
، ومن رحمته بنا نسخها في حقنا
وأصبحت تطوع ، وبقيت كما هي في حق نبينا
بأبي هو وأمي ونفسي ومالي
وولديعَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
كُنْتُ أَجْعَلُ لِرَسُولِ اللَّهِ
حَصِيرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ
مِنَ اللَّيْلِ ، فَتَسَامَعَ بِهِ النَّاسُ ، فَاجْتَمَعُوا ، فَخَرَجَ
كَالْمُغْضَبِ ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا ، فَخَشِيَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِمْ
قِيَامُ اللَّيْلِ ، فَقَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، اكْلَفُوا مِنَ
الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى
تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ وَخَيْرُ الْأَعْمَالِ مَا دُمْتُمْ عَلَيْهِ " .
وَنَزَلَ الْقُرْآنُ : (يَا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ)اللَّيْلَ إِلَّا
قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ
يَرْبِطُ الْحَبْلَ وَيَتَعَلَّقُ ، فَمَكَثُوا بِذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ ،
فَرَأَى اللَّهُ مَا يَبْتَغُونَ مِنْ رِضْوَانِهِ فَرَحِمَهُمْ فَرَدَّهُمْ إِلَى
الْفَرِيضَةِ وَتَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ .
,عَنْ سَعِيدٍ ، قَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ :
(يَا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) قَالَ : مَكَثَ النَّبِيُّ
عَلَى هَذَا
الْحَالِ عَشْرَ سِنِينَ يَقُومُ اللَّيْلَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ ، وَكَانَتْ
طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُومُونَ مَعَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ
بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ)
إِلَى
قَوْلِهِ : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ )فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِين .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ خُفِّفَ عَنْهُمْ فَرَحِمَهُمْ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ)إِلَى قَوْلِهِ : (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) فَوَسَّعَ اللَّهُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَلَمْ يُضَيِّقْ.
وقال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)المزمل: 6
إِنَّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ ، وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ نَاشِئَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فإِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ ، فَهُوَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ ، وعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ نَاشِئَةِ اللَّيْلِ فَقَالَا : كُلُّ اللَّيْلِ نَاشِئَةٌ ، فَإِذَا نَشَأْتَ قَائِمًا فَتِلْكَ نَاشِئَةٌ. ونَاشِئَةُ اللَّيْلِ أَشَدُّ ثَبَاتًا مِنَ النَّهَارِ وَأَثْبَتُ فِي الْقَلْبِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ أَثْبَتُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ . فمن أراد القيام وتلاوة القرآن فعليه بالليل والناس نيام.
صلاة التراويح
الأصل بأنها هي صلاة القيام ولكن سميت بهذا الاسم بعد الاجتماع عليها في رمضان . والتراويح جمع ترويحة ، سميت بذلك لأنهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين ، كما قال الحافظ ابن حجر، وتعرف كذلك بقيام رمضان.
حكم صلاة التراويح
خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ، فأصبح
الناس فتحدثوا ، فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل
المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله فصٌلِّي بصلاته ، فلما كانت الليلة
الرابعة عَجَزَ المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح ، فلما قضى الفجر أقبل على
الناس فتشهد ثم قال : أما بعد فإنه لم يخف عليِّ مكانكم ، ولكني خشيتٌ أن تفرض
عليكم فتعجزوا عنها ، فتوفي رسول الله والأمر على ذلك".
وأٌمن فرضها أحيا هذه السنة عمر ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد
الرحمن بن عبد القاري أنه قال : "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلةً
في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل
فيصلي بصلاته الرَّهط ، فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل
، ثم عزم فجمعهم على أٌبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى ، والناس يصلون بصلاة
قارئهم ، قال عمر: نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ـ يريد
آخر الليل ـ وكان الناس يقومون أوله".فضل صلاة التراويح وقيام الليل
قَالَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري
ومسلم
في رفع
الدرجات، والصلاة والناس نيام
(أتاني جبريل فقال : يا
محمد ، عِشْ ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ،واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن
قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عنالناس ) رواه الحاكم والبيهقي
(عليكم بقيام الليل
فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلىالله تعالى ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن
الجسد ) رواه أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي.
(من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من
القانتين ، ومنقام بألف آية
كتب من المقنطرين)رواه
أبو داود وابن المنذر.
قال" ينزل
ربناتبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر
فيقول : منيدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له
" رواه البخاري ومسلمعدد ركعات صلاة التراويح
شيء عن عدد ركعات صلاة التراويح ، إلا أنه ثبت من فعله
أنه صلاها إحدى عشرة ركعة كما بينت ذلك أم المؤمنين عائشة حين سُئلت
عن كيفية صلاة الرسول في رمضان، فقالت : " ما كان رسول الله
يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن
وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثاً " متفق
عليه، ولكن هذا الفعل منه - - لا يدل على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة, فقد قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : " له أن يصلي عشرين ركعة،
كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي, وله أن يصلي
ستا وثلاثين، كما هو مذهب مالك, وله أن يصلي إحدى عشرة ركعة، وثلاث عشرة
ركعة.* وعن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعتأبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر . أخرجهمالك في الموطأ.
* وعن أبي عثمان النهدي قال: أمر عمر بثلاثةقراء يقرؤون في رمضان، فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمسوعشرين، وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين . أخرجه عبد الرزاق فيالمصنف.
* وقال نافع: كان ابن عمر رضي اللهعنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح. أخرجه البيهقي.
* وعن نافع بن عمر بن عبد الله قال: سمعت ابنأبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطرونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يسثقل ذلك . أخرجه ابن أبيشيبة.
* وعن عمران بن حُدير قال: كان أبو مجلز يقومبالحي في رمضان يختم في كل سبع. أخرجه ابن أبي شيبة.
* وعن عبد الصمد قال حدثنا أبو الأشهب قال: كانأبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام.
* وعن يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤونبالمائتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام . أخرجهالبيهقي
ذُكر عن أحد السلف أنه قال : كابدتقيام الليل عشرين سنة ، وتلذذت به عشرين سنة (أي أربعون سنة وهو يقوم الليل كله ،العشرون الأولى كأنه يلاقي تعبا ومشقة ، والعشرون الأخيرة يجد لقيام الليل لذة ،ويجد له راحة ، ويحبه ويتمنى أنه يطول) , حتى قال أحدهم : ما أحزنني منذ عشرين سنةإلا طلوع الفجر
* وكان شداد بن أوس: إذا أوى إلى فراشه كأنه حبةعلى مقلى ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام فيقوم إلىمصلاه.
* وكان طاوس: يثب من على فراشه ثم يتطهر ويستقبلالقبلة حتى الصباح ويقول : طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين
معوقات قيام الليل
إن من أكثر ما يعيق العبد عن القيام بين يدي الرب جل وعلى في الليل ، المعاصي والذنوب التي تكون حائل بينه وبين الطاعة والقيام في تلك الساعات التي لا يقوم فيها إلا من اخلص قلبه لمولاه ، وحبس نفسه عن الشهوات والملذات مما طاب ولذ من النعم كانت للبطن أو للفرج.
واخيـــــراُ
هذا ما استطعت جمعه في هذا المقال عن القيام لعل الله عز وجل أن يلقي الخشية والتقوى في قلوبنا ونتعظ ، بأفعال هؤلاء الصالحين ونمشي على خطاهم لنقابلهم في جنات النعيم ، أنه ولي ذلك والقادر عليه.
وانتظرونا مع باقي السلسلة الرمضانية
ولا تنسونا من صالح دعائكم
تقبل الله منا ومنكم