تخوض حركة "شاس" الدينيّة صراعاً على البقاء، كمكوّن أساسي من مكوّنات الحلبة الحزبيّة المؤثّرة في إسرائيل، في ظلّ استطلاعات الرأي التي تؤكّد تراجع قوّتها بشكل كبير، وعلى وقع الخلافات العلنيّة التي تعصف بقيادتها. ومع أنّ كلّ المؤشرات تؤكّد أنّ إسرائيل مقبلة على انتخابات عامة في غضون أقلّ من عام، لكنّ الجهود التي بُذلت لرأب الصدع بين زعيم الحركة آرييه درعي، وبين سلفه إيلي يشاي، باءت كلّها بالفشل، لدرجة أن الأخير قد أكّد أنّ أزمة الثقة مع درعي واسعة وعميقة.
ويتّهم مقربون من يشاي، درعي بالانقلاب عليه، بالتواطؤ مع بعض أبناء مؤسّس الحركة، الحاخام عفوديا يوسيف، واستغلال مرض الأخير قبل موته واقناعه بإعادة درعي لقيادة الحركة بعد تركه العمل السياسي إثر إدانته بقضايا فساد وسجنه أربع سنوات.
وعلى الرغم من أنّ حركة "شاس" قد اعتادت على وجود معسكرات متنافسة داخل صفوفها، لكنّ يوسيف نجح بفرض نهج تنظيمي وسياسي وحدوي على قيادات الحركة، بحيث لا تؤثّر الخلافات الشخصيّة على الصورة العامة للحركة أمام قواعدها الانتخابيّة. وبعد مرور عام على وفاة يوسيف، باتت "شاس" تعاني من تبعات خسارته، بوصفه ضمانة لاستقرارها الداخلي. ويرى وزير الداخلية الأسبق، الحاخام إلياهو سويسا، أحد قيادات الحركة، أنّ بقاء الصدع بين درعي ويشاي على هذا النحو، سيفضي إلى إلحاق ضرر كبير بالحركة وبفرصها في التأثير على مجريات الأمور في "الدولة".
من جهته، يعتبر معلّق الشؤون الحزبيّة في الإذاعة العامة، حنان كريستال، أنّ حرص قيادة "شاس" على مجاراة التوجّهات اليمينيّة المتطرّفة للشرقيين من الصراع مع الفلسطينيين، ومنافستها قوى اليمين المتطرف في تبنّي المواقف المتطرّفة من العرب، قد أفضيا في النهاية إلى تآكل قوتها. وفي تعليق بثّته الإذاعة، يوم الجمعة الماضي، يشير إلى أنّ قطاعات واسعة من الشرقيين، اكتشفت أن خطاب "شاس" اليميني المتطرّف من الصراع كان بدون غطاء عملي، لأنّ الحركة ظلّت تخوض صراعاً من أجل إعفاء طلاب مدارسها الدينيّة من الخدمة العسكريّة.
ويوضح كريستال أنّ ما فاقم أزمة "شاس"، انطلاق حزب "البيت اليهودي"، الذي يجمع بين كونه حزباً دينياً يتبنّى القضايا الدينيّة والقضايا الاجتماعيّة، علاوة على حماسه الشديد لفرض الخدمة العسكريّة على الجميع، وضمنهم طلاب المدارس الدينية، ناهيك عن خطابه السياسي المتطرّف. ويرى أنّ تركيز "شاس" على المشاكل الاجتماعيّة التي تعني عموم الإسرائيليين، بغضّ النظر عن موقفهم من الدين وانتمائهم العرقي، يمكن أن يمنع انهيار الحركة وتلاشي تأثيرها.
يراهن درعي على أنّ "شاس" ستفاجئ هذه المرة مجدداً وستخيّب آمال المتربصين بها، ويبذل حالياً جهوداً كبيرة للتواصل مع المدن والأحياء التي تضمّ من كانوا ضمن قواعد الحركة. لكنّ درعي يدرك في قرارة نفسه أنّ "شاس" ستدفع ثمناً، ولو كان فقط ثمن لقاء اندفاع أحزاب وقوى أخرى للتنافس على نفس القطاعات التي كان ولاؤها مضموناً.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/politics/bb337501-ca6f-458b-ba0f-b9b1072a1b22#sthash.sjv44dqG.dpuf