فى الجزء الأول كشف التحقيق مسارات البضائع المحرمة من بلد المنشأ وصولا إلى مقصدها النهائى فى مصر، وهكذا تتبع الشركة الصينية المصدرة للمواد الخام وأوهمها بعقد صفقة معها لإدخال شحنة مبيدات لمصر, فى هذا الجزء يتتبع كاتب التحقيق خيوط الشركة المحلية داخل مصر، وتمكن من الحصول على قضايا وأوراق رسمية تثبت قيام الشركة بإنتاج مبيدات مقلدة ومغشوشة ومحرمة دوليا تستخدم فى الزراعة داخل مصانعها، وذلك عن طريق وزارة الصحة المصرية التى تمنح الشركة موافقات استيراد لإدخال المواد الخام المستخدمة فى تصنيع المبيدات، بعيداً عن وزارة الزراعة. وهذا يؤدى لإصابة مصريين بأمراض خطيرة ويؤثر على البيئة بكل عناصرها.
لا يستطيع الفلاح المصرى البسيط غير المتعلم اكتشاف الفرق بين عبوة مبيد سليمة معتمدة من وزارة الزراعة، وأخرى مغشوشة أو مقلدة، وهو ما يؤدى لخسائر فى الحاصلات الزراعية نتيجة استخدام مبيدات تحتوى على مواد مجهولة وشوائب تترسب فى المنتجات الزراعية، وتتسبب فى إصابة المستهلك المصرى بأمراض خطيرة.
يصف الدكتور أسامة بدير مستشار مركز الأرض لحقوق الإنسان، عملية بيع وتداول المبيدات فى مصر «بالفوضى وضعف الرقابة» بدءاً من عملية استيراد المبيدات المحظورة وصولا إلى غش وتقليد المبيدات بمصانع «بير السلم» وتوزيعها سراً على الفلاحين فى غياب الأجهزة الرقابية.
ويشير بدير إلى خطورة استخدام هذه المبيدات المؤدية لارتفاع نسبة المتبقيات بالمنتجات الزراعية والتى تترسب فى التربة، وتمتد آثارها لعشر سنوات بحد أدنى، تتسب هذه المبيدات فى تلوث مياه الرى والآبار الجوفية عن طريق الصرف الزراعى.
تخبط فى القرارات
الدكتور سمير الديب أستاذ كيمياء المبيدات فى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية يرجع فى دراسة بعنوان «غش وتهريب المبيدات فى مصر» سبب استفحال مشكلة غش المبيدات إلى تضارب القرارات الوزارية.
حين أصدر وزير الزراعة الأسبق يوسف والى قرارا بحظر 47 اسما شائعا، تشمل 162 مبيدا كأسماء تجارية، ومنع استخدام 42 مادة خام بموجب القرارين رقم 3059 و3060 لسنة 2004 بعدها منح والى مستشار الوزارة يوسف عبدالرحمن، المتهم فى القضية المعروفة إعلاميا باسم «قضية المبيدات المسرطنة»، حق الاستيراد الخاص لهذه المبيدات عن طريق البورصة الزراعية، وعندما تولى المهندس أحمد الليثى الوزارة أصدر القرار رقم 719 لسنة 2005 بحظر ومنع تداول هذه المبيدات مرة أخرى داخل مصر.
هذا التضارب فى إصدار القرارات، من وجهة نظر الدكتور الديب «فتح باب غش وتهريب المبيدات على مصراعيه»، فالمبيدات التى تم منعها يعتقد الفلاح المصرى أنها علاج نافع للقضاء على الآفات، وهو ما أدى لفتح السوق المصرية للمبيدات المهربة القادمة من الخارج عن طريق عصابات التهريب من الدول المجاورة وغش وتقليد هذه المبيدات داخل مصر فى مصانع بير السلم.
لا تقتصر عملية غش المبيدات فى مصر على أنواع بعينها، فأثناء الورشة التى عقدت فى صيف 2010 بحضور عدد من ممثلى الجهات الحكومية بنادى شرطة المسطحات المائية لمكافحة غش وتهريب المبيدات، تم رصد أهم أنواع المبيدات المهربة التى دخلت مؤخراً لمصر، ومنها مورتين المنتج فى المملكة الأردنية، وكابيتان%50 مسحوق قابل للبلل وتوزعه تونس، وديدوميل حبيبات قابلة للانتشار فى الماء وتوبيك مبيد حشائش، وسيريس %10 مسحوق قابل للبلل، وميكال إم%70 مسحوق قابل للبلل، وتوبسين إم 70% مبيد فطرى جهازى صينى.
