قال خبراء في الإعلام الإسرائيلي إن الأخير شهد تخبطاً وارتباكاً واضحين في التعاطي مع الاحتجاجات التي يشهدها الشارع المصري منذ ثمانية أيام، والتي تطالب بالإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، وبلغت ذروتها الثلاثاء في شكل تظاهرات مليونية عمت أرجاء البلاد.
وأكدوا في تصريحات لـ"العربية.نت" أن الأحداث كما فاجأت المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية، فإنها أيضاً وضعت المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية في "حرج كبير"، لا سيما في الأيام الأولى من اندلاع التظاهرات التي بدأت في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث خلت الساحة من الصحفيين لصالح خبراء عسكريين تولوا تحليل الأحداث، فطغت المسائل الأمنية على السياسية
ناصر اللحام
وأوضح ناصر اللحام، الصحفي المختص في الشأن الإسرائيلي، أن الإعلام الإسرئيلي دخل "فترة صدمة" مع بداية الأحداث و"لم يُجد التعامل مع الأحداث"، وبدت الصحف العبرية الرئيسية الثلاث (هآرتس، يديعوت أحرنوت ومعاريف) "غير موفقة" في الاعتماد على صحفاييها في التغطية، إلى "أن لجأت أخيراً إلى محللين عسكريين" لاستجلاء الموقف.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن صحيفة "يديعوت أحرنوت" نقلت أن جهازي الاستخبارات والموساد "فوجئا بما حدث"، وكان صحفيوها ينقلون توقعات لما ستؤول إليه الأمور بـ"طريقة غير واضحة ضمن رؤى بعيدة عن الواقع، من قبيل سيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد الحكم، وهروب الرئيس حسني مبارك في أي لحظة"، كما حصل مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير الماضي.
وأضاف اللحام أن الصحف العبرية في مجملها "عجت بالارتجالات"، وكانت تنقل ما "يشبه الدردشة في الشارع"، كما بدت القنوات الفضائية الإسرئيلية الرئيسية (الأولى والثانية والعاشرة) في "تخبط وصدمة" من الأحداث وسرعة تتابعها، ولم تتجاوز التغطية "ردود الأفعال، مستندة في ذلك وسائل إعلام عربية أبرزها الجزيرة، وبدت إسرائيل أصغر من الحدث بكثير، ولم تكن تتوقعه".
وخصصت هذه القنوات موجات مفتوحة امتدت إلى ثماني ساعات على مدار اليوم لتغطية الانتفاضة المصرية، حتى أنها لم تقلص ساعات بثها يوم السبت، وهو اليوم المقدس بالنسبة لليهود. وأشار اللحام إلى أن "الهالة" التي يرسمها جهازي الاستخبارات والموساد حول قدراتهما ظهرت على أنها مجرد "شائعات خادعة"، حيث أخفقا في توقع ما حدث.
وأوضح أنه في اليوم الثاني من الأحداث بدا الإعلام الإسرائيلي برمته وكأن "الرقيب العسكري هو من يسيره، عبر استضافة عسكريين ودبلوماسيين تولوا تحليل ما يجري على الأرض". وأضاف أنه كان واضحاً تشكيل ما يشبه "قيادة لإدارة التغطية الإعلامية للأزمة"، وقد ظهر ذلك من خلال توحيد التغطية على غالبية القنوات الإسرائيلية تحت عنوان: "مصر على شفا ثورة"، وبدأ المحللون العسكريون يأخذون مساحات أوسع في نشرات الأخبار.
وأكد اللحام على "اختفاء كلام المحللين (تدريجياً) عن دور الإخوان في الاحتجاجات حتى الوصول إلى اليوم السادس"، لصالح ترجيح كفة من سماهم الإعلام الإسرائيلي "شبيبة الفيسبوك". وقال إن "الصحف الإسرائيلية لم تملك أي إجابات عن أسئلة طرحتها الاحتجاجات في الشارع المصري".
وأضاف أن "الصحفيين الإسرائيليين فشلوا في توقع الأحداث وتغطيتها وتحليلها"، موضحاً أن القنوات التلفزيونية وجدت ضالتها في المحليين العسكريين عبر الحديث عن مسائل أمنية مشتركة بين مصر وإسرئيل، من قبيل اتفاقية السلام، وتناول قدرات الجيش المصري وإمكاناته العسكرية وعداده وتعداده.