بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || مسائل في التوبة !!
::: عرض المقالة : مسائل في التوبة !! :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> الزهد والرقائق

اسم المقالة: مسائل في التوبة !!
كاتب المقالة: منقول
تاريخ الاضافة: 31/10/2010
الزوار: 2557

 


مسائل في التوبة

1- التوبة الواجبة والتوبة المستحبة
فالتوبة الواجبة تكون من فعل المحرمات وترك الواجبات، والتوبة المستحبة تكون من فعل المكروهات وترك المستحبات.
فمن اقتصر على التوبة الأولى كان من الأبرار المقتصدين، ومن تاب التوبتين كان من السابقين المقربين، ومن لم يأت بالأولى كان من الظالمين إما الكافرين وإما الفاسقين.
2- التوبة النصوح

هي الخالصة الصادقة الناصحة، الخالية من الشوائب والعلل، وهي التي تكون من جميع الذنوب، فلا تدع ذنباً إلا تناولته، وهي التي يجمع صاحبها العزم والصدق بكليته عليها، بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوّم ولا انتظار.
وهي التي تقع لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، ليست لحفظ الجاه والمنصب والرياسة، ولا لحفظ الحال أو القوة أو المال، ولا لاستدعاء حمد الناس أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء، ولا لقضاء النهمة من الدنيا أو للإفلاس والعجز، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل، فمن كانت هذه حاله غفرت ذنوبه كلها، وإذا حسنت توبته بدل الله سيئاته حسنات.
قال ابن كثير عندقول الله تعالى : {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّـئاتكُمْ}: "أي: توبة صادقة جازمة، تمحو ما قبلها من السيئات، وتلمّ شعث التائب وتجمعه وتكفه عما يتعاطاه من الدناءات".
وقال الألوسي: "وجوز أن يكون المراد بالتوبة النصوح توبة تنصح الناس، أي تدعوهم إلى مثلها؛ لظهور أثرها في صحابها واستعمال الجد والعزيمة في العمل بمقتضاها".
3- التوبة الخاصة من بعض الذنوب
الواجب على العبد أن يتوب من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، فإذا تاب من بعضها مع إصراره على بعضها الآخر، قبلت توبته مما تاب منه، ما لم يصر على ذنب آخر من نوعه.