وقد رصدت بعثة الاتحاد الأوروبى التى حضرت إلى مصر عام 2010 نسبة متبقيات المبيدات فى الحاصلات المصرية المصدرة لدول الاتحاد الأوروبى من خلال 200 عينة من 22 صنفا من الحاصلات المصرية، فوجدتها مشبعة بالمبيدات بنسب تفوق الحد الأقصى المعمول به فى دول الاتحاد.
وأرجع أعضاء الفريق العلمى لبعثة الاتحاد فى التقريرالنهائى ذلك، إلى عدم وجود تشريعات كافية لحماية المنتجات الزراعية فى مصر، وللقصور فى الشق التنفيذى لقوانين توزيع وتجارة المبيدات فى ظل غياب الرقابة على بيع المنتجات الزراعية المشبعة بالمبيدات المحرمة والخطرة فى السوق المصرية.
بدأت رحلة البحث عن المبيدات المقلدة والمحرمة دولياً فى مصر من سوق تجارة لوازم الزراعة فى «مدينة الحمام» بمحافظة مرسى مطروح، داخل أحد متاجر المبيدات.
أخرج التاجر من بين أرفف المتجر عبوات مقلدة لبعض منتجات الشركات المصرية والأجنبية ووضع بجانبها العبوات الأصلية، وقال «هناك عدة طرق لتقليد وغش المبيدات» منها جمع العبوات الفارغة للمبيدات من المزارع وإعادة تعبئتها بمواد شبيهة بالمنتج الأصلى، ووضع ملصقات الشركات المعتمدة عليها، ولا تحظى قضايا ضبط المبيدات المحرمة والمغشوشة باهتمام حكومى أو إعلامى، بهذا الأسلوب تعاملت الجرائد مع خبر ضبط مخزن سرى فى باطن الأرض على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى يحتوى على 27 طنا من المبيدات المحظورة.
الخبر الصغير كان بداية الخيط لتتبع تجارة المبيدات المحرمة فى مصر.
فطبقاً لأوراق القضية رقم 3913 لسنة 2009 جنح وادى النطرون، فقد أخفت إحدى الشركات مخازنها بعيداً عن الأنظار بالقرب من دير الأنبا مقار بالكيلو 92 غرب طريق مصر الإسكندرية الصحراوى داخل مزرعة «الرضوان».
عندما داهمت شرطة المسطحات المائية بصحبة عدد من مفتشى المعمل المركزى للمبيدات المزرعة وجدت سائق لودر يهيل كمية كبيرة من الرمال لإخفاء بوابة مخزن سرى تحت الأرض فى نهاية المزرعة، وأثناء التحقيقات قال سائق اللودر «صاحب المزرعة والغفر هم اللى طلبوا إخفاء معالم المخزن وتسويته بالأرض علشان محدش يعرف مكانه».
تحريات الشرطة كشفت إبلاغ أحد مهندسى المعمل المركزى للمبيدات صاحب المزرعة، بموعد الحملة وهو ما يدل على وجود أعين لهذه الشركات داخل الجهات الرقابية.
أزاحت الحملة الردم وبدأ مهندسو المعمل المركزى فى استكشاف المكان، ليجدوا باباً حديدياً سرياً يخفى مخزنا على مساحة 500 متر تحت الأرض به كميات كبيرة من المبيدات المغشوشة والمحرمة منها: مبيد «التيمك» شديد السمية والممنوع تداوله فى مصر، كما وجدت اللجنة كمية كبيرة من مبيد «جرانستار» مغشوش ومقلد بالإضافة لعدد من البراميل الحديدية المملوءة بمواد مجهولة ولا توجد عليها أى بيانات، وعدد من الشكاير بها مادة «wetting agent»، وهى مادة غير مسجلة بوزارة الزراعة، طبقا لما جاء بتقرير لجنة المعمل المركزى للمبيدات.
نفى محاسب المزرعة خلال التحقيقات ومحضر الضبط علاقته بالمضبوطات قائلاً: «أنا مش عارف حاجة عن المبيدات دى خالص أنا محاسب وبس.المزرعة ملك (أ.ك.ر) ومديرها والمسؤول (ح) ومش عارف باقى اسمه».وأضاف «المزرعة كانت تدار عن طريق شركة بالقاهرة واسمها ( i.c.m)».
