بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
انتبه الموت قادم ..... فماذا انت صانع ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     فضل الترضى عن الصحابة .. والرد على من قال بعدم الترضى ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل شفاعة النبي يوم القيامة للمسلمين وغير المسلمين؟ والرد على المردفين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رد الشبهات على من قال بفناء النار أو إلغائها ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || العمل السياسي الإسلامي بين البشريات والمحاذير
::: عرض المقالة : العمل السياسي الإسلامي بين البشريات والمحاذير :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> أقلام القراء >> مقـــالات منـوعـــة

اسم المقالة: العمل السياسي الإسلامي بين البشريات والمحاذير
كاتب المقالة: د / عطية عدلان
تاريخ الاضافة: 16/01/2014
الزوار: 723

كم هي حاسمة وفاصلة في حياة الأمة هذه المرحلة التي يخوض فيها العمل الإسلامي مواجهة مع الباطل !!

أجل .. إنها مواجهة مع الباطل – بكل ما تعنيه كلمة الباطل وبكل ما تعنيه كلمة المواجهة–مواجهة ليس فيها أدنى مواربة ولا أقل القليل من المداراة أو المداورة، مواجهة لم تدع لواحد من الفريقين فرصة لارتداء أقنعة تخفي المفاصلة التي أبت إلا أن تطل برأسها، مطوحةً بكل ما كان يغشيها من مجاملات باهتة أو تحفظات هشة.

   وباطل قد تداعى وتنادى وتناصر، وحشد وجيش واستنفر، واستوعب الأتباع والمنتفعين والقاتلين لأنفسهم حقداً وحسداً؛ فلم يدع في زاوية من الزوايا كلباً إلا استنبحه، ولا ذئباً إلا استعداه، ولا حامل سمّ في رأسه أو جوفه إلا واستخرجه من شقه وساقه بين يديه؛ ورأت الدنيا كلها كيف أن المتناقضات المتنافرات لم تجتمع في شيء على هذا الكوكب مثلما اجتمعت تحت سقف الانقلاب؛ الليبرالي مع اليساري، والفلولي مع الثورجي، والقتلة مع أهالي الشهداء، ومدعي السلفية مع كبير الأشعرية، والمقنع بعمامة بيضاء مع الملثم بعمامة سوداء !!

   ونحن على يقين من أن هذا وقع على هذا النحو ليتمايز الفريقان ويزول اللبس والغموض؛ لأن الحق تبارك وتعالى شاء - ولا راد لمشيئته – أن يحق الحق ويبطل الباطل، ليس على مستوى قطر من الأقطار وإنما على مستوى هذه الأرض التي استخلف الله فيها الإنسان وحمله أمانة شريعته، وجعل الأمة الإسلامية هي الحارسة لمنهجه في هذه الحقبة التي ستودع بعدها البشرية كلها هذه الدار؛ إلى حيث يكون الدين كله لله الواحد القهار.

   وإنه لشرف عظيم للشعب المصري أن يبتدئها، أن يبتدئها على نور من الله، لا يغشيها غبش ولا يشوبها كدر؛ فها هو الشعب الطهور الطيب قد استجاب طوعا وكرها، ومضى على رغب ورهب، لا يلوي على شيء؛ لأنه يدرك بالفطرة وبما تحصل لديه من خبرة أنه لا خيار أمامه إلا المضيّ قدماً؛ فهي - إذاً - معركة يديرها من يدير هذا الكون، وسينتصر فيها من يكون في حزبه؛ شاء الناس في مشرق الأرض ومغربهاأو أبو.

لأجل ذلك كانت دراسة السلبيات والإيجابيات وتقييم الأداء الدعوي والسياسي والحركي والعلمي في المرحلة التي مهدت لهذه المواجهة من أهم ما يجب أن يستفاد به في إدارة الصراع؛ لأنه بغير إدراك مستوى الأداء وما اكتنفه من إيجابيات وسلبيات يصعب كثيراً التوجيه الدقيق لسفينة الثورة، ويعز جداً التحكم في دفة العمل الإسلامي وسط هذه التيارات المتداخلة والأمواج المتلاطمة.

 وأعتقد – ولعلي مصيب في اعتقادي هذا – أنه من الصعب الفصل بين الأداء السياسي وبين الأداء الدعوي أو العلمي أو الحركي الثوري؛ ليس فقط لأن التفاعل بينها واقع لا ينكر، ولكن لذلك ولأمر آخر أقوى وأقدم، وهو أنه لا انفصال في حقيقة الأمر بين هذه الأشياء، اللهم إلا لتمييز الاختصاصات الدقيقة، أما لدى تقييم الأداء المؤثر في مرحلة برمتها فمن الصعب تمزيق أعضاء الجسد الواحد، ولماذا هذا الفصل غير المبرر؟ أليست كل الأحزاب السياسية تمارس دعوة ؟! وتتبنى عقيدة، وتعتمد على علوم تدرسها لأتباعها وتشيع العلم بها؟! أم إننا صدقنا الفرية التي يبدو أنها لم تصنع إلا لنا، وهي أن الدين والسياسة ضرتان لا تجتمعان تحت سقف واحد حتى يجتمع الليل والنهار على الصقع الواحد ؟!

