هل من مات بفيروس كورونا يعتد من الشهداء؟


 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً:

ما هو فيروس كورونا (كوفيد-19)حسب تعريف منظمة الصحة العالمية: "فيروسات كورونا فصيلة واسعة الانتشار معروفة بأنها تسبب أمراضاً تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الاعتلالات الأشد وطأة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (السارس)" .

تتمثل أعراض كوفيد-19 الأكثر شيوعاً فيما يلي:(الحمى ـ السعال الجاف ـ الإجهاد)

وتشمل الأعراض الأخرى الأقل شيوعاً التي قد تصيب بعض المرضى ما يلي:

(فقدان الذوق والشم، احتقان الأنف، التهاب الملتحمة (المعروف أيضاً بمسمى احمرار العينين)، ألم الحلق، الصداع، آلام العضلات أو المفاصل، مختلف أنماط الطفح الجلدي، الغثيان أو القيء، الإسهال،الرعشة أو الدوخة). 

ثانياً:

بناءً على هذه الأعراض اختلف الأطباء (أهل الصنعة) في الحكم على هذا المرض ، فمنهم من قال بأنها أعراض (ذات الجنب) ومنهم (محمود النسيمي)، الذي قال إنها "الألم الجانبي الناتج غالباً عن البرد أو الرثية لروماتيزم)" ، بينما قال (القلعجي) إن الأعراض " تنطبق على التهاب الغشاء المبطن للرئة Pleurisy الذي يترافق مع ألم حاد شديد يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال. إضافة إلى سعال جاف وارتفاع حرارة وإنهاك القوى".

فلو سلمنا للقول الثاني بأنه (مبطن للرئة). وأن من أعراضه الإسهال ، ينسحب عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات في البطن فهو شهيد" رواه مسلم.

قال النووي في شرح مسلم: المبطون هو صاحب داء البطن ـ وهو الإسهال ـ قال القاضي: وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي تشتكي بطنه، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقاً". وقال القاري في مرقاة المفاتيح وعون المعبود: والمبطون من إسهال، أو استسقاء أو وجع بطن " أ.هـ 

ثالثاً:

أن هذا المرض أصبح جائحة والجائحة حسب تعريف منظمة الصحة العالمية: "هو وباء ينتشر على نطاق شديد الاتساع يتجاوز الحدود الدولية وينتقل بالعدوى مع ضعف القدرة على السيطرة عليه وعدم التمكن من إيقافه وقتل الكثير من الأفراد".

وعلى هذا التعريف يندرج هذا المرض تحت حكم الطاعون الذي يعتد من الأمراض المعدية القاتلة. والله أعلم.

عنْ أبي هُرَيْرةَ، ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: " الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه" متفقٌ عليهِ.
وعنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺمَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَإنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،" قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَمنْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ" رواهُ مسلمٌ.
وعن عبدِاللَّهِ بن عمْرو بن العاص، رضي اللَّه عنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: " منْ قُتِل دُونَ مالِه، فَهُو شهيدٌ" متفقٌ عَلَيْهِ.

رابعاً:

اتفق العلماء على أن الشهداء ثلاثة أقسام:

1ـ شهيد الدنيا والآخرة

فهو الشهيد الكامل الشهادة، والذي تجري عليه أحكام الدنيا والآخرة ، وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله. وأفضلهم مقاماً في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر، الذي قُتل في المعركة مخلصاً لله النية، مقبلاً غير مدبر. فعن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق، بَلَّغه الله منازل الشهداء،وإن مات على فراشه" رواه مسلم.

2ـ شهيد الدنيا
وهو الشهيد الذي تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا ، ولا تجري عليه في الآخرة ، كمن غل من الغنيمة أو مات مدبراً، أو من قاتل لتُعلم شجاعته، أو طلباً للغنيمة فقط.ولعل كل قتيل في المعركة، لم يكن مخلصاً لله، فهو من شهداء الدنيا، فإذا كان الباعث له، ليس الجهاد في سبيل الله، وإنما شيء من أشياء الدنيا، فإنه 
لا يحرم نفسه من الأجر والثواب فحسب، بل إنه، بذلك، يعَّرض نفسه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي هريرة قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ" رواه مسلم.

3ـ شهيد الآخرة

 من أثبت له الشارع الشهادة ، ولم تجر عليه أحكامها في الدنيا، أي أنه كباقي الموتى يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن، وقد جعلهم الشارع في حكم

الشهداء، لخصلة خير اتصفوا بها، أو لمصيبة أصابتهم فقدوا فيها حياتهم. وقد ذكر العلماء، بناء على ما ورد من أحاديث، أن شهداء الآخرة كثيرون،

عدها السيوطي ثلاثين، وأوصلها بعضهم إلى الخمسين فمن ذلك:

طالب الشهادة، والمطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، وصاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بالنفاس، والمقتول دون ماله، والمقتول

دون مظلمته، أو دون دينه أو أهله أو دمه، والميت بالغربة، والمواظب على قراءة آخر سورة الحشر العامل بما فيها، وطالب العلم، والمقتول صبراً،

والمقتول بسبب قوله كلمة الحق للحاكم. 

والله تعالى أعلى وأعلم





كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 09/05/2021
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com
Print MicrosoftInternetExplorer4