مصر: الثورة الثانية فى عيون الصحف العالمية:


الثورة الثانية فى عيون الصحف العالمية: "الإندبندنت" تدعو الولايات المتحدة والجامعة العربية للتدخل لحماية الثورة المصرية.. و"نيويورك تايمز" تصف استقالة حكومة شرف بالضربة الجديدة لشرعية "العسكرى"

ما بين الوصف وتقديم الحلول، تعددت متابعات الصحف العالمية لأحداث التحرير فى يومها الرابع، فقد دعت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، الولايات المتحدة أو الجامعة العربية، للتدخل من أجل إنقاذ الثورة المصرية، وطالبت فى افتتاحيتها أمس الثلاثاء الجيش بضرورة أن يترك حيزاً للديمقراطية فى البلاد، وقالت تحت عنوان "يجب أن يترك الجيش حيزا للديمقراطية" إن هناك نوعا من التماثل بين المثابرة البطولية للمتظاهرين فى ميدان التحرير قبل تسعة أشهر، والطبيعة الأكثر تقلباً وغير المرتبة للحشود الموجودة فى الميدان الآن، كما أن هناك اختلافاً أيضا، وهو اختلاف المزاج. فاحتجاجات التحرير فى فبراير الماضى كان يدعمها الأمل، أمل شباب مصر فى إمكانية وجود حياة أفضل، وإمكانية تحقيق ذلك، لكن هذا الأمل يبدو الآن بعيداً عن ميدان التحرير.

وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن هناك حلاً ربما يكمن فى تدخل وسيط نزيه. فالولايات المتحدة، التى لم تتدخل فى المنطقة بشكل كبير بعد سحب دعمها لمبارك، والجامعة العربية التى اتخذت موقفاً صارماً من سوريا، ربما يجب أن يدرسا الانضمام إلى مثل هذه المبادرة التى لا تهدف إلا إلى حماية الثورة المصرية.

كما استعرضت الصحيفة من جهة أخرى الأحداث، وقالت إن جيش مصر فى حرب ضد الشعب مع اندلاع أعمال الشغب من جديد فى القاهرة. وتحدثت الصحيفة عن المواجهات بين المتظاهرين بالحجارة فى وجه طلقات قوات الشرطة.

من جانبها قالت صحيفة البايس الأسبانية إن "القمع الدموى للثوار المصريين على أيدى المؤسسة العسكرية يجعل التحول للديمقراطية موضع شك، فربما ظهر الجنرالات فى البداية وكأنهم محررون، ولكن هذا الانطباع لم يعد صحيحا منذ وقت طويل، فلقد توفى فى القاهرة أربعون مواطنا خلال ثلاثة أيام، أغلبهم أصيب برصاص أطلقه الجنود عليهم".

وقالت الصحيفة فى افتتاحيتها أمس إن العنف يهدد إجراء الانتخابات الماثلة على الأبواب، والتى علق عليها المصريون الكثير من الآمال، كما أن هذا العنف يدل على عجز المؤسسة العسكرية عن تحقيق الديمقراطية.

وقالت صحيفة الديلى تليجراف إنه بعدما كان يهتف المتظاهرون فى ميدان التحرير قبل تسعة أشهر "الشعب والجيش إيد واحدة"، انقلب الشعار مطالبين المجلس العسكرى بالرحيل، مشيرة إلى أن تملق قادة المجلس فى تسليم السلطة تحول بشكل تدريجى إلى حالة من خيبة الأمل، وبعدما رحب المصريون بالاستقرار الذى عرض المجلس تقديمه فى البداية، تصاعد القلق إزاء وتيرة الإصلاح وتزايدت الشكوك إزاء نوايا القادة العسكريين.

وقالت "تليجراف": لقد عاد المصريون إلى التحرير لأن النظام القديم مستمر مع غياب الرأس فقط. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المصريين العاديين الذين تعبئوا بالشجاعة بعد انتفاضة يناير لن يسكتوا بعد اليوم على ممارسات الحاكم العسكرى، وهى الرسالة التى وصلت بوضوح إلى أروقة حكومة شرف".

وفى إطار متابعتها للعنف الذى يشهده ميدان التحرير ضد المتظاهرين قالت وكالة الأسوشيتدبرس إنه بالنسبة للربيع العربى فى مصر، فإن الديكتاتورية العسكرية حلت بدلا من حلم الحرية والديمقراطية، مشيرة إلى أنه بعد انتصار عظيم وانتشاء عاشه المتظاهرون برحيل مبارك، حان الوقت للنشطاء المصريين أن يشيروا إلى اللحظة حيث تضل ثورتهم.

