الحديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
« إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا»
تخريج الحديث
رواه أحمد(٩٤١٤) وأبو داود(٢٣٣٧) والترمذي(٧٣٨) وقال: حديث حسن
صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه،
وابن ماجه(١٦٥١) والنسائي
في الكبرى(٣١١٧): وقال:لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء بن عبدالرحمن.
والدارمي(١٧٧٥) وابن حبان
في صحيحه(٣٥٨١)
والدارقطني(٢٢٨٨).
درجة الحديث
تنازع الحفاظ في صحته :صححه
الترمذي (ح-٧٣٨)
وصححه ابن حبان(ح-٣٥٨١) وصححه الحاكم والطحاوي وابن عبدالبر
(لطائف المعارف لابن رجب-١٩٧) وحسنه ابن
قدامة في الكافي(٢٣٠)
وصححه أحمد شاكر في تعليقه على السنن(٣/٢٢٥) وصححه ابن باز في
الفتاوى(١٥/٣٨٥) وصححه الألباني في الجامع(٣٩٧)
وضعفه طائفة : ضفعه عبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل
وأبو زرعة والأثرم(لطائف المعارف لارجب-١٩٧) وضعفه الدارقطني في
سننه(٢٢٨٨) وضعفه الخليلي في الأرشاد(١/٢١٩)وضعفه الذهبي في السير(٦/١٨٧) وضعفه
ابن رجب في لطائف المعارف(١٩٨)
وأعله مقبل الوادعي في أحاديث معلة(٤٥١).
الشرح والتعليق
دل هذا الحديث على النهي عن الصيام
بعد نصف شعبان ، أي ابتداءً من اليوم السادس عشر.
قال الإمام الترمذي ومعنى
هذا الحديث عن بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مفطراً فإذاقال الإمام بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.
وقال الإمام ابن خزيمة في
صحيحة: باب إباحة وصل صوم شعبان
بصوم رمضان
والدليل على أن معنى خبر أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام:( إذا انتصف شعبان
فلا تصوموا حتى رمضان) أي: لا تواصلوا
شعبان برمضان فتصوموا جميع شعبان ، أو أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه المرء قبل ذاك
فيصوم ذلك الصيام بعد النصف من شعبان ،لا أنه نهى عن الصوم إذا انتصف شعبان نهياً
مطلقاً".اهـ
ذهب
جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، وبناءً عليه قالوا
: لا يكره الصيام بعد نصف شعبان .
قال الحافظ : وَقَالَ
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ
شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ
مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ من فتح الباري . وممن ضعفه كذلك البيهقي والطحاوي
.
وذكر
ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال عن هذا الحديث :
( لَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوظٍ
. وَسَأَلْنَا عَنْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , فَلَمْ يُصَحِّحْهُ ,
وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ , وَكَانَ يَتَوَقَّاهُ . قَالَ أَحْمَدُ : وَالْعَلاءُ
ثِقَةٌ لا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إلا هَذَا) اهـ
والعلاء
هو العلاء بن عبد الرحمن يروي هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
.
وقد
أجاب ابن القيم رحمه الله في "تهذيب
السنن" على من ضَعَّفَ الحديثَ ، فقال ما محصله :
إن
هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً
في الحديث لأن العلاء ثقة ، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي
هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، وقبلتها الأمة وعملت بها . . ثم قال :
"وَأَمَّا ظَنُّ
مُعَارَضَته بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان , فَلا مُعَارَضَة
بَيْنهمَا , وَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا
قَبْله , وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي , وَحَدِيث
الْعَلاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف , لا
لِعَادَةٍ , وَلا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله" اهـ.
أحاديث ظاهرها التعارض
1ـ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا
يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ )
.رواه البخاري ومسلم
فهذا يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن كانت
له عادة بالصيام ، كرجل اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس ، أو كان يصوم يوماً ويفطر
يوماً . . ونحو ذلك .
2ـ عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا ) رواه البخاري ومسلم . واللفظ لمسلم .
قال النووي :قَوْلهَا : ( كَانَ
يَصُوم شَعْبَان كُلّه , كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا ) الثَّانِي تَفْسِيرٌ
لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا " كُلّه " أَيْ غَالِبُهُ اهـ
.
فهذا
الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله بما قبل النصف
.
وقد عمل
الشافعية بهذه الأحاديث كلها، فقالو :لا
يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف
.
هذا
هو الأصح عند أكثرهم أن النهي في الحديث للتحريم .
وذهب بعضهم –كالروياني- إلى أن النهي للكراهة لا التحريم
.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه
الله في شرح رياض الصالحين: (3/394)
وحتى
لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط ، كما أخذ بذلك بعض أهل
العلم رحمهم الله ، إلا من له عادة بصوم ، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان أهـ
وخلاصة الجواب :
أنه
يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا
لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف . والله تعالى أعلم
.
قلت: والحكمة
من هذا النهي أن تتابع الصيام قد يضعف عن صيام رمضان .
أهـ.
انتهى