بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
ورحل شهر رمضان فماذا أنتم فاعلون؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من قال بعدم دخول أبو لهب النار ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || فرسان بالنهار رهبان بالليل (6) أبو عبيدة بن الجراح
::: عرض المقالة : فرسان بالنهار رهبان بالليل (6) أبو عبيدة بن الجراح :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> أعلام أهل السنة والجماعة

اسم المقالة: فرسان بالنهار رهبان بالليل (6) أبو عبيدة بن الجراح
كاتب المقالة: الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ الاضافة: 08/11/2010
الزوار: 2652

فرسان بالنهار رهبان بالليل

( 6 )

أبو عبيدة بن الجراح

أمين هذه الأمة

لعلو الهمة والتشبه بهؤلاء الرجال الذين ذاقوا أصناف العذاب وترك الأهل والأموال والضيعات والبلدان من أجل أعلاء كلمه الله ورفع شأن هذا الدين ؛ فإن بيان فضلهم والله والله إنه لمن الدين ونحن نتقرب إلي الله بسيرهم وبحبهم ونسأل الله أن يحشرنا معهم ومع الحبيب المصطفي .

نسبه

أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.

يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ فِي فِهْرٍ.

شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ.

إسلامه

كان من أول من أسلم فعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: "انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ"

غزوة بدر و أحد

وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُؤِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

غزوة ذات السلاسل

قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ) :"كان عَمْرِو بنِ العَاصِ فى غزوة هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ ، فطلب المدد من رَسُوْلَ اللهِ فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ومجموعة مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وجعلَ نَبِيُّ اللهِ أَبَا عُبَيْدَةَ .أميراُ عليهم ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم .

فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ : بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.

فَقَالَ عَمْرٌو : إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو ".

قالواعنه

"إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا ، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ : أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"

رَسُولُ اللَّهِ

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : "أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ" .

رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ .

"إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ"

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

"أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَمْلُوءَةٌ رِجَالا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ"

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا : لَمَّا وصل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى سَرْغ ، قالوا له أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ:

إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ؟

قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ : (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ ؟

ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ :

إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ).

عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ : أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ ؟ قَالَتْ : أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ .

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ : تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي .

فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

من هذا الذي أمسك الرسول بيمينه وقال عنه : "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا ، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ : أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"..؟

من هذا الذي أرسله النبي في غزوة ذات السلاسل مددا لعمرو بن العاص، وجعله أميرا على جيش فيه أبو بكر وعمر ..؟؟

من هذا الصحابي الذي كان أول من لقب بأمير الأمراء ..؟؟

من هذا الطويل القامة النحيف الجسم، المعروق الوجه ، الخفيف اللحية، الأثرم، ساقط الثنيتين ..؟؟

انه أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجرّاح ..

أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأيام الأولى للاسلام ، قبل أن يدخل الرسول دار الرقم، وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم عاد منها ليقف الى جوار رسوله في بدر، وأحد، وبقيّة المشاهد جميعها، ثم ليواصل سيره القوي الأمين بعد وفاة الرسول في صحبة خليفته أبي بكر، ثم في صحبة أمير المؤمنين عمر، نابذا الدنيا وراء ظهره مستقبلا تبعات دينه في زهد، وتقوى، وصمود وأمانة.

عندما بايع أبو عبيدة رسول الله على أن ينفق حياته في سبيل الله، كان مدركا تمام الادراك ما تعنيه هذه الكلمات الثلاث، في سبيل الله وكان على أتم استعداد لأن يعطي هذا السبيل كل ما يتطلبه من بذل وتضحية ..

منذ بسط يمينه مبايعا رسوله ، وهو لا يرى في نفسه، وفي ايّامه وفي حياته كلها سوى أمانة استودعها الله اياها لينفقها في سبيله وفي مرضاته، فلا يجري وراء حظ من حظوظ نفسه .. ولا تصرفه عن سبيل الله رغبة ولا رهبة ..

ولما وفّى أبو عبيدة بالعهد الذي وفى به بقية الأصحاب، رأى الرسول في مسلك ضميره، ومسلك حياته ما جعله أهلا لهذا اللقب الكريم الذي أفاءه عليه،وأهداه اليه، فقال عليه الصلاة والسلام : "أمين هذه الأمة، أبو عبيدة بن الجرّاح".

إن أمانة أبي عبيدة على مسؤولياته، لهي أبرز خصاله.. ففي غزوة أحد أحسّ من سير المعركة حرص المشركين، لا على احراز النصر في الحرب، بل قبل ذلك ودون ذلك، على اغتيال حياة الرسول ، فاتفق مع نفسه على أن يظل مكانه في المعركة قريبا من مكان الرسول ..

