الحمد لله على نعمه الإسلام وكفى بها نعمه ونعوذ بالله من أهل الزيغ والضلال والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وعلى آل بيته وأصحابة الكرام . أما بعـــــــــــــــد أخضع فقهاء الشيعة المصطلحات الشرعية لعملية تطوير دلالي أو بعبارة أدق تطوير باطني ، فقاموا من خلالها بتغيير المعنى الشرعي للفظ واستبداله بمعنى شيعي أو معنى يتماشى مع المفاهيم الشيعية بحيث يصبح اللفظ بدلا من أن يكون له دلالة شرعية أصبح للفظ دلالة شيعية ؛ وبدلا من كون اللفظ يدل بدلالته الشرعية على الإسلام أصبح بدلالته الشيعية يصطدم مع الإسلام ويهدم أركانه . وفي هذا المطلب سوف أقوم بدراسة أهم المصطلحات الإسلامية من خلال المعنى الشرعي لها والمعنى الشيعي المحدث . ولكن هناك مقدمة لابد منها في كيفيه تفسير الألفاظ الشرعية . يقول شيخ الإسلام : وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ إذَا عُرِفَ تَفْسِيرُهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِأَقْوَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ : " الْأَسْمَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ " نَوْعٌ يُعْرَفُ حَدُّهُ بِالشَّرْعِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ؛ وَنَوْعٌ يُعْرَفُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ؛ وَنَوْعٌ يُعْرَفُ حَدُّهُ بِالْعُرْفِ كَلَفْظِ الْقَبْضِ وَلَفْظِ الْمَعْرُوفِ فِي قَوْلِهِ : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : تَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا ؛ وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ ؛ وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ ؛ وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ مَنْ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ . فَاسْمُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ مَا يُرَادُ بِهَا فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْخَمْرِ وَغَيْرِهَا ؛ وَمِنْ هُنَاكَ يُعْرَفُ مَعْنَاهَا فَلَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُفَسِّرَهَا بِغَيْرِ مَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ؛ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي اشْتِقَاقِهَا وَوَجْهِ دَلَالَتِهَا فَذَاكَ مِنْ جِنْسِ عِلْمِ الْبَيَانِ . وَتَعْلِيلُ الْأَحْكَامِ هُوَ زِيَادَةٌ فِي الْعِلْمِ وَبَيَانُ حِكْمَةِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ ؛ لَكِنَّ مَعْرِفَةَ الْمُرَادِ بِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا . وَاسْمُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالنِّفَاقِ وَالْكُفْرِ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ؛ فَالنَّبِيُّ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيَانًا لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ بِالِاشْتِقَاقِ وَشَوَاهِدِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ فَلِهَذَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فِي مُسَمَّيَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ إلَى بَيَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ شَافٍ كَافٍ ؛ بَلْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعْلُومَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بَلْ كُلُّ مَنْ تَأَمَّلَ مَا تَقُولُهُ الْخَوَارِجُ وَالْمُرْجِئَةُ فِي مَعْنَى الْإِيمَانِ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ وَيَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ . • الإسلام
