ما حكم الاختلاف في تعين يوم عرفة والأضحى؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذه من المسائل الخلافية بين أهل العلم والمندرجة تحت أختلاف المطالع

وقد ذهب أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول:

بأن يوم عرفة علم على الزمان لا المكان فهو يطلق على اليوم التاسع من ذي الحجة سواء وافق هذا اليوم وقفة الحجيج بعرفة أم لم يوافق. وإنما سمي بهذا الأسم نسبة للوقوف بعرفة ذلك اليوم، إذا هو أعظم الأعمال التي تعمل فيه ، مثله مثل يوم عاشوراء الذي هو اليوم العاشر من محرم.

قال محمد الخرشي : في شرحه الصغير على المختصر عند قول خليل رحمهما الله تعالى في باب الصوم ( وعرفة وعاشوراء) ، ولم يرد بعرفة موضع الوقوف بل أراد به زمنه، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ، وأراد بعاشوراء اليوم العاشر من المحرم.

وقال ابن قدامة: في المغنى (4/442) : فأما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة ، سمي بذلك لأن الوقوف بعرفة فيه.

وذهب أصحاب هذا القول بأن هذه المسألة فرع عن أصل الخلاف المشهور في مسألة اختلاف المطالع بين قطر وآخر في شهر رمضان وشوال. ويمكن أن يستدل لها بنفس أدلة تلك ، ولا فرق في اختلاف المطالع في جميع الشهور. فلما لا يجوز في ذي الحجة مثل غيره من الشهور؟

ومن أدلتهم أيضاً ، ظاهر قول عائشة رضي الله عنها فيما رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/157) عن مسروق: أنه دخل هو ورجل معه على عائشة يوم عرفة ، فقالت عائشة: يا جارية ! خوضي لهما سويقاً وحلية فلولا أني صائمة لذقته ، قالا : أتصومين يا أم المومنين! ولا تدرين لعله يوم النحر؟ فقال: إنما النحر إذا نحر الإمام وعظم الناس ، والفطر إذا أفطر الإمام وعظم الناس) وفي رواية البيهقي في السنن الكبرى (4/252)      ( النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس) وفي رواية عنها عند البيهقي في شعب الإيمان: ( إنما عرفة يوم يعرف الإمام ، ويوم النحر يوم ينحر الإمام).

وظاهر كلامها رضي الله تعالى عنها أنه لا يلتفت إلى الشك في يوم عرفة، ولا عبرة في التخوف من أن يكون هو يوم النحر، لأن العبرة فيما عليه الإمام وأهل البلد ، فيوم النحر يوم ينحر الإمام وأهل البلد ، والفطر يوم يفطر الإمام وأهل البلد.

وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن أهل مدينة رأي بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يثبت عند حاكم المدينة فهل لهم أن يصوموا اليوم الذي في الظاهر التاسع. وإن كان في الباطن العاشر؟

فأجاب: نعم ، يصومون التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة، وإن كان في نفس الأمر يكون عاشرا، ولو قدر ثبوت تلك الرؤية، فإن في السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون) أخرجه أبو داود، وابن ماجه ، والترمذي وصححه.

وما دامت هذه المسألة خلافية فحكم الحاكم فيها يرفع الخلاف.

فإن الناس لو وقفوا بعرفة في اليوم العاشر خطأ أجزاهم الوقوف بالاتفاق، وكان ذلك اليوم يوم عرفة في حقهم. ولو وقفوا الثامن خطأ ففي الإجزاء نزاع. والأظهر صحة الوقوف أيضاً ، وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد.

القول الثاني:

بأن إذا رؤي الهلال في قطر أو بلد لزم باقي البلاد اتباع هذا البلد ، وهو قول للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، وهنا يلزم أن يتبع الناس رؤية الهلال في بلاد الحجاز ، وصيام عرفة ليس مقرون بزمان ورؤية الهلال ، كما في رمضان وشوال وعاشوراء ، بل هو مقرون بالمكان وهو عرفة ، ولذلك لم يقال صيام يوم التاسع ، بل صيام يوم عرفة ، ولا يجوز لأحد أن يخالف في ذلك.

أما القول الراجح عندي:

أن أدلة الفريق الأول قوية ، والفريق الثاني الحجة عنده هو الوقوف بيوم عرفة وأنه يوم واحد لا يتعدد ولا يتكرر. ولكن ما أذهب إليه للجمع بين القولين هو إذا كان عند أهل المغرب اليوم الثامن وهو التاسع في مكة فلهم أن يصومون اليوم ويصومون باكر الذي هو التاسع في حق قطرهم واتباعاً لولي الأمر وعدم المخالفة وشق الصف عندهم وبذلك لم يفوت عليهم الخير اليوم ، ولم يخالفوا الإمام وبلدهم باكر.

وهذا. والله أعلى وأعلم.

 




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 19/07/2021
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com