أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ...


أصنام تتهاوى ... في أيام تتوالى ..

يبدو أن التقلب المناخي لم يقتصر على الجانب الجغرافي بل تعداه الى الجانب البشري , فيكفي ان تلقي ولو نظرة واحدة على الأجواء الثورية التي يعيشها الوطن العربي خصوصا والإسلامي عموما لتعلم أن لا مفر من عواصف الشباب التي لا تعرف طعم الهزيمة والانحناء , فبينما عشنا بطولة تونسية لازالت حلقاتها الطويلة متواصلة , أتتنا الأسطورة المصرية الشهباء لتعطينا الف فكرة وفكرة عن معنى الانتصار والقضاء على الطغاة , وما إن أشرفنا على الانتهاء من المسلسل المصري إذا بنا أمام فيلم عملاق تتصدره أوامر مصاصي الدماء الذين لا يعرفون أن في الأرض  نساء وأطفالا أبرياء عاشوا مأمورين مخدوعين , أحيت أمثلة الانتصار بين أيديهم أملا يميت التخلف و ينير العصر , فكان طموحهم أعلى واكبر من أي طموح سالف , نعم لقد صمموا على أن يعيشوا في وطنهم تحت خيمة الحرية لتجمعهم وتضيء لهم حياتهم بعدما عاشوا عشرات السنين تحت خيام الظلم والهوان , تلك الخيام التي دفنت تحت أعمدتها أحلام أمة ليبية لم تعرف الذل في تاريخها , وهكذا استمروا في بناء صرح الأمجاد فقاتلوا بصدورهم العارية , و أصواتهم الثائرة مرتزقة خانوا الله ورسوله وعاثوا في الأرض فسادا , ولم تثنهم  خطابات زعيم فاشل يظن ان المجد كله له , وأن العزة كلها له , وأن ليبيا بتاريخها و حاضرها له  , ولكنها حبوب (الهلوسة)عندما تجد مفعولها في إنسان لا تحكمه أبسط القيم الإنسانية ولا الحيوانية ولا حتى البدائية , ضف إلى ذلك أنه يعاني من أمراض لا نفسانية جعلته الرب والقائد والعظيم الذي لا يقهر حسب تصوره , ومن هذا التصور استمد طغيانه  و بدأ يقاتل أبناء جلدته كأنه يقاتل أعداءه , ولكن ذلك الكبر والبطش لم يثن من عزيمة الشباب ففي خلال يومين أو أقل سيطروا على ما يزيد على ثلاثة أرباع الوطن المهمش من طرف زعيمهم سالفا وعدوهم آنفا , ليرسلوا للعالم العربي عبر موجات الأثير أن هناك شبابا في كل قطر عربي إذا قرروا الثأر لكرامتهم والتغلب على واقعهم المأساوي لا يمكن قهرهم ولا حتى كسر إرادتهم , فهم بأقل تعبير أناس قدموا لوطنهم أرواحا مسلحة بسلاح أصيل من طراز عصري لا تثنيه خطابات الفاشلين ولاحتى قرارات الفاشين , ورغم استمرار المعركة وحمي وطيسها باتت محصورة في منطقة (زنقة) ولايفصلنا بإذن الله عن أجواء النصر سوى لحظات معدودة ستكوّن كارثة مأساوية لنهاية حكم دكتاتوري علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين , وبهذه النهاية المتوقعة يمن الله على الذين استضعفوا عبر مر السنين ليجعلهم ائمة ويجعلهم الوارثين , ويمكن لهم في الأرض ويري الطغاة الآخرين ومرتزقتهم انهم كانوا خاطئين , وأن ساعة الصفر قد دقت ولاعاصم لهم من امر الله اليوم سوى التنحي والانسحاب أو النهاية الموسيلينية فشباب اليمن بدأوا الانتفاضة ليخططوا لمرحلة ما بعد صالح , ورجال البحرين في طريقهم لذلك , و أبطال (الأردن والجزائر و موريتانيا  والمغرب و ...؟؟) عقدوا النية الأولى وصرخوا صرخة التحرر الأولية , وما شباب الخليج من ذلك ببعيد .....
 وفي مثل هذه التغيرات المناخية اللامتناهية التي بدأت أوراق التوت  بالتساقط فيها  تقف أمام أذهاننا إشكالية طالما جعلتنا نتأمل أيما تأمل , ولسان حالها يقول :
        هل استشعر حكامنا بسهام التغيير القادم؟, أم أنهم مازالوا في سكرتهم يعمهون ؟!؟...
                                                                      الإعلامي والمنشد :بدر بن داري بن محمدعبدالله


كاتب المقالة : للإعلامي:بدر بن داري بن محمد عبدالله
تاريخ النشر : 03/03/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com