وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قبل الرد على حكم من قال هذا القول سوف أقوم بالتأصيل في باب الأسماء والصفات لله عز وجل.
أولاً:
أسماء الله الحسنى هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد الله وصفات كمال الله ونعوت جلال الله، وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله. ، يدعى الله بها ، سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده، لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد ، وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله لا يعلمها كاملة وافية إلا الله.
وهي أصل من أصول التوحيد ، في العقيدة الإسلامية لذلك فهي روح الإيمان ، وأصله وغايته ، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ، إزداد إيمانه وقوي يقينه ، والعلم بالله ، وأسمائه ، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين ، وأجلها على الإطلاق لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله عز وجل.
قال تعالى :وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَالأعراف : 180
وقال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا الإسراء: 110
وقال تعالى :اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى طه: 8
وقال تعالى :هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الحشر: 24
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لله تسعة وتسعون اسماً من حفظها دخل الجنة وإن الله وتر يحب الوتر) رواه البخاري ومسلم وفي رواية بن أبي عمر من أحصاها
وهذا الحديث لا يدل على أن أسماء
الله تعالى محصورة بهذا العدد، ولكن لمن أحصى هذا العدد دخل الجنة ، فأسماء الله
تعالى غير محصورة بعدد معين
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور : (أسألك بكل اسم هو لك سميت
به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم
الغيب عندك) وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن
لأحدٍ حصره ، ولا الإحاطة به
ثانياً:
إتفق علماء المسلمون بأن أسماء الله الحسنى كلها توقيفية ، على ما ورد ذكره في نصوص الشرع من غير زيادة أو نقص، ولا قياس، ولا تبديل بمرادف .
وكل ما ورد من أحاديث في تعين أسماء الله عز وجل
ضعيفه ، وما صح من اسماء فذكرت إما في القرآن الكريم ، أو في أحاديث للنبي صلى
الله عليه وسلم.
الدلالة الوصفية : وهي تؤخذ من كل اسم من أسماء الله الحسنى بعينه ، باعتبار ما دلت عليه من المعاني ، متباينة لدلالة كل اسم من أسماء الله الحسنى على معناه الخاص ، وتنقسم إلى قسمين دلالة وصفية خاصة ودلالة وصفية عامة.
الدلالة الوصفية الخاصة : فهي تؤخذ من أسماء الله الحسنى التي تدل على معاني لا يصح أن تطلق إلا على الله كالمتكبر والجبار. فعن أبي هريرة عن هناد قال : (قال رسول الله قال الله عز وجل الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار) رواه أبو داود
الدلالة الوصفية العامة : وهي الدلالة على كمال الوصفية وعموميتها ، فهي تؤخذ من أسماء الله الحسنى التي تدل على معاني يمكن أن تطلق على غير الله كالكريم والرحيم دون مشابهة أو تمثيل. قال تعالى: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾ الشورى : 11
الدلالة اللفظية : يدل كل اسم من أسماء الله الحسنى على الذات
والصفات دلالة مطابقة ، ويدل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن. ويدل
على الصفة الأخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام. وتنقسم الدلالة اللفظية إلى:
ثلاثة أقسام:
دلالة المطابقة:وذلك بدلالة الاسم على جميع أجزائه «الذات والصفات » دلالة اللفظ على كل معناه ويعطي اللفظ جميع ما دخل فيه من المعاني لأن اللفظ طابق المعنى من غير زيادة ولا نقصان.
دلالة التضمن:وذلك بدلالة الاسم على بعض أجزائه «الذات وحدها والصفات وحدها ».
دلالة التزام:وذلك بدلالة الاسم على غيره من الأسماء أو الصفات التي تتعلق تعلقا وثيقا بهذا الاسم وإن كانت خارجة عنه.
مثال ذلك : اسم (الرحمن) يدل على الذات وحدها وعلى الرحمة وحدها دلالة تضمن ، وعلى الأمرين دلالة مطابقة ، ويدل على الحياة الكاملة ، والعلم المحيط ، والقدرة التامة ونحوها دلالة التزام لأنه لا توجد الرحمة من دون حياة الراحم وقدرته الموصلة لرحمته ، للمرحوم وعلمه به وبحاجته.
رابعاً
أما عن حكم هذا المغرد الذي اطلق هذا العدد من باب التقيد والمشابه لأسماء الله الحسنى (التسعة والتسعين) فهو مشرك أشرك بالله عز وجل في باب الصفات والأسماء على الإجمال والتفصيل، ولا يجوز هذا مطلقاً.
فأما عن استهزائه بالحديث الخاص ( من أحصاها دخل الجنة )
أجمع أهل العلم على من كان منه استهزاء بالله تعالى أو بالقرآن أو بالرسول صلى الله عليه وسلم : فهوكافر كفر مخرج من الملة ، وقد دلَّ على هذا
قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْد إِيمَانِكُمْ) التوبة : 65ـ66
هذا. والله أعلى وأعلم