أثناء تداول القضية تقدم محامى المزرعة بطلب لمدير نيابة وادى النطرون، أكد فيه أن موكله «ح.ع» - الذى ورد اسمه فى أقوال المحاسب - هو مستأجر المزرعة، وأن الأسمدة والمبيدات المتحفظ عليها على ذمة القضية ملك موكله، وليست ملك «أ.ك.ر».وقدم عقد إيجار للمزرعة لمدة ثلاث سنوات من 2008 إلى 2011 من المتهم الأول لموكله يفيد ذلك.
بعد تداول القضية قضت محكمة وادى النطرون الجزئية برئاسة المستشار محمود الشربينى، ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ومصادرة المضبوطات، استندت المحكمة فى حكمها على نص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وعدم جدية التحريات التى قام بها العقيد سامى عزت، على أساس أن المتهم الأول «أ.ك.ر» هو صاحب المزرعة، فى حين أن المتهم الثانى «ح.ع» قد تقدم بعقد إيجار، يفيد بأنه هو مستأجر المزرعة وأنها فى حيازته، وهو ما يترتب عليه بطلان جميع الإجراءات التى تلت التحريات.
حاولت الشركة الحصول على المضبوطات، فتقدم المتهم الثانى بالقضية «ح.ع» بفاتورة تفيد بشرائه المادة المجهولة من شركة «i.c.m» بالإضافة لشهادة استيراد صادرة عن الإدارة العامة للموافقات الاستيرادية بوزارة الصحة صرحت فيها للشركة باستيراد هذه المادة المجهولة من الصين.
رفضت المحكمة التصريح للشركة باستلام المضبوطات، استناداً للمادة 30 من قانون العقوبات، وأكدت فى حكمها الذى حصل كاتب التحقيق على نسخة منه، «أنه من الثابت أن المضبوطات بالقضية منها المحظور تداوله ومنها مضبوطات مقلدة ومنها مضبوطات تداولت دون أن يكون مرخص للمتهمين بتداولها، الأمر الذى تكون معه حيازة المضبوطات فى حد ذاته جريمة وتقضى معه المحكمة بمصادرة المضبوطات».
بدأ كاتب التحقيق تتبع الشركة فى الجهات الحكومية، لمعرفة إذا كانت تعمل بشكل رسمى أم لا.كانت البداية من غرفة الصناعات الكيماوية بالقاهرة والتى ثبت من سجلاتها عضوية من وردت أسماؤهم بالقضية بها، وبعد التقدم بطلب للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، حصل كاتب التحقيق على خمسة سجلات تجارية لعدد من الشركات والمصانع فى المدن الصناعية، تخص أصحاب الشركة فى «بدر والسادات والمنطقة الحرة بالإسماعيلية» ممهورة بختم الهيئة يتركز نشاطها فى صناعة مبيدات الصحة العامة والمنظفات والاستيراد والتصدير.
كشفت السجلات التجارية العلاقة بين المتهمين فى القضية، فالمتهم الأول «أ.ك.ر» صاحب مزرعة الرضوان التى ضبطت فيها المبيدات هو نفسه صاحب شركة «i.c.m» التى تأسست فى عام 1997 وفى عام 2003 خرج من الشركة وأدخل «ح.ع» مدير المزرعة شريكا متضامنا بنسبة 5% له حق الإدارة والتوقيع والتمثيل القانونى وبذلك يتحمل أى مسؤولية قانونية تقع على الشركة.
أكد أحد المصادر لكاتب التحقيق - طلب عدم الكشف عن هويته - أن الشركة هى واحدة من كبرى شركات توريد مبيدات الصحة العامة والمنظفات لمستشفيات وزارة الصحة المصرية، وأنها تمارس نشاطها فى التصنيع والاستيراد والتصدير للخارج، بعد حصولها على موافقات رسمية من وزارة الصحة، وهو ما كشفت عنه الموافقة الاستيرادية الصادرة من «الإدارة العامة للموافقات الاستيرادية بوزارة الصحة» بإدخال مواد كيماوية قادمة من الصين والتى قدمتها الشركة بقضية «المخزن السرى».