ومضى يضرب بسيفه الأمين مثله، في جيش الوثنية الذي جاء باغيا وعاديا يريد أن يطفئ نور الله ..

وكلما استدرجته ضرورات القتال وظروف المعركة بعيدا عن رسول الله ، قاتل وعيناه لا تسيران في اتجاه ضرباته.. بل هما متجهتان دوما الى حيث يقف الرسول ويقاتل ، ترقبانه في حرص وقلق ..

وكلما تراءى لأبي عبيدة خطر يقترب من النبي ، انخلع من موقفه البعيد وقطع الأرض وثبا حيث يدحض أعداء الله ويردّهم على أعقابهم قبل أن ينالوا من الرسول منالا..!!

وفي إحدى جولاته تلك، وقد بلغ القتال ذروة ضراوته أحاط بأبي عبيدة طائفة من المشركين، وكانت عيناه كعادتهما تحدّقان كعيني الصقر في موقع رسول الله ، وكاد أبو عبيدة يفقد صوابه اذ رأى سهما ينطلق من يد مشرك فيصيب النبي ، وعمل سيفه في الذين يحيطون به وكأنه مائة سيف، حتى فرّقهم عنه، وطار صوب رسول الله فرأى الدم الزكي يسيل على وجهه، ورأى الرسول الأمين يمسح الدم بيمينه وهو يقول :

" كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيّهم، وهو يدعهم الى ربهم"..؟

ورأى حلقتين من حلق المغفر الذي يضعه الرسول فوق رأسه قد دخلتا في وجنتي النبي ، فلم يطق صبرا.. واقترب يقبض بثناياه على حلقة منهما حتى نزعها من وجنة الرسول ، فسقطت ثنيّة، ثم نزع الحلقة الأخرى، فسقطت ثنيّة الثانية ..

وما أجمل أن نترك الحديث لأبي بكر الصديق يصف لنا هذا المشهد بكلماته :

"مَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَرَمِيٌّ رَسُوْلٌ الْلَّهِ حَتَّىَ دَخَلَتْ فِيْ وَجْنَتِهِ حَلَقَتَانِ مِنَ الْمِغْفَرِ، أَقْبَلَتْ أَسْعَىٌ الَىَّ رَسُوْلِ الْلَّهِ ، وَانسَانَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ قَبْلُ الْمَشْرِقِ يَطِيْرُ طَيَرَانَا، فَقُلْتُ: الْلَّهُمَّ اجْعَلْهُ طَاعَةٌ، حَتَّىَ اذَا تُوَافِيْنَا الَىَّ رَسُوْلِ الْلَّهِ ، وَاذّا هُوَ أَبُوْ عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَدْ سَبَقَنِيْ، فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ أَنْ تَتْرُكَنِيْ فَأنْزِّعَهَا مِنْ وَجْهِ رَسُوْلِ الْلَّهِ .. فَتَرَكْتُهُ، فَأَخَذَ أَبُوْ عُبَيْدَةَ بِثَنِيَّةِ احْدَى حَلْقَتَيِ الْمِغْفَرُ، فَنَزَعَهَا، وَسَقَطَ عَلَىَ الْأَرْضِ وَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ مَعَهُ.. ثُمَّ أَخَذَ الْحَلَقَةُ الْأُخْرَى بِثَنِيَّةِ أُخْرَىَ فَسَقَطَتْ.. فَكَانَ أَبُوْ عُبَيْدَةَ فِيْ الْنَّاسِ أَثْرَمُ"!

وأيام اتسعت مسؤوليات الصحابة وعظمت، كان أبو عبيدة في مستواها دوما بصدقه وبأمانته..

غَزْوَةِ الْخَبَطِ

لما كَانَتْ غَزْوَةُ الْخَبَطِ ، وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَكَانَتْ فِي رَجَبٍ ، وَزَوَّدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَقْبِضُ لَهُمْ قَبْضَةً ، ثُمَّ تَمْرَةً تَمْرَةً ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَلُوكُهَا وَيَشْرَبُ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، فَنَفِدَ مَا فِي الْجِرَابِ ، فَأَكَلُوا الْخَبَطَ وَجَاعُوا جُوعًا شَدِيدًا ، فَنَحَرَ لَهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ تِسْعَ جَزَائِرَ فَأَكَلُوهَا ، فَنَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ ، فَانْتَهَى . ثُمَّ إِنَّ الْبَحْرَ أَلْقَى إِلَيْهِمْ حُوتًا مَيِّتًا ، فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا ، وَنَصَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ ، فَيَمُرُّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ . فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ فَقَالَ :"كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ" ، وَأَكَلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ وَذَكَرُوا صَنِيعَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، فَقَالَ : "إِنَّ الْجَوَادَ مِنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ"

لقد أحب الرسول عليه الصلاة والسلام أمين الأمة أبا عبيدة كثيرا.. وآثره كثيرا...

