاملة من الذّنوب ، وهذا محال .
لأنّ جنس الذّنب لا يسلم منه بشر ، وكون المؤمن يجعل هذا غايته فهو يطلب المستحيل ، إلاّ أن يجعلها غاية مطلوب منه تحقيق أقرب النّتائج إليها .
غير أنّ ذلك لا يكون على حساب نسبة التّقصير في ذلك إلى النّفس ومن ثمّ فقدان الثّقة بها .
إنّ الله تعالى خلق الإنسان في هذه الحياة وجعل له أجلاً يكتسب فيه الصّالحات، فمن قدم على الله بميزان حسنات راجح فهو النّاجي إن شاء الله تعالى ، بغضّ النّظر عمّا وقع فيه من السّيّئات إذا كان موحّداً .وإنّ النّاظر إلى النّصوص يدرك بجلاء أنّ مراد الله تعالى من العبد ليس مجرّد السّلامة من المخالفة ،
بل المراد بقاء العلاقة بين العبد وربّه بمعنى : أن يطيعه العبد فيُؤجر ، ويذنب فيستغفر ، وينعم عليه فيشكر ، ويقتّر عليه فيدعوه ويطلب منه ، ويضيّق أكثر فيلجأ ويضطر ، وهكذا .
ولذلك ورد في بعض الآثار أنّ العبد الصّالح يغفل أو ينسى فيضيّق الله عليه ببلاء ، حتّى يسمع صوته بالدّعاء والالتجاء .وورد أنّ العبد المؤمن يكثر من الذّكر ولا يستغفر فيقدّر الله عليه الذّنب ليسمع صوته في الاستغفار .
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال حِينَ حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ :
"كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يقول :
{لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا يُذْنبونَ يَغْفِرُ لَهُمْ}" (1).
ولهذا كان النّبيّ مع سلامته من الذّنوب يكثر من أن يستغفر ، إمّا لرؤيته تقصيراً من نفسه في حقّ ما يرى من نعمة الله عليه ، أو لأنّه يرى من نفسه تقصيراً في الذّكر خصوصاً عندما يدخل الخلاء أو نحو ذلك .
والمهم أنّه يحقّق الإرادة القدسيّة في أن يستمرّ العبد في طلب المغفرة من الله تعالى ، كبيان أنّه لا يسلم عبد ما من جنس التّقصير الّذي يوجب طلب المغفرة ،
إمّا تقصيراً عن الأكمل في نظرهم كما في حقّ الأنبياء ،
أو وقوعاً في الذّنب كما في حقّ غيرهم .
ومن الحماقة أن يشغل العبد نفسه بالتّخلّص من ذنب معيّن حتّى يفوته من القربات ما يمحو أثر ذلك الذّنب ولا يكون له معها أيّ تأثير على العبد.أو حتّى يقع فيما هو أعظم منه من الذّنوب الّتي تؤثّر فعلاً في النّفس وترجّح كفّة ميزان الخسارة على الفلاح ، بسبب غفلته عنها ورؤيته لذنب معيّن يكبر في نفسه .
وكلّ ذلك بسبب التّفكير العاطفي والخيالي ، والسّعي لبلوغ ما لم يُطلب من العبد بلوغه .
فإنّ البعض يُبتلى بعمل قد يكون شبهة ولم يرتق لأن يكون ذنباً صريحاً ، لكنّ هذا العمل يُعتبر في مجتمعه علامة لغير المتديّن وشعاراً للفسقة ، فيشغله هذا الفعل ويعظم في نفسه طلباً للتّمظهر والشّعاريّة مع أنّه يقع في كبائر صريحة غير أنّها ليست شعاراً ومظهراً كالغيبة والنّميمة .
أو بسبب الحرص على الكمال والسّلامة من الذّنوب وهو شيء محال ، ينبغي أن لا يشغل العبد نفسه به فيقع في الفتور واليأس ، إذا ظنّ أنّ هذا غاية التّديّن وهدف الالتزام بالدّين .