أولاً الإيجابيات

ولنبدأ بالحديث عن الإيجابيات، وهي - بلا مجاملة ولا تهويل - كثيرة وقوية ومؤثرة، لكننا سنكتفي - فقط - بالحديث عن ثلاثة منها؛ أرى أنها جديدة وتأثيرها أكثر دواماً وعموماً؛ فلن نتحدث - إذاً - عن الاستعداد للتضحية، ولا عن القدرة على البذل والعطاء، ولا عن الصمود والمثابرة وطول النفس، ولا عن التحرك الواسع الدؤوب، ولا عن غير ذلك من الإيجابيات التي لا تقل أهمية عما سنتحدث عنه؛ لا لشيء إلا لأنها ليست جديدة بل هي ملازمة للعمل الإسلامي الصادق لا تنفك عنه في جميع مراحل نضاله.

الإيجابية الأولى: 

يأتي على رأس هذه الإيجابيات تلك الإيجابية المبشرة، وهي جنوح الفصائل الإسلامية إلى التوحد، ومسارعتها إلى الائتلاف لدى الشعور بالخطر، وعند تعرض المشروع الإسلامي للضياع، وهذه - بصدق وواقعية - إيجابية كبيرة، لم تكن موجودة من قبل بهذه القوة، وكان من الممكن - والمبررات كثيرة وباب التأويل واسع - أن تتفرق هذه الفصائل لدى وقوع الخطر؛ حرصاً من كل فصيل على أن تبقى مكتسباته في حيز السلامة، وهي أنانية سياسية تفرضها البراجماتية التي يصطبغ بها العمل الحزبي، لاسيما وقد كانت هناك قبل أن يقع ما وقع بذور للخلاف بسبب ما كانت تفور به الساحة من انتقادات على الفصيل الحاكم آنذاك.

   لقد فزع الإسلاميون جميعاً - في العسر واليسر والنشاط والكسل -  إلى معتصم الوحدة والألفة لدى الملمات، حدث هذا في مواطن كثيرة، أبرزها الوقفات الثلاث المشرفة، والكاشفة عن الوعي الجماعي والنضج الإيماني، حدث هذا يوم أن خاض مرشح التيار الإسلامي أول انتخابات رئاسية ضد المرشحين المناهضين للإسلام ولمشروعه الحضاري الكبير، ورأيناهم يقفون خلفة في المعركة الانتخابية، ثم رأيناهم مرابطين بالميادين حماية للانتخابات من التزوير، ثم مواصلين الرباط لفك قيود الإعلان الدستوري الذي أصدره مجلس العسكر ليلة إعلان النتيجة.

   وحدث هذا أيضاً يوم أن وقفت القوى السياسية بأجمعها ضد الرئيس الشرعي في أزمة الإعلان الدستوري، ورمته عن قوس واحدة، ولعل جؤار الأحرار عند جامعة القاهرة لا يزال صداه يدوي في أجواز الفضاء وتضاعيف الكون معلنا عن قوة الرابطة الإسلامية.

   ثم جاءت المدلهمة الكبرى، في الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو؛ لتكشف عن عظمة الرابطة الإسلامية؛ حيث هرعت كل الفصائل الإسلامية وكافة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إلى الميادين، يمضي وراءها كل صادق من أبناء هذه الأمة وكل صادقة، طلقوا دنياهم وودعوا أعمالهم ومصالحهم وهجروا بيوتهم، واحتضنتهم الشوارع والميادين رجالاً ونساءً وشباباً وشيبةً، افترشوا أرضاً اختلط فيها لهيب الصيف مع لهيب الغربة، والتحفوا سماءً امتزج فيها وهج الشمس المحرقة مع وهج الأزمة الطاحنة.

ومن رابه هذا الذي أقوله وأحب أن يتأكد أهو واقع أم تهويل فعليه - فقط - أن يتابع الشارع الثوري الآن؛ ليرى كيف تمضي كل القوى الإسلامية جنباً إلى جنب رغم وعورة الطريق، قد اتسع التسامح بينهم فاستوعب كل الخلافات، وعلا مدّه فغطى جميع المآخذ التي كانت بالأمس تتقاذفها الألسنة في أروقة الإعلام وأزقة العمل السياسي.

   وليس يعكر على هذا الذي نجزم به من شأن هذه الإيجابية أن نرى فصيلاً خرج من الجماعة ونزع يد الطاعة، ليضعها في يد الخوارج الانقلابيين الذين تآمروا على الأمة وانقلبوا على شرعيتها؛ لأنه من المسَلَّم به واقعياً وتاريخياً أن وحدة الأمة لم يضرها في يوم من الدهر - عندما كانت متوحدة - أن تنسل فئة منها لتتخذ من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة، فانسلال هذا الكيان من الجماعة وخروجه عن الطاعة لا يمثل خلافاً سياسياً ولا انشقاقاً في الصف؛ لكونهم لا يمثلون السلفية؛ فالسلفية الآن مع سائر الفصائل الإسلامية في ميادين العزة. أما هم فلا يمثلون إلا أنفسهم؛ أي الجهاز الإداري للدعوة السلفية بالإسكندرية ولحزب النور الذي يدار من داخلها، ومعهم بعض الأشياع والأتباع.