الإسلام في اللغة هو : الاستسلام والإذعان والانقياد .و يعرِّف أهل السنة الإسلام على ما عرفه النبي في الحديث الذي سئل فيه عن الإسلام فقال صلى الله علية وسلم : {الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وفي رواية أخرى : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ : {الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ} وفي رواية أخرى ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ : {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ وإقامة الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ} وهذا التعريف مستفيض في أحاديث الرسول. التعريف الشيعي للإسلام : قال الإمام الباقر : ( بني الإسلام على خمس أشياء : الصلاة والزكاة والحج والولاية وأفضلهن الولاية لأنها مفتاحهن ، والوالي هو الدليل عليهن) . وفي رواية أخرى زاد: فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه، يعنى الولاية. فالتعريف الشيعي قد وضع الولاية موضع التوحيد الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ولتأكيد معنى هذا التبديل فقد وصف التعريف الشيعي الولاية بالوصف الذي لا يوصف به غير التوحيد وهو أن الولاية أفضلهن ومفتاحهن فالتوحيد لدى المسلمين هو أفضل الأعمال وهو أصل قبول الأعمال . والولاية تتضمن مفاهيم تتنافي مع التوحيد فكان لابد من إزاحة التوحيد من تعريف الإسلام . الاختلاف بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الشيعي : معنى كلمة الإسلام هو : "الانقياد والخضوع والإذعان والاستسلام والامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض" ، وقد سمى الله الدين الحق الإسلام لأنه طاعة لله وانقياد لأمره بلا اعتراض، وإخلاص العبادة له سبحانه وتصديق خبره والإيمان به ، وأصبح اسم الإسلام علما على الدين الذي جاء به محمد . هذا هو الإسلام الذي بعث به محمد بينما الإسلام الذي جاءت به الشيعة يختلف كل الاختلاف عن هذا الإسلام ففي الكافي عن أبي عبد الله سمعته يقول: نحن الذين فرض الله طاعتنا لا يسع الناس إلا معرفتنا لا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكر كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة. أي أن الإسلام لدى الشيعة يعني : طاعة الأئمة ، أو بعبارة أخرى طاعة ما نسب إليهم من روايات بغض النظر عما إذا وافقت هذه الروايات الإسلام أم لم توافقه فالحج للأضرحة من الشرك المنافي للإسلام ؛ ومع هذا فإن الحج للأضرحة من أعظم أعمال الإسلام الشيعي ، ومن هنا ندرك ما للتعريفين من أثر، بل إن شيوخ هذه الملة قد أعلنوا انه يجب على الشيعي أن يتبع من ينوب عن الإمام الغائب وهم بالطبع من أطلقوا عليهم المراجع والفقهاء ؛ يقول محمد المظفر : (عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام، والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشرك بالله تعالى، كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليهم السلام). أي أن الإسلام الذي تزعمه الشيعة لا هو انقياد لله ولا لرسوله ولا حتى للأئمة سواء الذين ماتوا أو غابوا ، وإنما صار الإسلام هو استسلام لشيوخهم ومراجعهم ، وهذا الأمر هو عين ما عابه الله على اليهود والنصارى إذ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وحكى أن من أمته من سوف يتبع اليهود والنصارى في سننهم ، والشيعة قد جعلوا متابعة شيوخهم أصل يكفر مخالفه لأن الراد على المرجع راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله ، وشيوخهم قد حلوا محل الله بالعهد الذي عهده لهم الغائب المزعوم ، ومثل هذا التصور موجود لدى اليهود والنصارى في أحبارهم ورهبانهم . • الإيمان
