التحالف بين الحوثيين والإصلاح في اليمن.. قراءة دلالية


الاتفاق بين الحوثيين وحزب الإصلاح في اليمن:

ففي الثامن والعشرين من نوفمبر تم الإعلان عن أن حزب التجمع اليمني الوطني للإصلاح (إخوان اليمن) وغريمهم الشيعي المسمى جماعة الحوثي توصلوا إلى اتفاق تهدئة، يقضي بوقف المعارك، والمواجهات المستمرة بينهما. وينص الاتفاق المبرم بينهم على الاتفاق على إنهاء المعارك، والتنسيق فيما بينهم لإنهاء الخلافات، وإطلاق المعتقلين، وإعادة ممتلكات الحزب، ودوره ومنازل قياداته التي استولى عليها الحوثيون خلال الأشهر الماضية. وعلى استمرار التواصل لإزالة كافة الخلافات، وبناء الثقة، والتعاون والتعايش واستشعار المسؤولية الوطنية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة. جاء هذا الاتفاق برعاية دولية وبدعم من الموفد الدولي إلى اليمن جمال بنعمر.

هذا هو نص الاتفاق والذي يبدو في جوانب منه أن هناك مصالح متقاطعة بين الجانبين (الحوثيون والإصلاح) ففي الوقت الذي يمتلك فيه الحوثيون القوة المسلحة واستطاعوا السيطرة على الساحة اليمنية سياسيًّا وعسكريًّا، لا يدفعهم إلى مثل هذا الاتفاق إلا رغبة في تحقيق مصلحة راجحة رآها معظم المحللين موجهة نحو دول الخليج وخاصة المملكة السعودية أكبر المتضررين من تغلل النفوذ الشيعي في اليمن.

الفرق بين الجماعات الشيعية والجماعات الإخوانية:

ـ الجماعات الشيعية في الأغلب منها مسلح أو تسعى أن تحوذ ذراعًا مسلحة. "حزب الله" في لبنان على سبيل المثال، والحوثيون في اليمن. ـ الجماعات الشيعية مرتبطة بأجندة استراتيجية واحدة تضعها الدولة الإيرانية وهناك تنسيق عالي المستوى في ذلك المجال.

نستطيع أن نقول: إن جميع التيارات أو الحركات الشيعية داخل البلدان العربية ما هي إلا أذرع للدولة الإيرانية، وهي بالتالي تنفذ الرؤية السياسية الاستراتيجية لتلك الدولة، وتتلقى في الوقت نفسه دعمها.

وهذا على النقيض من الانتشار الإخواني داخل البلاد العربية، فهو وإن كان أكثر انتشارًا وأكثر عددًا وأسهل في التسلل إلى مؤسسات الدولة ولا يلقى نفس الحذر والتضييق الأمني ـ على الأقل في مرحلة ما قبل الثورات ـ إلا أنه ينقصه أن تجمعه استراتيجية عمل موحدة أو مشتركة، وهو في الوقت نفسه لا يحظى بنفس القدر من دعم القوى الإقليمية، صحيح قد يوجد في بعض الأحيان مصالح مشتركة بينه وبين القوى الإقليمية إلا أن المجال يتحدد بإطار المصالح المتقاطعة في لحظة تاريخية محددة، بخلاف التيارات والأحزاب الشيعية فارتباطها بإيران ارتباط بنيوي.

لذلك فإن لكل من الكتلتين المنظمتين الشيعية والإخوانية السنية نقاط ضعف ونقاط قوة. وأن تقاربًا بينهما سيكون شديد الحساسية للعديد من الدول.

وأخيرًا: نستطيع القول: إن اتفاقًا بين الحوثيين الشيعة في اليمن وحزب الإصلاح المنتمي فكريًّا لجماعة الإخوان المسلمين، حدثٌ بالغ الدلالة في ظل أوضاع إقليمية شديدة السيولة، ففي اللحظة التاريخية الذي أصبحت جماعة الإخوان المسلمين العدو الاستراتيجي لكثير من الأنظمة العربية في المحيط الإقليمي وتأخر المواجهة مع الشيعة إلى الخطوط الخلفية، ومع تلك الحرب الشرسة التي وجهت إلى الإسلام السياسي في كافة دول الربيع العربي، تبقى أبواب السياسة مشرعة على مصراعيها، فليس لدى جماعة الإخوان كثير من أوراق المناورة لإحداث حلحلة لهذا الاستهداف القاسي إلا اللجوء إلى حمل السلاح ـ وهو مستبعد لدى الجماعة ـ أو الدخول في تفاهمات وتحالفات إقليمية تسعى لإضعاف حالة التضييق عليها.

وعليه فإن اتفاقًا أو تحالفا سياسيًّا ـ أو حتى مجرد التلويح به ـ يكون بين إيران بأذرعها المختلفة في البلدان العربية وجماعة الإخوان المسلمين بانتشارها الواسع، ينص على اقتسام السلطة على حساب تلك الأنظمة، سيكون له تداعياته وتأثيراته السياسية الواسعة، فكثير من الحسابات السياسية لدول الخليج المناهضة للثورات العربية بنت إستراتيجيتها على التنافس أو العداء بين تلك الكتلتين.

غير أن تقاربًا في ذلك المجال قد يدفع تلك الدول إلى مراجعة حسابتها مرة أخرى. ومع أن اتفاقًا أو تحالفًا في ذلك الإطار يقف أمامه الكثير من العوائق المذهبية والسياسية، إلا أنه وإن تم في اليمن بعد صراع سياسي وعسكري طويل بين الفريقين، فإن إمكانية حدوثه في مناطق أخرى سيكون أسهل وأقرب.

في وجهة النظر الأخرى فإن اتفاقًا مثل هذا قد لا يكتب له النجاح بالكامل وتقف أمامه العديد من العوائق. غير أن المأزوم يلجأ أحيانًا إلى خيارات لم يكن يرتضيها ويتحمل وزرها من ألجأه إليها ودفعه لأن يتخذ مثل تلك الخيارات السياسة التي تودي بالمنطقة إلى العديد الدروب غير المستقرة.



كاتب المقالة : أحمد عمرو
تاريخ النشر : 12/12/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com