بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
انتبه الموت قادم ..... فماذا انت صانع ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     فضل الترضى عن الصحابة .. والرد على من قال بعدم الترضى ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل شفاعة النبي يوم القيامة للمسلمين وغير المسلمين؟ والرد على المردفين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رد الشبهات على من قال بفناء النار أو إلغائها ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || رحيل آخر صبيان بوش
::: عرض المقالة : رحيل آخر صبيان بوش :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> أقلام القراء >> مقـــالات منـوعـــة

اسم المقالة: رحيل آخر صبيان بوش
كاتب المقالة: شريف عبد العزيز
تاريخ الاضافة: 20/05/2012
الزوار: 1195

العقلية الفرنسية تعتبر نموذجًا متفردًا من بين النماذج الغربية عمومًا والأوروبية خصوصًا، فخصوصية اللغة والعرقية والقومية جعلت من الفرنسي دائمًا نسيجًا وحده بين الأوروبيين، فالفرنسي شديد الاعتداد إلى حد الهوس والتطرف بلغته وقوميته، محبًّا للتمايز والاستقلال والقيادة، ويأنف من الانقياد والتبعية لأبعد الحدود، وذلك عبر التاريخ، فعندما اكتسح المسلمون الأوائل بلاد الأندلس لم يجدوا مقاومة عنيفة من الإسبان، فانساحوا منها إلى جنوب أوروبا فتداعى الفرنسيون وحشدوا كثيرًا من الأوروبيين تحت رايتهم وتصدوا للمسلمين في معركة بلاط الشهداء سنة 114 هـ وأنقذ الفرنسيون أوروبا من الفتح الإسلامي، وعندما أطلقت شرارة الحملات الصليبية في القرون الوسطى كان الفرنسيون أسرع الناس استجابة لنداء البابوية، وأصر الفرنسيون على قيادة الحملات الأولى، بل إن ملك فرنسا فليب أغسطس انسحب من الحملة الصليبية الثالثة لما شعر بأن ريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا قد أصبح القائد الفعلي وأكثر شهرة منه في قيادة الحملة الصليبية، ولما فترت عزيمة الصليبيين عن مواصلة الحروب الصليبية ظل الفرنسيون وحدهم في غاية العزم لحبهم التفرد والتميز عن غيرهم، ولما انطلق السباق الاستعماري البغيض كان للفرنسيين نصيب الأسد في هذا السباق ودخلوا في منافسة حامية مع الإنجليز، ودارت بينهما حروب طويلة ومعارك طاحنة من أجل بسط النفوذ ونشر الهيمنة الثقافية على مستعمراتهم.

هذه الخصوصية الفرنسية أصبحت بمثابة الإرث التاريخي الذي يعتز به الفرنسيون على مر العصور، ولا يقبلون أي نقاش في هذا الملف، وهو ما لم يفطن إليه اليهودي ساركوزي ذو الأصول المجرية فدفع الثمن غاليًا وأطيح به من الرئاسة بعد فترة واحدة قضاها الفرنسيون في أزمات متتابعة ونكبات اقتصادية وسياسية وداخلية كثيرة بسبب جهل ساركوزي المجري بهذه الخصوصية الفرنسية، فجاء تصويت الفرنسيين عقابيًّا ليقوده إلى واحدة من سلال مهملات التاريخ الأردأ سمعة. ليصبح الرئيس الأسوأ على امتداد تاريخ الجمهورية الخامسة، منذ 1958، والذي شهد تعاقب سبعة رؤساء حتى الساعة.