أساس العقيدة الإسلامية هي أصول الإيمان الستة التي ذكرها الله سبحانه وذكرها رسول الله في غير موضع. قال الله تعالى : {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} ( البقرة / 177) وقال تعالى : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} البقرة / 285 ؛ وقال تعالى : {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} النساء / 136 ؛ وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} القمر / 49 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : {الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ} وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ : إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا فَمَنْ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا ، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ . ولقد عرف أهل السنة الإيمان بأنه : ( قول وعمل : قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح) ، وقد حكى غير واحد منهم الإجماع على ذلك كابن عبد البر في التمهيد، ولقد تلقى أهل السنة هذا التعريف بالقبول والتسليم إتباعاً للنصوص القرآنية ، والأحاديث النبوية الصحيحة الدالة على أن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان ، وعمل بالجوارح . الإيمان و ما ينقضه : هناك أشياء تنقض الإيمان وهناك أشياء تنقصه ولا تزيله بالكلية ، فالإيمان له شعب متعددة كما أخبر الرسول الكريم بذلك في قوله : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ} فهناك شعب بزوالها يزول الإيمان مثل عدم النطق بالشهادتين ومثل عدم تصديق الله أو رسوله في شيء أخبر به أو رد شيء من دين الله معلوم من الدين بالضرورة . ومنها إذا ترك أنقص الإيمان ولم يزله مثل : ترك بعض السنن أو ترك إماطة الأذى عن الطريق . تعريف الشيعة للإيمان : يقول محمد رضا المظفر : نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها فالإمامة استمرار للنبوة، وفي الكافي وبحار الأنوار يقول الإمام : ونحن مستودع مواريث الأنبياء ، ونحن أمناء الله عز وجل ، ونحن حجج الله ، ونحن أركان الإيمان ، ونحن دعائم الإسلام ، ونحن من رحمة الله على خلقه ، ونحن من بنا يفتح وبنا يختم . فالأئمة على حد زعمهم هم أركان الإيمان ومن ثم فالكفر بهم كفر بأركان الإيمان ؛ هذا ثابت في رواياتهم والإيمان بإمامة الإمام تعنى الاعتقاد بأن الإمام يوحى إلية والتصديق بكل ما ورد عنهم حتى ولو كان مخلفا لأصل من أصول الاعتقاد وقد سبق ذكر هذة النقطة في ظاهرة هدم الدين . الإيمان بين المنطلق الإسلامي والمنطلق الشيعي ما اتفق عليه المسلمون من التعريف للإيمان يؤدى إلى أن يصبح للإيمان تأثير إيجابي في حياة المسلم وذلك لأن الإيمان يستوعب حياة الإنسان ؛ ويصبح هذا الإيمان فيه من قوة التأثير الشيء الكثير فيصبغ الإنسان بعقيدة صحيحة وعبادة صحيحة وخلق رفيع وأعمال قلبية كثيرة مثل : التقوى والخشوع وغيرها من الأعمال القلبية التي تكون لها تأثير قوي في حياة الإنسان . وأما الشيعة فهم يضعون الإيمان في قالب واحد وهو الإيمان بإمامة الأئمة وتصبح هذه هي القضية الرأسية في الإيمان الشيعي ، بينما نجد الإيمان لدى المسلمين قضيته الرأسية هي الإيمان بالله وهناك فرق بين هاتين الوجهتين ؛ فالإيمان بالله و بأسمائه وصفاته التي يتعرف عليها المسلم من خلال توحيد الأسماء والصفات يكون لها تأثير كبير في حياة المسلم ؛ فصفة العلم والبصر مثلاً تورثة الحياء والتقوى ، وصفة الحكمة تورثه الرضا بقدر الله الشرعي والكوني ؛ وهكذا بقية الصفات يكون لها تأثير كبير في حياة الإنسان . أما الإيمان الشيعي بالإمام فهو يرث الشيعي الغلو المفضي إلى الشرك وإلى ترك العمل ، وما يحدثه الغلو في حياة الشيعي