من صفات البشر


ما هي الصفة المعروفة الاساسية التي نصف بها البشر؟ لا شك أنك فهمت عزيزي القارئ ما أقصده، نعم إنها صفة الخطأ.

إن الزوج والزوجة من أفراد الأسرة، والأسرة هي مؤسسة إنسانية أركانها من البشر، والبشر عمومًا يحملون في نفوسهم نوازع الخير والشر.. ليسوا أناسًا معصومين عن الخطأ، وهذه الأخطاء قد تصدر من الزوج أ الزوجة أو الأولاد، ولا شك أن وجود الأخطاء سيقود إلى ظهور المشاكل والصدامات في داخل الأسرة، وهذا أمر طبيعي في كل أسرة فلا تكاد تخلو أسرة من وقوع بعض الخلافات أو المشكلات، التي يمر بعضها بشكل عارض، وهي من الملامح التي لابد أن يستوعبها كل من الزوجين، وأن يكون لديه القدرة على تفهم موقف الطرف الآخر، والقدرة على التعمل مع الخلاف على حسب درجته وأهميته.. ومعرفة كيف يتعامل مع المواقف الطارئة، حتى لا تدمر سفينة الحياة الزوجية السعيدة.

تنسيق المهام:

إن الحياة في أسرة يعني: التنسيق لأداء كثير من المهام، ومن الواضح أن لكل من الزوجين أفكارًا مختلفة عن كيفية أداء هذه المهام.. فضلًا عن ذلك فإن لكل من شريكي الحياة أخطاءه والأزواج حين يتقاسمون المسئوليات؛ يصبح لكل منهم رؤيته الخاصة في أداء مهامه، ومن هنا يمكن لأبسط الأمور اليومية ـ مثل إعداد بعض الفشار ـ أن تشعل نزاعًا داخل الأسرة، في البداية لا يكون هناك ما يستحق الشجار حوله، ولكن البعض على الرغم من ذلك يبتكرون لزيادة الحوار اشتعالًا.

وإليك المثال على ذلك:

كانت الزوجة في المطبخ بينما يراعي الزوج الطفل الصغير.. نادى الزوج زوجته قائلًا: دعينا نتبادل المهام.. أنت تراعين الصغير، وأقوم أنا بما تقومين به.

قالت الزوجة: أنا أقوم بإعداد بعض الفشار، وأضافت بصوت عال: "إنك دائما تحرق الفشار".. فهذا الرد الحاسم يعبر عن رفض الزوجة لأقتراح زوجها، حيث أنها تعاني طوال اليوم من رعاية الطفل، وترغب في عمل الفشار لأنها تكون مستمتعة وهي تعده، وقد يكون ما ذكرته حقيقيا، وهو أنها لا تريد أن يقوم زوجها بذلك، لأنه لا يحسن عمل ما يتعلق بالمطبخ، ولكن أيًا كان الدافع لقولها هذا فقد بدا وكأنه دعوة للقتال و ليس للحوار.

اعترض الزوج على ما قالته زوجته وتوجه للمطبخ ونظر من فوق كتفها وهو يقول: "لا لم يسبق لي أن أحرقت الفشار أنا أفضل من يقوم بإعداده".. عند هذه النقطة تبادلا الأدوار، حيث أكمل الزوج إعداد الفشار، وعادت الزوجة كي ترعى طفلها.

بحثت الزوجة عن وسيلة كي تتولى المهمتين معًا، لذلك اصطحبت الطفل عائدة إلى المطبخ، وعندما رأى الزوج ذلك ازداد اصرارًا وقال: إنني خبير في إعداد الفشار.. بل إنني أعده أفضل منك.. اشتعلت المناقشة واحتدم الجدال أسرع من أزيز الفشار في الإناء.

أجابت الزوجة: لا أنت لا تجيد إعداده وتحرقه دائمًا.

أكد الزوج مرة أخرى: بل أنت التي تحرقينه.

أجابت الزوجة: لا تدافع عن نفسك بإلصاق التهم بالآخرين.

من المحتمل أن يكون ما قاله الزوج صحيحًا، وأن الزوجة هي التي تحرق الفشار وليس هو.. ونفس الشيء ينطبق على ما قالته الزوجة، فقد يكون هو من قلب الحقائق واتهمها كنوع من الدفاع عن النفس.. استمر الزوج في إعداد الفشار وبعد برهة عادت الزوجة إلى المطبخ لتعطي توجيهاتها.

الزوجة: ارفع الحرارة.

الزوج: الحرارة مضبوطة.

ازداد عناد الزوج وفي النهاية احترق الفشار.

