وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
أجمع
المسلمون على ثبوت السّيادة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعلى عَلَمِيَّتِه في
السّيادة وأمامته في القيادة قال الشّرقاويّ : فلفظ ( سيّدنا ) علم عليه صلى الله عليه وسلم " انتهى .وهو سيد في الأرض وعند الناس
أجمعين وسيد في السماء عند الملائكة المقربين ورب العالمين ، وسيد الأنبياء
والمرسلين ، وخليل رب العالمين ، صاحب المقام المحمود والحوض المورود ، نبي الرحمة
، ورسول الهداية ، ذو الخلق العظيم ، والشرف الكريم ، عبد الله ورسوله ، سيدنا
وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما
كثير
فعن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
:" أَنَا
سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَومَ القِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَن يَنشَقُّ عَنهُ القَبرُ ،
وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ "
رواه مسلم .
ثانيا:
أما
عن ذكر لفظة " سيدنا " في " التشهد " لم ترد هذه اللفظة في صيغ التشهد التى
وردت في صفة الصلاة ، " والأصل في الأحكام الشرعية التعبد وفي التعبد التوقف"
وهو الالتزام بالنص وعدم الاجتهاد أو الزيادة أو النقص.
سُئِل الحافظ ابن حجر
رحمه الله تعالى :عن
صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة ، سواء قيل
بوجوبها ، أو بندبها : هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسِّيادة ، بأن
يقول مثلاً : صلِّ على سيِّدنا محمدٍ ، أو على سيّدِ الخلق ، أو سيّد ولد آدم ؟ أو
يقتصر على قوله : اللهم صلِّ على محمد ؟ وأيهما أفضل : الإتيانُ بلفظ السيادة ؛
لكونها صفةً ثابتةً له صلى الله عليه وسلم ، أو عدمُ الإتيان لِعدم ورُود ذلك في
الآثار ؟
فأجاب رحمه الله : " نعم
اتِّباعُ الألفاظ المأثورة أرجح ، ولا يقال : لعلَّه ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله
عليه وسلم كما لم يكن يقول عند ذكره : صلى الله عليه وسلم ، وأمّتهُ مندوبة إلى أن
تقول ذلك كلما ذُكر ؛ لأنَّا نقول : لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ، ثم عن
التابعين ، ولم نقِفْ في شيءٍ من الآثار عن أحدٍ من الصحابة ولا التابعين أنه قال
ذلك ، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك ، وهذا الإمامُ الشافعي أعلى الله درجته وهو من
أكثر الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة
أهل مذهبه : " اللهم صلِّ على محمد ، إلى آخر ما أدَّاه إليه اجتهاده وهو
قوله : " كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن
ذكره الغافلون " ، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه ( سبحان الله عدد خلقه ) ، وقد عقد القاضي عياض بابا
في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب " الشفاء "
، ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ليس في شيء منها عن أحد
من الصحابة وغيرهم لفظ : " سيدنا " ،
والغرض أن كل من ذكر المسألة من الفقهاء قاطبة ، لم يقع في كلام أحد منهم : " سيدنا
" ، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها ، والخير
كله في الاتباع ، والله أعلم " انتهى .
ثالثاً:
أما عن قول هذا الجاهل المغبون بأن : " الأولى
إلتزام الأدب مع من علمنا الأدب وتقديم الأدب على النص" أقول له وهذا " من سوء
الأدب مع الله عز وجل الذي أدب من علمنا الأدب صلى الله عليه وسلم" .
ودعوة من صوفي جاهل بخروج المسلمين على النص الذي هو قرآن وسنة.
قال تعالى: {وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب:36. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۖ
وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الحجرات:1.
3- وقال: {قُلْ أَطِيعُوا
اللَّـهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ
الْكَافِرِينَ} آل عمران:32. وقال عز من
قائل: {وَأَرْسَلْنَاكَ
لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا. مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ
فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظًا} النساء:80.
وقال تعالى: {وَمَن يُطِعِ
اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٣﴾ وَمَن يَعْصِ
اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} النساء:13-14.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «تركت فيكم
شيئين لن تضلوا بعدهم (ما تمسكتم بهما) كتاب الله
وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض» (أخرجه مالك
مرسلًا، والحاكم مسندًا وصححه).
وعليه:
لا يجوز التلفظ بسيدنا في الأمور التعبدية مثل
( الأذان ـ الإقامة ـ الصلاة ـ قراءة القرآن ) وبخلاف ذلك يتلفظ بالسيادة لنبينا
صلى الله عليه وسلم تأدباً مع من علمنا الأدب . وعلمنا أن نلتزم بالنص.
قال
شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " أن كل إنسان يؤمن
بأن محمداً صلى الله عليه وسلم سيدنا ، فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز
الإنسان ما شرعه ، وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه ، ولا ينقص
من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله
عليه وسلم علينا " انتهى .
هذا. والله تعالى أعلى
وأعلم