من إفساد للعبادة وللأخلاق ؛ لأن الركون إلى الغلو لابد وأن يؤدي بالإنسان إلى ترك العمل ، هذا هو الفرق الذي يحدثه الاختلاف بين المنطلقين . وهناك الكثير من الروايات التي تزكي هذا المعنى وتقرره في حس الشيعي مثل ما ادعوه كذباً في روايتهم عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله : جاءني جبريل وهو مستبشر فقال : يا محمد ، إن الله الأعلى يقرئك السلام وقال : محمد نبيي ورحمتي ، وعلي حجتي ، لا أعذب من والاه و إن عصاني ، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني . إذن يُكتفى بمجرد الغلو في علي ، دون أن يكون للعمل أي اعتبار . • العبادة أصل معنى العبادة والعبودية في اللغة : الذل والخضوع، والتعبيد: التذليل ، يقال : طريق مُعبَّد إذا كان مذللاً قد وطئته الأقدام ، والعبادة : الطاعة، والتعبد : التنسك . والعبودية لله نوعان : قصرية واختيارية ، فالعبد يراد به المعبد الذي عبَّده الله ، فتدبير أمره لله وتصريفه له سبحانه وتعالى سواء أقر العبد بذلك أو أنكره ، وبهذا الاعتبار فالمخلوقون كلهم عباد الله المؤمنون والكفار ، الأبرار والفجار ، أهل الجنة وأهل النار ، إذ هو ربهم كلهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته كما قال تعالى : {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} آل عمران / 83 {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} مريم / 93 ويراد به العابد، وهو الذي يقر بأن الله خالقه ومالكه ومدبره، وأنه المستحق للعبادة وحده دون سواه ، فيعبده بكمال الحب والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف والرجاء ونحو ذلك . تعريف العبادة شرعا العبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرة . العبادة في المفهوم الشيعي العبادة في المفهوم الشيعي تعنى الولاية أي الاعتقاد بالإمامة بالمفهوم الشيعي وقد سبق ذكر مفهوم الإمامة يقول الله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} 25 / الأنبياء والآية واضحة في معناها، ومع هذا فقد فسرها علماء الشيعة بأن المقصود منها الولاية ! فعن أبي جعفر أنه قال : ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك قول الله في كتابه : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} النحل / 23 ما الذي يعنيه المفهوم الشيعي للعبادة الشيعة تدّعي أنها تعبد الله وحده وأن عبادتها هي العبادة الصحيحة ومع هذا فإن الناظر لمفهوم العبادة لدى الشيعة يجده يتنافي تماما مع توحيد العبادة ، وذلك أنهم فسروا العبادة أنها الولاية والولاية تعني الغلو في الأئمة بالتوجه إليهم بالعبادات ومن لم يتوجه بالعبادات للأئمة فهو غير عابد لله وهذا هو قمة التناقض ، وهم جعلوا الأعمال التي يتوجهون بها إلى الأئمة علامة على إقرارهم بالولاية ومن لم يفعل ذلك فقد أنكر الولاية التي هي شرط لقبول الأعمال كما سبق ذكر ذلك ومن هنا جعلوا العبادات التي هي حق خالص لله من حقوق الأئمة عليهم ، وصرفها لغير الله ليس شركاً ، يقول الخميني : الاستعانة و الاستمداد من الأموات ليس بشرك. فإذا لم يكن شركاً فماذا يكون ؛ مباح من المباحات ، والواقع العقائدي والعملي لدى الشيعة ينفي مجرد إباحتهم هذا العمل ؛ بل هم يعتقدون أنه عبادة من العبادات المفروضة لدى الشيعة ، فقد جعلوا لها مواقيت وأزمنة ، ورتبوا عليها ثواب وجعلوا من لا يقنون بهذه العبادات خارجون عن دائرة الإيمان بل أن من لم يحج إلى الحسين فهو من أهل النار ؛ وأطلقوا لفظ الشعائر ومعناه العبادات على هذه الأعمال فقالوا الشعائر الحسينية وشعائر الزيارة ؛ إذن المفهوم الشيعي للعبادة يهدم المفهوم الإسلامي لها بل يتنافي معه تماما بل إذا أخذ المسلم بالمفهوم الشيعي للعبادة فقد قلب التوحد شرك وجعل من الشرك عباده تجب عليه وما سبق يتعلق بمفهوم العبادة من ناحية النسك ويمكن تلخيص المفهوم الشيعي في هذه النقطة في ثلاثة عناصر 1. التوجه بالنسك لغير الله ليس شركا . 