وتأمّل معي قوله : (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا)(2) فإنّ فيه معنىً لطيفاً يقطع الطّمع على المؤمن أن يبلغ حقيقة التّديّن والقيام بحقوق الله تعالى ، بل المطالبة أن يسدّد العبد وأن يقارب فكأنّ الإصابة غير ممكنة ، ولكن كلّما كان سهم العبد أقرب إلى الإصابة فهو أقرب للسّلامة ، وهذا هو معنى ما ذكرناه فلله الحمد .
فإذا وطّن العبد نفسه على التّوبة من الذّنب كلّما وقع فيه سكنت نفسه عن التّطلّع للوقوع في الخطأ .أو على الأقل أضعفت أثر الذّنب في النّفس ، فالتّوبة لا يقوم بوجهها شيء من الذّنوب والخطايا بالغاً ما بلغ ، إذا صدق العبد فيها ، وذاق قلبه حرقة النّدم وألم الحسرة من زلّة الذّنب .
وإذا عرف ربّك منك تكرار التّوبة وتعاهدها فلا أثر لذنبك بعد ذلك أبداً .وإذا عرف إبليس منك كثرة التّوبة وتعاهدها قنط وأيس منك.فأهلِك إبليس بتعاهد التّوبة في كلّ وقت وإن كثرت ، فإنّ الله لا يملّ منها كما يملّ ابن آدم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله : {إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ} (3).
قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : "شرط بعض النّاس عدم معاودة الذّنب ، وقال : متى عاد إليه تبيّنّا أنّ التّوبة كانت باطلة غير صحيحة .والأكثرون على أنّ ذلك ليس بشرط وإنّما صحّة التّوبة موقوفة على الإقلاع عن الذّنب والنّدم عليه والعزم الجازم على ترك معاودته" (4).
وفي المستدرك أنّ النّبيّ جاءه رجل فقال : "يا رسول الله أحدنا يذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ، قال : فيعود فيذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ويتوب ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ،ولا يملّ الله حتّى تملّوا" (5).
وعن عليّ قال : "خياركم كلّ مفتّن توّاب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : حتّى متى ؟ قال : حتّى يكون الشّيطان هو المحسور .وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود ، فقال : ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه ، فلا تملّوا من الاستغفار " (6).
كما أنّ كثرة التّوبة يزيل أثر الذّنب في الدّنيا والآخرة ، وهو ارتباط وثيق بين الله وبين العبد امتدح الله به نبيّ الله إبراهيم فقال : " نعم العبد إنّه أوّاب " (ص / 44) .
فليس من شرط الولاية السّلامة من الذّنوب ، ولكن عدم الإصرار عليها والتّوبة منها ،
كما قال تعالى: "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(134)وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(135)" آل عمران،
ولا أصرح من هذه الآية على أنّ الرّجل قد يكون من المتّقين بل والمحسنين ومع ذلك فقد يقع منه الذّنب بل الفاحشة ولا يمنع ذلك من بلوغه مرتبة المتّقين أهل الجنّة ، بشرط أنّه إذا فعل الفاحشة تذكّر وأقلع وتاب ، فهو إذاً لا يصرّ على المعصية مع أنّه قد يقع فيها المرّة بعد المرّة لكنّه يتوب منها أيضاً كلّ ما وقع فيها .
قال ابن رجب : "وظاهر النّصوص تدلّ على أنّ من تاب إلى الله توبة نصوحاً واجتمعت شروط التّوبة في حقّه فإنّه يُقطع بقبول الله توبته ، كما يُقطع بقبول إسلام الكافر إذا أسلم إسلاماً صحيحاً وهذا قول الجمهور ، وكلام ابن عبدالبر يدلّ على أنّه إجماع" (7).
قال ابن الجوزي : "من هفا هفوة لم يقصدها ولم يعزم عليها قبل الفعل ، ولا عزم على العودة بعده ، ثمّ انتبه فاستغفر الله كان فعله وإن دخله عمداً في مقام خطأ ، مثل أن يعرض له مستحسن" (8)
فيغلبه الطّبع فيطلق النّظر ، فإذا انتبه لنفسه ندم على فعله ، فقام النّدم بغسل الأوساخ الّتي كأنّها غلطة لم تُقصد ، فهذا معنى قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} الأعراف : 201.