ويوم جاء وفد نجران من اليمن مسلمين ، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن والسنة والاسلام :

ففِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، قَالَ : جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا أَمِينًا ، فَقَالَ : "لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ" ، قَالَ : فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ ، قَالَ : فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ .

وسمع الصحابة هذا الثناء من رسول الله ، فتمنى كل منهم لو يكون هو الذي يقع اختيار الرسول عليه ، فتصير هذه الشهادة الصادقة من حظه ونصيبه ..

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

قَالَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اِئْتُونِي الْعَشِيَّة أَبْعَث مَعَكُمْ الْقَوِيّ الْأَمِين" فَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : "مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَة قَطُّ حُبِّي إِيَّاهَا يَوْمئِذٍ رَجَاء أَنْ أَكُون صَاحِبهَا"

فَرُحْت إِلَى الظُّهْر مُهَجِّرًا فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر سَلَّمَ ثُمَّ نَظَرَ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله فَجَعَلْت أَتَطَاوَل لَهُ لِيَرَانِي فَلَمْ يَزَلْ يَلْتَمِس بِبَصَرِهِ حَتَّى رَأَى أَبَا عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح فَدَعَاهُ فَقَالَ : "اُخْرُجْ مَعَهُمْ فَاقْضِ بَيْنهمْ بِالْحَقِّ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ" ،

قَالَ عُمَر : "فَذَهَبَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ".

ان هذه الواقعة لا تعني طبعا أن أبا عبيدة كان وحده دون بقية الأصحاب موضع ثقة الرسول وتقديره ..

انما تعني أنه كان واحدا من الذين ظفروا بهذه الثقة الغالية ، وهذا التقدير الكريم ..

وكما عاش أبو عبيدة مع الرسول أمينا، عاش بعد وفاة الرسول أمينا.. يحمل مسؤولياته في أمانة تكفي أهل الأرض لو اغترفوا منها جميعا..

ولقد سار تحت راية الاسلام أنذى سارت ، جنديّا ، كأنه بفضله وباقدامه الأمير.. وأميرا ، كأن بتواضعه وباخلاصه واحدا من عامة المقاتلين ..

حسن خلقه

عَنِ الحَسَنِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.

قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.

فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ  : (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.

زهده و ورعه

دَخَلَ رجل على أبى عبيدة فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟

قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ).

ثُمَّ هَا أَنَذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ بَعْدَهَا ؟ وَقَدْ أَوْصَانَا :(إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا).

و روى أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ  : انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.

قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.

قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ،

فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ  عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا.

و روى أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ .

و معنى وددت أنى في مسلاخه : أي أكون مثله

وعندما كان خالد بن الوليد .. يقود جيوش الإسلام في إحدى المعارك الفاصلة الكبرى.. واستهل أمير المؤمنين عمر عهده بتولية أبي عبيدة مكان خالد..

لم يكد أبا عبيدة يستقبل مبعوث عمر بهذا الأمر الجديد، حتى استكتمه الخبر، وكتمه هو في نفسه طاويا عليه صدر زاهد، فطن، أمين.. حتى أتمّ القائد خالد فتحه العظيم..

وآنئذ، تقدّم اليه في أدب جليل بكتاب أمير المؤمنين!!

ويسأله خالد : "يرحمك الله يا أبا عبيدة. و ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب"..؟؟

فيجيبه أمين الأمة : "إني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، كلنا في الله اخوة".!!!

ويصبح أبا عبيدة أمير الأمراء في الشام ، ويصير تحت امرته أكثر جيوش الاسلام طولا وعرضا.. عتادا وعددا..

فما كنت تحسبه حين تراه الا واحدا من المقاتلين.. وفردا عاديا من المسلمين..

وحين ترامى الى سمعه أحاديث أهل الشام عنه، وانبهارهم بأمير الأمراء هذا.. جمعهم وقام فيهم خطيبا..

فانظروا ماذا قال للذين رآهم يفتنون بقوته، وعظمته، ومكانته..

"يا أيها الناس.. إني مسلم من قريش .. وما منكم من أحد، أحمر، ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في إهابه"..

حيّاك الله يا أبا عبيدة..