   ولا ينقص من قدر هذه الإيجابية الكبيرة أن نجد الإسلاميين في أوقات الرخاء مختلفين؛ لأن الاختلاف بين أهل الحق وارد؛ فلا يزال أهل الحق يختلفون من لدن الصحابة إلى يومنا هذا؛ فلم يضرهم الاختلاف، ولقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في زمن الحكم الراشدي في مواضع كثيرة، اختلفوا في قتال مانعي الزكاة، واختلفوا في تكييف وتصنيف الأرض المغنومة عنوة في العراق فيما سمي بسواد العراق، واختلف أبوبكر وعمر في شأن خالد فكان عمر يرى عزله وكان أبوبكر يرعى عكس ما رآه عمر، ومن بعدهم تشعبت الآراء حتى كانت المذاهب الفقهية بمدارسها المختلفة، وما ضر ذلك الوحدة الإسلامية؛ لأنه كان اختلافاً لا خلافاً، وإننا لنرى الإسلاميين الآن يتجهون إلى هذه الوضعية السوية، وبخاصة بعد أن قفز من سفينتهم من كانوا سبباً في تحويل الاختلاف في الرأي إلى مادة لإشعال الفتن والفرقة بين الإسلاميين.

   فيجب أن نغذي هذه الإيجابية العظيمة وأن نحسن استثمارها؛ لأن الطريق طويل، لا أقول: طريق سقوط الانقلاب واندحاره؛ فهذا - إن شاء الله تعالى - أقرب مما يتوقعه المتفائلون، ولكن أقول: طريق التمكين للإسلام، وإقامة الدولة الإسلامية العظمى، وتطبيق شريعة رب العالمين، وإخراج الخلق جميعاً من ضيق شرائعهم إلى سعة شريعة الله تبارك وتعالى.

الإيجابية الثانية:

وتأتي الإيجابية الثانية لتصدم الانقلابيين وتخالف كل توقعاتهم وتربك - من ثمّ - مخططاتهم، وهي ( النضال المنضبط حركياً ) والذي لا يضطرب ولا يميد رغم تتابع الضربات، وتنوع وتوالي الأزمات، وتطور أشكال القمع واستفحالها يوماً بعد يوم، ويبلغ هذا الانضباط منتهاه عندما يعم كافة الفعاليات ويشمل جميع الشرائح، ويبلغ ذروته بوقوع التصعيد بشكل متدرج يأتي في كل مرة مكافئاً للعدوان مع إبقاء العدو أبداً في دائرة المعتدي الغاشم المرتكب للمجازر، لا يستطيع أن يدعي عكس ذلك إلا بكذب مفضوح.

   وهذا - بلا ريب - كسب جديد اكتسبته الحركة الإسلامية في أيامنا هذه، ولم تكن في سابق عهدها على هذا النحو من التماسك والانسجام والانضباط، ومن الوعي الحركي الذي صار كاللغة الموحدة في كل ميادين العزة، ولقد كانت الحركة الإسلامية في سابق عهدها - إلا ما رحم ربي - جامحة وعصية على النظام، وسريعة الانفلات من قيود ميزان المصالح، وكانت - إلا من رحم الله - خفيفة تطير خلف كل ناعق، وربما أحسن الكثيرون ممن انتسبوا للدعوة وأخلصوا لها الهروب، إما إلى الأمام باستعجال مالم يأت أوانه، وإما إلى الخلف بالانهماك فيما مضى عهده وسلف زمانه، أما اليوم فهي تدرك واجب الوقت وتصر على أن تقوم به دون غيره، بالوسيلة المناسبة للوقت دون غيرها.

   إن هذا الانضباط الحركي الصبور، وهذه الحالة من الحراك المتزن الصادر عن منهجية واضحة المعالم أكبر دليل وأوضح برهان على صفة الجندية بكل مكوناتها من الالتزام والطاعة والوعي السياسي والنضج الحركي والتجاوب والإيجابية السوية والإقدام المدروس والشجاعة في غير تهور وغير ذلك مما لا بد منه للجندي المؤهل لتغيير الدنيا، صفة الجندية وطبيعة الجندية التي صارت الصبغة العامة للجسد الإسلامي، والتي إن وجدت الرأس الحكيم المدبر - وأحسبه موجوداً إن شاء الله - سيكون المشروع الإسلامي في حيز التطبيق عما قريب بإذن الله تعالى، وسيكون العالم الإسلامي كله مهداً لميلاد فجر جديد حميد، والرأس الحكيم المدبر يتكون - كمخ الإنسان - من فصين: القيادة السياسية والقيادة الشرعية، وهما موجودان بالفعل، لكن أين الانسجام والالتحام الذي لابد منه ليسلم الجسد كله من الاختلال ؟ هذا الانسجام والالتحام هو الإيجابية المنشودة التي سنشير إليها بعد أن نمر على ثالث الإيجابيات الموجودة.