فأمّا المداوم على تلك النّظرة المردّد لها ، المصرّ عليها ، فكأنّه في مقام متعمّدٍ للنّهي مبارزٍ بالخلاف ، فالعفو يبعد عنه بمقدار إصراره" (9).
أكثر من الاستغفار
قد يضعف إيمان المؤمن عن التّوبة من ذنب معيّن ، أو لربّما لا تساعده ظروف حياته على الإقلاع عن هذا الذّنب .وإذا كان الحال هكذا فلا ينبغي للمؤمن أن يعجز عن الاستغفار ، فالاستغفار من أسباب المغفرة ، ومن وسائل تخفيف أثر الذّنب ، وهذا ليس بمستنكر .فالاستغفار المقرون بالتّوبة له شأن آخر ، لأنّ من تاب من الذّنب توبة مكتملة الشّرائط وجبت له من الله المغفرة .وأمّا الاستغفار دون إقلاع عن الذّنب فإنّه وإن كان أقلّ درجة لكن لا يُعدم العبد منه فائدة ، لأنّه تعرّض بالدّعاء لنيل رحمة الله تعالى ومغفرته للذّنب .والسّلف رحمهم الله قرّروا ونبّهوا أنّ مجرّد الاستغفار دون الإقلاع عن الذّنب أو العزم عليه ليس التّوبة الّتي وعد الله عليها بالمغفرة .
وبيانه أنّ الاستغفار درجات :
أولاها : الاستغفار المقرون بالتّوبة وهي أعلاها، ومذهب أهل السّنّة الجزم بترتّب المغفرة على الاستغفار المقرون بالتّوبة للنّصوص المتوافرة على ذلك ،
ومنها قوله : (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ)(10).
قال ابن رجب : فالاستغفار التّامّ الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله أهله ووعدهم المغفرة.. وهو حينئذ توبة نصوح (11).
الثّانية : الاستغفار بالقلب واللّسان من الذّنب لكن دون أن يقترن به توبة أو عزم على الإقلاع ، وهذه أدنى من الّتي قبلها لكنّها محمودة .وهي واقعة يقع فيها كثير من النّاس ، فهو إذا واقع ذنباً لامته نفسه فيستغفر ويدعو الله أن يغفر له لكن لا يقارن ذلك عزمه على الإقلاع لضعف إيمانه وشدّة تعلّق قلبه بالذّنب ، أو لغفلته عن التّوبة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فإن الإستغفار هو طلب المغفرة وهو من جنس الدّعاء والسؤال ، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به ، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو ، وقد يدعوا ولا يتوب.
وساق حديث أبي هريرة المتقدّم : "...علم عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذّنب ويأخذ به ، أشهدكم أنّي قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء" (12)
ثمّ قال : "والتّوبة تمحو جميع السّيئات ، ...وأمّا الاستغفار بدون التّوبة فهذا لا يستلزم المغفرة ، ولكن هو سبب من الأسباب" (13).
الثّالثة : الاستغفار العام باللّسان دون القلب ، لكن بدون توبة من ذنب معيّن أو إقلاع عنه ،
قال ابن رجب : "وإن قال بلسانه : أستغفر الله وهو غير مقلع بقلبه فهو داعٍ لله بالمغفرة كما يقول : اللّهمّ اغفر لي ، وهو حسنٌ وقد يُرجى له الإجابة ، وأمّا من قال : توبة الكذّابين فمراده أنّه ليس بتوبة كما يعتقده بعض النّاس ، وهذا حق ، فإنّ التّوبة لا تكون مع الإصرار " (14).
وقال : "ومجرّد قول القائل : اللّهمّ اغفر لي طلب للمغفرة ودعاء بها ، فيكون حكمه حكم سائر الدّعاء إن شاء أجابه وغفر لصاحبه ، لا سيّما إذا خرج من قلب منكسر بالذّنب وصادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصّلوات .
ويُروى عن لقمان عليه السّلام أنّه قال لابنه : يا بنيّ عوّد لسانك : اللّهمّ اغفر لي فإنّ لله ساعات لا يردّ فيها سائلاً .
