(( حديث إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ))


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ـ (( إذا سمع أحدكم النداء ( وفي رواية: الأذان ) والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)).

التعليق:

هذا الحديث من رواية حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً . أخرجه الإمام أحمد في مسنده والبيهقي في سننه، وابن جرير في تفسيره.

والحديث له طرق وشواهد إلا أنه لم يسلم من طعن فيه من قبل بعض العلماء، ولكن ليس كل قدح قادحاً، ولا كل طعن معتبراً. وممن طعن في هذا الحديث الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله نقله ابنه عبد الرحمن في العلل له. وممن طعن في الحديث صاحب المناوي في الفيض.

بيان تأويل الحديث والفقه فيه:

تأول بعض أهل العلم ظاهر الحديث وفيه بعد بخلاف قصد مافي المتن من فقه  وسماحة الدين، وتُعقب هذا التأويل ببعض الردود من أهل العلم.

قال البيهقي رحمه الله: في سننه بعد تخريجه لحديث أبي هريرة: ( وهذا إن صح فهو محمول عند عوام أهل العلم أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر، بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر.

وقول الرواي: كان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ (أي الفجر) يحتمل أن يكون خبراً منقطعاً ممن دون أبي هريرة، أو يكون خبراًعن الأذان الثاني . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده " خبراً عن النداء الأول ليكون موافقاً لما أخبرنا، ثم ساق بإسناد إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال " لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره فإنما ينادي ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم "، ثم ساق إسناداً آخر له إلى عائشة رضي الله عنها، وابن عمر كذلك قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم " انتهى.

قلت:

إنَّ الصائم إذا كان يأكل ويشرب قبل طلوع الفجر إلى قبيل طلوعه فهو لا يحتاج إلى توصية بأن يستمر في طعامه وشرابه، لأنه يعلم بأنه يجوز له أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، لذا كان هذا الحكم الشرعي الذي صرح به الحديث وهو مواصلة الأكل والشرب إذا أذن المؤذن، هذا الحكم الصائم بحاجة اليه عند أذان الفجر الثاني، لأن عنده يلتبس الحكم على الصائمين، هل يستمر آكلهم وشاربهم إذا دخل عليه الفجر وأذان الأذان الثاني أم يمتنع؟ لذا نجد غالب الأسئلة التي ترد عن العامة: أنه كان يتسحر وسمع أذان الفجر الثاني: فهل صومه صحيح أم أفطر فيجب عليه القضاء؟ فعلم بذلك أن حمل الحديث على هذا التأويل بعيد، والله أعلم

والحديث له شواهد تفسيراً له وأوضح لفقه:

فعن أبي الزبير قال : (سألت جابرا عن الرجل يريد الصيام والإناء على يده ليشرب منه فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليشرب . ( اسناده لا بأس به.

2- وعن ابن عمر قال : (كان علقمة بن علاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويدا يا بلال ! يتسحر علقمة وهو يتسحر برأس ) الحديث حسن

3- وعن حبان بن الحارث قال : (تسحرنا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما فرغنا من السحور أمر المؤذن فأقام الصلاة)  . والحديث رجاله ثقات

4- وعن أبي أمامة قال: ( أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر قال: أشربها يا رسول الله؟ قال: نعم فشربها ) والحديث حسن

الخلاصة:

ومما تقدم يتبين لنا بأن الإمساك قبل الأذان بدعة وأن من السنة إذا كان الإناء في يدي أحدنا وأذن المؤذن فلا يضعه حتى ينتهي من شربه وهذا ما دلت عليه الأدلة والأحاديث الواردة . وهذا الحديث مبني على الرفق بالعبد وفيه رخصة عظيمة وتيسير للأمة والثابتة بنص هذا الحديث والمعروف بأن النبي صلى الله عليه وسلم

ماخير بين أمرين إلا واختار أيسرهما رفقاً بنا.

والله أعلم والحمد لله رب العالمين على يسر هذا الدين

 

 



كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 08/08/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com