واه قدساه .. هل من مجيب يا مسلمين؟! ( 1 ـ 2 )


الحمد لله في الأولى فقد نامت عيون الخلائق وما غفل، وله الحمد في الآخرة إذا زاغت الأبصار، أسرف الناس في كل مكان فما أهلك وما عجل، عبدوا المال فأطغاهم، ونسوا الموت فغرهم الأمل، ولو شاء ربك لجفت الأنهار وما أصاب النباتَ بلل، نحمده تبارك وتعالى ونستعينه على كل أمر جلل، ونستغفره لمن تاب منا ومن في المعاصي لم يزل، ونرجوه رحمةً تعمُّنا ولا نطمع في سواها بدل، ونسأله العافية فيما هو آتٍ، والعفوَ عما قد حصل، وأشهد أن لا إله إلا الله ملَك فحكَم فعدَل، قدر الأمور من الأزل، فلحكمة لم يفعل ولحكمة فعل، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد لله ورسول دعوة الخليل وقرة عين إسماعيل وبشرى ابن البتول، أشرق على الوجود بنوره فإذا الكواكب والشموس أفول...أرسل والنفوس موات فحيِيَتْ، وأينعت الزهور بعد ذبول، بعث بالحق والعقول ظلام فأفاق الناس بعد ذهول، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى الصحب والآل...ما دام في الكون شخوص وظلال.

أما بعـــــد

إن المسجد الأقصى الذي سمًي اقصى لبعده عن الحرمين في المسافة، هو قريب في قلب كل مسلم، لأنه مقدس وله شأن في الأرض بين الناس وفي السماء عند الله رب الناس. فهو أول القبلتين وثالث مسجد تشد له الرحال، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم. ورغم هذه المكانة إلا أنه أسير في يد اليهود عليهم لعنة ربنا المعبود. يتحكمون فيه من يصلي ومن لا يصلي، ينتهكون حرمته ويدنسون قدسيته منذ زمن بعيد، والمسلمون في سبات عميق لا يتحركون ولا تسمع لهم ركزا، وإن تكلموا يشجبون وكلهم خزي وعار. ثم أخيراً منع فيه الأذان والصلاة لأول مرة منذ الحملة الصلبية،  وما حدث إلا لأن اليهود يعلمون بأن هذه الأمة لا وزن لها ولا مكانه، سقطت من أعين باقي الأمم بسبب الضعف والهوان والذل والعار الذي أصابهم، والفرقة التي بينهم. ثم إن خروج المسلمين في بعض عواصم العالم، لا يكفي ولن يكون له تأثير على الصهاينة المعتدين ، مالم يتحرك أولياء الأمور بقوة وحزم على المحتلين، ويكفينا عجز وخيبة أمل في استرداد الأراضي المحتلة والمسجد الأسير. ولولا ثبات المقدسيين ودفاعهم المستميت ، لضاعت القدس منذ زمن بعيد، بسبب التطبيع والعمالة والخيانة لقضية من أهم القضايا التي تخص الدين وعقيدة المسلمين

فضائل المسجد الأقصى

المسجد الأقصى مسجد عظيم مبارك له مكانة عالية في نفوس المؤمنين ومنزلة رفيعة في قلوبهم ، فهو مسجد قد خص في الكتاب والسنة بميزات كثيرة وخصائص عديدة وفضائل جمة تدل على رفيع مكانته وعظيم قدره .


أول القبلتين
كانت هناك أهميّة خاصة للمسجد الأقصى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان القبلة الأولى للمسلمين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة عام 1هـ الموافق622م، فقد كان المسلمون يتوجّهون إلى المسجد الأقصى في صلواتهم ، ومكثوا على ذلك مدة 16 شهرًا تقريبًا. فقد روى البراء بن عازب أنه قال: «لما قَدِمَ النَّبيُ صلى الله عليه وسلم المدينةَ صلّى نَحوَ بيتِ المقدسِ سِتةَ عَشرَ شهرًا أو سبعةَ عَشرَ شهرًا، وكان يُحبُ أنْ يُوَجِّهِ إلى الكَعبةِ، فأنزل اللّه تعالى:} قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{ البقرة:144.


مسرى معجزة الإسراء

وكان المسجد الأقصى وجهة النبي صلى الله عليه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج وذلك بعد البعثة بعشر سنين،  خرج النبيَّ صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بصحبة المَلَك جبريل عليه السلام راكبًا دابّة البراق، فنزل في المسجد الأقصى وربط البُراق بحلقة باب المسجد عند حائط البراق، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا،ثم عُرج به من الصخرة المشرّفة إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء: آدم ويحيى وعيسى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم عليهم السلام. والقصة مشهورة. . قال تعالى: }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{  الإسراء: 1 من فضائل المسجد الأقصى أنه أحد المساجد الثلاثة المفضلة التي لا يجوز شد الرِّحال بنية التعبُّد إلا إليها ، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى)رواه البخاري ومسلم.

ومن فضائله أن الصلاة فيه تضاعف، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى ، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا - أَوْ قَالَ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي

وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، حيث بيَّن ما سيؤول إليه المسجد الأقصى مع تعلُّق قلوب المسلمين به وأن مؤامرات الأعداء على المسجد الأقصى ستزداد ، حتى إن المؤمن ليتمنى أن يكون له موضع صغير يطلُّ منه على المسجد الأقصى ويكون ذلك أحبَّ إليه من الدنيا وما فيها.

ومن فضائله ما ورد في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا : حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ) رواه النسائي، وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الترغيب


وعن أبي الدرداء وجابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وأرضه هي أرض المحشر والمنشر ، فعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ؟ قَالَ: (أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ). رواه ابن ماجه، وصحح الألباني

وللحديث بقية

http://www.mohammedfarag.com/play.php?catsmktba=32635

(2)



كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 10/05/2021
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com
Print MicrosoftInternetExplorer4