وقال الحسن : أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي اسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم فإنّكم لا تدرون متى تنزل المغفرة" (15).
لقد تعهّد إبليس أن يكسر نفس ابن آدم ويذلّها بالمعصية ، وإذا كان كذلك فما من شيء اشدّ عليه في حال المعصية من أن يستغفر العاصي ، قال الحسن رحمه الله تعالى : بلغنا أنّ إبليس قال : سوّلت لأمّة محمّد المعاصي ، فقصموا ظهري بالاستغفار .(16)
نسأل الله أن نكون من المستغفرين بالأسحار التائبين له في الليل والنهار . وأصلي واسلم علي محمد وأهل بيته واصحابه والتابعين بإحسان إلي يوم الدين
والله أعلم .


=====================

1. أخرجه مسلم في التّوبة ح 2748 .
2. رواه البخاري في صحيحه في كتاب الرّقاق باب قول النّبيّ e (لو تعلمون ما أعلم) عن أبي هريرة وأنس tما .
3. أخرجه البخاري في التّوحيد 7507 ومسلم في التّوبة ح2758.
4. مدارج السّالكين 1 / 301 .
5. المستدرك 1 / 59 وصحّحه ووافقه الذّهبي .
6. جامع العلوم والحكم 1 / 414 ـ415 .
7. جامع العلوم والحكم 1 / 418 .
8. يقصد امرأة حسناء .
9. صيد الخاطر ص168 .
10. أخرجه ابن ماجة برقم 4250 والطّبراني في الكبير 1028 وأبو نعيم في الحلية 4 / 210 وغيرهم ، وفي سنده ضعف ، وحسّنه الحافظ بشواهده كما في المقاصد للسّخاوي ص 152 .
11. شرح الأربعين 2 / 410 .
12. تقدّم .
13. منهاج السّنّة 6 /210ـ212 .
14. جامع العلوم والحكم 2 / 410 .
15. جامع العلوم والحكم 2 / 408 .
16. الإحياء للغزالي 1 / 153 .


طباعة


روابط ذات صلة

  مفاتيح التوبة والإنابة  
   {نــــــدم المــذنبين ودمــــع التـائبين}  
  الدعوه الصالحة بقول المعروف  
  هل فكرت أن تطيل عمرك وتزيد حسناتك ؟؟؟  
  مالي أراك على الذنوب مواظبا !!  
  أين الاستعداد ليوم المعاد ؟!!  
  مراقبة الله تعالى !!  
  (( الحب مشاعر لا تعرف قيود الزمن ))  
  السؤال الفـــواح عـن بلاد الأفـــراح ؟؟  
  (( من حزن قلبي ودمع عيني وآهات صدري ))  
  النجوى في إدراك التقـــــــــــــــــــوى  
  هل جربت الخلوه مع الله ؟؟  
  آفـــــات على طـــــريق الهدايا !!  
  من أحوال العصاه يوم القيامة!!  
  تربيــــة الذات .. لمــــاذا ؟؟  
  وسائل الثبات علي دين رب العباد  
  العبد بين التوبة والاستغفار والإنابة !!  
  مسائل في التوبة !!  
  رقــة القلوب وخشوعها لله .. كيف ؟  
  همسة من محب !!  
  (( حيـــاة القلوب في ذكر ربنا المعبود ))  
  متى آخر مرةٍ دَمِعَتْ عيناك خشيةً وخوفًا منَ الله ؟  
  ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾  
  لَحَظَاتُهِمْ الْأَخِيرَةُ كَمَا تَمَنَّوْا !!  
  الحنين المتجدد والشوق المستمر لخالق الخلائق  
  ليالي الصالحـــين ودآب العابدين !!  
   (( الرحم وصلة الأرحام ))  
  الصادقين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ( 1 )  
  ( أمراض القلوب أم أمراض الأبدان )  
   حب المحبين و منازل السائرين في الله ( 1 )  
  حب المحبين و منازل السائرين في الله ( 2 )  
  ((( إحساس مؤلــــم )))  
   (( مهما حدث فلا تبكي ))  
  (( تعلـــم كيـف تصـنع سعادتـــــك ))  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 968700

تفاصيل المتواجدين