مقدمة
أدى اشتعال الثورة السورية إلى تحولات كبرى فى المنطقة كان من أهمها سقوط القناع عن ميليشيا حزب الله اللبناني والدولة الإيرانية فانخراطها إلى جانب النظام السوري فى قتال شعبه أدى لتحول مناصريه إلى أعداء لا سيما فى بيئته الحاضنة بالضاحية الجنوبية والبقاع.
من هو حزب الله ؟
تأسست ميليشيا حزب الله اللبناني فى فبراير عام 1985 فى حي الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت كتنظيم سياسي عسكري شيعي لبناني
أسس ميليشيا حزب الله معمم شيعي لبناني هو السيد إبراهيم الأمين الذي أعلن ولادة الحزب وتبعيته الكاملة لإيران بإصداره بيانا فى السادس عشر من فبراير من نفس العام بيانا أسماه "رسالة الحزب للعرب والمسلمين" جاء فيه أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".
تشكل حزب الله من مجموعات شيعية عشوائية كانت موجودة فى السابق ومنها (لجان مساجد، بقايا حزب الدعوة، طلاب مؤمنون، خارجون من حركة "أمل"، علماء دين تأثروا بالثورة الإيرانية) وبدعم من النظام الإيراني ماديا وعسكريا جري تشكيل الميليشيا المسلحة داخل الأراضي اللبنانية التابعة مباشرة لولاية الفقيه
وظهرت ميليشيا حزب الله كمعبر عن جزء من الطائفة الشيعية اللبنانية التي تعد ضمن طوائف لبنان التسعة عشر ولم تكن ميليشيا حزب الله منذ ولادتها معبرة عن الطائفة الشيعية بالكامل فقبل ولادته كانت توجد حركة أمل والتي دخل معها صراعا داميا وكانت بحكم الواقع صراعا شيعيا شيعيا داخل لبنان بالوكالة عن طهران ودمشق علي النفوذ الشيعي فى لبنان حيث كانت حركة أمل ورقة شيعية لبنانية تابعة لسوريا فيما كان حزب الله ورقة إيرانية تسعي للنفوذ علي أرض لبنان ولم تنتهي المعارك الدامية بين الطرفين إلا عام 1990 لتصل بعد ذلك إلى مرحلة التحالف
ورغم اعتبار حزب الله وحركة أمل أكبر كتلتين شيعيتين فى لبنان إلا أن الوسط الشيعي اللبناني لا يتوزعان عليهما بل هناك شيعة لبنانيون يقفون علي النقيض من توجهاتهما
الثورة السورية … وسقوط القناع
مثلثت الثورة السورية الحدث الأبرز فى انتهاء الأسطورة التي بناها الحزب علي أساس أنه حركة مقاومة للاحتلال الصهيوني وأدت مشاركتة إلى جانب النظام فى قتال الشعب السوري إلى خسارة فادحة له حيث كان فى السابق يروج أن أعدائه ما هم إلا مجموعة مناصرة للمحور الأمريكي بينما ساهمت الثورة السورية فى إسقاط ورقة التوت التي كانت تخفي حقيقته كميليشيا شيعية إيرانية علي أرض عربية
يتكتم بشأن عدد مقاتليه المنتشرين في سوريا، ولكن مسؤولين ومحللين غربيين يعتقدون أن لديه ما بين ستة وثمانية آلاف مقاتل بالبلاد بحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية
ولكن معهد واشنطن ذكر أن أعلى عدد تقديري لقوات «حزب الله» التي تم التعهد بها للقتال في سوريا قد بلغ نحو 10,000 مقاتل، لكن من المرجح أن هذا الرقم يعكس العدد الإجمالي الذي تناوب على الذهاب إلى سوريا وليس العدد الموجود في وقتٍ واحد. وفي أوج معركة القصير في أيار/مايو 2013، قدم وزير الخارجية الفرنسي تقديراً أكثر معقولية تراوح بين 3000 و4000 مقاتل. وفي أيلول/سبتمبر 2013، نقلت وكالة رويترز عن "مسؤولي الأمن الإقليمي" أنهم أعطوا تقديراً يتراوح بين 2000 و4000 مقاتل. وتشمل أنواع القوات التي أرسلت إلى سوريا "قوات النخبة والقوات الخاصة" و"القوات الاحتياطية". وفي ضوء نطاق أنشطة «حزب الله» في سوريا التي ذكرتها الأنباء، بما في ذلك أنواع المهام ومناطق العمليات، فإن التقدير البالغ 4000 مقاتل يبدو معقولاً.