   ولكن قبل أن نبرح هذا الموطن أحب أن أؤكد على الثوار - والشباب على وجه الخصوص - ألا يحدثوا جديداً حتى يراجعوا قيادات العمل الإسلامي وبخاصة قيادات التحالف؛ فإن الذئاب والثعالب تتربص بالثورة في كل طريق، ولا تزال أجهزة المخابرات التي لعبت في الماضي دوراً خطيراً لا تزال قادرة على لعب أدوار كثيرة في الحاضر والمستقبل، وهي كثيرة منها الداخلية ومنها الخارجية.

الإيجابية الثالثة:

أما الإيجابية الثالثة فهي القدرة الجديدة والمكتسبة على التفاعل مع الشارع وتحريكه دون التفريط في الصبغة الإسلامية للحركة الثورية، فمما لا شك فيه أن هناك حالة من التجاوب الشديد من الشارع المصري في أغلبه، وإن كان هذا التجاوب لا يترجم كله في مشاركة فعلية بسبب البطش الشديد للنظام الانقلابي الغشوم، إلا أنه - بصورة أو بأخرى - يعتبر تجاوباً وتفاعلاً، ويعتبر دلالة على نجاح الإسلاميين في تحريك الشارع والتأثير فيه والتفاعل معه رغم الحملة الأمنية الضارية.

   وإلى جانب هذه الظاهرة الملحوظة بشدة والتي لم يضعف من كونها استجابة ثورية ذلك الانقسام المجتمعي الحادّ وتلك الحالة من الاستقطاب السياسي والأيديولوجي العنيف؛ إلى جانب هذه الظاهرة نجد ظاهرة أخرى لافتة للنظر ومثيرة للاهتمام، وهي استمرار وثبات الصبغة الإسلامية للثورة، وهذا إنما يدل على قدرة الثوار على إحداث التوازن بين إسلامية الثورة وبين تفاعلها مع الشارع.

   ربما يرى البعض أن هذا طبيعي ولا فضل للثوار فيه لأن الشعب المصري بطبيعته متدين يحب الإسلام، وهي رؤية ليست بعيدة عن الواقع، فهكذا الشعب المصري بالفعل، ولكن الذي يغيب عن مخيلة من يرى ذلك هو أن تدين الشعب المصري بعيد عن فلسفة الثورات، وهو على مدى أعوام يتلقى من الإعلام ومن مشايخ السلطان ما يفيد أن الثورة ليست شأناً إسلامياً وإنما هي شأن مدني؛ ولقد كان تحدياً صعباً أن ينزل الثوار بثورتهم إلى الشارع الذي تشبع بالكراهية للتجربة الإسلامية في السياسة والحكم، ولكن تمت مواجهة التحدي، ووقع التأثير في الشعب دون التخلي عن الصبغة الإسلامية للثورة، وهذا مكسب - لا ريب - عظيم، ومن هنا كانت هذه الإيجابية التي تعد من مكتسبات المحنة.

الإيجابية المرتقبة:

تبقى إيجابية ننتظرها على لهفة وشوق، إنها الإيجابية المنتظرة - ولا أقول المفقودة لأن مؤهلاتها موجودة - إنها ما نرجوه من الالتحام والانسجام بين الهيئة العلمية الشرعية والهيئة السياسية الحركية، لقد عانينا كثيراً من ذلك الفصام النكد بين الهيئتين، فلقد شعر الشباب بحالة من الالتباس بسبب غياب الهيئة العلمية عن مشهد ثورة يناير؛ وارتباكها في توصيف المشهد، وهجرانها للنازلة بما يشكل انصرافاً عن تحمل المسئولية الشرعية، وترك الشباب يتحملها مع ما يتحمله من عنت في الشارع، ولقد كانت الهيئة السياسية للتيارات الإسلامية أكثر رشداً وأصوب رأياً، فتصدت للنازلة، وتواجدت في الحقلين: السياسي والشرعي، وهذا في حد ذاته له مخاطره وسلبياته؛ حيث يكرس الشعور بالاستغناء عن الدور الفقهي في صناعة القرارات الهامة التي ترسم للأمة طريقها، وتسقط من هيبة القرار الشرعي أمام القرار السياسي، وتجعل القيادة السياسية والقيادة الشرعية في حالة من التباعد والتجاحد.

   واليوم - بعدما ح! بالأمة ما حلّ- يتساءل الشباب والثوار الذين يسحلون في الشوارع: أين العلماء ؟ أين أهل الشريعة ورجال الدعوة، لماذا لا يقولون كلمتهم ؟ لماذا لا يواجهون النازلة بالحكم الشرعي الذي يورث طمأنينة ويصنع ثقة مصدرها الشرع المطهر ؟

   إن الذي نخشاه هو مستقبل العلماء ورجال الدعوة مع هذا الشباب وهؤلاء الثوار، هل سيستطيع العلماء أن يكونوا جديرين بأن يسمع لهم الجيل القادم ؟ الذي سيبني بنفسه مستقبلاً جديداً لهذه البلاد قد لا يكون لهم فيه وجود مؤثر!!