كانت هناك صعوبة فى الاقتراب أو الدخول إلى أحد مصانع الشركة، للكشف عن الكيفية التى تتبعها الشركة فى تصنيع منتجاتها من الكيميائيات والمبيدات، ولكن من خلال الكشف الجنائى عن أسماء أصحاب الشركة فى سجلات وزارة الداخلية، تبين اتهامهم فى القضية رقم 686 لسنة 2007 بعد أن ضبط أحد مصانع الشركة فى «مدينة بدر الصناعية» يقوم بإنتاج مبيدات مقلدة ومحظورة الاستخدام بكميات ضخمة.
ثبت من محضر الدهم الذى حررته شرطة المسطحات المائية، وحصل كاتب التحقيق على نسخة منه، وجود كميات كبيرة من المبيدات المحرمة دولياً الممنوعة من التداول، ينتجها المصنع مثل مبيد «سايبركل 25%، دايمثويت، سمبش 10%، دانيتول 20%، فاستميك، أبامكتين 10%» عثرت لجنة المعمل المركزى للمبيدات التابعة لوزارة الزراعة والتى صاحبت الحملة، على كميات كبيرة من المبيدات المقلدة والمغشوشة مثل «كنفدور» 20% إنتاج شركة باير الألمانية العالمية، «سيريال» إنتاج شركة أبرجرو إيطاليا.
لم تستطع لجنة المعمل المركزى حصر الكميات الهائلة من العبوات والملصقات الخاصة بشركات إنتاج المبيدات المحلية والعالمية، التى يتم طباعتها داخل المصنع عن طريق «ماكينة طباعة» تقلد ملصقات هذه الشركات بدقة.
وقد ذكرت اللجنة فى تقريرها أن جميع المبيدات المضبوطة غير مسجلة بوزارة الزراعة وغير مصرح بتداولها، وفقا للقرار 3059 لسنة 2004 والقرار الوزارى رقم 917 لسنة 2005 بشأن حظر بعض المبيدات من التداول.
من خلال أقوال مدير المصنع «ح.ع» الذى سبق أن ورد اسمه فى قضية «المخزن السرى»، تكشفت الطرق التى تتبعها بعض شركات المبيدات فى إدخال المواد الخام إلى مصر،إذ قال: «أنا المسؤول عن التعامل مع وزارة الصحة باسم الشركة ودخول المناقصات التى تطرحها الوزارة واستيراد المواد الخام بعد الحصول على موافقات وزارة الصحة لاستخدامها فى تصنيع مبيدات الصحة العامة» كانت هذه مجمل أقوال مدير المصنع فى القضية فالشركة حاصلة على تصاريح من وزارة الصحة، وطبقاً لتقارير لجنة المعمل المركزى للمبيدات تنتج مبيدات زراعية مقلدة ومغشوشة ومحظورة التداول.
قدم مدير الشركة للنيابة أوراقا رسمية، لإثبات إشراف وزارة الصحة على الشركة عبارة عن خطاب صادر من وزارة الصحة، يفيد بأن إدارة التجميل والمبيدات الحشرية بصفتها الجهة المنوطة بالإفراج والمتابعة والتفتيش على المبيدات الحشرية، وأرفق بالخطاب عددا من الموافقات الصادرة لصالح الشركة، وجاء بالخطاب أن المبيدات المصرح للشركة بإنتاجها تم سحب عينات منها وحصلت على قرارات إفراج نهائى من معامل وزارة الصحة.
هذا بالإضافة لخطاب آخر صادر من المعمل المركزى للمبيدات، يفيد بأن المعهد يقوم بالرقابة على مبيدات الآفات الزراعية فقط.
أرفقت الشركة بالقضية موافقات استيرادية تحصلت عليها من الهيئة القومية للرقابة على البحوث الدوائية، ومن خلال هذه الموافقات حصلت الشركة على الإفراجات الجمركية النهائية لشحنات مواد خام لتصنيع مبيدات الصحة العامة وذلك عن طريق إدارة التجميل والمبيدات التابعة لوزارة الصحة.
وكان من ضمن المستندات التى تقدمت بها الشركة فى القضية أوامر توريد بمبالغ ضخمة لصالح وزارة الصحة المصرية، بصفتها واحدة من كبرى الشركات العاملة فى مجال تصنيع مبيدات الصحة العامة، التى تستخدم فى مقاومة الحشرات والفئران وناقلات الأمراض، هذا بالإضافة لأوامر توريد لجهات حكومية وسيادية أخرى مثل: هيئة قناة السويس ووزارة الطيران المدنى والهيئة العامة لمرفق الصرف الصحى للقاهرة الكبرى والجامعات وغيرها.