قالت الزوجة: ألم أخبرك بذلك؟

لم يعترف الزوج بخطئه وقال: إنني لا أستخدم أبدًا هذه الآنية الكبيرة، بل استخدم الصغيرة وهي لا تحرق الفشار.

الزوجة: ليست الآنية هي السبب بل أنت السبب.

الزوج: بل الآنية السبب ثم إنك لم تتركيني أقوم بالإعداد منذ البداية، وهكذا أنتجت شرارة الفشار هذا الانفجار العائلي.

تخزين المشاعر:

هذا ما يحدث دائمًا مع الأزواج الذين يخزنون مشاعرهم، يجدون أنفسهم بعد فترة قد انفجروا بإحدى الصورتين: الهجوم أو التجنب.

فأما الهجوم:

فيبدو على السطح في شكل السخرية أو الاستهزاء أو الغيبة في حضور آخرين، وقد يتخذ الصورة الأسوأ وهي ذكر عيوب شريك الحياة للآخرين في غيبته.

وأما التجنب:

فهو يظهر في شكل إحساس بالصداع أو الانشغال بأنشطة بعيدة مثل: متابعة الاحداث الرياضية ـ ممارسة بعض الانشطة الضارة ـ الإسراف في تناول الحبوب المهدئة ـ الاستغراق في العمل.. إلخ فطرق التجنب لا نهاية لها [النساء لا يسمعن ما لا يقوله الرجال ـ د.وارين فاريل – ص36 -37باختصار].

منح الحياة الزوجية:

"عثر رجل على شرنقة فراشة، وفى يوم ظهرت منها فتحة صغيرة، جلس وشاهد الفراشة لمدة ساعات وهي تصارع لدفع جسدها من خلال فتحة صغيرة، بدا له بعد ذلك أنها توقفت عن الحركة وكأنها عالقة
قرر الرجل مساعدة الفراشة وأحضر مقصًا لفتح الشرنقة، فخرجت الفراشة بسهولة، ولكنه لاحظ شيئًا غريبًا، كان جسد الفراشة منتفخ والأجنحة ذبلت، شاهد الرجل الفراشة متوقعًا أن تتخذ شكلها الصحيح، ولكن لا شيء تغير
.

بقيت الفراشة على حالتها، لم تكن قادرة على الطيران، ونتيجة لطفه وتسرعه لم يدرك الرجل أن نضال الفراشة للخروج من خلال فتحة صغيرة من شرنقة هو الطريقة الطبيعية لجعل السوائل تنتقل من جسم الفراشة إلى الأجنحة، بحيث تكون مستعدة للطيران.

فكما الشجيرة التي تتقاذفها الرياح تنمو قوية، نحن جميعًا بحاجة إلى النضال في بعض الأحيان لنصبح أقوياء" [كيف تحصل على ما تريد وتحب ما لديك ـ جون جراي ـ ص231 بتصرف].

هكذا المشاكل الزوجية قد تكون منحة وفرصة للتعلم والنمو وفهم طبيعة شريك حياتك، ونحن نحتاج أيضًا لشيء من المعاناة للوصول إلى أفضل طريقة لحياتنا وهذا لا يحدث إلا في وجود بعض المشاكل العادية، وهذه المشاكل العادية البسيطة هي "أمر طبيعي لأن الزواج يجمع بين زوجين يختلفان عن بعضهما في التربية والثقافة والرغبات والمزاج والأحلام، والأزواج العقلاء الحريصون على نجاح إنجاح حياتهم الزوجية، لا يهتمون كثيرًا بتوافه الأمور اليومية التي تتعلق بالأكل والشرب واللباس وما شابهها بل هم على قناعة أن أركان السعادة الزوجية هي الحب والتفاهم والاحترام ووضوح الرؤية المشتركة بينهما وبذلك تتحسن العلاقة بينهما وتنمو الى الأفضل، وهذه مسئولية مشتركة يقوم بها الزوجان معًا" [كيف تبني بيتا سعيدا ـ د.أكرم رضا ـ ص 96].

ماذا بعد:

-تقبل خطأ شريك حياتك لأنه إنسان.

-قم بتنسيق المهام بينك وبين شريك حياتك.

-حاول عدم تخزين المشاعر السلبية تجاه شريك حياتك وتخلص منها أولًا بأول.

-المشاكل الزوجية هي منح لبذل الجهد لفهم طبيعة الطرف الآخر، فحاول التعلم والاستفادة من هذه المنح.



كاتب المقالة : أم عبد الرحمن
تاريخ النشر : 01/05/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com