لقد كان لدى الفرنسيين الكثير من المبررات الداخلية مثل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يبررون بها إسقاطهم للصهيوني ساركوزي، ولكن أهم قضيتين تمحورت حولهما الانتخابات الرئاسية الفرنسية هما الاقتصاد والمهاجرون، وكان هناك تباين في مواقف ساركوزي ومنافسه حولهم، فساركوزي تبنى أطروحات اليمين المتطرف وحاول اللعب على ورقة المهاجرين وبطريقة عنصرية، ووضع يده في يد المتطرفين في فرنسا بقيادة ماري لوبن، ووافق على أجندتها المليئة بالكراهية لكل ما هو إسلامي وعربي، وتوعد بسياسات مشددة للحد من المهاجرين، وتذويبهم في المجتمع الفرنسي بطمس خصوصيتهم، ونسي أنه واحد منهم جاءت أسرته إلى باريس بعد الحرب العالمية الثانية من المجر فبدا غير متسق مع نفسه بمثل هذه الأطروحات العنصرية، كما اتبع ساركوزي سياسات تقشفية بالغة من رفع سن التقاعد الذي أثار احتجاجات ضخمة، وحد من الإنفاق العام، ووقع معاهدات مالية مجحفة بالفرنسيين للبقاء في منطقة اليورو، بينما وعد منافسه هولاند بإضفاء صفة الشرعية على أكثر من ربع مليون مهاجر غير شرعي، واتبع سياسات أكثر إنسانية في التعاطي مع قضية البطالة، ووعد بمعالجة الآثار الاجتماعية الكارثية لسياسات التقشف وتخفيض الإنفاق العام التي اتبعها ساركوزي طوال فترة حكمه، غير أن العنصر الحاسم الذي أطاح بالساركوزي البغيض المغرق في صهيونيته لم يكمن في هذه النكبات فحسب ولكن في إصرار ساركوزي على طمس الهوية السياسية الفرنسية وربطها بالسياسة الأمريكية مما جعلته تابعًا مخلصًا للرئيس الأمريكي بوش الصغير وخليفته أوباما.

فرنسا انتهجت منذ الجمهورية الخامسة منذ سنة 1958 منهجًا يرتكز على القيم والخصوصيات الفرنسية والتي جعلت السياسة الفرنسية تقف على مسافة واضحة من القوى العظمى وقتها ـ الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ـ وتحتفظ لنفسها بخطها السياسي الواضح والرافض لمسايرة الأمريكان أو الروس في حروبهم التوسعية والاستباقية، مما جعل للصوت الفرنسي قيمته ووزنه في المحافل الدولية، ساركوزي من أجل ارتمائه في حضن أمريكا بدا بفرنسا العريقة كأنه مجرد صبي من صبيان بوش وأوباما، وسار في طريقة أمركة فرنسا إلى حد تصريحه الشهير بعزمه على تصفية الديجولية الفرنسية في إشارة منه للنظام الليبرالي الذي اعتمده الرئيس الفرنسي الأشهر شارل ديجول، والذي يفخر به الفرنسيون جدًّا ويعتزون به، وذلك لصالح الليبرالية الأمريكية المتوحشة التي تلتهم فيها الثقافة الأمريكية ما سواها من الثقافات والمعارف.

ساركوزي سقط هذا السقوط الدرامي بسبب سيره في فلك الطغاة، ففي عهده تم إقرار العديد من القوانين التي توصف بالاستبدادية والصادمة لحقوق الإنسان في بلد يفخر أبناؤه بثورتهم الشهيرة ضد طغيان الديكتاتورية، فقد تم إقرار قانون يحظر على المحاكم الفرنسية قبول دعاوى ضد مجرمي الحرب، إلا إذا كانوا يحملون الجنسية الفرنسية، أو كانت الجرائم المنسوبة إليهم قد ارتُكبت على الأراضي الفرنسية. وهذا القانون يشكِّل ارتدادًا صريحًا وفاضحًا عن تشريعات فرنسية سابقة، كما يتناقض مع القوانين المعمول بها في معظم الدول الأوروبية، مما جعل فرنسا الملاذ الآمن والبلد المفضل لكثير من مجرمي الحرب وسفاحي الشعوب، في ظل حماية ساركوزي لهم، وأيضًا في عهد الطاغية ساركوزي تم تدشين السياسة الاستعمارية الجديدة المعروفة باسم (فرنس أفريقيا) بمساعدة وزير داخليته (كلود جيان) وتعتمد على فرض الهيمنة على المستعمرات الفرنسية في أفريقيا بعقد الصفقات وتبادل البعثات العسكرية وتكوين الأحلاف والإصرار على تقديم فرائض الطاعة والولاء لفرنسا من جانب الزعماء الأفارقة بحجهم كل عام إلى باريس في ذكرى اندلاع الثورة الفرنسية للتأكيد على التبعية والرضوخ للإرادة الفرنسية، مما حدا بكريستوف روفان، السفير الفرنسي السابق لدى السنغال، في حديث مع صحيفة اللموند، على التأكيد بحنين بعض المسئولين الفرنسيين إلى عقود الاستعمار القديم، وتعطشهم إلى إدامة صيغة أعلى من الهيمنة على مقدَّرات أفريقيا، الجدير بالذكر أن وزير الداخلية في حكومة ساركوزي "كلود جيان" من أقرب وأوثق حلفاء بشار الأسد في الإدارة الفرنسية ومنذ أيام حكم الرئيس الفرنسي السابق "جاك شيراك".