وحيّا الله دينا أنجبك ورسولا علمك..

مسلم من قريش ، لا أقل ولا أكثر.

الدين : الإسلام ..

والقبيلة : قريش.

هذه لا غير هويته ..

أما هو كأمير الأمراء، وقائد لأكثر جيوش الاسلام عددا، وأشدّها بأسا، وأعظمها فوزا..

أما هو كحاكم لبلاد الشام،أمره مطاع ومشيئته نافذة..

كل ذلك ومثله معه، لا ينال من انتباهه لفتة، وليس له في تقديره حساب.. أي حساب..!!

قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ ؟قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ. قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا. فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَو شَيْئاً. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ . 

وفاته فى طاعون عمواس

روى أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ : إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا ، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.

فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.

فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.

فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ ؟

قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.

قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.

عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ : كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ ؟ قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.

فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!

فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ : أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ ؟

قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ ؟

قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ : (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ).

وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: "أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ !

قَالَ : فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

فَقَالَ:أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.

انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.

فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ .

طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.

ولما بلغ أمير المؤمنين عمر الفاروق أن قد مات أبو عبيدة ..

أسبل الفاروق جفنيه على عينين غصّتا بالدموع . .

وغاض الدمع، ففتح عينيه في استسلام ..

ورحّم على صاحبه ، واستعاد ذكرياته معه رضي الله عنه في حنان صابر ..

وأعاد مقالته عنه : "لو كنت متمنيّا، ما تمنيّت الا بيتا مملوءا برجال من أمثال أبي عبيدة"..

ومات أمين الأمة فوق الأرض التي طهرها من وثنية الفرس، واضطهاد الرومان..

وهناك اليوم تحت ثرى الأردن يثوي رفات نبيل، كان مستقرا لروح خير، ونفس مطمئنة..

وسواء عليه، وعليك، أن يكون قبره اليوم معروفا أو غير معروف..

فانك اذا أردت أن تبلغه لن تكون بحاجة الى من يقودك اليه..

ذلك أن عبير رفاته، سيدلك عليه..!!

رحمه الله ورضي الله عنه وجمعنا معه في الجنان مع الحبيب العدنان

طباعة


روابط ذات صلة

  فرسان بالنهار رهبان بالليل ( 1 ) أبوبكر الصديق  
  النشر في تراجـــم القــــــراء العشــــــــــــر  
  من سير الصالحات ( 1 ) فاطمة الزهراء  
  من سير الصالحات ( 2 ) صفية بنت عبد المطلب  
  من سير الصالحات ( 3 ) أسماء بنت عميس  
  من سير الصالحات ( 4 ) السيدة نفيسة كريمة الدارين  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل ( 2 ) عمر بن الخطاب  
   ترجمة شيخ الإسلام / إمـــام التابعـــــين  
  ترجمة رجب طيب أردوجــان  
  (( ترجمة إمام الزهــاد ))  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (3) عثمان بن عفان  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (4) علي بن أبي طالب  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (5) سعد بن أبي وقاص  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (7) طلحة بن عبيد الله  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (8) الزبير بن العوام  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (9) سعيد بن زيد  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (10) عبد الرحمن بن عوف  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (11) معاوية بن أبي سفيان  
  فرسان بالنهار رهبان بالليل (12) أبو أيوب الأنصاري  
  من سير الصالحات ( 5 ) سكينة بنت الحسين  
  ترجمة / علي بن حزم الأندلسي الظاهري  
  (( ترجمة /الحافـــظ ابن حجــر العسقلانــي ))  
  ( ترجمة / الأستاذة الضابطة الحافظة المتقنة )  
  (( ترجمة شيــــخ المفسرين ))  
  ترجمة الأمام / محمد بن عبد الوهاب  
  ترجمة شيخ الأزهر / عبد الرحمــن تـــاج رحمه الله  
  حسبنا البارئ في من طعن في الإمام البخاري ( 1 )  
  حسبنا البارئ في من طعن في الإمام البخاري ( 2 )  
  (( قول الصالحين في مناقب أمهات المؤمنين )) خديجة رضي الله عنها  
  من سير الصالحات ( 6 ) أم هانئ رضي الله عنها  
  هذا هو " ابن عثيمين " أيها الهالك المهين ( 1 )  
  هذا هو " ابن عثيمين " أيها الهالك المهين (2 )  
  هذا هو " القائد صلاح الدين الأيوبي " يا وضيـع (1)  
  (( ترجمة العالم الرباني " محمد الراوي " ))  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 967620

تفاصيل المتواجدين