2. التوجه لغير الله بالنسك واجب شيعي . 3. ابتدع الشيعة عبادات تميز عبوديتهم عن غيرهم وتدل على إيمانهم بالمفهوم الشيعي كالشعائر الحسينية مثلا . أما العبادة بمعنى الطاعة : فهي ليست لله وإنما الله فوض الأئمة مكانه في الطاعة ، والأئمة وضعوا فقهاءهم مكانهم ، وقد سبق ذكر رواياتهم في ذلك . ويمكن تلخيص مفهوم الطاعة لدى الشيعة في عدة نقاط : - الطاعة مطلقة لفقهائهم فما قالوه وجب على الشيعي العمل به حتى ولو خالف صريح الكتاب والسنة : فليس للشيعي أن ينكر المتعة رغم أنها زنا صريح حرام بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وليس له أن يتبع الكتاب والسنة متى خالفت ما يقوله فقهاءهم وهذا ما ذكره نعمة الله الجزائري بقوله : أقول هذا يكشف لك عن أمور كثيرة منها بطلان عبادة المخالفين وذلك أنهم وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا وأتوا من العبادات والطاعات وزادوا على غيرهم إلا أنهم أتوا إلى الله تعالى من غير الأبواب التي أمر بالدخول منها يقصد ما هم عليه . - رد طاعة الفقهاء هو كالرد على الأئمة والرد على الأئمة كرد على الله والرد على الله كفر : يقول الخميني: ( إن الراد على الفقيه الحاكم يعد راداً على الإمام، و الرد على الإمام رد على الله، و الرد على الله يقع في حد الشرك بالله). - للفقيه الشيعي حق تعطيل الأحكام الشرعية : كما له أن يفتي خلاف ما يعتقده متى كان في هذا مصلحه للملة . • الكفر
الكفر حكم شرعي ، والكافر من كفّره الله ورسوله ، فليس الكفر حقاً لأحد من الناس ، بل هو حق الله تعالى ؛ يقول أبو حامد الغزالي : الكفر حكم شرعي كالرق والحرية مثلا ، إذ معناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار ، ومدركه شرعي فيدرك إما بالنص وإما بقياس على منصوص.يقول شيخ الإسلام: الكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة. تعريف الكفر لدى المسلمين الكفر : عدم الإيمان ، باتفاق المسلمين . يقول شيخ الإسلام بن تيمية : الكفر عدم الإيمان بالله ورسوله، سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب ، بل شك وريب ، وإعراض عن هذا كله حسدا أو كبرا ، أو إتباعاً لبعض الأهواء الصارفة عن إتباع الرسالة . ويعرف بن حزم الكفر فيقول : وهو في الدين : صفة من جحد شيئا مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان . ويقول السبكي : التكفير حكم شرعي سببه جحد الربوبية ، أو الوحدانية ، أو الرسالة ، أو قول , أو فعل حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحدا . ويقول بن القيم : الكفر جحد ما علم الرسول جاء به سواء كان من المسائل التي تسمونها علمية أو عملية فمن جحد ما جاء به الرسول بعد معرفته بأنه جاء به فهو كافر في دُق الدين وجله. وبهذا تكون أنواع الكفر هي : كفر ، تكذيب ، استحلال ، عناد ، تولي ، إعراض . الكفر لدى الشيعة : الكفر لدى الشيعة يختلف تماما عن الكفر لدى المسلمين فالقضية التي دار عليها الكفر والتكفير لدى الشيعة هي عدم الإيمان بأصول التشيع وعلى رأسها الإمامة بالمفهوم الشيعي. يقول يوسف البحراني : وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين . يقصد ثبوت الإمامة في رواياتهم التي ثبت يقينا أنها مكذوبة وليس المقصود ثبتها في الكتاب والسنة ، ومعنى هذا أن الشيعة يرون إن كفر من لا يرى الإمامة فيه كل أنواع الكفر ، فالذي لا يؤمن بالإمامة كافر لماذا لأنة كذب بالروايات التي يعتقدون في أنها وحى كما أنة يكفر لأنه جحد أصل من أصول الإيمان لديهم وكفر أيضا لأنه أعرض عن هذا