وقالت إنه على مدار الأشهر التسعة الماضية احتفظ جنرالات المجلس العسكرى، المعينين من قبل مبارك، بقبضة حديدية على العملية التى كان يأمل الثوار أن تنهى النظام القديم بالانتقال نحو الديمقراطية. لكن العسكر عززوا قبضتهم ومنحوا لأنفسهم صلاحيات واسعة، بينما تعثر حكم البلاد تاركا المصريين قلقين بشأن الاضطرابات الأمنية والاقتصاد المتهاوى.

وسردت الوكالة الأمريكية التجاوزات التى ارتكبها المجلس العسكرى بداية من محاولات تشويه صورة الثوار الشباب وقلب الرأى العام ضدهم مرورا بالمحاكمات العسكرية للمدنيين وعمليات التعذيب واختبارات العذرية، وإعادة قانون الطوارئ وصولا إلى مذبحة ماسبيرو التى نصبوها للأقباط فى 9 أكتوبر الماضى، والتى على إثرها تلقت هيبة المجلس ضربة قاسية.

كما اهتمت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على صدر صفحتها الرئيسية بتسليط الضوء على آخر تطورات الموقف السياسى المتأزم فى مصر بعد نزول المتظاهرين مجددا إلى ميدان التحرير، وقالت إن عرض حكومة رئيس الوزراء عصام شرف لاستقالتها، وعدم قبولها وجه ضربة جديدة لشرعية المجلس العسكرى لأول مرة بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق، حسنى مبارك.

ومضت الصحيفة تقول إن المجلس كان ينظر إليه باعتباره محور انتقال السلطة الانتقالية بعد سقوط مبارك، ورآه الإسلاميون القوة التى ستوجه دفة البلاد نحو الانتخابات المبكرة التى يعلمون جيدا أنهم سيهيمنون عليها، واعتبره الليبراليون حاجزا للقوى الإسلامية، فى الوقت الذى اعتبرته إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، شريكا أملت أن يساعدها فى تأمين المصالح الأمريكية.

كما خصصت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية افتتاحيتها أمس لانتقاد الإدارة الأمريكية والمجلس العسكرى، وقالت إن أحداث التحرير الأخيرة كشفت كيف ارتكبت الولايات المتحدة نفس الخطأ الذى ارتكبته فى يناير، عندما ترددت فى المطالبة برحيل مبارك، فبدلا من أن تستخدم الإدارة نفوذها، فضلت ألا "تملى على مصر ما تفعله"، حسبما قال جاى كارنى، المتحدث باسم البيت الأبيض، عندما سئل عما إذا كان قادة الجيش ينبغى أن يحددوا موعدا للانتخابات الرئاسية.

وقالت الصحيفة الأمريكية من ناحية أخرى، إن مسئولى الإدارة قاوموا مقترحات الكونجرس بربط المعونة العسكرية بالانتقال الديمقراطى.

إسرائيل كالعادة ظلت على خط المتابعة، فقد أدلى "رأوبين ريفلين" رئيس الكنيست الإسرائيلى "البرلمان" بتصريحات سياسية مهمة بشأن مصر، وجاءت تصريحاته بمناسبة احتفال البرلمان الإسرائيلى بمرور 34 عاماً على الزيارة التى قام الرئيس الراحل أنور السادات إلى إسرائيل، وخطابه الذى ألقاه من الكنيست الإسرائيلى.

ونقلت القناة السابعة الإسرائيلية تصريحات رئيس الكنيست الإسرائيلى التى قال فيها، "إن الشعب المصرى يجب أن يحدد ويختار مصيره ومصير علاقاته المستقبلية مع إسرائيل، لأننا لا نضمن تمسك المصريين بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وغير ملزمين بإيجاد أشخاص مثل الرئيس الراحل أنور السادات أو الرئيس السابق حسنى مبارك أو حتى رئيس وزراء إسرائيل الأسبق "مناحم بيجين"، من أجل ضمان استمرار السلام مع الشعب المصرى".

وأكد "رأوبين ريفلين" رئيس الكنيست الإسرائيلى، أن اتفاقية السلام مع مصر، هى اختبار طويل المدى، ولن ينتهى حتى الآن، موضحاً أن المعاهدة بين البلدين هى اتفاقية دولية تضمن استمرار السلام والمصالح المشتركة بين القاهرة وتل أبيب، لهذا يجب على مصر الالتزام بكافة بنود اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام مع إسرائيل.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 22/11/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com