وقد أحدث تدني نسب الاقتراع المسيحي للائحة "السلطة" شرخا جديدا بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، إذ لم يتجاوز هذا الاقتراع 7% رغم وجود مرشحين لحزب القوات والتيار فيها. وقد عبر زعيم تيار المستقبل سعد الحريري عن امتعاضه منتقدا "الأداء غير المشرف" لحلفائه في اللائحة، وقال في خطاب له إثر إعلان فوز لائحة "البيارتة" إن "هناك حلفاء فتحوا خطوطا لحساب مرشحين من خارج اللائحة، وهذا أمر لا يشرف العمل السياسي ولا العمل الانتخابي".
ويعزو الخبير في الشأن الإنتخابي عبدو سعد تدني أرقام لائحة الأحزاب إلى ما وصفها بعوامل تراكمية على أداء السلطة السياسية في لبنان منذ العام 1992.
وقال سعد للجزيرة نت إن فشل البلدية السابقة بما وعدت به، وعجز السلطة عن معالجة أزمة النفايات التي تراكمت في بيروت على مدى ثمانية أشهر، "حُفر في ذاكرة الأهالي، وبالتالي هناك من عزف عن المشاركة, وهنالك من شارك معترضا".
ويقارن سعد بين نتائج الانتخابات الأخيرة ونتائج انتخابات 2010, ويقول إن نسبة الاقتراع في 2010 كانت 18.5% وحصلت لائحة السلطة حينها على 70%، أما في نتائج انتخابات 2016 فالتراجع "بدا واضحا".
لم يقتصر تراجع لائحة أحزاب السلطة أمام تقدم لائحة المجتمع المدني على بيروت، ففي بعلبك (شرق) حيث معاقل حزب اللهالأساسية حصدت اللائحة المنافسة على 45% من الأصوات، وفي مدينة الهرمل (21 مقعدا) حيث للحزب كلمة الفصل, نالت لائحة منافسة من عشرة مرشحين فقط 39% من الأصوات. وفي زحلة -كبرى مدن سهل البقاع (21 مقعدا)- نال المنافسون للائحة أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر 39% من الأصوات.
أما في عرسال (21 مقعدا) فلم يقدر تيار المستقبل مع تكتلات عائلية على حسم المعركة لصالحهما، إذ فازت لائحة مدعومة من المجتمع المدني وقوى حزبية إسلامية ويسارية وأعضاء معترضبن من التيار على أدائه.
ويرجع المحلل السياسي حازم الأمين إخفاقات أحزاب وتيارات سياسية في بيروت والبقاع إلى افتقاد هذه القوى "بريق شعاراتها السياسية"، وقال للجزيرة نت إن بيروت "قالت لتيار المستقبل وحلفائه ما لم يكونوا يتوقعونه، ومدينة بعلبك قالت لحزب الله ما لا يريد سماعه".
وأضاف الأمين أن ما حملته نتائج الانتخابات يشير إلى أن "القوى السياسية بدأت تتصدع، وأن احتجاج الرأي العام آخذ في التوسع".