ساركوزي نال أقسى هزيمة سياسية له خلال ثلاثين سنة من عمله السياسي وعاقبه شعبه على نهجه المتطرف المتشدد، والذي اختزل من الخصوصية الفرنسية كثيرًا لصالح الإرث الأمريكي والولاء للبيت الأبيض، وكأن الجميع كان سعد وتنفس الصعداء لرحيل هذا الساركوزي البغيض، فالأوساط المالية التي سعى ساركوزي إلى تخويف الفرنسيين من رد فعلها على فوز هولاند اليساري، فقد أرسلت مؤشرات مطمئِنة جدًّا، حيث منحت لفرنسا قروضًا بنسب فوائد تعد الأقل منذ صيف 2008. وعلى صعيد السياسة الدولية، عكست تعليقات المحللين إجماعًا على أن نهاية حقبة ساركوزي ستضع حدًّا لمنهج العنف والشطط، الذي يقارنه البعض بما عانته الولايات المتحدة سابقًا أيام حكم بوش الصغير، أما في دول الشرق الأوسط وخاصة الربيع العربي فقد كان رحيل ساركوزي من المحطات الهامة في بناء علاقات جديدة على أسس سليمة بين الشرق الأوسط ودول البحر المتوسط وبين فرنسا، بعد رحيل نصير الطغاة ساركوزي ونظريته في الوصاية الاستعمارية التي دفعته إلى الوقوف في صف الطغاة، خلال الثورات التونسية والمصرية تحديدًا، بحجة تأمين الحدود الجنوبية لأوروبا من فلول المهاجرين، من قبل نظام ابن علي، ورعاية مصالح "إسرائيل" وأمنها، من قبل نظام مبارك في مصر.

ساركوزي كان آخر صبيان بوش الصغير في أوروبا بعد أن سبقه برليسكوني في إيطاليا، وبلير وبراون في إنجلترا، وخوسية ماريا أزنار في إسبانيا، وبيرتي أهيرن في أيرلندا، وغيرهم ممن سار في فلك الأمريكان، ليبدأ مصطلح "أوروبا الجديدة" الذي أطلقه رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي في حقبة بوش في الاختفاء كناية عن عودة أوروبا عمومًا وفرنسا خصوصًا إلى سالف وضعها الاستراتيجي والتوازني في منظومة القوى الدولية، وليتخلص العالم أخيرًا من آخر آثار الإرث البوشي البغيض.

طباعة


روابط ذات صلة

  الساعة الخامسة والسابعة صباحاً  
  استووا  
  ][][][ ما يبكيك؟ ][][][  
  لا تنشغل بغير الطريق  
  عيد الحب .... لمن ؟  
  أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...  
  (( دماء على استار الكعبة ))  
  ثورة قرامطة البحرين ـ الإصدار الأخير  
  ويوم الاستفتاء انكشف الغطاء؟! حقائق ودلالات وأسرار  
  انفجار القدس.. وأسوأ كوابيس تل أبيب!  
  مصر... وسيناريو صراع الهوية بين الإسلام والعلمانية  
  "إسرائيل" تقود الثورة المضادة بورقة الأقليات  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  أكاد أصبح شيعياً  
  مادام جسدك لم ولن ينافقك . . فلماذا الوهم؟!  
  ليلة القبض على آل مبارك وبراءة الجيش المصري  
  عشر وصايا جليلة ، لطلاب العلم الصادقين  
  التفسير السياسي للهجوم علي السلفية  
  القراءة الإسرائيلية للثورة السورية...تداعيات وتوقعات  
  النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك  
  كاميليا شحاتة .. امرأة هزت عرش البابا  
  "إسرائيل" مذعورة.. أخيراً تحركت دبابات بشار  
  النظام السوري.. عوامل الانهيار ورهانات البقاء  
  الجيوش العربية في عصر الثورات الشعبية  
  الله أكبر ! كيف لا أغار على أمَي عائشة و الله عز وجل يغار لها ؟؟!  
  التفسير السياسي للفتنة الطائفية في مصر  
  ثلاثين يوم ثورة وثلاثين سنة مبارك  
  الرؤية الاستراتيجيَّة.. ضرورة لحصد ثمار الثورات العربيَّة  
  شيطنة بن لادن  
  المخطط الصهيوني الجديد للوقيعة بين مصر ودول الخليج العربي  
  أمريكا والانقياد الأعمى خلف إسرائيل  
  أَخرِج القطن مِن أُذنيك!  
  وجوب التفقه في الدين  
  نصر الله المصري ونصر الله السوري  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 997191

تفاصيل المتواجدين