   لكن يخفف من وطأة هذه الأزمة أن بعض العلماء الربانيين قاموا بما يقدرون عليه من الواجب وتصدوا للنازلة وبينوا الحكم الشرعي فيها، ولكن يبقى أن جل الهيئة العلمية لا يزال خارج المشهد؛ بما يجعل هؤلاء العلماء في غربة وهم يجتهدون لملء المساحة الشاغرة التي تركها أربابها.

   ولا يزال الأمل قائما أن يعود علماؤنا إلى مكان القيادة في مسيرة التغيير؛ ليتحقق الانسجام التام والوئام والالتحام بين أهل الحل والعقد من الفقهاء وأهل الحل والعقد من القادة والأمراء.

ثانياً: السلبيات

أما سلبيات تلك المرحلة فهي أكثر من أن تحصر في هذه الدراسة المتعجلة، لكننا سنجتهد في الحديث عنها بما يصلح زاداً للمسافر، وسنتخذ من الإجمال وسيلة لإدراك هذه الغاية.

لكن قبل أن نطأ بأقدامنا هذه الأرض الزلقة، نجد أنفسنا مضطرين إلى المرور على هذه القاعدة الحركية الربانية، وهي القاعدة التي استمد منها الثوار القدرة على ما أسموه بإحباط الإحباط، فإن الحق تبارك وتعالى – وهو يربي المسلمين الأوائل على نار الحدث الصادم في أحد – وضع لهم في بدء الحديث عن السلبيات قاعدة الاستعلاء على الحدث مهما كانت قسوته ومهما كانت أخطاء المسلمين التي أدت إليه، فقال عزَّ وجلَّ: " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين أمنوا ويمحق الكافرين"

   لكأن هذه الآيات تتنزل اليوم لتربت على قلوب المؤمنين وتضمد جروح نفوسهم وقروحها، ولتبشرهم بأن ما وقع لهم من أذى وضر هو المقدمة الضرورية لمحق الظالمين وكسر شوكتهم، وما هذا اليوم إلا مزعة هزيلة من الزمان الذي يمسك الملك الجليل بأطرافه فيديل أيامه تارة على هؤلاء وتارة على هؤلاء؛ لتكون الدائرة في آخر الأمر لأهل الحق على أهل الباطل.

   إن الآيات تحتوي على جملة من الحقائق إن تجاهلناها بين يدي تناول السلبيات والتنبيه عليها تحول حديثنا إلى هدم لا يرجى بعده قيام لبناء.

أول هذه الحقائق: أن المؤمنين هم الأعلون دائماً بإيمانهم وعبوديتهم لمولاهم، سواء كانوا في حال نصر أو في حال هزيمة، وسواء أجادوا في عملهم أو قصروا، فلا يجرمنهم تقصير وقع منهم على أن يقتلوا أنفسهم حسرة ويجلدوها كمداً، فما على هذا النهج يثب الجواد من كبوته.

ثاني هذه الحقائق: أنَّ الذي ينساه أهل الإيمان دائماً - لطبيعة نفوسهم اللوامة والتواقة للكمال - أن ما يصيبهم من قرح في أي موطن من مواطن المواجهة الصادقة مع الباطل يقابله في جسد الباطل قرح مثله؛ وإذا كانوا يألمون لما أصابهم فإن أهل الباطل يألمون مثلهم، ولكن الذي يختصّ به أهل الإيمان هو أنهم يرجون من الله ما لا يرجوه أعدائهم من النصر والأجر.

ثالث هذه الحقائق: أن وقوع مثل هذه المحن للمؤمنين واتخاذ الله من المؤمنين شهداء يعد مقدمة لتحقيق المقصد الرباني الكبير، ألا وهو محق المجرمين.

إن هذه الآيات تدعونا إلى فهم طبيعة الصراع، إنه ليس صراعاً على سلطة، ولا نزاعاً بين حزب وآخر، ولا حرباً يتولاها فريق من الوطن ضد آخر، كلا .. إنما هو الصراع على ما هو أكبر، إنه الصراع على السيادة في هذه الأرض في المرحلة المقبلة: لمن تكون ؟!!

  لقد أدرك صانعوا القرار الكبار أن لدى الأمة الإسلامية مشروعاً حضارياً ربانياً مؤهلاً لأن يرث الحضارة الغربية، وأن لديه القدرة على تغيير الخريطة البشرية على هذا الكوكب، وعلى إعادة هيكلة الحضارة الإنسانية على نسق ربانيٍّ فريد، وأنّ هذا المشروع الذي ظلَّ دهراً أسيراً خلف قضبان الأنظمة العميلة الموالية للغرب وللصهيونية قد جعلته الموجة الأولىللربيع العربيفي حيز الإمكان.