الحق الذي يتصورونه ؛ كما أنه كفر لأنه استحل العمل بمنهج الكفرة المعرضين عن الإمامة يقول محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني في منهاج النجاة : "ومن جحد إمامة أحدهم - أي الأئمة الاثنى عشر - فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام". ويقول الملا محمد باقر المجلسى والذي يلقبونه بالعلم العلامة الحجة فخر الأمة في بحار الأنوار (23/390) : "إعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضل عليهم غيرهم يدل أنهم مخلدون في النار". ويقول شيخهم محمد حسن النجفي في جواهر الكلام : "والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.. كالمحكي عن الفاضل محمد صالح في شرح أصول الكافي بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق من الحكم بكفر منكري الولاية لأنها أصل من أصول الدين". ويقول آية الله عبد الله المامقاني الملقب عندهم بالعلامة الثاني في تنقيح المقال : "وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثني عشري". كما أن الشيعة ترى أن أعلى دركات الكفر هو عدم الاعتقاد في الإمامة ، يقول نعمة الله الجزائري : وأما الناصب وأحواله وأحكامه فهو مما يتم ببيان أمرين: الأول في بيان معنى الناصب الذي ورد في الأخبار أنّه نجس وأنّه شر من اليهود والنصارى والمجوسي، وأنه كافر نجس بإجماع علماء الإمامية. وهنا لابد من وقفة مع مدلول الكفر لدى الشيعة ؛ فليس من الكفر لدى معتقد الشيعة : - وصف الأئمة بأوصاف الله : (فالإمام لديهم يعلم الغيب ويعلم كل واحد بحقيةالإيمان والنفاق وغيرها من صفات الله التي وصفوا بها) - ليس من الكفر القول باستمرار الوحي بعد الرسول بكتب وشرائع لم تنزل على الرسول : (فعلماء الإمامية مجمعون على أن قول الأئمة وحى منزل بعد الرسول). - ليس من الكفر إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة. - ليس من الكفر القول بتحريف القرآن وتكذيبه : (فعلماء الإمامية الكبار مجمعون على هذا المعتقد). - ليس من الكفر رد السنة : ( كاعتبارهم كتب السنة نجسة لا يجوز طباعتها). - ليس من الكفر استحلال الحرام المعلوم حرمته بالضرورة : ( كالمتعة وإباحة قتل المسلمين). - ليس من الكفر الأمر بأنواع الشرك والدعوة إليها واعتبراها عبادات والأمر بها (كدعاء الأموات). - ليس من الكفر إعراضهم عن الكتاب والسنة ، بل يصدون عنهما بما عندهم من الأكاذيب - وليس من الكفر عندهم استحلال سب وتكفير ما تواترت الشريعة بصدق إيمانه : كأبي بكر بل هو لديهم أصل من أصول التشيع يجب القيام به وإلا يكفر تارك هذا الواجب. - ليس من الكفر القول بالبداء على الله وهو سبق الجهل عليه سبحانه عما يقولون. - ليس من الكفر لديهم معاونة الكفار على القضاء على المسلمين وتغير حكم القرآن بأحكام الكفار ما دام هذا يؤدى إلى القضاء على المسلمين . إن المعتقد في الإمامة لا بد وأن يقوم بهذه النواقض ويقوم بحقيقتها في حياته إذا كان شيعيا ولا يعد في معتقد الشيعة كافر بل يعتبر لديهم من الصادقين في تشيعه وإذا لم يعتقد بهذا كفر فلو صدق القرآن وكذب برواياتهم فقد كفر هذا على سبيل المثال. ما ترتب على تعريف الشيعة للكفر و حصره لمن أنكر الإمامة : (1) استحلال دماء المسلمين (2) استحلال أموالهم (3) جواز غيبتهم وتعذيبهم وتشريدهم وإخراجهم من بيوتهم واعتبارهم محاربين (4) وجوب البراءة منهم ووجوب كراهيتهم وعدم ودهم (5) جواز مساعدة أعدائهم من اليهود والنصارى بل ومن الملحدين على القضاء على المسلمين ودولتهم وإقامة دول النصارى والملحدين مكان دولة الإسلام . بعض المكفرات لدى الشيعة :
- حب الصحابة فمن أحب الصحابة فهو كافر كذلك من اعتقد أنهم من أهل الإيمان !! - من ترك المتعة وأعتقد حرمتها . - من ترك الحج إلى ضريح الحسين .