أما إذا تاب من ذنب مع مباشرة ذنب آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه صحت توبته مما تاب منه. مثال ذلك أن يتوب من الربا وهو مُصّر على السرقة وشرب الخمر، فتقبل توبته مما تاب منه، أما إذا تاب من نوع من أنواع الربا وهو مُصّر على نوع آخر منه، أو تاب من نوع منه وانتقل إلى نوع آخر فلا تقبل توبته، كحال من يتوب من ربا الفضل وهو مُصّر على ربا النسيئة، وكحال من يتوب من الزنا بامرأة وهو مُصّر على الزنا بأخرى، فإن توبته لا تصح. وبالجملة فكل ذنب له توبة خاصة وهي فرض منه، لا تتعلق بالتوبة من غيره، فهذه هي التوبة الخاصة.
وسر المسألة أن التوبة تتبعض كالمعصية، فيكون تائباً من وجه دون وجه، كالإسلام والإيمان.
وهذا هو قول جمهور أهل السنة والجماعة.
ثم إن على العبد إذا وفقه الله لترك ذنب من الذنوب أن يسعى في التخلص من الباقي؛ لأن الإصرار على الذنوب يقود إلى ذنوب أخرى، فالحسنة تهتف بأختها والسيئة كذلك.
4- التخلص من الحقوق والتحلل من المظالم
فالتوبة تكون من حق الله وحق العباد، فحق الله تبارك وتعالى يكفي في التوبة منه الترك كما تقدم، غير أن منه ما لم يكتف الشرع فيه بالترك، بل أضاف إليه القضاء والكفارة.
أما حق غير الله فيحتاج إلى التحلل من المظالم فيه وأداء الحقوق إلى مستحقيها، قال النبي  : (من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات).
ولكن من لم يقدر على الإيصال بعد بذل الوسع في ذلك فعفو الله مأمول.
5- توبة العاجز عن المعصية
إذا ِحيل بين العاصي وبين أسباب المعصية فعجز عنها بحيث يتعذر وقوعها منه فهل تصح توبته إذا تاب ؟ وذلك كحال السارق إذا قطعت أطرافه الأربعة، وكالزاني إذا جُب، وكمن حكم عليه بالسجن المؤبد، فهل لهؤلاء توبة، مع أنه قد حيل بينه وبين ما كان يفعله من معاصي ؟
قال ابن القيم بعد أن ذكر الأقوال والخلاف في هذه المسألة : "القول الثاني : وهو الصواب أن توبته ممكنة بل واقعة، فإن أركان التوبة مجتمعة فيه، والمقدور له منها الندم، وفي المسند مرفوعاً (الندم توبة)، فإذا تحقق ندمه على الذنب ولومه نفسه عليه فهذه توبة، وكيف يصح أن تسلب التوبة عنه مع شدة ندمه على الذنب ولومه نفسه، ولا سيما ما يتبع ذلك من بكائه وحزنه وخوفه وعزمه الجازم، ونيته أنه لو كان صحيحاً والفعل مقدوراً له لما فعله، وإذا كان الشارع قد نَزّل العاجز عن الطاعة منزلة الفاعل لها إذا صحت نيته كقوله  : (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً)، وفي الصحيح أيضاً: (إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم) قالوا: وهم بالمدينة ؟ قال : (وهم بالمدينة، حبسهم العذر).
وله نظائر في الحديث فتنزيل العاجز عن المعصية، التارك لها قهراً مع نية تركها اختياراً لو أمكنه منزلة التارك المختار أولى".
6- معنى التوبة من قريب والتوبة عند الموت
قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَـٰلَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} النساء 17
قال ابن رجب: "وأما التوبة من قريب فالجمهور على أن المراد بها التوبة قبل الموت، فالعمر كله قريب، ومن تاب قبل الموت فقد تاب من قريب، ومن لم يتب فقد بعُد كلَّ البعد كما قيل:
فهم جِيرة الأحياء أما قرارهم فدانٍ وأما الملتقى فبعيد
فالحي قريب، والميت بعيد من الدنيا على قربه منها، فإن جسمه في الأرض يبلى وروحه عند الله تنعم أو تعذب، ولقاؤه لا يرجى في الدنيا".
أما إذا عاين العبد أمور الآخرة وانكشف له الغطاء، وشاهد الملائكة فصار الغيب عنده شهادة، فإن الإيمان والتوبة لا تنفعه في تلك الحال.
قال الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيّئَـاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} النساء
فسوّى عز وجل بين من تاب عند الموت ومن تاب من غير توبة، والمراد بالتوبة عند الموت:

 التوبة عند انكشاف الغطاء، ومعاينة المحتضر أمور الآخرة ومشاهدة الملائكة.
وقال ابن رجب: "وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال: لا يزال العبد في مهل من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه، فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ.
وقال ابن عمر: (التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت).
7- رجوع الحسنات إلى التائب بعد التوبة
قال ابن القيم: "وإذا استغرقت سيئاته الحديثات حسناته القديمات وأبطلتها، ثم تاب منها توبة نصوحاً خالصة عادت إليه حسناته، ولم يكن حكمه حكم المستأنف لها، بل يقال له: تبت على ما أسلفت من خير، فالحسنات التي فعلتها في الإسلام أعظم من الحسنات التي يفعلها الكافر في كفره من عتاقة وصدقة وصلة، وقد قال حكيم بن حزام: يا رسول الله أرأيت عتاقة أعتقتها في الجاهلية، وصدقة تصدقت بها، وصلة وصلت بها رحمي، فهل لي فيها من أجر؟ فقال: (أسلمت على ما أسلفت من خير)، وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة، وصارت كأنها لم تكن، فتلاقت الطاعتان واجتمعتا والله أعلم".
قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث المتقدم: "لا مانع من أن يضيف الله إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه في الكفر تفضلاً وإحساناً".
8- هل التوبة ترجع العبد إلى حاله قبل المعصية ؟
إذا كان للعبد حال أو مقام مع الله ثم نزل عنه لذنب ارتكبه، ثم تاب منه، فهل يعود بعد التوبة إلى ما كان أو لا يعود؟
والجواب أن هذه المسألة قد اختلف فيها السلف على أقوال شتى، ومن أحسن من أجاب على تلك المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: "والصحيح أن من التائبين من لا يعود إلى درجته، ومنهم من يعود إليها، ومنهم من يعود إلى أعلى منها، فيصير خيراً مما كان قبل الذنب، وكان داود بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة... وهذا بحسب حال التائب بعد توبته وجده وعزمه وحذره وتشميره، فإن كان ذلك أعظم مما كان له قبل الذنب عاد خيراً مما كان وأعلى درجة، وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله، وإن كان دونه لم يعد إلى درجته وكان منحطاً عنها".
قال ابن القيم: "وهذا الذي ذكره هو فصل النزاع في هذه المسألة".
أمور تعين على التوبة
1- الإخلاص لله والإقبال عليه عز وجل

