مهاتير محمد: أنور إبراهيم سيعود للسياسة الماليزية بعفو ملكي


أعلن رئيس الوزراء الماليزي الجديد ، مهاتير محمد، أن الملك وافق على اصدار عفو عن السياسي أنور إبراهيم، الذي هيمن على السياسة في البلاد نحو عقدين.

وكان إبراهيم، الذي كان ينظر إليه كزعيم مستقبلي للبلاد، سجن بتهم فساد ولواط بعد إقالته من الحكومة.

بيد أن مهاتير، رئيس الوزراء الذي سجن في عهده، والذي فاز بالانتخابات الجديدة تعهد بالإفراج عنه.

كما أشار مهاتير إلى أنه سيسلم السلطة إلى أنور في غضون سنوات قليلة.

وفي مؤتمر صحفي، بعد يوم من فوزه التاريخي بالانتخابات، قال مهاتير إن الملك "أشار إلى أنه راغب في العفو عن داتوء سيري أنور فورا". مستخدما لقب أنور التشريفي.

وأضاف أنه "سيكون عفوا شاملا، الأمر الذي يعني بالطبع أنه لن يتمتع بالعفو فحسب، بل يفرج عنه فورا بعد صدوره، وبعد ذلك سيكون له حق المشاركة الكاملة في السياسة".

وقد أنهى فوز مهاتير على رأس إئتلاف "باكاتان هارابان" أكثر من ستة عقود من حكم تحالف "باريسان ناسيونال" بقيادة حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو الذي كان مهاتير احد قياديه البارزين.

وكان كل من مهاتير وأنور في السلطة جزءا من تحالف "باريسان ناسيونال"، كرئيس للوزراء ونائب له على التوالي. وتعد قصة العلاقة بينهما مثالا للعلاقة المعقدة والمتقلبة.

وأُقيل أنور من منصبه بعد خلاف مع قائد التحالف، وقاد مظاهرات احتجاج ضخمة ضد حكومة مهاتير، وقد سجن بعد عام لإساءة استخدام السلطة.

في عام 2000 أدين بتهمة اللواط، وحكم عليه بالسجن لتسع سنوات أخرى.

وعلى الرغم من أن اللواط يعد أمرا غير قانوني في المجتمع الماليزي المسلم المحافظ، بيد أنه من النادر أن يُدان أمرؤ بمثل هذه التهمة فيه. لذا عُدت قضية أنور محاولة من الحكومة لإبعاد تهديده السياسي لها.

وفي عام 2004، اُسقطت التهمة عن أنور، وقاد المعارضة إلى تحقيق فوز غير مسبوق، وإن لم يكن انتصارا كاملا، في الانتخابات العامة في عام 2008 و 2013.

بيد أن التبرئة نفسها ألغيت بعد عام، أثناء تحضيره لخوض انتخابات كان فوزه يبدو مرجحا فيها. وأعيد ثانية إلى السجن.وفي خطوة مفاجئة، قرر خصمه السابق مهاتير محمد أن يخوض الانتخابات للفوز برئاسة الحكومة ثانية.

وهاجم مهاتير نجيب رزاق رئيس الوزراء وحليفه السابق متهما إياه بالفساد.

وظل أنور يتمتع بشهرة كبيرة بين أنصار المعارضة، الذين اشترطوا على مهاتير كجزء من صفقة لقيادة التحالف أن يوافق على ضمان عفو ملكي لأنور.

وقد وافق مهاتير على ذلك، وقال لاحقا إنه يأمل أن يسلم منصب رئيس الوزراء إلى أنور في غضون عامين.

ولم يعرف بعد متى يصدر قرار العفو، وقد حذر مهاتير أنصاره من أن عملية تولي أنور لرئاسة الوزراء ثانية وتوليه القيادة "قد تستغرق وقتا أطول".

هل سيلتزم مهاتير بكلمته؟

جوناثان هيد مراسل بي بي سي لشؤون شرق آسيا

شبّه البعض السياسة الماليزية المتقلبة بحبكة مسرحية شكسبيرية. فمهاتير محمد، الرجل الأوتوقراطي القوي الذي انقلب على خليفته أنور إبراهيم ، عاد ليتحالف معه ويسعى لإطلاق سراحه، وأبعد نجيب رزاق، الذي كان يوما ما من أتباعه.

وخلال تجربة انتخابات صعبة، وصف نجيب الائتلاف الجديد بأنه "تحالف توافق مؤقت" وحذر من أنه سينهار إذا ما فاز.

وثمة عدد من الشخصيات القوية في الائتلاف الفائز، الذين ينبغي عليهم التوصل إلى توافق بينهم، بيد أنه ليس هناك من هو أكثر أهمية من أنور ومهاتير، الذي ظل حتى انشقاقه وانضمامه إلى المعارضة، يصف أنور بأنه "غير صالح أخلاقيا لقيادة البلاد".

فهل سيحتفظ مهاتير، الشهير بمراوغته، بكلمته؟، كل ما قاله يشير إلى أنه سيفعل ذلك، إذ ظل يكرر تعهده بالدفع بأمر اصدار عفو عن أنور، وكذلك تنحيه عن السلطة لمصلحته.

وعلى الرغم من وضعه الصحي الجيد، إلا أنه يجب على مهاتير البالغ من العمر 92 عاما، أن يأخذ بنظر الاعتبار اشتراطات وضعه البدني في هذا العمر.

وصحيح أن الرجلين في ائتلاف الآن، لكن لحزب مهاتير "بيرساتو" 13 مقعدا فقط في البرلمان، وهي أصغر بكثير من حصة حزب أنور "كياديلان" البالغة 47 مقعدا.

إن الأيام التي كان مهاتير يفرض شروطه فيها قد ولت.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 12/05/2018
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com