طبقاً للأوراق المقدمة من الشركة فإن المصنع حصل على موافقات من جهاز تنمية مدينة بدر والهيئة العامة للتصنيع، وترخيص وزارة التجارة والصناعة وموافقة جهاز شؤون البيئة والإدارة المركزية لتقيم الأثر البيئى والشركة عضو فى غرفة الصناعات الكيماوية.
يقول الدكتور صلاح سليمان أستاذ الكيمياء وسمية المبيدات بجامعة الإسكندرية، إن هناك ثلاث جهات منوط بها تسجيل المبيدات فى مصر وهى: المعمل المركزى للمبيدات بوزراة الزراعة، لجنة المبيدات المنبثقة عن قطاع الطب البطرى بوزارة الزراعة، ولجنة المبيدات بوزراة الصحة ولكن المشكلة أن هناك مبيدات صحة عامة أو بيطرية تدخل لمصر وتستخدم فى تحضير مبيدات زراعية والعكس.
وأضاف أن المواد الفعالة الخام المستخدمة فى تصنيع مبيدات الصحة العامة أو الزراعة واحدة ولكن تختلف طريقة التحضير والتركيز وإرشادات الاستخدام، فمثلا مبيدات الصحة العامة المصنعة لمكافحة الحشرات المنزلية «الذباب والصرصار» هى نفسها المبيدات المستخدمة فى مكافحة «ذبابة الفاكهة» أو«صرصار الغيط» مع اختلاف التركيز. وأشار إلى أن المفوضية الأوروبية ووكالة حماية البيئة الأمريكية وضعتا شروطا ومواصفات للمبيدات التى تستخدم فى الزراعة تختلف عن شروط المبيدات المستخدمة فى مجال الصحة العامة, أمام تقارير المعمل المركزى للمبيدات ومحضر الضبط والمستندات المقدمة من الشركة، قامت المحكمة بانتداب الخبير البيئى محمد إسماعيل بدوى، الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الذى وضع تقريراً من صفحتين، أكد من خلاله أن المصنع ينتج مبيدات انتهت شهادات تسجيلها مثل مبيد «malafos» وينتج مبيدات أخرى بدون شهادات تسجيل، تم ضبطها بالمصنع مثل مبيد «سيدافيلم، كالثيرين، أزوكسى، لوردان 48%، أوكسى، جولدن بورد».
لا يحتوى الخطاب المقدم من وزارة الصحة بقائمة المبيدات المصرح للشركة بإنتاجها على جميع المبيدات التى تم ضبطها فى المصنع ، وأشار التقرير إلى ضبط مواد مجهولة ومحرمة داخل المصنع، وبالنسبة للمبيدات التى ادعى المصنع أنها خاصة بالصحة العامة وخاضعة لإشراف وزارة الصحة، وأكد الخبير البيئى أن بعضها يستخدم فى مكافحة الحشرات الزراعية مثل: الملاثيون والديزنون، والكلوروبيروفوس، والدلتامثرين.. إلخ.
انتهى تقرير الخبير البيئى بأن الشركة تقوم بإنتاج مبيدات منتهية التسجيل ومبيدات بدون شهادات تسجيل، بالإضافة لإنتاج مبيدات محظور إنتاجها وتداولها داخل مصر، ووجدت بالمصنع مواد مجهولة المصدر ولا تعرف جهة إنتاجها أو مصدرها، ورأى الخبير البيئى أن المصنع مخالف للقانون ويعتبر مصدرا للتلوث البيئى بالمواد الخطرة، وأن موقعه الحالى غير مناسب ويفضل نقله فى مكان خاص بمبنى مستقل.
أمام التقرير البيئى الذى أثبت مخالفات المصنع، طلبت الشركة تحويل القضية إلى خبراء وزارة العدل، الذين اعتذروا لعدم تخصصهم فى مجال المبيدات وبعد أربع سنوات من نظر القضية أحالتها المحكمة لخبراء وزارة البيئة بجلسة القضية بتاريخ 13 أكتوبر الماضى، وقد شاركت الشركة فى معرض صحارى الدولى للزراعة والغذاء، الذى أقيم فى شهر أكتوبر تحت رعاية «وزارة الزراعة المصرية» ودونت على منتجاتها عبارة «مسجل بوزارة الصحة المصرية» ولاتزال تمارس نشاطها داخل وخارج مصر فى تصنيع واستيراد وتصدير المبيدات