وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً :
أخذ الأجر على تغسيل الميت لا بأس به ، ولا يوجد نص
بالمنع عن هذا ، وخاصة إذا كنت في حاجة إلى هذا الأجر ، أما إن كنت في غير حاجة
فالأفضل عدم الأخذ ، وجعل التغسيل حسبة لله تعالى ، وأجرك على الله .
ودليل ذلك أن أخذ الأجر على تعليم كتاب الله عز وجل وهو
أعز وأجل من التغسيل بالا تفاق يجوز ، وكذلك الإمامة .
فعن
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) أخرجه البخاري
ثانيا :
أما
الامتناع عن تغسيل بعضهن لعدم معرفتك بهن ، وغسل من تعرفين ، مخافة الشهرة ،
فلماذا هذا الامتناع عن فعل الخير ، وخاصة إذا كنت على علم بفقه الغسل الصحيح
السني الخالي من البدع والمنكرات.
ثالثا :
أما
التغسيل في حالة الحيض فهو جائز لأن الحائض لا تملك طهرها ، بخلاف الجنب الذي يملك
الطهر بيده ، مع وجود الخلاف في حكم غسله للميت.
فلا
خلاف بين أهل العلم في صحة تغسيل المرأة الحائض للميت ، وإنما اختلفوا في كراهية
ذلك على قولين:
القول الأول :
بعدم
الكراهة وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد
قالوا لا يكره غسل الحائض للميت ، لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل ، ولا دليل
بالمنع ، وكذلك قول التابعين ومن بعدهم ، كعلقمة وعطاء،
القول الثاني :
وهو
الكراهة قال به مالك وإسحاق وابن المنذر وهو مذهب الحنابلة ، وقول جماعة من
التابعين كالحسن وابن سيرين ،ولا أعلم لهم دليلا.
والذي أذهب إليه:
هو القول الأول فهو
الأصح عندي لأن الأدلة عليه كثيرة منها .
أن
النجاسة المقصودة للحائض أو حتى الجنب نجاسة حكمية وليس عينية ، فالمؤمن لا ينجس ،
وأن المرأة الحائض فارقت الطهر بسبب ما جرى من دم في الموضع ، وباقي البدن خالي من
النجاسة ولم يفارق الطهر. فإن وضعت يدها في الماء فقد وضع طاهر في طاهر .
فعن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها : (يَا عَائِشَةُ
نَاوِلِينِي الثَّوْبَ فَقَالَتْ :
إِنِّي حَائِض ، فَقَال : إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ
فِي يَدِكِ . فَنَاوَلَتْهُ)
. رواه مسلم .
قال ابن عبد البر : فَدَلّ هذا على أنُ كُلّ عضو منها ليس فيه نجاسة فهو طَاهِر
.
وأيضاً
عنها قَالَتْ :(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي
إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ) رواه مسلم
قال ابن عبد البر: وفي تَرْجِيل عائشة لِرأَس رسول
الله وهي حائض دليل على طهارة الحائض ، وأنه ليس منها شيء نَجِس غير مَوضِع
الحَيض.
وقال النووي في شرح الحديث : فيه جمل من العلم
منها:
أنَّ أعضاء الحائض طاهرة ، وهذا مجمع عليه ، ولا يصحُّ ما حكي عن أبي يوسف من
نجاسة يدها.
هذا
والله أعلى وأعلم