هل يجوز قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟ والرد على محمد أبو بكر


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

أولاً:

أجمع المسلمون على ثبوت السّيادة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعلى عَلَمِيَّتِه في السّيادة  وأمامته في القيادة قال الشّرقاويّ : فلفظ ( سيّدنا ) علم عليه صلى الله عليه وسلم " انتهى .وهو سيد في الأرض وعند الناس أجمعين وسيد في السماء عند الملائكة المقربين ورب العالمين ، وسيد الأنبياء والمرسلين ، وخليل رب العالمين ، صاحب المقام المحمود والحوض المورود ، نبي الرحمة ، ورسول الهداية ، ذو الخلق العظيم ، والشرف الكريم ، عبد الله ورسوله ، سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثير

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَومَ القِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَن يَنشَقُّ عَنهُ القَبرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ " رواه مسلم .

 

ثانيا:

أما عن ذكر لفظة " سيدنا " في " التشهد " لم ترد هذه اللفظة في صيغ التشهد التى وردت في صفة الصلاة ، " والأصل في الأحكام الشرعية التعبد وفي التعبد التوقف" وهو الالتزام بالنص وعدم الاجتهاد أو الزيادة أو النقص.

سُئِل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة ، سواء قيل بوجوبها ، أو بندبها : هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسِّيادة ، بأن يقول مثلاً : صلِّ على سيِّدنا محمدٍ ، أو على سيّدِ الخلق ، أو سيّد ولد آدم ؟ أو يقتصر على قوله : اللهم صلِّ على محمد ؟ وأيهما أفضل : الإتيانُ بلفظ السيادة ؛ لكونها صفةً ثابتةً له صلى الله عليه وسلم ، أو عدمُ الإتيان لِعدم ورُود ذلك في الآثار ؟

فأجاب رحمه الله : " نعم اتِّباعُ الألفاظ المأثورة أرجح ، ولا يقال : لعلَّه ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم كما لم يكن يقول عند ذكره : صلى الله عليه وسلم ، وأمّتهُ مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذُكر ؛ لأنَّا نقول : لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ، ثم عن التابعين ، ولم نقِفْ في شيءٍ من الآثار عن أحدٍ من الصحابة ولا التابعين أنه قال ذلك ، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك ، وهذا الإمامُ الشافعي أعلى الله درجته وهو من أكثر الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه : " اللهم صلِّ على محمد ، إلى آخر ما أدَّاه إليه اجتهاده وهو قوله : " كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن ذكره الغافلون " ، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه ( سبحان الله عدد خلقه ) ، وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب " الشفاء " ، ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ : " سيدنا " ، والغرض أن كل من ذكر المسألة من الفقهاء قاطبة ، لم يقع في كلام أحد منهم :  " سيدنا " ، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها ، والخير كله في الاتباع ، والله أعلم " انتهى .

 

ثالثاً:

أما عن قول هذا الجاهل المغبون  بأن : " الأولى إلتزام الأدب مع من علمنا الأدب وتقديم الأدب على النص" أقول له وهذا " من سوء الأدب مع الله عز وجل الذي أدب من علمنا الأدب صلى الله عليه وسلم" . ودعوة من صوفي جاهل بخروج المسلمين على النص الذي هو قرآن وسنة.

قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ أَمْرً‌ا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَ‌ةُ مِنْ أَمْرِ‌هِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب:36. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الحجرات:1. 3- وقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّ‌سُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِ‌ينَ} آل عمران:32. وقال عز من قائل: {وَأَرْ‌سَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَ‌سُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا. مَّن يُطِعِ الرَّ‌سُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} النساء:80.
وقال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِ‌ي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‌ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٣﴾ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارً‌ا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} النساء:13-14.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهم (ما تمسكتم بهما) كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض» (أخرجه مالك مرسلًا، والحاكم مسندًا وصححه).

وعليه:

لا يجوز التلفظ بسيدنا في الأمور التعبدية مثل ( الأذان ـ الإقامة ـ الصلاة ـ قراءة القرآن ) وبخلاف ذلك يتلفظ بالسيادة لنبينا صلى الله عليه وسلم تأدباً مع من علمنا الأدب . وعلمنا أن نلتزم بالنص.

قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " أن كل إنسان يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم سيدنا ، فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه ، وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا " انتهى .

 

هذا. والله تعالى أعلى وأعلم




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 22/03/2021
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com