فالإخلاص لله عز وجل من أنفع الأدوية، فإذا أخلص لله عز وجل وصدق في طلب التوبة أعانه الله عليها ويسره لها وأمده بألطاف لا تخطر بالبال، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصد توبته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله والإخلاص له لم يكن عنده شيء قط أحلى من ذلك ولا ألذ ولا أمتع ولا أطيب، والإنسان لا يترك محبوباً إلا بمحبوب آخر يكون أحب إليه، أو خوفاً من مكروه، فالحب الفاسد إنما ينصرف القلب عنه بالحب الصالح، أو بالخوف من الضرر، قال تعالى في حق يوسف: {كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} يوسف:24 ، فالله يصرف عن عبده ما يسوءه من الميل إلى الصور والتعلق بها ويصرف عنه الفحشاء بإخلاصه لله؛ ولهذا يكون قبل أن يذوق حلاوة العبودية لله والإخلاص له تغلبه نفسه على اتباع هواها، فإذا ذاق طعم الإخلاص وقوي في قلبه، انقهر له هواه بلا علاج".
2- المجاهدة
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَـاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
قال ابن الجوزي: "وفي قوة قهر الهوى لذة تزيد على كل لذة، ألا ترى إلى كل مغلوب بالهوى كيف يكون ذليلاً؛ لأنه قُهِر، بخلاف غالب الهوى فإنه يكون قوي القلب عزيزاً؛ لأنه قَهَر".
3- قِصَر الأمل وتذكر الآخرة

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله  بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وكان ابن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك).
قال ابن رجب الحنبلي: "وهذا الحديث أصل في قِصَر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً فيطمئن فيها. ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر، يهيئ جهازه للرحيل، وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم".