وتقدر مجلة فورين بوليسي أن حزب الله خسر ما يقارب الألف من عناصره، وتشير إلى أن الحزب يرفض أيضا مناقشة خسائره أو الإفصاح عن عدد قتلاه في سوريا، ولكن مسؤولين ومحللين أجانب يقولون إنه فقد ما بين سبعمئة وألف من مقاتليه في الحرب السورية، وإن هذا العدد يشكل خسارة كبيرة.
وتعد التقديرات التي أوردتها الصحيفة الأمريكية محافظة جدا فى ظل التوافد الكبير للنعوش علي الضاحية الجنوبية ويقدر خبراء أن الحزب خسر فى سوريا ربع مرتزقته الذين دفعهم لقتال الثوار.
ووفقاً لإحدى التقديرات "الإسرائيلية"، ساعد «حزب الله» - بحلول ربيع 2013 - في تدريب 50000 فرد من قوات النظام غير النظامية إلا أنه خسر الكثير من مرتزقته فى معارك مع الثوار فى القصير والزبداني وغيرها من المدن السورية التي ينشط فيها الثوار.
كيفية تجنيد المرتزقة بميليشيا حزب الله
دفعت صلابة الثوار السوريين إلى إستنزاف ميليشيا حزب الله عسكريا وأفقدته نخبة مقاتله ما جعله يسعي إلى استغلال حالة البطالة الكبيرة فى صفوف شيعة لبنان بالبقاع والجنوب وقام بعرض مبالغ كبيرة وإبرام عقود معهم كمرتزقة فى داخل سوريا.
ومع الاستنزاف العسكري لميليشيا حزب الله والذي تبعه استنزاف مالي قام بالعمل علي تجنيد تجار المخدرات فى الضاحية الجنوبية وشكل منهم مليشيات صغيرة تسعي لحفظ سيطرته بالجنوب وضبط الوسط الشيعي الذي تفكك بفعل الخسائر البشرية والمالية الكبيرة.
ويعد حزب الله مرتزقته من الشباب الشيعي الذي لا يجد عملا بأموال جيدة مقارنة بأوضاعهم البائسة وقدرت صفحة ذات صدي علي موقع تويتر تدعي منشق عن حزب الله أن أسرة كل مرتزق تابع لحزب الله يقتل فى سوريا تحصل علي 15 ألف دولار بعد مقتله الأمر الذي يعد مكافأة كبيرة فى ظل الأوضاع المالية المتدهورة فى البقاع والضاحية.
شيعة السفارة وتدهور البيئة الحاضنة
جراء الهجوم والتمرد الكبير الذي تعاني منها مليشيا حزب الله فى داخل الوسط الشيعي أقدم حسن نصرالله زعيم الميليشيا على وصف مناهضيه بأنهم "شيعة السفارة الأمريكية" وكان ذلك فى خطاب فى مايو الماضي واثار هجوما كبيرا عليه.
وحسب مراقبين فإن نصرالله أقدم فى سابقة هي الأولي علي توجيه النقد والتخوين إلى طائفته الشيعية وحركة أمل التي أظهرت تمايزا فى مواقفها من الثورة السورية عن مواقفه ويعد هذا الموقف دليلا علي التململ الكبير الذي استدعاه إلى تخوين جزء مهم من بيئته الحاضنة.