   فليست - إذاً - هذه القوى التي تضرب وتقتل وتعتقل وتعذب سوى أدوات حمقاء غشومة، وأجهزة خرقاء عميلة لدى هؤلاء الكبار صناع القرار، وقليل من الربط بين المواقف والتصريحات والاتصالات والزيارات يؤكد هذا المعنى.

   من هنا تأتي أهمية دراسة السلبيات بهذه النفسية التي تتأبّى على الانهزام وتستعلي على كل دواعي الإحباط، وهي - بطبيعة الحال - مرتبطة بالأداء السياسي وغيره في الفترة من الثورة إلى وقوع الانقلاب، وليست متناولة للأداء الثوري بعد ذلك.

السلبية الأولى:

يأتي على رأس هذه السلبيات تلك السلبية الخطيرة التي لا يوجد ما يبررها إلا عزوف أهل العلم عن المسائل الكبار، وعجلة أهل الحركة والسياسة وعدم صبرهم على ضرورة الصدور في تصرفاتهم عن أصل شرعيّ، ألا وهي: ضعف الفقه السياسي الإسلامي وتعطيله.

   ولقد كان الكثيرون يتوقعون أن يخرج حزب النور على الناس بفهم دقيق وفقه عميق؛ إذ هم أهل الفقه والشريعة!! وكانوا من قبل في موضع المراقب لمن مارس السياسة من الإسلاميين، وربما لم يكتفوا بموقف المراقبة والنقد حتى مارسوا الوصاية باسم أهل السنة، فأخرجوا من دائرتهم من تحالفوا مع العلمانيين أو اتخذوا من العمل البرلماني سبيلاً لتحقيق مصالح أو دفع مفاسد؛ لكون البرلمان يشرع من دون الله تعالى، وأوسعوا من خالفهم في فهمهم هذا سباً وقذفاً.

   ولما جاء مطلع القصيدة في البرلمان على هذا النحو المزلزل؛ حيث رفض الأعضاء في إصرار جماعي يوحي بأنه فقه عام،رفضوا القسم باحترام الدستور إلا مدغماً بالقيد الذي ينفي التهمة بموافقة ما يخالف شرع الله؛ صدم الناس في فقه أولئك، ولكن توقعوا أن يكون النهج المستدام هو التمسك بالثوابت والفروع والتشبث بكل ما دق وجل من دين الله؛ وكان العزاء: لعلهم يحدثون بهذا توازناً مع من يتهمونهم بالتميع والانحلال.

   فلما وضعوا أيديهم في أيدي جبهة خراب مصر وتحالفوا معها ضد الرئيس الشرعي المنتخب، ثم لما دخلوا مع الانقلاب في خندق الخيانة وشاركوه جريمة الخروج على الحاكم الشرعي؛ فهمنا أن تذرعهم في تبديل مواقفهم بقاعدة " لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان " كان لعباً بالقواعد الشرعية، وضحكاً على الأغمار الذين سحروهم بفرقعة المصطلحات وصلصة العبارات.

   وعليه فعندما نتحدث عن ضعف الفقه السياسي لا نعني هؤلاء بالحديث؛ لأنهم ليسوا أرباب فقه لا قوي ولا ضعيف، وما ارتكبوه في حق الفقه وفي حق الأمة كفيل بأن يطرحهم خارج المعادلة، ولكن أحببت أن أسوق ذكر ما صنعوه بين يدي الحديث عن سلبية ضعف الفقه السياسي؛ لا على سبيل المثال - إذ ليس ما صنعوه مثالاً لضعف الفقه وإنما هو مثال للمواقف (البراجماتية) البعيدة عن الفقه والنائية عن الشرع - وإنما على سبيل الاعتبار بمصير من لا ينضبط بالفقه السياسي الإسلامي وأحكامه وهو يمارس السياسة.

   ويتجلى ضعف الفقه السياسي في ظهور جملة من المعضلات الفكرية والفقهية التي لم تسعد بجواب فقهي، اللهم إلا صفحات متفرقة وآراء مبعثرة وأقاويل مرتجلة، اتسم أغلبها بالضعف والاضطراب وافتقاد المنهجية الصحيحة، وخرج كثير منها بنتائج صادمة.

هل كان دخول الإسلاميين المعترك السياسي بهذا الثقل بعد ثورة يناير أمراً يتفق مع المصلحة من وجهة النظر الشرعية؟ وهل كانت قواعد السياسة الشرعية تؤيد هذا الاتجاه في هذا التوقيت أم لا ؟ وهل هناك قواعد فقهية عامة تضبط الاختيار في هذه التوقيتات الحرجة ؟ أين ميزان المصالح والمفاسد الذي يتدخل في الوقت المناسب ليقول كلمة الشرع في مثل هذه القرارات الخطيرة ؟

   ما هو الأصل الشرعي لقيام الأحزاب الإسلامية في هذا التوقيت ؟ وما هو التخريج الشرعي المقنع لها ؟ وما مدى جواز تعدديتها ؟ وما هي ضوابط هذا التعدد إن جاز ؟ وما هي الأحكام المتعلقة بعمل هذه الأحزاب في هذه المرحلة من حيث علاقاتها بالأحزاب غير الإسلامية، وعلاقاتها بالجهات الخارجية والسلطات الداخلية ؟ من حيث تنظيمها الداخلي وما تتعرض له من مشكلات ؟