4- العلم
لأنه نور يستضاء به، والعلم يشغل صاحبه بكل خير ويُشغله عن كل شر، فإذا فقد العلم فقدت البصيرة. ومن العلم في هذا السياق العلم بعاقبة المعاصي وقبحها ورذالتها، ودناءتها، ومن العلم أيضاً أن يعلم بفضل التوبة والرجوع إلى الله عز وجل.
5- مصاحبة الأخيار ومجانبة الأشرار
لأن مصاحبة الأخيار تحيي القلب وتشرح الصدر، وتنير الفكر، وتعين على الطاعة، والأشرار على عكسهم، ولهذا جاء في حديث الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً أنه لما أتى إلى الرجل العالم وسأله: هل له من توبة؟ قال له: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء.
6- استحضار أضرار الذنوب والمعاصي في الدنيا والآخرة
فإن للذنوب والمعاصي أضراراً عظيمة وعقوبات متنوعة سواء في الدنيا أو في الآخرة على مستوى الأفراد أو الجماعات، فَتَذكُّر هذه العقوبات والمثلات يدعو الإنسان للتوبة قبل حلول العذاب.
7- الدعاء
قال الله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} ،
 وقال جل شأنه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
ومن أعظم ما يُسأل الله عز وجل أن يوفقه للتوبة النصوح، وأن يتقبل توبتة.
نماذج وقصص للتائبين
1- قصة توبة أبي محجن الثقفي
عن ابن سيرين قال : كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر، فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا في المسلمين، فأرسل إلى أم ولد سعد، أو امرأة سعد: إن أبا محجن
يقول لك: إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحاً ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل.
فحلت عنه قيوده، وحمل على فرس كان في الدار وأعطي سلاحاً، ثم خرج يركض حتى لحق، بالقوم فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق صلبه، فنظر إليه سعد فجعل يتعجب ويقول: من ذاك الفارس؟ قال: فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى هزمهم الله، ورجع أبو محجن، ورد السلاح وجعل رجليه في القيود كما كان، فجاء سعد فقالت له امرأته: كيف كان قتالكم، فجعل يخبرها ويقول: لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلاً على فرس أبلق، لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلت: إنها بعض شمائل أبي محجن فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان أمره كذا وكذا، فقصت عليه قصته، فدعا به فحل قيوده وقال: لا نجلدك على الخمر أبداً، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبداً، كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم. قال: فلم يشربها بعد ذلك.

2- قصة توبة الفضيل بن عياض
عن علي بن خشرم قال: أخبرني رجل من جيران الفضيل بن عياض قال: كان الفضيل يقطع الطريق وحده، فخرج ذات ليلة ليقطع الطريق فإذا هو بقافلة قد انتهت إليه ليلاً، فقال بعضهم لبعض: اعدلوا بنا إلى هذه القرية، فإن أمامنا رجلا يقطع الطريق يقال له: الفضيل، قال: فسمع الفضيل، فأرعد فقال: يا قوم أنا الفضيل، جوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله أبداً، فرجع عما كان عليه.
أخطاء في باب التوبة
1- تأجيل التوبة
فمن الناس من يدرك خطأه ويعلم حرمة ما يقع فيه، ولكنه يؤجل التوبة ويسوّف فيها وهذا خطأ عظيم؛ لأن التوبة واجبة على الفور، بل إن تأخير التوبة ذنب يجب أن يستغفر منه.
قال الغزالي: "أما وجوبها على الفور فلا يستراب فيه، إذ معرفة كون المعاصي مهلكات من نفس الإيمان، وهو واجب على الفور".
وقال ابن القيم: "المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة"
تسويفه عن التوبة مما لا يعلمه العبد من ذنوبه
وهذا من الأخطاء التي تقع في باب التوبة وقلّ من يتفطن لها، قال ابن القيم: "ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكناً من العلم، فإنه عاصٍ بترك العلم والعمل، فالمعصية في حقه أشد".
ولهذا قال النبي  : (الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل) ، فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله ؟ قال: (أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).
3- ترك التوبة مخافة الرجوع للذنب
يجب على المسلم أن يتوب إلى الله في كل وقت وحين فلربما أدركه الموت وهو لم ينقض توبته، كما عليه أن يحسن الظن بربه ويعلم أنه إذا أقبل على الله أقبل الله عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي  قال: (قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني).
4- ترك التوبة خوفاً من لمز الناس
فمن الناس من تحدثه نفسه بالتوبة ولزوم الاستقامة، ولكنه يخشى لمز الناس وعيبهم إياه ووصمهم له بالتشدد والوسوسة، وهذا خطأ فادح؛ إذ كيف يقدم خوف الناس على خوف رب الناس، وكيف يؤثر الخلق على الحق، فالله أحق أن يخشاه.
5- ترك التوبة مخافة سقوط المنزلة وذهاب الجاه والشهرة.
6- التمادي في الذنوب اعتماداً على سعة رحمة الله
يقول المولى جل ذكره {نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا اْلغَفُورُ الرَّحِيمُ *وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ} الحجر:49، 50.
يقول أبو حامد الغزالي في شأن من يذنب وينتظر العفو عنه اتكالاً على فضل الله تعالى قال: "هو كمن ينفق جميع أمواله ويترك نفسه وعياله فقراء منتظراً من فضل الله أن يرزقه العثور على كنز في أرض خربة، فإن إمكان العفو عن الذنب مثل هذا الامكان، وهو مثل من يتوقع النهب في الظلمة في بلده وترك ذخائر أمواله في حصن داره وقدر على دفنها فلم يفعل".
وقال ابن القيم: "وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء. وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب".
7- الاغترار بإمهال الله للمسيئين
قال  : (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ،
ثم قرأ قوله تعالى : {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَـالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} هود:102
قال ابن الجوزي: "فكل ظالم معاقب في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كل مذنب ذنباً، وهو معنى قوله تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءا يُجْزَ بِهِ} النساء:123، وربما رأى العاصي سلامة بدنه فظن أن لا عقوبة، وغفلته عما عوقب به عقوبة".
وقال ابن الجوزي أيضاً: "الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي، فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة، وربما جاءت مستعجلة".
8- اليأس من رحمة الله
يقول المولى سبحانه: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
وقال جل ذكره: {قُلْ ياعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } الزمر:53.
9- اليأس من توبة العصاة
جاء في صحيح مسلم عند جندب رضي الله عنه أن رسول الله  حدث : (إن رجلاً قال : والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عملك)
10- الشماتة بالمبتلَين.
11- توبة الكذابين
الذين يهجرون الذنوب هجراً مؤقتاً يتحينون الفرص لمعاودة الذنب.
12- الاغترار بالتوبة
وهذا الغرور قد يصاحب بعض التائبين وكأن توبته قد قبلت وذنوبه قد محيت فيدفعه هذا الغرور إلى أن يقع في بعض الذنوب الأخرى.