ولكن أزمة حزب الله مع بيئته الحاضنة لا تتعلق فقط بالموقف السياسي المعارض لقتاله مع نظام سوري قتل 300 ألف سوري وشرد الملايين بل إن الموقف يتعلق بالنعوش المتداعية علي الضاحية الجنوبية لقتلي الطائفة الشيعية المنخرطين مع الحزب فى قتال الشعب السوري.
كما تتعلق المعارضة المتنامية للحزب داخل الوسط الشيعي بتغريره بالأسر والشباب وإرسالهم للقتال كمرتزقة فى الداخل السوري
فحسب موقع أورينت اللبناني واسع الانتشار وفي أثناء دفن شاب لدي حزب الله فى البقاع وقفت والدته امام الجموع على باب منزلها قائلة ‘أخذوا مني ولدي تحت حجة أنهم يريدون تدريبهم على تجويد القرأن وحفظه لفترة يومين في حوزة (الامام المنتظر) في البقاع، بعدها اتصلوا بي من مكتب الحزب واخبروني بأن الفترة ستطول يومين إضافيين بسبب تكثيف الدروس، وعندما طلبت التحدث مع ولدي اجابوني بانه ممنوع على التلامذة الخروج من الحوزة”.
وقالت أم الشاب التابع لحزب الله "‘يا عيب الشوم على هيك مقاومة بتاخد الشباب سرقة من أهلها”.
ويري الكاتب اللبناني علي حمادة أن هجوم نصرالله غير المسبوق على معارضيه في البيئة الحاضنة، مُطلقًا عليهم تسمية "شيعة السفارة"، وناعتًا إياهم بـ"العملاء والخونة والأغبياء" يشي بأن الأصوات المعترضة التي بدأت تخرج من رحم "البيئة الحاضنة" تعكس مزاجًا معينًا ما عاد خفيًّا، رافضًا حقيقة أن "حزب الله" هو مشروع حروب دائمة في كل مكان، وأنه في مكان ما يحمّل "البيئة الحاضنة" أكثر من طاقتها، ولا سيَّما في الاشتباك الإقليمي الكبير على مساحة المشرق العربي، ثمة بدايات لوعي خطورة ما يقدمه "حزب الله" من آفاق مظلمة لمستقبل "البيئة الحاضنة".
ومع تراجع شعبية وتأييد حزب الله داخل الطائفة الشيعية ظهرت مشكلة النقص في عدد مقاتليه تطفو على السطح وبدأ يعاني من أزمة في التجنيد بسبب "حالة من التململ" التي بدأت دائرتها في التوسع في بيئته الحاضنة.
وتحدث موقع "لبنان الجديد" عن لجوء الحزب إلى فتح باب الانتساب أمام 600 عنصر جديد تحت عنوان التعاقد في منطقة البقاع وحدها، إلا أن المفاجأة كانت عدم استجابة أكثر من 150 عنصراً جديداً، رغم أن منطقة البقاع تعد الخزان البشري للحزب ورغم البدلات المالية العالية التي يدفعها الحزب للمقاتلين وقام الحزب بالاستعاضة عن المقاتلين بآخرين قاصرين لسد النقص الحاصل في عديده.
اسم المقالة:
البيئة الحاضنة لحزب الله … تفكك ما قبل الثورة
تاريخ الاضافة:
27/08/2015 
الزوار: 453
الصفحة الرئيسية 
السيرة الذاتية للشيخ 
قســـم الفــتاوى 
قتـــاوى الشيخ 
قســـم المقــالات 
مكتبة الكتب 
ركـــن القـصــص 
الدروس الكتابية 
الـــقــران الــكـريم 
المـكتبة الـمــرئية 
الخـطب والـدروس 
ركــن الانـاشــــيد 
ادعــيــة واذكـــــار 
البرامج الاسلامية 
تــواقيـع اسلامية 
خلفيات اسلامية 
ركــن الــفلاشـات 
شـاشــات تــوقف 
الـجـوال الـدعــوي 
دلـــيــل مــواقــع 
مـركــز التحـمــيـل 
الاحــصـــائــيـــات 
ســجــل الــــــزوار 
اخـبـر صــديــقــك 
اتـــصـــل بــــــنـــا