وأظهرت النتائج رفض نسبة لا بأس بها من أنصار الأحزاب قرارات قادتهم ودعواتهم للالتزام بالتوجيهات وعدم الاقتراع للوائح منافسة.
وقد بدا جليا هذا الاعتراض في بيروت وفي مدن وبلدات بشرق البلاد كزحلة وبعلبك وعرسال والهرمل، حيث نجحت لوائح أحزاب قوى 8 آذار و14 آذار بنسب متدنية، أو نجح معارضوها في هزيمتها.
وتظهر قراءة نتائج العاصمة بيروت أن لائحة تحالف أحزاب المستقبل وحركة أمل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي والقوى الأرمنية والجماعة الإسلامية وتكتلات عائلية، حصدت جميع مقاعد المجلس البلدي (24 مقعدا) بنسبة ضئيلة، بعدما واجهتها لائحة المجتمع المدني التي حصدت نسب تصويت مرتفعة رغم عدم فوزها بمقاعد.
وقد لاقت لائحة المجتمع المدني صدى إيجابيا من جمهور الأحزاب المذكورة وحصدت أرقاما لم تكن متوقعة وفق دراسات مسبقة، فلائحة "بيروت مدينتي" حصدت 40% من أصوات المقترعين في العاصمة مقابل لائحة "السلطة" التي حصدت 60%.
وقد عبر زعيم تيار المستقبل سعد الحريري عن امتعاضه منتقدا "الأداء غير المشرف" لحلفائه في اللائحة، وقال في خطاب له إثر إعلان فوز لائحة "البيارتة" إن "هناك حلفاء فتحوا خطوطا لحساب مرشحين من خارج اللائحة، وهذا أمر لا يشرف العمل السياسي ولا العمل الانتخابي".
ويعزو الخبير في الشأن الإنتخابي عبدو سعد تدني أرقام لائحة الأحزاب إلى ما وصفها بعوامل تراكمية على أداء السلطة السياسية في لبنان منذ العام 1992.
وقال سعد للجزيرة نت إن فشل البلدية السابقة بما وعدت به، وعجز السلطة عن معالجة أزمة النفايات التي تراكمت في بيروت على مدى ثمانية أشهر، "حُفر في ذاكرة الأهالي، وبالتالي هناك من عزف عن المشاركة, وهنالك من شارك معترضا".
وفي زحلة -كبرى مدن سهل البقاع (21 مقعدا)- نال المنافسون للائحة أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر 39% من الأصوات.
أما في عرسال (21 مقعدا) فلم يقدر تيار المستقبل مع تكتلات عائلية على حسم المعركة لصالحهما، إذ فازت لائحة مدعومة من المجتمع المدني وقوى حزبية إسلامية ويسارية وأعضاء معترضبن من التيار على أدائه.
ويرجع المحلل السياسي حازم الأمين إخفاقات أحزاب وتيارات سياسية في بيروت والبقاع إلى افتقاد هذه القوى "بريق شعاراتها السياسية"، وقال للجزيرة نت إن بيروت "قالت لتيار المستقبل وحلفائه ما لم يكونوا يتوقعونه، ومدينة بعلبك قالت لحزب الله ما لا يريد سماعه".
وأضاف الأمين أن ما حملته نتائج الانتخابات يشير إلى أن "القوى السياسية بدأت تتصدع، وأن احتجاج الرأي العام آخذ في التوسع".