ونسال الله أن يعفوا عنا ويغفر لنا ويتوب علينا توبة نصوحه مقبوله عنده حين نلقاه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طباعة


روابط ذات صلة

  مفاتيح التوبة والإنابة  
   {نــــــدم المــذنبين ودمــــع التـائبين}  
  الدعوه الصالحة بقول المعروف  
  هل فكرت أن تطيل عمرك وتزيد حسناتك ؟؟؟  
  مالي أراك على الذنوب مواظبا !!  
  أين الاستعداد ليوم المعاد ؟!!  
  مراقبة الله تعالى !!  
  (( الحب مشاعر لا تعرف قيود الزمن ))  
  السؤال الفـــواح عـن بلاد الأفـــراح ؟؟  
  (( من حزن قلبي ودمع عيني وآهات صدري ))  
  النجوى في إدراك التقـــــــــــــــــــوى  
  هل جربت الخلوه مع الله ؟؟  
  آفـــــات على طـــــريق الهدايا !!  
  من أحوال العصاه يوم القيامة!!  
  تربيــــة الذات .. لمــــاذا ؟؟  
  وسائل الثبات علي دين رب العباد  
  العبد بين التوبة والاستغفار والإنابة !!  
  رقــة القلوب وخشوعها لله .. كيف ؟  
  همسة من محب !!  
  مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ  
  (( حيـــاة القلوب في ذكر ربنا المعبود ))  
  متى آخر مرةٍ دَمِعَتْ عيناك خشيةً وخوفًا منَ الله ؟  
  ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾  
  لَحَظَاتُهِمْ الْأَخِيرَةُ كَمَا تَمَنَّوْا !!  
  الحنين المتجدد والشوق المستمر لخالق الخلائق  
  ليالي الصالحـــين ودآب العابدين !!  
   (( الرحم وصلة الأرحام ))  
  الصادقين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ( 1 )  
  ( أمراض القلوب أم أمراض الأبدان )  
   حب المحبين و منازل السائرين في الله ( 1 )  
  حب المحبين و منازل السائرين في الله ( 2 )  
  ((( إحساس مؤلــــم )))  
   (( مهما حدث فلا تبكي ))  
  (( تعلـــم كيـف تصـنع سعادتـــــك ))  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 966638

تفاصيل المتواجدين