   ما هو موقف الشريعة من المصطلحات الجديدة، مثل: الديمقراطية – الدولة المدنية – المواطنة – وغيرها، وما هي كيفية التعامل مع هذه المصطلحات ؟

   ما هو التوصيف الشرعي الصحيح لحاكم مسلم ينتمي لأهل الشريعة ويعتزم تطبيقها، ويرتب لاستقلال البلاد عن التبعية للغرب، وقد اختاره الشعب بحرية تامة، غير أنه تم اختياره عن طريق آليات الديمقراطية ؟ ما حكمه من حيث وجوب الطاعة والنصرة وتحريم الخروج عليه وغير ذلك ؟

   ما حكم التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية ؟ وما هي ضوابط التدرج إن كان جائزاً ؟ وماذا لو عجز عن تطبيقها في زمان معين ؟

   هذه وغيرها أسئلة أثيرت ولم تجد من يجيب عليها جوابا شافياً، اللهم إلا بعض الاجتهادات الفردية التي لا تروي من ظمأ ولا تغني من جوع، وكثير من هذه الاجتهادات كان بمثابة التمهيد الفقهي لما يجري اليوم من مآسي.

   ولقد ظهر الضعف الشديد في فقه السياسة الشرعية من اللحظة الأولى لانطلاق ثورة يناير، فكان الصوت المسموع داخل الوسط السلفي على وجه العموم: هو أن الخروج على الحاكم لا يجوز، وأن تحريك الدهماء فتنة لا يرضى بها إلا كل خارجي محارب لله ورسوله، ومع أن هذا الطرح الخفيف السخيف عار تماما عن الصحة إلا أننا لم نجد من يتصدى لهذه النازلة ويضعها في تكييفها الصحيح لتخرس الألسنة المستطيلة على شرع الله تعالى، ولم نجد إلا كلمات متناثرة هنا وهناك، لا تنم عن جدية في الرجوع إلى الشريعة الغراء.

   لقد كان لهذه السلبية أثر خطير على العمل الإسلامي كله، وبخاصة العمل السياسي؛ حيث بدا التخبط في الآراء والمواقف، وعدم وضوح الرؤية، واتخاذ قرارات غير صحيحة؛ مما نتج عنه نجاح الإعلام في استغلال هذا الارتباك في تشويه صورة الإسلاميين وصرف الناس عنهم وعن مشروعهم الذي ربما أن الكثيرين منهم لا يعرفون تفاصيله، ولا يملكون رؤية واضحة متكاملة لتطبيقه.

السلبية الثانية:

أما السلبية الثانية فهي عدم فهم الكثيرين ممن دخلوا المعترك السياسي لطبيعة المرحلة ومقتضياتها، وعدم امتلاك رؤية ومنهجية واضحة للتعامل معها، ومن هنا كان التخبط في الأداء والارتباك في المشهد كله.

   المرحلة لم تكن مرحلة التمكين وبناء الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة وإقامة المشروع الإسلامي، وإنما كانت مرحلة التمهيد لكل ذلك، ولم تكن كذلك مرحلة التقويم الإصلاحي لما اعوج من مؤسسات الدولة وإعادة ترميمها، وإنما كانت مرحلة التطهير والتغيير والاجتثاث والاستبدال، مرحلة السعي لامتلاك الردع وبسط اليمين على أدوات البطش، وخلع كل جذور الفساد من أصولها الضاربة في التربة المصرية, فمن تصور أنها بداية الفتح المبين والفرصة التاريخية السانحة لإقامة الشريعة كان مخطئاً، ومن تصور أنها مرحلة المصالحة والترميم والتسنيد كان مخطئاً خطأً أفدح.

لقد كان عمر رضي الله عنه يجأر بالدعاء: اللهم أنزل لنا في الخمر بياناً شافياً، لكن الوحي السماوي يمضي حسب خطة ربانية موضوعة؛ ليتعلم المسلمون أن التدرج الذي يمهد المجتمع لتلقي الحكم الشرعي وتنفيذه بتوقير وإجلال سنة إلهية، ولم ينزل الحكم البات بتحريم الخمر التي هي أم الخبائث إلا في سورة المائدة التي نزلت - على الأرجح - في العام السادس للهجرة.

   ولكن موقف الوحي من المجرمين عند امتلاك القدرة عليهم كان مختلفاً، ففي العام الأول للهجرة نزلت سورة محمد، وفيها: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"

   ذلك لأنه مع امتلاك المجرمين للقوة ولأدوات السلطة والبطش لا يمكن أن تستقر لأهل الحق دولة، ولقد كانت المرحلة بعد سقوط الطاغية تتطلب التطهير قبل كل شيء، وتحتم التريث في غير ذلك، وتقتضي تفويت الفرصة على من يريد أن يقصي الكل عن موقف القوة وهو الموقف الثوري الذي يعتمد التطهير منهجاً.

   لقد تلقت الأفعى ضربة على أم رأسها، ثم أصابها الذهول والدهشة وهي ترى الغر يرمي معوله وينصرف عنها ليبني ويغرس، وسرعان ما استعادت الأفعى عافيتها؛ لتتربص ولتصنع الفرصة التي تحكم فيها قبضتها على غريمها، ولقد لعبت هذه الأفعى على محورين؛ الأول: تفكيك الشارع الثوري وإسقاط الحماية الشعبية عن الفصيل الأقوى وهو الإسلاميون، الثاني: إنهاء الحالة الثورية بالتدريج وتبريد الشارع عن طريق إطالة الأمد وخلق الأزمات؛ وبذلك أخذت الجميع بعيدا عن مكمن قوتهم - وهو الحالة الثورية المحمية بغطاء شعبي- ليفترسهم فرادى أو مجتمعين كما يحلو له أو كما تفرضه طبيعة الموقف.

   ولعلنا الآن وعينا الدرس، وليس بعد فوات الأوان، فلا تزال الفرصة سانحة، ولولا رحمة ربي لم تكن كذلك، ولسوف تصل يد الثورة إلى المعول الذي فقدته، ويومها ستنقض على الأفعى القبيحة. ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.

السلبية الثالثة:

أما السلبية الثالثة فهي الركون إلى الذين ظلموا، وهي سلبية فيها مخالفة صريحة لمنهج الله تعالى ولأمره وحكمه، يقول الله عز وجلَّ: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون " ويقول سبحانه: " يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالأً "ولقد كان الجميع على علم قطعي بأن من جلسوا معهم فرادى ومجتمعين من أكابر الظالمين وأئمة الإجرام، وتأكد لهم ذلك مرة بعد مرة من خلال مواقفهم، برغم أن هذه الحقيقة لا تحتاج إلى تأكيد، ومع ذلك جلس الكل معهم، وأحسنوا الظن بهم، ووضعوا في أيدبهم مقاليد الأمور، أو باركوا تركها بأيديهم.

ومن هنا جاءت الكوارث، أولها تقديم المسار الإصلاحي على المسار الثوري، ثانيها التفريط في الشارع وفي الثوار وإعطاء الفرصة للمخابرات لتلعب دورها في تفريق الصف، ثالثها ترك بؤر الفساد وجيوب الفتنة تدبر وتحيك المؤامرات، وغير ذلك من المهلكات.

   تلك كانت السلبيات الكبار التي لعبت دوراً كبيراً في إعطاء الفرصة للمتآمرين ليثبوا على كل مكتسبات ثورة يناير بل وعلى أغلب مكتسبات العمل الإسلامي منذ سنين.

   ولكن برغم ذلك نحن على يقين من أن نصر الله آت وأن الفرج بات قريباً وأن زوال البغي أضحى وشيكاً، ولن يخذل الله المؤمنين المناضلين ما داموا يبذلون ويضحون، " وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون "

طباعة


روابط ذات صلة

  الساعة الخامسة والسابعة صباحاً  
  استووا  
  ][][][ ما يبكيك؟ ][][][  
  لا تنشغل بغير الطريق  
  عيد الحب .... لمن ؟  
  أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...  
  (( دماء على استار الكعبة ))  
  ثورة قرامطة البحرين ـ الإصدار الأخير  
  ويوم الاستفتاء انكشف الغطاء؟! حقائق ودلالات وأسرار  
  انفجار القدس.. وأسوأ كوابيس تل أبيب!  
  مصر... وسيناريو صراع الهوية بين الإسلام والعلمانية  
  "إسرائيل" تقود الثورة المضادة بورقة الأقليات  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  أكاد أصبح شيعياً  
  مادام جسدك لم ولن ينافقك . . فلماذا الوهم؟!  
  ليلة القبض على آل مبارك وبراءة الجيش المصري  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  التفسير السياسي للهجوم علي السلفية  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك  
  كاميليا شحاتة .. امرأة هزت عرش البابا  
  "إسرائيل" مذعورة.. أخيراً تحركت دبابات بشار  
  النظام السوري.. عوامل الانهيار ورهانات البقاء  
  الجيوش العربية في عصر الثورات الشعبية  
  الله أكبر ! كيف لا أغار على أمَي عائشة و الله عز وجل يغار لها ؟؟!  
  التفسير السياسي للفتنة الطائفية في مصر  
  ثلاثين يوم ثورة وثلاثين سنة مبارك  
  الرؤية الاستراتيجيَّة.. ضرورة لحصد ثمار الثورات العربيَّة  
  شيطنة بن لادن  
  المخطط الصهيوني الجديد للوقيعة بين مصر ودول الخليج العربي  
  أمريكا والانقياد الأعمى خلف إسرائيل  
  أَخرِج القطن مِن أُذنيك!  
  وجوب التفقه في الدين  
  نصر الله المصري ونصر الله السوري  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 1008701

تفاصيل المتواجدين